من روائع التراث المخطوط: (1) مسألة (بسطت) والجواب [عليها]

الملثم

New member
إنضم
22 مايو 2003
المشاركات
10
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
تخريج الشيخ الإمام العالم العلامة الصدر الكبير الفهامة... ... ...
الحمد لله على نعمه.
سألت أرشدنا الله وإياك إلى الصواب، وأعاننا على هول يوم الحساب، عن قوله تعالى: (لئن بسطت) في سورة المائدة، الآذنة بكل فائدة .. هل هو إخفاء أم إدغام .. وأنا ذاكر لك على التمام، فأقول ـ وبالله التوفيق ـ ما قاله أهل البحث والتحقيق راجيًا من الله الكريم الثواب وحسنَ المآب، مصليًا على البشير النذير، مستعيذًا به من عذاب السعير، لأنه سبحانه وتعالى نعم المجيب، وعليه توكلي، ولا أخيب.

أقول وبالله المستعان: ذهب بعضهم إلى أنه إخفاءٌ، وعلله بعلل لا فائدة في ذكرها؛ إذ ما قاله ضعيف مردود (ب/148) مخالف لما عليه المحققون من أئمة هذا الشأن والصواب الذي عليه الحذاق، أنه إدغامٌ لكنه غير مستكمل؛ إذ حقيقة الإدغام المستكمل في المتقاربين، هو: أن تقلب الأول إلى لفظ الثاني، ثم تدغمه فيه حتى لا يبقى له أثرٌ، ولا لصفته.

والصفة ههنا موجودة، وهي الإطباق.

وللمسألة صلة .. إن شاء الله تعالى.
 
قال الشيخ الإمام المحقق أبو محمد مكي: "إذا وقعت الطاء مدغمة في تاء بعدها، وجب على القارئ: أن يبين التشديد متوسطًا، ويبين الإدغام، ويظهر الإطباق الذي كان في الطاء؛ لئلا تذهب الطاء في الإدغام ويذهب إطباقها معها، كما يظهر الغنة من النون الساكنة ومن التنوين إذا أدغما في أحد هجاء (يؤمن) فالغنة باقية في هذا كله، كالإدغام عند إدغام الطاء في التاء، وذلك نحو قوله تعالى: (لئن بسطت)، تدغم الطاء في التاء، ويبقى لفظ الإطباق ظاهرًا، كما يترك لفظ الغنة عند إدغامك النون والتنوين، فالتشديد في هذا النوع متوسط غير مشبع (148/أ)؛ لبقاء ما كان في الحرف المدغم". اهـ.

وللمسألة صلة .. إن شاء الله تعالى.
 
قلت: وما قاله حسنٌ متينٌ.
وقال الشيخ ـ علامة هذا الفن ومحققه ـ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني ـ صاحب التصانيف الفائقة، والأبحاث اللائقة ـ : " فإن التقت الطاء وهي ساكنة بتاءٍ أُدغمت فيها بيُسرٍ، نحو قوله تعالى: (بسطت) وبُيِّن إطباقها مع الإدغام، وإذا بُيِّن امتنعت من أن تقلب تاءً خالصة؛ لأنها بمثابة النون والتنوين إذا أدغما وبقيت غنتهما .. هذا مذهب القراء". اهـ.
قال: " ويجوز إدغامها مع إذهاب صوتها كما جاز ذلك في النون والتنوين، فيكون اللفظ حينئذ (بست)، لكن هذا جائز في اللغة لا في القراءة؛ لئن القراء يأبون ذلك" اهـ.


وللمسألة صلة .. إن شاء الله تعالى.
 
قلت: وقد حكا غير واحدٍ إجماع القراء على إبقاء الإطباق.
واستشكل ابن الحاجب ـ رحمه الله تعالى ـ إبقاء الإطباق مع الإدغام؛ لأن الإدغام صفة للمطبق لا يتأتى إلا به، فلو بقي الإطباق مع الإدغام لزم اجتلاب طاءٍ أُخرى لتُدغم في التاء، غير الطاء التي قام (149/ب) بها وصف الإطباق، وفي ذلك جمعٌ بين ساكنين (...) نحو (بسطت).
فالإطباق ليس فيه إدغامٌ ولكن لما اشتد التقارب وأمكن النطق بالثاني بعد الأول من غير ثقل اللسان، أطلق عليه إدغام مجازًا.

وللمسألة صلة .. إن شاء الله تعالى.
 
كما أشار إليه الشيخ أبو محمد مكي، وأبو عمرو الداني وغيرهما، من أن أئمة الإتقان.
ولو كان على ما ذكره ابن الحاجب لم يكن فيه تشديد.
ولا يمتنع إبقاء الإطباق (...) ببعض صوت الطاء؛ لأن الطاء لم يستشكل إدغامه في التاء، ولا يلزم من ذلك اجتلاب طاء أُخرى ، ولا جمع بين ساكنين .
والله سبحانه وتعالى أعلم بكتابه.. ونسأله أن يجعلنا من خواصه وأحبابه.
وهذا ما يسر الله الكبير المتعال من الجواب على هذا السؤال .
والحمد لله رب العالمين.
 
وقع في الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط
علوم القرآن
مخطوطات التجويد

47 ـ مسألة ((لئن بسطت ) (المائدة 31) والجواب عليها ـ الصدر الكبير (لعله: محمد بن إبراهيم ، ت 903هـ).
جامعة برنستون (جاريت/يهودا) 28 [(298) 4346] (و130 ب ـ 132 أ).

قلت: كذا وقع في مطلع المسألة لم يسم مؤلفها وإنما اكتفي بنعته (الصدر الكبير) .. وعندي في نسبتها للمذكور نظر .. والأمر متاح للتحرير من القراء (بارك الله فيهم).. وخاصة من لهم عناية بمخطوطات التجويد وعلوم القرآن.
 
بسم الله

أولاً - نرحب بالشيخ الملثم ، ونسأل الله تعالى أن ينفع به وبمشاركاته ، فهناك من يحرص على متابعتها .
ثانياً - حبذا لو حرصت أكثر على توضيح ما أوردته في الحلقات الماضية في هذه المشاركة ؛ هل جميع ما فيها منقول من المخطوط ؟ ولمن العبارات المصدرة بـ : قلت ؟
ولو استعنت بعلامات التنصيص لكان ذلك معيناً لنا على فصل قولك عن منقولك وفقك الله .
ثالثاً - وجدت تفصيلاً جيداً للمسألة التي جاءت في المخطوط في كتاب الدراسات الصوتية عند علماء التجويد للدكتور غانم قدوري الحمد ص419-425 ، فلمن أراد التوسع الرجوع إلى ما ذكره ففيه تحرير جيد .
 
حياك الله أخي الفاضل .. المقصود بالمشاركة بيان مصدر المخطوط.

ثم بيان أن نسبتها لهذا المؤلف المذكور (محمد بن إبراهيم 903هـ) .. تخرص‍‍!

فما سبق (قلت): هو من منقولي .. ويبينه مطلع المشاركة.. وما بعد (قلت): فهو من مقولي .. ولعلنا في المستقبل نستخدم علامات التنصيص.. لأمن اللبس.
 
جزاكم الله خيراً شيخنا الكريم على هذه التحفة الثمينة من التراث المخطوط.
وهذه مسألة جليلة من مسائل التجويد ، يحسن بطالب العلم أن يكون على معرفة بها ، فهي تدخل في علم الصوتيات عند أهل اللغة ، وفي علم التجويد عند القراء. وقد عني بها كل من كتب في التجويد جزاهم الله خيراً.
وكما أشار أخي أبو مجاهد فإنه قد ناقشها الدكتور غانم قدوري الحمد في رسالته للدكتوراه (الدراسات الصوتية عند علماء التجويد). والدكتور غانم الحمد متخصص في اللغة العربية ، ولكنه خدم علم التجويد والصوتيات خدمة جليلة فجزاه الله عن المسلمين خير الجزاء.
وخلاصة الكلام على هذه المسألة هي أن علماء التجويد يقسمون الإدغام إلى إدغام كامل ، وإدغام ناقص.
والمسألة هنا من النوع الثاني ، وهو الإدغام الناقص. وهو إدغام الحرف المفخم في المرقق إذا تجانس الحرفان أو تقارب المخرجان ، مع إبقاء صفة التفخيم). مثل كلمة (بسطت) التي معنا ، ومثل كلمة :(أحطت).
وكذلك يدخل في الإدغام الناقص إدغام الحرف المستعلي في الحرف المستفل ، والأغن مع غيره مع بقاء صفتيهما.
ولذلك يقول ساجقلي زاده رحمه الله في (جهد المقل) :(والصفة الباقية من الحرف الأول :
- إما غنة ، وهي في إدغام نون الساكنة والتنوين في الواو والياء.
- وإما إطباق ، وهو في إدغام الطاء المهملة في التاء المثناة الفوقية نحو :(أحطت). [وكذلك بسطت]
- وإما استعلاء ، وهو في إدغام القاف في الكاف في :(ألم نخلقكم).
والكلام في هذه المسألة قديم ، تكلم عنه علماء العربية قبل علماء التجويد ، فذكره الخليل ، وسيبويه . وذكروا أنه يجوز إبقاء الإطباق ويجوز إذهابه. وقد نقل صاحب المخطوطة ذلك عن أبي عمرو الداني في قوله :(ويجوز إدغامها مع إذهاب صوتها كما جاز ذلك في النون والتنوين، فيكون اللفظ حينئذ (بست)، لكن هذا جائز في اللغة لا في القراءة؛ لئن القراء يأبون ذلك" اهـ.
لكن علماء التجويد قد بحثوا هذه المسألة بعمق وتفصيل ، كما ذكر صاحب المخطوط رحمه الله.
وفقكم الله شيخنا الملثم على هذه المشاركة ، وننتظر المزيد من مثل هذه المسائل المتعلقة بالقرآن الكريم ، فما أحوجنا إلى إعادة التدقيق والفهم لكثير من مسائل علم التجويد ، وخاصة مع شهر رمضان المبارك.
 
عودة
أعلى