15 - مشروع : (كانوا لا يتجاوزون عشر آيات ) [سورة البقرة : الآيات: 131 ـ 141]

إنضم
24 أبريل 2003
المشاركات
1,398
مستوى التفاعل
5
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
01.png
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين...
فقد سبق إيضاح مشروع : (كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يعلموا ما فيهن من العلم والعمل)، ونكمل إن شاء الله الليلة آيات سورة البقرة، أرجو من الإخوة الكرام والأخوات الكريمات، المشاركة بما لديهم من فوائد ولطائف واستنباطات، نسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل مباركاً ...
[line]-[/line]
(سورة البقرة)
بسم الله الرحمن الرحيم
[align=justify]
[وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134) وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135) قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138) قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)]
[/align][line]-[/line]
تفسير الآيات (من التفسير الميسر):
إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131):
وسبب هذا الاختيار مسارعته للإسلام دون تردد, حين قال له ربه: أخلص نفسك لله منقادًا له. فاستجاب إبراهيم وقال: أسلمت لرب العالمين إخلاصًا وتوحيدًا ومحبة وإنابة.
وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132):
وحثَّ إبراهيمُ ويعقوبُ أبناءهما على الثبات على الإسلام قائلَيْن: يا أبناءنا إن الله اختار لكم هذا الدين- وهو دين الإسلام الذي جاء به محمد r- فلا تفارقوه أيام حياتكم, ولا يأتكم الموت إلا وأنتم عليه.
أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133):
أكنتم أيها اليهود حاضرين حين جاء الموتُ يعقوبَ, إذ جمع أبناءه وسألهم ما تعبدون من بعد موتي؟ قالوا: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلهًا واحدًا, ونحن له منقادون خاضعون.
â تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134):
تلك أُمَّة من أسلافكم قد مضَتْ, لهم أعمالهم, ولكم أعمَالكم, ولا تُسْألون عن أعمالهم, وهم لا يُسْألون عن أعمالكم, وكلٌّ سيجازى بما فعله, لا يؤاخذ أحد بذنب أحد, ولا ينفعُ أحدًا إلا إيمانُه وتقواه.
وَقَالُـوا كُونُوا هُـودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَـدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِـنَ الْمُشْرِكِينَ (135):
وقالت اليهود لأمَّة محمد r ادخلوا في دين اليهودية تجدوا الهداية, وقالت النصارى لهم مثل ذلك. قل لهم -أيها الرسول-: بل الهداية أن نتبع- جميعًا- ملة إبراهيم, الذي مال عن كل دين باطل إلى دين الحق, وما كان من المشركين بالله تعالى.
قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّـونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَـدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَـهُ مُسْلِمُونَ (136):
قولوا -أيها المؤمنون- لهؤلاء اليهود والنَّصارى: صدَّقنا بالله الواحد المعبود بحق, وبما أنـزل إلينا من القرآن الذي أوحاه الله إلى نبيه ورسوله محمد r وما أنـزل من الصحف إلى إبراهيم وابنيه إسماعيل وإسحاق, وإلى يعقوب والأسباط -وهم الأنبياء مِن ولد يعقوب الذين كانوا في قبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة- وما أُعطي موسى من التوراة, وعيسى من الإنجيل, وما أُعطي الأنبياء جميعًا من وحي ربهم, لا نفرق بين أحد منهم في الإيمان, ونحن خاضعون لله بالطاعة والعبادة.
فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137):
فإنْ آمن الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم بمثل الذي آمنتم به, مما جاء به الرسول, فقد اهتدوا إلى الحق, وإن أعرضوا فإنما هم في خلاف شديد, فسيكفيك الله -أيها الرسول- شرَّهم وينصرك عليهم, وهو السميع لأقوالكم, العليم بأحوالكم.
صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ (138):
الزموا دين الله الذي فطركم عليه, فليس هناك أحسنُ مِن فطرة الله التي فطر الناس عليها, فالزموها وقولوا نحن خاضعون مطيعون لربنا في اتباعنا ملَّة إبراهيم.
قُلْ أَتُحَاجُّـونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُـمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُـمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَـهُ مُخْلِصُونَ (139):
قل -أيها الرسول لأهل الكتاب-: أتجادلوننا في توحيد الله والإخلاص له, وهو رب العالمين جميعًا, لا يختص بقوم دون قوم, ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم, ونحن لله مخلصو العبادة والطَّاعة لا نشرك به شيئًا, ولا نعبد أحدًا غيره.
أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140):
بل أتقولون مجادلين في الله: إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط- وهم الأنبياء الذين كانوا في قبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة من ولد يعقوب- كانوا على دين اليهود أو النصارى؟ وهذا كذب; فقد بُعِثوا وماتوا قبل نـزول التوراة والإنجيل. قل لهم -أيها الرسول-: أأنتم أعلم بدينهم أم الله تعالى؟ وقد أخبر في القرآن بأنهم كانوا حنفاء مسلمين, ولا أحد أظلم منكم حين تخفون شهادة ثابتة عندكم من الله تعالى, وتدَّعون خلافها افتراء على الله. وما الله بغافل عن شيء من أعمالكم, بل هو مُحْصٍ لها ومجازيكم عليها.
تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141):
تلك أُمَّة من أسلافكم قد مضَتْ, لهم أعمالهم ولكم أعمالكم, ولا تُسْألون عن أعمالهم, وهم لا يُسْألون عن أعمالكم. وفي الآية قطع للتعلق بالمخلوقين, وعدم الاغترار بالانتساب إليهم, وأن العبرة بالإيمان بالله وعبادته وحده, واتباع رسله, وأن من كفر برسول منهم فقد كفر بسائر الرسل.
[line]-[/line]
وسوف يكون الحديث حول هذه الآيات بإذن الله تعالى في المحاور الآتية:
1- بيان معاني الآيات، ويدخل فيها بيان مشكل الآي.
2- بيان فضائل الآيات، وأسباب النزول.
3- بيان الأوامر والنواهي (وقد تم إفرادها لأهميتها).
4- بيان الدلالات الظاهرة كالعام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين للآيات.
5- بيان الاستنباطات والفوائد العامة واللوازم من الآيات.
6- بيان الهدايات التربوية والآداب السلوكية من الآيات.
7- بيان موضوع الآيات (الوحدة الموضوعية).
8- عروض تقنية ومشجرات للآيات.
9- بيان القراءات وما يترتب عليها من أحكام.
وختاماً .. أدعو جميع الإخوة والأخوات للتفضل بإتحافنا بما لديهم حول هذه الآيات الكريمة، في هذا الشهر المبارك، وعسى أن تكون مشاركة أو فائدة تضاف فينفع الله بها نفعاً عظيماً...

والله الموفق،،،
 
من فوائد هذه الآيات:
- بيان أهمية الوصية وخاصة الوصية بتقوى الله وإقامة شرعه على الوجه الذي يرضيه جل في علاه.
-من فوائد تكرار لفظ " الإسلام" في الآيات لتقرير حقيقة الدين.
- ومن فوائد الآيات بيان وحدة الدين الإلهي واتفاق النبيين في جوهره، وبيان جهل أهل الكتاب بهذه الوحدة.
-في قوله تعالى:"وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّـونَ مِنْ رَبِّهِمْ " بيان أن عطية الدين هي العطية الحقيقية التي فيها السعادة في الدارين، وليست عطايا المال والملك والسلطان.
-في قوله تعالى"فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" بشرى من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم ولأتباعه بإنه هو من سيتكفل بحفظهم وصد كل شر عنهم . ومن ذلك ما قال ابن سعد في ذكر مقتل عثمان بن عفان رضى الله عنه: ”كان يقرأ المصحف والدم يسيل على المصحف حتى وقف الدم عند قوله تعالى: "فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم" [الطبقات الكبرى لابن سعد 3/74].
 
نستلهم من قول الله عز وجل (قولوا آمنا بالله وما أنزل الينا وما أنزل الى ابراهيم واسماعيل
واسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لانفرق بين
أحد منهم ونحن له مسلمون)فائدة وهي مخاطبة المدعوين من خلال القواسم المشتركة
والاشادة ببعض رموزهم أعني بذلك الأنبياء أو الصالحين منهم حتى تتهيأ نفوسهم لقبول
الدعوة ومن الأمثلة على هذا ذكر فضائل آل البيت لمن تريد أن تدعوه من الرافضة.
 
تنبيه بني اسرائيل لوصية ابراهيم ويعقوب عليهما السلام فيه ايماء لبني اسرائيل بأن
يأخذوا بهذه الوصية التي التزم بها آباؤهم وأجدادهم وفوق هذا فهي الديانة الحقة
والصراط المستقيم ،ويتفرع على ماذكرت فائدة وهي تذكير من كان له آباء صالحون
وأسرة محافظة غير أنه حاد عن الصراط السوي بما كان عليه آباؤه وأسرته من صلاح.
 
في قوله تعالى (اذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين.ووصى بها ابراهيم بنيه
ويعقوب يابني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وأنتم مسلمون)اشارة الى أن
لايربأ الواحد منا بنفسه عن النصيحة ويرى أنه أكبر منها مع أننا والله المستعان نعاني
من التقصير والقصور،فانظر يا أخي الكريم الآية الأولى كانت وصية من الله سبحانه
لخليله بأن يسلم وجهه الله وقد وصى بها بنيه ومن ضمنهم اسماعيل واسحاق عليهما
السلام وهما نبيان كريمان من أنبياء الله فلماذا الواحد منا يتضايق اذا مانوصح في
خطأ وقع فيه؟.
 
في قوله تعالى(ونحن له مخلصون)فائدة وهي جواز الثناء على الذات على مستوى الأفراد
والجماعات والهيئات والمؤسسات اذا استدعت المصلحة ذلك.
 
جواز إطلاق الأبوَّة على الأعمام (قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ)، حيث جعل أبناء يعقوب إسماعيل أبًا لأبيهم، وهو عمُّه، أخو أبيه إسحاق.
 
الخصام والاحتجاج عند المخصوم يجعله يأتي بما يخالف العقل والنظر التاريخي، فاليهود يدَّعون أن إبراهيم كان يهوديًا ، والبهودي هو متبع التوراة، فكيف يكون إيراهيم يهوديًا، وكذا النصراني هو متبع الإنجيل، فكيف يكون إيراهيم نصرانيًا : ( أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى ).
 
لا يوجد أصاحب دين يعظمون الأنبياء كتعظيم المسلمين لهم، بخلاف اليهود والنصارى الذين لا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويطعنون في بعض أنبيائهم، قال تعالى : (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ).
 
قوله تعالى: (صبغة الله) كأنه قيل صبغنا الله صبغة، أي: صبغ قلوبنا بالهداية والبيان صبغة كاملة لا ترتفع بالشبه، ولا تغلب صبغة غيره عليها، فصبغة الإسلام والتوحيد لا يمكن أبداً أن تتغير أو تتبدل أو يحل غيرها محلها، والصِبغة بالكسر ما يصبغ به وتلون به الثياب، فوصف الإيمان بذلك لكونه تطهيراً للمؤمنين من الكفر وحمية وتنزيهاً لهم بآثاره الجميلة، ومتداخلاً في قلوبهم، كما أن فعل الصبغ بالنسبة إلى الثوب كذلك، يقال: صبغ يده بالماء غمسها فيه
(وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً) استفهام للإنكار وللنفي، يعني لا صبغة أحسن من صبغته تعالى؛ لأنها صبغة قلب لا تزول لثباتها لما تولاها الحفيظ العليم، وهذه الصبغة من نوع الصبغات التي لا تزول أبداً؛ لأنها فطرة الله، ومن يصبغ مثل ما صبغنا الله؟! هو الذي صبغنا بالتوحيد والإسلام
. (صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً) يعني هذه الصفة لا تزول بتوفيق الله تبارك وتعالى، فهذا فيه معنى الابتهاج والفخر والاعتزاز بهذه الصبغة، فتباً وسحقاً للذين يريدون أن يحرفونا عن صبغة الله التي اصطفاها لنا، وهي الشرف بهذا الإسلام وباتباع خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
ولذلك قال تعالى: (ونحن له عابدون) شكراً لتلك النعمة ولسائر نعمه، فكيف تذهب عنا صبغته ونحن نؤكدها بالعبادة، ونقويها بها؟ والعبادة تزيل رين القلب فينطبع فيه صورة الهداية
 
*عدل يعقوب عن استمعال من إلى ما في سؤاله ( ما تعبدون من بعدي ) وقد ذكر السمين الحلبي في كتابه الدر المصون فوائد نفيسة يرجع لها حيث لا تخفى تلكم الفائدة على مشايخنا هنا وإنما أذكرها للتذكير فقط .
*الأبوة ليست إطعام وإكساء فقط ، الأبوة تعليم فانظر إلى القرآن يقول ( إذ قال لبنيه ..) قول الأب (ما تعبدون من بعدي ) يتجلى فيها قمة الشفقة والرحمة الأبوية لم يخش عليهم الفقر وإنما خشى عليهم الكفر ..
 
في قوله تعالى:"تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ"
ختم الله المحاجة بين أهل الكتاب بتأكيد أمر العمل وعدم فائدة النسب. وهذه القاعدة التي يثبتها كل دين.
وقد أعاد الآية في هذه السورة مرتين لتقرير قاعدة بناء السعادة على العمل دون التمسك بما كان عليه الآباء والشفعاء.
 
إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)....
هذه الآيات الكريمات حقيقة أقف عندها كثيراً وأنظر لمعانيها..يالله تبليغ الدين أمانه عظيمة علينا,,,
وحقوق التربية والرعايه الأبويه.. والعمل بالوصية..ماحالنا اليوم أهكذا كما ذكر بهذه الآيه!!..الله أعلى وأجل وأعلم...
 
عودة
أعلى