مقالين للمستعرب الروسي يفيم رضوان عن المصاحف في روسيا

إنضم
18 أكتوبر 2014
المشاركات
68
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
كندا
مؤخراً، كتب المستعرب الروسي يفيم رضوان مقالين لصالح موقع "روسيا ما وراء العناوين" وهو موقع روسي ناطق باللغة العربية.
المقال الأول:
رحلة مصحف عثمان: من سمرقند إلى سان بطرسبورغ
وفيه يتحدث عن تاريخ وأصول مخطوطة E-20 الموجودة حالياً في معهد الإستشراق بسانت بطرسبورغ وتفاصيل رحلته عام 1999 لقرية كاتا لانجار وعثوره هناك على أوراق قرآنية تتطابق مع أوراق هذه المخطوطة.

المقال الثاني:
أهم المخطوطات القرآنية في روسيا
يستعرض أهم 5 مخطوطات قرآنية تحتفظ بها روسيا.
 
رحلة مصحف عثمان: من سمرقند إلى سان بطرسبورغ

رحلة مصحف عثمان: من سمرقند إلى سان بطرسبورغ

يُحتفظ في اسطنبول وطشقند والقاهرة ولندن بأربع مخطوطات قديمة جداً من القرآن الكريم، كل واحدة منها تحمل آثار دم عثمان بن عفان، الخليفة الثالث الذي حكم بلاد المسلمين بعد وفاة النبي محمد (صلعم). فبأمر من عثمان بن عفان بالذات جُمع القرآن وأرسلت مخطوطات منه إلى المدن الرئيسة التي فتحتها جيوش الإسلام، بينما أبقى الخليفة نسخة عنده. وعندما اقتحم المتآمرون بيته في عام 656 ميلادي وجدوه جالساً يقرأ القرآن، فتناثر دم الخليفة المذبوح على صفحاته. وقلّ من يعرف أنه توجد في روسيا، عند ضفاف نهر نيفا في مدينة بطرسبورغ نسخة من هذا الأثر الإسلامي المقدس لا تقل أهمية عن المخطوطات التي يبجّلها المسلمون في القاهرة واسطنبول وطشقند ولندن. يفيم ريزفان المستشرق المعروف المتخصص بالدراسات الإسلامية الذي درس طويلاًالمخطوطة الموجودة في مدينة بطرسبورغ يشارك قراء موقع " روسيا ما وراء العناوين" تاريخ اكتشاف هذه النسخة القديمة من مصحف عثمان في بطرسبورغ.

في خريف عام 1936، دخلت سيدة كبيرة في السن إلى معهد الاستشراق في مدينة لينينغراد (سان بطرسبورغ حالياً) عارضةً بضع أوراق من القرآن الكريم للبيع. واصطدمت محاولات الأكاديمي إيغناتي يوليانوفيتش كراتشكوفسكي معرفة مصدر هذه الأوراق بعدم رغبة واضحة من قبل هذه السيدة في مناقشة هذا الموضوع. ولكن كراتشكوفسكي لاحظ وجود حرفي ( I.N) على غلاف أحد الكتب التي جلبتها هذه السيدة، وأدرك أن هذه النسخة من القرآن تعود إلى إيرينيه سليم نوفل ( 1828 ـ 1902) الدبلوماسي الروسي اللبناني الأصل.

وقدّر العالِم كراتشكوفسكي على الفور أهمية هذه المخطوطة باعتبارها إحدى أقدم نسخ القرآن، لكنه وصفها باقتضاب، ولم تجرِ عليها بحوث مفصلة، لا في ذلك الوقت، ولا حتى لاحقاً. وفي عام 1998 نَشرتُ مقالة مكرسة لهذه المخطوطة، وهنا بدأ الجانب المثير من هذه المسألة، فقد قال لي أحد الزملاء الفرنسيين، بعد اطلاعه على المقالة، إنه توجد في قرية قطا ـ لانغر الجبلية في أوزبكستان اثنتا عشرة ورقة أخرى شبيهة بنسخة القرآن المحفوظة في بطرسبورغ. واتضح أن هذه المخطوطة لم تصل إلى بطرسبورغ من شبه الجزيرة العربية وإنما من آسيا الصغرى.

في ديسمبر/ كانون الأول من العام 1999، تمكنتُ بمساعدة الزملاء الفرنسيين والأوزبكيين من القيام برحلة إلى قرية قطا ـ لانغر الواقعة على بعد مئة كيلومتر جنوب سمرقند، وعلى بعد خمس دقائق بالسيارة عن قطا ـ لانغر توجد قرية سكانها من العرب الأقحاح الذين حافظوا على لغتهم الأم حتى الآن. أما المسجد وأضرحة شيوخ أخوة إيشكيا الصوفيين في قطا ـ لانغر، فتمثل روائع حقيقية لفن العمارة الإسلامية، ولكنني لم أكن أعرف كل ذلك قبل ذلك الصباح من ديسمبر، عندما انطلقت بعثتنا من طشقند.

حلّقنا فوق الطريق الذي كان يزداد خطورة كلما ارتفعنا نحو قمة الجبل، وعبرنا فوق مضيق جبلي، وعندما هبطنا على بقعة أرض مستوية، تركنا من ناحية اليمين قباب سمرقند التي كانت تتلألأ عبر سحب الدخان التي تخترقها أشعة الشمس.

ظهرت أولى البيوت، وعند الأبواب وقفت نساء فضوليات ذوات عيون سوداء يحملن أولادهن بين أيديهن. وعلى حمار ركب شيخ يرتدي عمامة، وقدماه في جزمة مدببة وكالوشيكادان يلامسان الأرض، أوقفنا السيارة واتجهنا إلى الأعلى، نحو المسجد القديم، حيث كان باستقبالنا إمام المسجد وشيوخ أجلاء.

فُتحت أبواب قديمة، وكان المدخل مليئاً بالحجاج، وعرضوا علينا صندوقاً مزركشاً حُفظ فيه هذا الأثر القديم في وقت من الأوقات. وها هنا، أخيراً، يسحبون أوراق الرق الثمينة، إنه بلا شك ذلك الخط القديم المعروف الذي يعود إلى أكثر من ألف عام، عندها انطلقت ألتقط صوراً باحثاً عن أشعة الشمس الداخلة.

لاحقاً، تمكّنا من تحديد أن نصف مخطوطة المصحف ظهرت في القرن التاسع عشر، في سوق الكتب في مدينة بخارى. وفي الوقت الذي اشترى فيه إيرينه سليم نوفل الجزء الآخر، بيعت ثلاث من أوراقها للأرستقراطيين المحليين، والآن يحتفظ بها في المكتبات العلمية في بخارى وطشقند. وفي عام 1983 انطلقت في اوزبكستان حملة مناهضة للدين، وصودرت الأوراق التي كانت محفوظة في قرية قطا ـ لانغر، وفي عام 1993 فقط أعيد للمسلمين قسم من الأوراق المصادرة ( 12 ورقة)، وفي عام 2003 صادرت الجمارك الأوزبكية ورقتين أخريين من هذه المخطوطة خلال محاولة إخراجهما من البلاد، ما يعني أن القسم الذي اختفى لم يضع، بل محفوظ في مكان ما عند أشخاص عاديين.

احتاج الأمر إلى بضع بعثات أخرى إلى آسيا الوسطى، وساعات طويلة في المكتبات ومستودعات حفظ المخطوطات في عدد من البلدان من أجل تتبع طريق المخطوطة على مر القرون ووصولها إلى قطا ـ لانغر. واليوم يمكن، وبدرجة محددة من الثقة، التأكيد على أن المخطوطة المقدسة جلبها إلى أراضي أوزبكستان الحديثة أفراد إحدى القبائل العربية التي بدأت طريقها المفترض من عُمان خلال الفتوحات العربية الأولى. وعند تقاطع القرنين الثامن والتاسع الميلاديين حصل أفراد هذه القبيلة على نسخة من القرآن التي نتحدث عنها، وحملوها عبر أراضي العراق الحالية وإيران وأفغانستان.

إن المخطوطة التي يبلغ عمرها اثني عشر قرناً المحفوظة في بطرسبورغ هي حقاً رحلة مدهشة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمصير سلالات ودول ومدن وأشخاص، وبمصير الحضارة الإسلامية نفسها، ابتداءً من نشأتها في أراضي الجزيرة العربية في القرن السابع ميلادي. واليوم فإن هذه المخطوطة من القرآن الكريم تُعدُّ مصدراً هاماً لتأريخ النص المقدس الذي آمن به المسلمون الأوائل، وقد أتاح تحليل المخطوطة دحض عدد من الفرضيات المشهورة في العلوم الغربية حول أن النص الكامل للقرآن لم يظهر قبل القرن التاسع ميلادي.
 
أهم المخطوطات القرآنية في روسيا

أهم المخطوطات القرآنية في روسيا

تحتفظ روسيا بعدد كبير من المخطوطات الإسلامية القَيِّمة للغاية، ويعدّ معظمها كنوزاً أثرية حقيقية. يعود الفضل في ظهور أولى مجموعات المخطوطات الشرقية في روسيا، إلى حكمة رجل الدولة، التي تحلى بها أبرز حكام روسيا، وفي المقام الأول منهم: بطرس العظيم ويكاترينا الثانية. موقع "روسيا ما وراء العناوين" اختار لكم خمساً من أهم المخطوطات القرآنية المحفوظة في روسيا ليحدثكم عنها.

المخطوطات القرآنية الموجودة في روسيا هي عينات من المنتوجات الكتابية، التي تعود لحقبة مديدة (حوالي 12 قرناً: من أواخر القرن السابع وبداية القرن الثامن، حتى نهاية القرن التاسع عشر) عملياً، طيلة فترة وجود الكتاب العربي المخطوط يدوياً. ومن الناحية الجغرافية، تعود هذه المخطوطات بأصولها إلى منطقة هائلة الاتساع، تمتد من بيلاروسيا إلى غرب أفريقيا.

1. قرآن عثمان
"قرآن عثمان". يحتفظ معهد "المخطوطات الشرقية" في مدينة سان بطرسبورغ بنسخة مخطوطة من القرآن الكريم، حظيت على مدى قرون عديدة بتبجيل مسلمي آسيا الوسطى كأول نسخة للنص المقدس. منذ فترة ليست ببعيدة، تم العثور على جزء من هذه النسخةالأولى في قرية صغيرة بالقرب من الحدود الأفغانية الأوزبكية.

2. المصاحف الكوفية
تعدّ أجزاء المصاحف الكوفية القديمة فخر المجموعات الروسية. ومجموعة المصاحف هذه محفوظة بعناية شديدة في "المكتبة الوطنية الروسية" في سان بطرسبورغ.
وهي مأخوذة بالأصل، من مسجد "عمرو بن العاص" في القاهرة القديمة، الذي بني عام 643 للميلاد. تحتل هذه المجموعة المرتبة الأولى في أوروبا، وإحدى المراتب الأولى على صعيد العالم، بعدد المخطوطات المدونة بالخط الكوفي القديم (وهو من أقدم أنواع الخطوط العربية). ومن أهم ما تتضمنه المجموعة، جزءاً كبيراً من مخطوطة قرآنية، تعدّ واحدة من أقدم المخطوطات القرآنية في العالم، والجزء الثاني منها محفوظ الآن، في المكتبة الوطنية في باريس.

3. "القرآن التتري"
يحتفظ "الأرشيف الروسي الحكومي للوثائق القديمة" في موسكو بإحدى المخطوطات القرآنية الفريدة، التي ورد ذكرها في جَرْدٍ لأرشيف "الآمرية الدبلوماسية" (بمثابة وزارة الخارجية اليوم) أُعِدَّ عام 1560 في عهد القيصر إيفان غروزني، حيث وردت العبارة التالية: "القرآن التتري، الكتاب الذي يقاد إليه التتار لأداء القَسَم". وقد وصلتنا مخطوطة من ذلك القرآن، الذي كان المسلمون يقسمون عليه، وقد خطت بعض آياته، التي يعتقد أنها مرتبطة بأداء اليمين، بماء الذهب.

4. مصاحف منمنمة مثمنة الشكل
من بين التحف التي تحظى باهتمام الباحثين، ثلاثة مصاحف منمنمة مثمنة الشكل، كانت جزءاً تقليدياً من رموزالجيوش الاسلامية. هذه المخطوطات محفوظة اليوم، في متحف "الأنثروبولوجيا واﻻثنوغرافيا" التابع لأكاديمية العلوم الروسية، والذي يحمل اسم بيوتر العظيم، الذي أُسِسَ المتحف في عهده، وكان يسمى حينها "كونستكاميرا" (حجرة العجائب).

5. "قرآن فابرجيه"
مصحف آخر منمنم وفريد من نوعه تعود ملكيته إلى صائغ المجوهرات الروسي الشهير كارل فابرجيه، والذي فاز به مقابل عمل نفذه للأميرة الفرنسية سيسيل ميورا، واستغرق منه مدة طويلة من الزمن. حصل صائغ البلاط الإمبراطوري الروسي، كارل فابرجيه لقاء أعماله، على العديد من الأوسمة الروسية والأجنبية. وفازت أعماله بكثير من الميداليات في معارض عموم روسيا والمعارض العالمية.
ولكن، بُعَيْد الثورة بقليل، وبسبب حاجتها الماسة للموارد لمواجهة الدمار والحرب، اضطرت الحكومة السوفييتية لبيع كثير من أعماله الفنية إلى خارج البلاد. وتم توزيع الجزء الباقي من أعماله التي صادرتها الحكومة على المتاحف الروسية. وعلى هذا النحو ظهرت المخطوطات الشرقية لكارل فابرجيه بين مجموعة المقتنيات الأكاديمية في سان بطرسبورغ.
 
عودة
أعلى