معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "

*معاني وغريب، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿فَتَبَسَّمَ ضاحِكًا مِن قَولِها وَقالَ رَبِّ أَوزِعني أَن أَشكُرَ نِعمَتَكَ الَّتي أَنعَمتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَن أَعمَلَ صالِحًا تَرضاهُ وَأَدخِلني بِرَحمَتِكَ في عِبادِكَ الصّالِحينَ﴾ [النمل: 19].

*قوله {فَتَبَسَّمَ}:* سليمان متعجا؛ وهذا من تواضعه - عليه السلام -.

قال السعدي في تفسيره: وعدم التبسم والعجب مما يتعجب منه، يدل على شراسة الخلق والجبروت. والرسل منزهون عن ذلك.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وتبسُّم سليمان من قولها تبسم تعجب. والتبسّم أضعف حالات الضحك.

*قوله {ضاحِكًا}:* تأكيد. وضحك الأنبياء التبسم.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: لأن أكثرضحك الأنبياء عليهم السلام التبسم.

*قوله {مِن قَولِها}:* من قول النملة.

*قوله {وَقالَ}:* سليمان - عليه السلام -.

*قوله {رَبِّ أَوزِعني أَن أَشكُرَ نِعمَتَكَ}:* أَوزِعني: ألهمني.
قاله الطبري في تفسيره، وأبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه، وابن قتيبة في غريب القرآن، ومكي القيسي في تفسير المشكل من غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وغيرهم.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والمعنى: اجعلني ملازماً شكر نعمتك.

*قوله {الَّتي أَنعَمتَ عَلَيََّّ}:* ولكي تحفظها علي من الزوال. فالشكر مقيد للنعم، كما أن الكفران يذهبها.

*قوله {وَعَلى والِدَي}:* فإن النعمة على الوالدين نعمة على الولد.
قاله السعدي في تفسيره.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: أدرج سليمان ذكر والديه عند ذكره إنعام الله تعالى عليه لأن صلاح الولد نعمة على الوالدين بما يدخل عليهما من مسرة في الدنيا وما ينالهما من دُعائه وصدقاته عنهما من الثواب.

*قوله {وَ}:* ألهمني.

*قوله {أَن أَعمَلَ صالِحًا}:* صالِحًا: نكرة تشمل كل عمل صالح.

*قوله {تَرضاهُ}:* أي مرضيا عندك؛ بأن يكون خالصا صوابا؛ فمن الناس من يعمل عملا صالحا في الظاهر، ولكن الله لا يرضاه؛ لكونه بدعة في الدين، أو يعمل صالحا رياء وسمعة.

*قوله {وَأَدخِلني بِرَحمَتِكَ في عِبادِكَ الصّالِحين}:* في عِبادِكَ: أي مع عبادك.
قاله القرطبي في تفسيره.

قال الطبري في تفسيره. يقول: وأدخلني برحمتك مع عبادك الصالحين، الذين اخترتهم لرسالتك وانتخبتهم لوحيك، يقول: أدخلني من الجنة مداخلهم.

قالالبغوي في تفسيره: أي أدخلني في جملتهم، وأثبت اسمى مع أسمائهم واحشرني في زمرتهم.
..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى} طه (128).

*قوله {يَهْدِ لَهُمْ}:* أي يبيّن لهم.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، والواحدي في الوجيز، والبغوي في تفسيره، ومجير الدين العليمي في فتح الرحمن في تفسير القرآن، وغيرهم.

إلا أن الواحدي قال: أفلم يتبيَّن لهم بياناً يهتدون به.

زاد البغوي: يبين لهم القرآن.

قال السمرقندي في بحر العلوم: (أولميهد لهم)يعني: أو لم يبينلهمالله تعالى.

قالمجير الدين العليمي في فتح الرحمن في تفسير القرآن: {لَهُمْ} أي لأهل مكة.

*قوله {كَمْ}:* للتكثير.

*قوله {أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ}:* أي كثيرا ما أهلكنا قبلهم؛ بأنواع من العذاب.

قال الخطيب الشربيني في السراج المنير: {لهمكمأهلكنا} أي: كثرة من أهلكنا.

*قوله {مِنَ الْقُرُونِ}:* التي صنعت مثل صنيعهم؛ من الكفر والتكذيب.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: قوم لوط وصالح وهود.

*قوله {يَمْشُونَ}:* يعني قريشا.

*قوله {فِي مَسَاكِنِهِمْ}:* في مساكن القرون التي أهلكناها.

ونظيرتها قوله تعالى (وَإِنَّكُم لَتَمُرّونَ عَلَيهِم مُصبِحينَ . وَبِاللَّيلِ أَفَلا تَعقِلونَ): قال الجلال المحلي في الجلالين: (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ): على آثارهم ومنازلهم في أسفاركم "مُصْبِحِينَ" أي وَقْت الصباح يعني بالنهار.

انتهى.

فمعنى قوله تعالى {يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ}: يعني: يمرون في منازلهم.
قاله السمرقندي في بحر العلوم.

قال البغوي في تفسيره: والخطاب لقريش كانوا يسافرون إلى الشام فيرون ديار المهلكين من أصحاب الحجر وثمود وقريات لوط.

*قوله {إِنَّ فِي ذَلِكَ}:* المشار إليه.

*قوله {لَآيَاتٍ}:* دلالات على قدرتنا.
قاله الجلال المحلي في الجلالين.

*قوله {لِأُولِي النُّهَى}:* النهى: العقول.

قال البَندنيجي في التقفية في اللغة: والنهية: العقل وجمعه النهى.

قال الحميري في شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم: النُّهْية: العقل، لأنه ينهى عن القبيح، والجميع نهىً.

انتهى.

فمعنى قوله تعالى {لِأُولِي النُّهَى}: لذوي العقول.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط، والبغوي في تفسيره، والواحدي في الوجيز، وغيرهم.

إلا أن ابن قتيبة وغلام ثعلب قالا: {لأُولِي النُّهَى} أي أولي العقول. والنُّهْيَةُ: العقل.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: نهى: عقول واحدها نهية.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*تفسير غريب القرآن - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}: الحجر (7).

*قوله {لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَة}:* لَوْ مَا تَأْتِينَا: أي هلّا تأتينا.
قاله الحربي في المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث، والطبري في تفسيره، وابن قتيبة في تأويل مشكل القران، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ، وابو بكر السجستاني في غريب القرآن، وغيرهم.

إلا أن الطبري قال: قالوا: هلا تأتينا بالملائكة شاهدة لك على صدق ما تقول؟.

قال النحاس في إعراب القرآن: معنى لو ما ولولا وهلا واحد.

*قوله {إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}:* يعني: إن كنت صادقا في أن الله تعالى بعثك إلينا رسولا وأنـزل عليك كتابا، فإن الربّ الذي فعل ما تقول بك ، لا يتعذّر عليه إرسال ملك من ملائكته معك حجة لك علينا ، وآية لك على نبوّتك ، وصدق مقالتك: والعرب تضع موضع لوما: لولا وموضع لولا لوما، من ذلك قول ابن مقبل:
لَوْمـا الحَيـاءُ وَلَوْمَـا الـدّينُ عِبْتُكما
ببَعْـضِ مـا فيكُمـا إذْ عِبْتُمَـا عَوَرِي
يريد: لو لا الحياء.
قاله الطبري في تفسيره.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿وَلكِنّا أَنشَأنا قُرونًا فَتَطاوَلَ عَلَيهِمُ العُمُرُ وَما كُنتَ ثاوِيًا في أَهلِ مَديَنَ تَتلو عَلَيهِم آياتِنا وَلكِنّا كُنّا مُرسِلينَ﴾ [القصص: 45].

*قوله {وَلكِنّا}:* من بعد موسى - عليه السلام -.

*قوله {أَنشَأنا}:* خلقنا. والإنشاء: الخلق، والإحداث، والإيجاد.

ومنه قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ): قال الواحدي في الوسيط، والجلال المحلي في الجلالين: أَنْشَأَ: خلق.

ومنه (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ): أَنْشَأَ: خلق. قاله النسفي في مدارك التنزيل.

ومنه (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً): قال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: خلقنا نساء أهل الجنة نشأة كاملة لا تقبل الفناء.

قال الحميري في شمس العلوم ودواء كلام العرب من المكلوم: [الإنشاء]:أنشأ اللاه تعالىالخلق، مهموز: أي خلقه. قال تعالى: (الذي أنشأكم من نفس واحدة).

*قوله {قُرونًا}:* أمما.
قاله الواحدي في الوجيز.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: أي خلقنا أمما من بعد ذلك.

قال البغوي في تفسيره :(ولكنا أنشأنا قرونا)، خلقنا أمما من بعد موسى عليه السلام.

*قوله {فَتَطاوَلَ عَلَيهِمُ العُمُرُ}:* فَتَطاوَلَ: أي فطال.

تقول: تطاول نهارك: أي طال. وتقول: تطاول عليهم الليل: أي طال.

قال ابن الجوزي في زاد المسير. أي طال إمهالهم فنسوا عهد الله وتركوا أمره.

قال البغوي في تفسيره: أي طالت عليهمالمهلة فنسوا عهد الله وميثاقه وتركوا أمره.

قال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: {فَتَطاوَلَ عَلَيهِمُ العُمُرُ} فمكثوا زمنا طويلا.

قال السعدي في تفسيره: {وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ}فاندرس العلم، ونسيت آياته، فبعثناك في وقت اشتدت الحاجة إليك وإلى ما علمناك وأوحينا إليك.

*قوله {ثاوِيًا}:* مقيما.

والثاوي: المقيم. يقال: ثويت بمكة: أي أقمت.

قال الصحاري في الإبانة في اللغة العربية: [ثويت] ويقال: ثويت في بلد كذا أياما، أي أقمت.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: و «الثاوي»المقيم.

انتهى.

فمعنى قوله تعالى {ثاوِيًا}: أي مقيما.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن، والسمعاني في تفسيره، والبغوي في تفسيره، وغيرهم جمع.

زاد أبو عبيدة: قال الأعشى:
أثوى وقصر ليلة ليزودا...فمضت وأخلف من قتيلة موعدا.

وزاد ابن قتيبة: يقال: ثويت بالمكان؛ إذا أقمت به. ومنه قيل للضيف: الثوي.

قال الطبري في تفسيره: يقول: وما كنت مقيما في أهل مدين.

قال الفراء في معاني القرآن: أي إنك تتلو على أهل مكة قصص مدين وموسى ولم تكن هنالكثاويامقيمافنراه وتسمعه.

*قوله {في أَهلِ مَديَن}:* أَهلِ مَديَن: هم قوم شعيب - عليه السلام -.

قال ابن الجوزي في زاد المسير: {في أَهلِ مَديَن}: فتعلم خبر موسى وشعيب وابنتيه.

*قوله {تَتلو}:* تقرأ. يقال: تلى عليه آيات أي قرأ.

*قوله {عَلَيهِم}:* على أهل مكة.

*قوله {آياتِنا}:* كتابنا. يعني: القرآن.

قال الطبري في تفسيره: تقرأعليهمكتابنا.

قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: يريد: الآيات التي فيها قصة شعيب وقومه.

قال السعدي في تفسيره: {فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا}أي: تعلمهم وتتعلم منهم، حتى أخبرت بما أخبرت من شأن موسى في مدين.

*قوله {وَلكِنّا كُنّا مُرسِلين}:* يعني أوحينا إليك خبر مدين لمّا جعلناك رسولا؛ ولولا أن أوحينا إليك ما كان لك سبيل إلى علمه (ما كنت ستعلم خبرهم). كما قال ( تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا).

قال الواحدي في الوجيز: {في أهل مدين تتلوعليهمآياتنا ولكنا كنا مرسلين} أرسلناك رسولا وأنزلنا عليك هذه الأخبار ولولا ذلك ما عملتها.

قال ابن الجوزي في زاد المسير: (ولكنا كنا مرسلين) أرسلناك إلى أهل مكة وأخبرناك خبر المتقدمين، ولولا ذلك ما علمته.

قال البغوي في تفسيره: أي أرسلناك رسولا وأنزلنا عليك كتابا فيه هذه الأخبار، فتتلوهاعليهمولولا ذلك لما عملتها ولم تخبرهم بها.

قال السعدي في تفسيره :{وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}أي: ولكن ذلك الخبر الذي جئت به عن موسى، أثر من آثار إرسالنا إياك، وَوَحْيٌ لا سبيل لك إلى علمه، بدون إرسالنا.

المعنى الإجمالي للآية من كتاب (المختصر في التفسير):

"ولكنا أنشأنا أممًا وخلائق من بعد موسى، فتباعد عليهم الزمن حتى نسوا عهود الله، وما كنت مقيمًا في أهل مَدْين تقرأ عليهم آياتنا، ولكنا أرسلناك من عندنا، فأوحينا إليك خبر موسى وإقامته في مَدْين، فأخبرت الناس بما أوحى الله إليك من ذلك".

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿أَلهاكُمُ التَّكاثُرُ۝حَتّى زُرتُمُ المَقابِرَ﴾ [التكاثر: 1-2].

*قوله {أَلهاكُمُ}:* شغلكم، وصرفكم - أيها الناس - عن إصلاح آخرتكم التي فيها السعادة الأبدية أو الشقوة السرمدية؛ أي الدائمة.

انتهى.

فمعنى قوله تعالى (أَلهاكُمُ): أي شغلكم.
قاله الجرجاني في درج الدرر، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وأبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، والألوسي في روح المعاني، وغيرهم.

زاد الألوسي: وأصل اللهو الغفلة ثم شاع في كل شاغل وخصه العرف بالشاغل الذي يسر المرء وهو قريب من اللعب ولذا ورد بمعناه كثيرا. وقال الراغب: اللهو ما يشغلك عما يعني ويهم.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (وَأَمّا مَن جاءَكَ يَسعى. وَهُوَ يَخشى. فَأَنتَ عَنهُ تَلَهّى): تَلَهّى: تشاغل. وأصله: تتلهى: أي تتشاغل. وإنما ادغمت التاء للتخفيف.

قال الكفوي في الكليات، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه: تتشاغل.

وقال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن، ونجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني: (تَلَهّى): تشاغل.

زاد نجم الدين: وتغافل.

ومنه (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) لَا تُلْهِيهِمْ: لا تشغلهم.
قاله الجرجاني في درج الدرر في تفسير الآي والسور، والبغوي في تفسيره، والقرطبي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، وغيرهم.

إلا أن النسفي قال: لاتشغلهم{تجارة} في السفر {ولابيع} في الحضر.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات: يقال: ألهاه كذا. أي شغله عما هو أهم إليه.

*قوله {التَّكاثُرُ}:* من حظوظ الدنيا؛ كالمال والولد.

قال البخاري في صحيحه (تعليقا): وقال ابن عباس: {التكاثر} : «من الأموال والأولاد».

ورى البخاري في صحيحه (مسندا) قال: حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما، يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب».(1).

قال القصاب في النكت: والتكاثر في المال، والولد.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: بالعدد والقرابات.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات: والمكاثرة والتكاثر: التباري في كثرة المال والعز.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: قوله عز وجل: (ألهاكمالتكاثر) أي شغلكم التكاثربالأموال والأولاد عن طاعة الله.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: قوله: {ألهاكمالتكاثر} أي في: الدنيا عن الآخرة، وهوالتكاثرفي المال والولد.

قال الواحدي في الوجيز: شغلكمالتكاثربالأموال والأولاد والعدد عن طاعة الله تعالى.

قال السيوطي في معترك الأقران: (ألهاكمالتكاثر) :أي شغلكمالتكاثرفي الدنيا للمباهاة بكثرة الأموال والأولاد عن محاسبة أنفسكم، ستعلمون ما يحل بكم.

قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: والتكاثر: تفاعل من الكثرة.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره:ألهاكمأيها الناس المباهاة بكثرة المال والعدد عن طاعةربكم، وعما ينجيكم من سخطه عليكم.

قال السمعاني في تفسيره: قول تعالى: {ألهاكمالتكاثر} أي: شغلكم التكاثربالأموال والأولاد عما أمرتم به.

قال البغوي في تفسيره: (ألهاكمالتكاثر)، شغلتكم المباهاة والمفاخرة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم وما ينجيكم من سخطه.

*قوله {حَتّى زُرتُمُ المَقابِر}:* حتى متم فقبرتم وكنتم من أهلها؛ أي من أهل القبور.

وسمى الله دخول المقابر زيارة لأن اللُبث فيها مؤقت حتى تقوم الساعة. ومن هنا يجيء التنبيه على خطأ من يقول: انتقل فلان إلى مثواه الأخير؛ والصواب: إلى مثواه المؤقت.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره، والبغوي في تفسيره: {حتى زرتم المقابر} أي: حتى متم.

زاد البغوي: ودفنتم في المقابر.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: (حتى زرتم المقابر) أي حتى أدرككم الموت على تلك الحال.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: حتى عددتم من في المقابر: من موتاكم.

قال الطبري في تفسيره: وقوله: {حتى زرتم المقابر} يعني: حتى صرتم إلى المقابر فدفنتم فيها.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: «ألهاكمالتكاثر» يقول شغلكمالتكاثرعن ذكر الآخرة، فلم تزالوا كذلك، حتى زرتم المقابر.

.............................
(1): رواه البخاري في صحيحه (٦٤٣٦).

......................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)}التكوير.

*قوله {وَاللَّيْل}ِ:* يعني أقسم بالليل. والواو للقسم. والله يقسم بما شاء.

*قوله {إِذَا عَسْعَسَ}:* عَسْعَسَ: أدبر بلغة قريش.
قاله أبو عبيد القاسم بن سلّام لغات القبائل الواردة في القرآن الكريم، وذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات في القرآن.

وقيل: أقبل بظلامه.

قال الطبري في تفسيره: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب عندي قول من قال: معنى ذلك: إذا أدبر، وذلك لقوله: ( وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ) فدلّ بذلك على أن القسم بالليل مدبرًا، وبالنهار مقبلا والعرب تقول: عسعس الليل، وسَعْسَع الليل: إذا أدبر، ولم يبق منه إلا اليسير.

*قوله {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}:* أي أقبل نهاره، وانتشر وامتد وتتابع في الوجود حتى يبين ويظهر ظهورا كاملا. وهذا ظاهر في تمدد وانتشار النهار شيئا فشيئا.

انتهى.

فمعنى قوله تعالى (تَنَفَّسَ): انتشر، وتتابع ضوءه.
قاله أبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وأبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، وغيرهم.

قال مكي في الهداية غلى بلوغ النهاية: {والصبح إذا تنفس} أي: أقبل وتبين. والتقدير: وضوء الصبح إذا أقبل.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القران: وتنفس النهار عبارة عن توسعه.

قال الزجاج في معاني وإعراب القران: (والصبح إذا تنفس) إذا امتد حتى يصير نهارا بينا.

قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى : والصبح إذا تنفس أي امتد حتى يصير نهارا واضحا؛ يقال للنهار إذا زاد : تنفس .

قال الطبري في تفسيره: وقوله: (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) يقول: وضوء النهار إذا أقبل وتبين.

وقال الجرجاني في درج الدرر: {والصبح إذا تنفس:} انفلق، من قولهم: تنفست القوس إذا انشقت.

قال الجلال المحلي في الجلالين: {والصبح إذا تنفس} امتد حتى يصير نهارا بينا.

وفي معجماللغة العربية المعاصرة لأحمد مختار: تنفسالصبح: ظهر وتبلج " {والصبحإذاتنفس} ".

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) والتنفس : حقيقته خروج النَفس من الحيوان ، استعير لظهور الضياء مع بقايا الظلام على تشبيه خروج الضياء بخروج النَفَس على طريقة الاستعارة المصرحة ، أو لأنه إذا بدا الصباح أقبل معه نسيم فجُعل ذلك كالتنفس له على طريقة المكنية بتشبيه الصبح بذي نفس مع تشبيه النسيم بالأنفاس.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿وَإِذَا النُّفوسُ زُوِّجَت﴾ [التكوير: 7].

*قوله {وَإِذَا النُّفوسُ}:* يوم القيامة.

*قوله {زُوِّجَت}:* قُرنت. أي قرن بعضها ببعض.
تقول: زوجت نعلي: أي قرنتها ببعض.

والمعنى: قرنت، وجمعت نفوس الأبرار بعضها مع بعض في الجنان، ونفوس الفجار بعضها مع بعض في الجحيم.

قال الزمخشري في أساس البلاغة: وزوجتإبلي: قرنت بعضها ببعض.

قال الزبيدي في تاج العروس: وفي (واعي اللغة) لأبي محمد عبد الحق الأزدي: كل شكل قرن بصاحبه: فهو زوج له، يقال: زوجت بين الإبل أي قرنت كل واحد بواحد.

قال القرطبي في تفسيره: فالتزويج أن يقرن الشيء بمثله، والمعنى: وإذا النفوسقرنتإلى أشكالها في الجنة والنار.

انتهى

فمعنى قوله تعالى (زُوِّجَت): قُرنتْ.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه، وأبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، والفخر الرازي في التفسير، وغيرهم.

زاد ابن قتيبة: بأشكالها في الجنة والنار.

وزاد الزجاج: قرنتكل شيعة بمن شايعت.

وزاد أبو حيان:بأشكالها.

وزاد الفخر: فيقرن الله تعالى نفوس المؤمنين بالحور العين، ونفوس الكافرين بقرنائهم من الشياطين.

قال الواحدي في الوجيز: {وإذا النفوسزوجت} قرن كل أحد بمن يعمل عمله فألحق الفاجر بالفاجر والصالح بالصالح.

قال الطبري في تفسيره: (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) بالقرناء والأمثال في الخير والشرّ.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: النفوس زوجت: أي جمعت مع مقارنيها الذين كانوا على رأيها في الدنيا.

قال الخضيري في السراج في بيان غريب القران: {زوجت} قرنت بأمثالها ونظائرها.

قال السعدي في تفسيره: {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} أي: قرن كل صاحب عمل مع نظيره، فجمع الأبرار مع الأبرار، والفجار مع الفجار، وزوج المؤمنون بالحور العين، والكافرون بالشياطين.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ): وَأَزْوَاجَهُمْ: وقرناءهم، وأشكالهم، وأشباههم.

قال السمرقندي في بحر العلوم، وأبو بكر السجستاني في غريب القران: أي وقرناءهم.

قال نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القران، والكفوي في الكليات: وأشباههم.

إلا أن نجم الدين قال: أشباههم، يحشر الزاني مع الزاني.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{إِنَّ اللَّهَ اشتَرى مِنَ المُؤمِنينَ أَنفُسَهُم وَأَموالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ فَيَقتُلونَ وَيُقتَلونَ وَعدًا عَلَيهِ حَقًّا فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ وَالقُرآنِ وَمَن أَوفى بِعَهدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاستَبشِروا بِبَيعِكُمُ الَّذي بايَعتُم بِهِ وَذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ} [التوبة: 111].

*قوله {إِنَّ اللَّهَ}:* بنفسه - جل ذكره -.

*قوله {اشتَرى}:* وأغلى الثمن.

قال السعدي في تفسيره: {إِنَّ اللَّهَ اشتَرى} بنفسه الكريمة.

قال السمرقندي في بحر العلوم: وذكر الشراء على وجه المثل، لأنالأموال والأنفس كلها لله تعالى، وهي عند أهلها عارية، ولكنه أراد به التحريض والترغيب في الجهاد. وهذا كقوله:(منذا الذي يقرضاللهقرضا حسنا).

*قوله {مِنَ المُؤمِنينَ}:* عام؛ فيدخل فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومؤمني هذه الأمة إلى يوم القيامة.

قالابن عطية في المحرر الوجيز: الآية بعد ذلك عامة في كلمنجاهد في سبيلاللهمنأمة محمد صلىاللهعليه وسلم إلى يوم القيامة. وقال بعض العلماء: مامنمسلم إلا ولله في عنقه هذه البيعة وفى بها أو لم يف.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والمراد بالمؤمنين في الأظهر أن يكون مؤمني هذه الأمة. وهو المناسب لقوله بعد: {فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به}.

*قوله {أَنفُسَهُم}:* ببذلها في الجهاد في سبيله، وهي أثمن ما يملكونه.

واشترى الله هذه النفس مع أنه هو الذي خلقها؛ لكن هذا من تمام فضله وكرمه - تبارك وتعالى -؛ يخلق ثم يثيب ويأجر.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وهذا القصة وهباللهعبادهأنفسهم وأموالهم ثم أمرهم ببذلها في ذاته ووعدهم على ذلك ما هو خيرمنها، فهذا غاية التفضل.

*قوله {وَ}:* اشترى.

*قوله {أَموالَهُم}:* بإنفاقها في الجهاد في سبيله؛ مع أنه الذي رزقها.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: قال بعضهم: ما أكرمالله، فإنأنفسنا هو خلقها، وأموالنا هو رزقها، ثم وهبها لنا، ثم اشتراهامنا بهذا الثمنالغالي، فإنها لصفقة رابحة.

*قوله {بِأَنَّ لَهُمُ}:* في المقابل.

*قوله {الجَنَّةَ}:* وهي العوض الأعظم.

ولم يقل: بالجنة. أي لم يقل الله جل ذكره: اشترى من المؤمنين أنفسهم بالجنة؛ لأن الثمن بالآجل؛ وليس معجلا. و (الجَنَّةَ): وهي العوض الذي لا يعدله عوض.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: إن الله ابتاعَ من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بالجنة.

قال القرطبي في تفسيره : أصل الشراء بين الخلق أن يعوضوا عما خرج من أيديهم ما كان أنفع لهم أو مثل ما خرج عنهم في النفع؛ فاشترى الله سبحانه من العباد إتلاف أنفسهم وأموالهم في طاعته، وإهلاكها في مرضاته، وأعطاهم سبحانه الجنة عوضا عنها إذا فعلوا ذلك . وهو عوض عظيم لا يدانيه المعوض ولا يقاس به ، فأجرى ذلك على مجاز ما يتعارفونه في البيع والشراء فمن العبد تسليم النفس والمال ، ومن الله الثواب والنوال فسمي هذا شراء.

*قوله {يُقاتِلونَ}:* مقبلين على القتال، غير مدبرين.

*قوله {في سَبيلِ اللَّهِ}:* وحده؛ لا في سبيل غيره، يجاهدون إعلاء لكلمة الله ونشر دين الله في الأرض.

ففي الصحيحين؛ من حديث أَبِي مُوسى رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللهِ قَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ.

*قوله {فَيَقتُلونَ}:* عدو الله وعدوهم. كما قال (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ).

*قوله {وَيُقتَلونَ}:* يتلفون أنفسهم في ذات الله.

قال ابن كثير في تفسيره: وقوله: (يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون) أي : سواء قتلوا أو قتلوا، أو اجتمع لهم هذا وهذا ، فقد وجبت لهم الجنة.

قال السعدي في تفسيره: فـ ‏{‏يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ‏}‏ فهذا العقد والمبايعة، قد صدرت من اللّه مؤكدة بأنواع التأكيدات‏.‏

*قوله {وَعدًا}:* أَي وعدهم اللَّه الجنَّة وعدا.
قاله الواحدي في الوجيز.

*قوله {عَلَيهِ}:* على الله.

*قوله {حَقًّا}:* أن ينجز، ويوفي لهم ما وعدهم؛ لأنه خلف لمواعيده - جل ذكره -؛ وهو وعد كتبه الله وأوجبه على نفسه؛ لم يوجبه عليه أحد.

ونحوه قوله تعالى (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا).

وقوله (وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ).

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: (وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا) مصدران مؤكدان فإن الاشتراء بالجنة يستلزم الوعد بها.

قال البغوي في تفسيره: (وعدا عليه حقا) أي ثواب الجنة لهم وعد وحق.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: واجبا لهم ذلك، بأنيفي لهم ما وعد.

*قوله {فِي}:* أي هذا الوعد في.

*قوله {التَّوراةِ وَالإِنجيلِ وَالقُرآنِ}:* التي هي أشرف الكتب التي أنزلها الله، والتي أعظمها القرآن الذي هو مهيمن على الكتب كلها.

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: أي هذا الوعد الذي وعده للمجاهدين ثابت فيهما كما هو ثابت في القرآن.

قال البغوي في تفسيره: يعني أن الله عز وجل وعدهم هذا الوعد ، وبينه في هذه الكتب.

قال الواحدي في الوجيز: {في التوراة والإنجيل والقرآن} أي:إن اللهبين في الكتابينأنهاشترىمنأمة محمدأنفسهم وأموالهم بأنلهم الجنة كما بين في القرآن.

قال الطبري في تفسيره: يقول: وعدهم الجنة جل ثناؤه، وعدًا عليه حقًّا أن يوفِّي لهم به، في كتبه المنـزلة: التوراة والإنجيل والقرآن، إذا هم وَفَوا بما عاهدوا الله، فقاتلوا في سبيله ونصرةِ دينه أعداءَه، فقَتَلوا وقُتِلوا.

قال ابن كثير في تفسيره: وقوله : ( وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ) تأكيد لهذا الوعد ، وإخبار بأنه قد كتبه على نفسه الكريمة ، وأنزله على رسله في كتبه الكبار ، وهي التوراة المنزلة على موسى ، والإنجيل المنزل على عيسى ، والقرآن المنزل على محمد ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

*قوله {وَمَن}:* في الوجود.

*قوله {أَوفى}:* عهدا، وأقدر على الوفاء.

*قوله {بِعَهدِهِ مِنَ اللَّهِ}:* فليس أحد أوفى عهدا بعهده من الله. لتمام كماله، وقدرته، وغناه.

قال النسفي في مدارك التنزيل: ولا نرى ترغيبا في الجهاد أحسنمنه وأبلغ.

قال الطبري في تفسيره: يقول جل ثناؤه: ومن أحسن وفاءً بما ضمن وشرط من الله.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: ليس أحد أوفىمناللهتعالى في عهده وشرطه، لأنه عهدأنمنقتل في سبيلالله، فله الجنة، فيفي عهده ذلك وينجز وعده.

لطيفة:
قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى ومن أوفى بعهده من الله أي لا أحد أوفى بعهده من الله . وهو يتضمن الوفاء بالوعد والوعيد ، ولا يتضمن وفاء البارئ بالكل ; فأما وعده فللجميع ، وأما وعيده فمخصوص ببعض المذنبين وببعض الذنوب وفي بعض الأحوال .

*قوله {فَاستَبشِروا}:* أيها المجاهدون، البائعون النفس، والمال في ذات الله - جل ذكره -.

قال البغوي في تفسيره، والسمعاني في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل: {فَاستَبشِروا}: فافرحوا.

زاد النسفي: غاية الفرح فإنكم تبيعون فانيا بباق.

قال الطبري في تفسيره: يقول ذلك للمؤمنين: فاستبشروا، أيها المؤمنون، الذين صَدَقوا الله فيما عاهدوا، ببيعكم أنفسكم وأموالكم بالذي بعتموها من ربكم به، فإن ذلك هو الفوز العظيم.

*قوله {بِبَيعِكُمُ}:* المحبب إلى النفوس بالفطرة؛ فلا أحب للعبد من نفسه وماله.

*قوله {الَّذي بايَعتُم بِهِ}:* ربكم.

قال السمرقندي في بحر العلوم: وهذا إعلام لهمأنهم يربحون في مبايعتهم.

*قوله {وَذلِكَ}:* البيع.
قاله السيوطي في الجلالين.

*قوله {هُوَ الفَوزُ العَظيم}:* الذي لا يعدله فوز؛ فهي تجارة رابحة لا تبور؛ فأتلفوا النفس والمال في الجهاد في سبيله، ولا تتلفوها في غير هذا.

ونحوه (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا هَل أَدُلُّكُم عَلى تِجارَةٍ تُنجيكُم مِن عَذابٍ أَليمٍ . تُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَرَسولِهِ وَتُجاهِدونَ في سَبيلِ اللَّهِ بِأَموالِكُم وَأَنفُسِكُم ذلِكُم خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمونَ).

قال النسفي في مدارك التنزيل: {وذلك هو الفوز العظيم} قال الصادق ليس لأبدانكم ثمنإلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها.

قال السمرقندي في بحر العلوم: (ذلك هو الفوز العظيم)، يعني: الثواب الوافر والنجاة الوافرة.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وصف تعالى ذلك البيع بأنه الفوز العظيم، أيأنه الحصول على الحظ الأغبطمنحط الذنوب ودخول الجنة بلا حساب.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
..............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} التوبة (112).

*قوله {التَّائِبُونَ}:* الراجعون.

والمعنى: الراجعون عن المعاصي إلى الطاعة؛ بما في ذلك الرجوع عن الشرك إلى التوحيد. يقال: تاب من كذا أي رجع عنه. وهذا أجود من تخصيص التوبة بالرجوع عن الشرك.

قال بطال الركبي في النظم المستعذبفي تفسير غريب ألفاظ المهذب: أصل التوبة: الرجوع،تاب: إذارجع.

قالابن سيدة في المحكم والمحيط الأعظم: تابإلى الله توبا: وتوبة، ومتابا: أناب ورجععنالمعصية إلى الطاعة.

قال القاسمي في محاسن التأويل: {التائبون} أي عن المعاصي.

قال الطبري في تفسيره: ومعنى: " التائبون "، الراجعون مما كرهه الله وسخطه إلى ما يحبُّه ويرضاه.

قال القرطبي في تفسيره: التائبون هم الراجعون عن الحالة المذمومة في معصية الله إلى الحالة المحمودة في طاعة الله . والتائب هو الراجع . والراجع إلى الطاعة هو أفضل من الراجع عن المعصية لجمعه بين الأمرين .

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: والتائب هو المقلع عن الذنب العازم على التمادي على الإقلاع النادم على ما سلف، والتائب عن ذنب يسمى تائبا وإن قام على غيره إلا أن يكون من نوعه فليس بتائب.

قال الشوكاني في فتح القدير: والتائب: الراجع، أي: هم الراجعون إلى طاعة الله عن الحالة المخالفة للطاعة.

فائدة:

قال النووي في تحرير ألفاظ التنبيه: التوبة منتابإذارجعولها ثلاثة شروط أن يقلععنالمعصية ويندم ويعزم أن لا يعود إلى مثلها فإن كانت المعصية بحق آدمي اشترط رابع وهو البراءة من حق الآدمي إن أمكن بأداء أو عفو.

*قوله {الْعَابِدُونَ}:* الفاعلون لكل قول وعمل يحبه الله ويرضاه؛ من الأعمال الظاهرة والباطنة؛ بصدق وإخلاص.

قال البغوي في تفسيره: المطيعون الذين أخلصوا العبادة لله عز وجل.

"قال القرطبي في تفسيره: العابدون " أي المطيعون الذين قصدوا بطاعتهم الله سبحانه .

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: (والْعابِدُونَ) لفظ يعم القيام بعبادة الله والتزام شرعه وملازمة ذلك والمثابرة عليه والدوام.

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: (الْعَابِدُونَ) بالإخلاص.

قال مجير الدين العليمي في فتح الرحمن في تفسير القرآن: {العابدون} المخلصون العبادة لله تعالى.

قال السعدي في تفسيره: {‏الْعَابِدُونَ‏}‏ أي‏:‏ المتصفون بالعبودية للّه، والاستمرار على طاعته من أداء الواجبات والمستحبات في كل وقت، فبذلك يكون العبد من العابدين‏.‏

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: و {العابدون}: المؤدّون لما أوجب الله عليهم.

*قوله {الْحَامِدُونَ}:* لربهم في كل حال، وعلى كل حال؛ في السراء والضراء، في المنشط والمكره، في العسر واليسر؛ فهم لا يسخطون على معبودهم أبدا؛ مهما نزل بهم من خير وشر، وتقلبت عليهم الأحوال.

ولو أن العبد يدرك هذا لهانت عليه أيام حياته، ولأقبل على ربه، ثم أقبل على حياته نشيطا سعيدا.

قال القرطبي في تفسيره: (الحامدون) أي الراضون بقضائه المصرفون نعمته في طاعته ، الذين يحمدون الله على كل حال .

قال السمرقندي في بحر العلوم: (الحامدون)، الذين يحمدون الله على كل حال.

قال الطبري في تفسيره: وأما قوله: (الحامدون)، فإنهم الذين يحمدون الله على كل ما امتحنهم به من خير وشر.

قال البغوي في تفسيره: (الحامدون) الذين يحمدون الله على كل حال في السراء والضراء.

*قوله {السَّائِحُونَ}:* الصائمون بلغة هذيل.
قاله أبو عبيد القاسم بن سلام في لغات القبائل الواردة في القران الكريم، وذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات في القران.

قال الشوكاني في فتح القدير: وإنما قيل للصائم: سائح، لأنه يترك اللذات كما يتركها السائح في الأرض، ومنه قول أبي طالب ابن عبد المطلب:
وبالسائحين لا يذوقون قطرة ... لربهم والذاكرات العوامل.

قال السمرقندي في بحر العلوم: وأصله: السائح في الأرض، لأن السائح في الأرض يكون ممنوعا عن الشهوات، فشبه الصائم به.

انتهى

فمعنى قوله تعالى {السَّائِحُونَ}: الصائمون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والطبري في تفسيره، والراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن، ونجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن، والقرطبي في تفسيره، وغيرهم جمع.

زاد ابن قتيبة: وأصل السائح: الذاهب في الأَرض. ومنه يقال: ماء سَائِحٌ وسَيْحٌ: إذا جرى وذهب. والسائح في الأرض ممتنع من الشهوات. فشبه الصائم به. لإمساكه في صومه عن المطعم والمشرب والنكاح.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: في قول أهل اللغة والتفسير جميعا: الصائمون.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا): سَائِحَاتٍ: صائمات.
قاله مكي في تفسير المشكل من غريب القرآن.
وحكاه ابن الجوزي - في زاد المسير - عن الجمهور.

*قوله {الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ}:* يريد المصلين.

وخص الصلاة بهذين الركنين لشرفهما، كما ذكرهما في غير ما آية. كما سمي المسجد مسجدا: لشرف السجود.

وهذان الركنان من أعظم أركان الصلاة؛ لما فيهما من محض معاني العبودية.لذا نهيت هذه الأمة عن التلبس بهذين العبادتين لغير الله.

وقد نعت الله أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بقوله (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ). فهم أعبد البشر بعد المصطفين الأخيار.

قال الطبري في تفسيره، والبغوي في تفسيره، والسمعاني في تفسيره: يعني المصلين.

قال القرطبي في تفسيره: (الراكعون الساجدون) يعني في الصلاة المكتوبة وغيرها .

قال السعدي في تفسيره: ‏{‏الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ‏}‏ أي‏:‏ المكثرون من الصلاة، المشتملة على الركوع والسجود‏.‏

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: و {الراكعون الساجدون} : هم الجامعون بينهما ، أي المصلون ، إذ الصلاة المفروضة لا تخلو من الركوع والسجود .

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: لا يختلف في أن من يكثر النوافل هو أدخل في الاسم وأغرق في الاتصاف.

*قوله {الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ}:* أي الآمرون بكل ما اعتبره الشرع معروفا؛ فيدخل فيه الإيمان الذي هو أعظم المعروف، ويدخل فيه الأمر بالسنة، وغير ذلك مما أمرت به الشريعة.

وهذا أجود من تخصيص " المعروف" بالإيمان فحسب. لأن من أهل العلم من خصه بأشياء دون أخرى. وقد أعرضت عن ذكرها.

قال الشوكاني في فتح القدير: والآمرون بالمعروف: القائمون بأمر الناس بما هو معروف في الشريعة.

‏قال السعدي في تفسيره: ‏{الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ‏}‏ ويدخل فيه جميع الواجبات والمستحبات‏.‏

*قوله {وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ}:* عن كل ما اعتبره الشرع منكرا؛ فيدخل فيه الشرك بالله فإنه أعظم المنكر، ويدخل في النهي عن البدعة، وكل ما هو منكر في الشريعة.

وهذا أجود من تخصيص " المنكر" بالشرك فحسب. لأن من أهل العلم من خصه بشيء دون آخر.

وهذان الوصفان - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - من أعظم فروض الاسلام، ومن سمات هذه الأمة، وما كانت خيرتها إلا بهما (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ).

قال الشوكاني في فتح القدير: والناهون عن المنكر: القائمون بالإنكار على من فعل منكرا.

‏قال السعدي في تفسيره: ‏{وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ‏}‏ وهي جميع ما نهى اللّه ورسوله عنه‏.‏

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله: (الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) هو أمر فرض على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالجملة ثم يفترق الناس فيه مع التعيين، فأما ولاة الأمر والرؤساء فهو فرض عليهم في كل حال، وأما سائر الناس فهو فرض عليهم بشروط: منها أن لا تلحقه مضرة وأن يعلم أن قوله يسمع ويعمل به ونحو هذا ثم من تحمل بعد في ذات الله مشقة فهو أعظم أجرا.

*قوله {وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ}:* غير مضيعين لشيء منها.

قال البغوي في تفسيره: القائمون بأوامر الله .

قال السمرقندي في بحر العلوم: والحافظون لحدود الله، يعني: العاملين بما فرض الله عليهم.

قال القرطبي في تفسيره: والحافظون لحدود الله أي القائمون بما أمر به والمنتهون عما نهى عنه.

قال السعدي في تفسيره: {‏وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ‏}‏:* بتعلمهم حدود ما أنزل اللّه على رسوله، وما يدخل في الأوامر والنواهي والأحكام، وما لا يدخل، الملازمون لها فعلا وتركا‏.‏

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ) لفظ عام تحته إلزام الشريعة والانتهاء عما نهى الله في كل شيء.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: و {الحافظون لحدود الله}: صفة جامعة للعمل بالتكاليف الشرعية عند توجهها . وحقيقة الحفظ توخي بقاء الشيء في المكان الذي يراد كونه فيه رغبة صاحبه في بقائه ورعايته عن أن يضيع . ويطلق مجازاً شائعاً على ملازمة العمل بما يؤمر به على نحو ما أمر به وهو المراد هنا ، أي والحافظون لما عين الله لهم ، أي غير المضيعين لشيء من حدود الله .

*قوله {وَبَشِّرِ}:* أيها النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنما أرسلناك مبشرا ونذيرا.

وإنما أبهم البشارة لعظمها؛ فهي عند الله يكافئهم بها.

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: وحذف المبشر به للتعظيم كأنه شيء لا يمكن بيانه.

*قوله {الْمُؤْمِنِينَ}:* فهذا وصفهم؛ وكل ما سبق ذكره هو من الإيمان بالله. وفيه دليل: أن الاعمال داخلة في مسمى الإيمان.

قال السمرقندي في بحر العلوم: (وبشر المؤمنين)، يعني: المصدقين بهذا الشرط والعاملين به.

قال القاسمي في محاسن التأويل: وبشر المؤمنين الموصوفين بالنعوت المذكورة.

قال السعدي في تفسيره: ‏{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ‏}‏ لم يذكر ما يبشرهم به، ليعم جميع ما رتب على الإيمان من ثواب الدنيا والدين والآخرة، فالبشارة متناولة لكل مؤمن‏.‏
وأما مقدارها وصفتها فإنها بحسب حال المؤمنين، وإيمانهم، قوة، وضعفا، وعملا بمقتضاه‏.‏

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
قوله تعالى
{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} التوبة (113).

*قوله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ}:* نهي. أي ليس للنبي.

يعني لا يحل للنبي، ولا يجوز، ولا ينبغي، ولا يصح، ولا يسوغ له. أي ليس للنبي الذي يدعوا إلى التوحيد، ومعادات الكافرين أن يستغفر للمشركين بعد موتهم على الكفر.

ولا يسعه إلا أن يمتثل لأمر ربه الذي بعثه نبيا ورسولا؛ ولما لا وهو عبد مربوب خاضع لربه - صلى الله عليه وسلم -. حتى ولو كانت أماً للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛

ففي صحيح مسلم (٩٧٦) أَبِي هريرة، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَقَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي».

قال النسفي في مدارك التنزيل: أي ما صح له الاستغفار في حكم الله وحكمته.

*قوله {وَالَّذِينَ آمَنُوا}:* أيضا. أي وليس لهم ذلك؛ فإذا كان النهي في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - فما بالك بمن دونه؟.

فليحذر المسلم أن يدعو لأهل الشرك بالمغفرة بعد موتهم؛ إذ لا يحل بحال الدعاء لمن مات على الشرك بالنص والإجماع. ويخشى على من يفعله المروق من الملة.

قال ابن تيمة في مجموع الفتاوى: فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع.

قال النووي في المجموع شرح المهذب: الصلاة على الكافر والدعاء له بالمغفرة فحرام بنص القرآن والإجماع.

انتهى.

فمعنى قوله تعالى {ما كان للنبي}: يعني ما ينبغي للنبي.
قاله مقاتل بن سليمان في تفسيره.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: ما كان ينبغي للنبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا به.

قال السمرقندي في بحر العلوم: قوله تعالى: (ما كان للنبي والذين آمنوا)، يعني: ما ينبغي وما جاز للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: والمعنى: ما ينبغي للنبي صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين.

قال السعدي في تفسيره: يعني‏:‏ ما يليق ولا يحسن للنبي وللمؤمنين به.

فائدة:

قال القرطبي في تفسيره: قال أهل المعاني : (ما كان) في القرآن يأتي على وجهين: على النفي نحو قوله: (ما كان لكم أن تنبتوا شجرها)، (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله). والآخر بمعنى النهي كقوله: (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله)، (و ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين).

*قوله {أَنْ يَسْتَغْفِرُوا}:* يدعو.

*قوله {لِلْمُشْرِكِينَ}:* بعد أن ما توا على الكفر.

وإنما نهى الله المؤمنين عن الدعاء للمشركين لأن في الدعاء ولاية لهم، وقد أمروا أن يتخذوهم أعداء، أحياء وأمواتا؛ والقرآن كله يدعو لهذه العقيدة؛ البراءة من أهل الشرك (لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ). وقال (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ). وأما في حال حياتهم فيجوز الدعاء لهم بالهداية فحسب.

قال القرطبي في تفسيره: هذه الآية تضمنت قطع موالاة الكفار حيهم وميتهم فإن الله لم يجعل للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز.

انتهى.

فمعنى قوله تعالى (أَنْ يَسْتَغْفِرُوا): أن يدعوا بالمغفرة للمشركين.
قاله الطبري في تفسيره.

*قوله {وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى}:* يعني ولو كان هؤلاء المشركين ذوي قرابة لهم.

قال السمرقندي في بحر العلوم: (ولوكانوا أولي قربى)، يعني: ذا قرابة في الرحم.

قال الشوكاني في فتح القدير: لما بين سبحانه في أول السورة وما بعده: أن البراءة من المشركين والمنافقين واجبة، بين سبحانه هنا ما يزيد ذلك تأكيدا، وصرح بأن ذلك متحتم، ولو كانوا أولي قربى، وأن القرابة في مثل هذا الحكم لا تأثير لها.

قلت (عبدالرحيم): فإن قلت: كيف نُهي - صلى الله عليه وسلم - عن الدعاء لذوي القرابة، وقد قال تعالى (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا)؟.

فالجواب:

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} هذا إذا كانا مسلمين، وإذا كانا كافرين فلا تقل: رب ارحمهما.

قال يحي بن سلام في تفسيره: قوله: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} هذا إذا كانا مسلمين، وإذا كانا مشركين فلا تقل: {رب ارحمهما}. هذا الحرف منسوخ نسخه: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين}.

قال الطبري في تفسيره: وقد تحتمل هذه الآية أن تكون وإن كان ظاهرها عاما في كل الآباء بغير معنى النسخ، بأن يكون تأويلها على الخصوص، فيكون معنى الكلام: وقل رب ارحمهما إذا كانا مؤمنين، كما ربياني صغيرا، فتكون مرادا بها الخصوص على ما قلنا غير منسوخ منها شيء.

قال الواحدي في البسيط: قال: ثم استثنى فقال: وذهب قوم إلى تخصيص قوله: {وقل رب ارحمهما}؛ يعنون أن هذا في الوالدين المسلمين، فالآية عامة، ومعناها خاص في المسلمين، ونحو هذا روى عطاء الخرساني عن ابن عباس في قوله: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا} قال: ثم استثنى فقال: {ما كان للنبي والذين آمنوا} الآية. فجعل النهي عن استغفار المشركين -وإن كانوا أقارب- استثناء عن قوله: {وقل رب ارحمهما}: في المعنى، وهذا أحسن من أن يحكم بالنسخ على الدعاء للوالدين بالرحمة.

قلت: (عبدالرحيم): إذا أمكن الجمع بين الدلين فهو أولى من طرح احدهما؛ وحينها لا حاجة للقول بالنسخ، سيما إذا كان القول به من غير دليل.

فالجواب: أن معنى الآية: وقل رب ارحمهما من الوقوع في الشرك؛ وذلك إن كانا مسلمان، وإن كان مشركان فالمعنى: وقل رب ارحمهما أي أنقذهما منه بالإسلام؛ كي لا يخلدا في الجحيم؛ أما إذا ماتا على الكفر فلا دعاء لهم أصلا.

*قوله {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ}:* تَبَيَّنَ: ظهر، ووضح.

ومنه قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ): تَبَيَّنَ لَهُم: ظهر لهم.

قال السمرقندي في بحر العلوم: (من بعد ما تبين لهم الهدى) : يعني: من بعد ما ظهر لهم الإسلام.

ومنه (يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ): قال السيوطي في الجلالين. بَعْدَ مَا تَبَيَّن: ظهر لهم.

قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: وتبين الشئ: وضح وظهر.

انتهى

فقوله تعالى (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ) يريد من بعد الموت على الكفر فحينئذ تبين أنهم أصحاب الجحيم أي سكانها وعمرتها.
قاله ابن عطية في المحرر الوجيز.

*قوله {لَهُمْ}:* للنبي والذين آمنوا.

*قوله {أَنَّهُمْ}:* أن أقاربهم المشركين. وإذا كان هذا في الأقربين فما ظنك بالأبعدين؟.

*قوله {أَصْحَابُ}:* أهل.

*قوله {الْجَحِيمِ}:* النار.

والمعنى: ليس لهم أن يدعو لهؤلاء المشركين بعد موتهم؛ وقد ظهر لهم أنهم ماتوا على الشرك؛ لأن بموتهم على الشرك يصيرون من أهل النار؛ لا يخرجون منها أبدا.

وكيف يسألون ربهم خلاف ما قضاه وأوجبه؛ أعني أن الله لا يغفر لمشرك مات على شركه، قال الله (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ)، وأنه - جل ذكره - حرم الجنة على المشركين (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ).

قال ابو حيان في البحر المحيط: وتضمن قوله ما كان للنبي الآية النهي عن الاستغفار لهم على أي حال كانوا، ولو في حال كونهم أولي قربى.

قال الزجاج في معاني القران واعرابه: وقوله: (من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) أي من بعد ما تبين لهم أنهم ماتوا كافرين.

قال الطبري في تفسيره: {من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم }، يقول: من بعد ما ماتوا على شركهم بالله وعبادة الأوثان، وتبين لهم أنهم من أهل النار، لأن الله قد قضى أن لا يغفر لمشرك، فلا ينبغي لهم أن يسألوا ربهم أن يفعل ما قد علموا أنه لا يفعله.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: {من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم}، أي: من بعدما ماتوا على شركهم بالله سبحانه، وقد قضى القرآن (أن) من مات على الشرك، أنه من أهل النار.

قال السمرقندي في بحر العلوم: (من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم)، يعني: أهل النار وماتوا على الكفر وهم في النار.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أصحاب الجحيم} من بعد ما ظهر لهم أنهم ماتوا على الشرك.

قال السعدي في تفسيره: فإن الاستغفار لهم في هذه الحال غلط غير مفيد، فلا يليق بالنبي والمؤمنين، لأنهم إذا ماتوا على الشرك، أو علم أنهم يموتون عليه، فقد حقت عليهم كلمة العذاب، ووجب عليهم الخلود في النار، ولم تنفع فيهم شفاعة الشافعين، ولا استغفار المستغفرين‏.‏ وأيضًا فإن النبي والذين آمنوا معه، عليهم أن يوافقوا ربهم في رضاه وغضبه، ويوالوا من والاه اللّه، ويعادوا من عاداه اللّه، والاستغفار منهم لمن تبين أنه من أصحاب النار مناف لذلك، مناقض له.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} التوبة (114).

*قوله {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ}:* أي دعاءه بالمغفرة.

*قوله {لِأَبِيه}ِ:* آزر.

وذكر الله عذر إبراهيم في هذه الآية؛ لأن الله قال قبلها (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ).

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: المعنى لا حجة أيها المؤمنون في استغفار إبراهيم الخليل لأبيه فإن ذلك لم يكن إلا عن موعدة.

*قوله {إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ}:* يريد "إلا من بعد موعدة".
قاله الأخفش الأوسط في معاني القرآن.

*قوله {وَعَدَهَا إِيَّاهُ}:* أي مجرد وعد من إبراهيم لأبيه؛ قبل أن يظهر له أن أباه سيموت على الشرك.
كما جاء في قوله (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا): وهذا قبل موت أبيه على الشرك.

والمعنى: لا ينبغي للنبي محمد والذين آمنوا به أن يستغفروا لأحد من المشركين بعد موتهم على الكفر؛ ولو كان ذا قرابة.

وكذلك لا ينبغي لأحد من الرسل - كابراهيم - أن يدعوا لكافر مات على الكفر ولو كان أباً له، وإنما كان استغفار ابراهيم مجرد وعد من لأبيه قبل أن يظهر لإبراهيم مآل أبيه.

قال السعدي في تفسيره: وذلك قبل أن يعلم عاقبة أبيه‏.‏

قال القرطبي في تفسيره: والمعنى: لا حجة لكم أيها المؤمنون في استغفار إبراهيم الخليل عليه السلام لأبيه فإن ذلك لم يكن إلا عن عدة .

قال السيوطي في الجلالين: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه} بقوله سأستغفر لك ربي رجاء أن يسلم.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: معطوفة على جملة { ما كان للنبيء } الخ. وهي من تمام الآية باعتبار ما فيها من قوله: {ولو كانوا أولي قربى } إذ كان شأن ما لا ينبغي لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام أن لا ينبغي لغيره من الرسل عليهم الصلاة والسلام لأن معظم أحكامهم متحدة إلا ما خص به نبينا من زيادة الفضل.

*قوله {فَلَمَّا تَبَيَّنَ}:* تَبَيَّنَ: ظهر.

ومثله كثير في القرآن؛ ومنه قوله تعالى (وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمَ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ): تَبَيَّنَ لَكُمْ: أيظهر لكم.

قال ابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب: {وقدتبينلكم} أيظهرلكم يا أهل مكة.

قال السمرقندي في بحر العلوم: (تبينلكم من مساكنهم) يعني:ظهرلكم يا أهل مكة من منازلهم آية في إهلاكهم.

*قوله {لَهُ}:* لابراهيم - عليه السلام -.

*قوله {أَنَّهُ}:* أن أباه.

*قوله {عَدُوٌّ لِلَّهِ}:* بموته على الكفر.
قاله السيوطي في الجلالين.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {فلما تبين له أنه عدو لله} أي مات على شركه.

قال الماوردي في النكت والعيون: {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّهِ} وذلك بموته على شركه وإياسه من إيمانه.

قال البغوي في تفسيره: فلما تبين له أنه عدو لله لموته على الكفر.

*قوله {تَبَرَّأَ مِنْهُ}:* فاقتدوا به، وافعلوا مثله.

وقد قطع، وأقلع إبراهيم عن الاستغفار لأبيه الذي مات على الشرك؛ امتثالا لأمر ربه. فبذلك حصلت البراءة.

يريد: فتبرؤوا أيها المؤمنون من أقاربكم المشركين، ولا تدعوا لهم؛ كما فعل إبراهيم؛ فأمسكوا عن الاستغفار لهم، كما أسمك إبراهيم عن الاستغفار لأبيه؛ والذي كان احرص الناس على إسلامه. وكأن الله يقول {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}.

فان قلت: كيف وقد دعا إبراهيم لأبيه في قوله (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب)؟.

قال الزجاج في معاني القران واعرابه: هذا قبل أن يتبين لإبراهيم أن أباه عدو لله، فلما تبين له ذلك تبرأ منه.

قال نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القران: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ): كانا في الأحياء فرجي إيمانهما، أو هو على وجه التعليم.

انتهى

فمعنى قوله تعالى {تَبَرَّأَ مِنْهُ} أي من أفعاله ومن استغفاره له، فلم يستغفر له بعد موته.
قاله الماوردي في النكت والعيون.

قال السيوطي في الجلالين: {تبرأ منه} وترك الاستغفار له.

قال السعدي في تفسيره: ‏{تَبَرَّأَ مِنْهُ‏}‏ موافقة لربه وتأدبا معه‏.‏

قال الطاهر بن عاشور ي التحرير والتنوير: فالتبرؤ مبالغة في البراءة .

*قوله {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ}:* لَأَوَّاهٌ: دَعَّاءٌ كثير البكاء.
قاله الواحدي في الوجيز.

قال السعدي في تفسيره: ‏{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ‏}‏ أي‏:‏ رجَّاع إلى اللّه في جميع الأمور، كثير الذكر والدعاء، والاستغفار والإنابة إلى ربه‏.‏

*قوله {حَلِيمٌ}:* كامل العاقل، صبور، لا يعاقب، ولا ينتقم لنفسه، ولا يغضب لها؛ إنما يفعل ذلك كله لربه.

ومن أمارات حلمه: أنه دعا لأبيه من قبل؛ بعدما توعده أبوه بالقتل والسب والشتم (لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا قال سلام عليك سأستغفر لك ربي).

قال النسفي في مدارك التنزيل: {حَلِيمٌ} هو الصبور على البلاء الصفوح عن الأذى لأنه كان يستغفر لأبيه وهو يقول لأرجمنك.

قال السعدي في تفسيره: ‏{حَلِيمٌ‏}‏ أي‏:‏ ذو رحمة بالخلق، وصفح عما يصدر منهم إليه، من الزلات، لا يستفزه جهل الجاهلين، ولا يقابل الجاني عليه بجرمه، فأبوه قال له‏:‏ ‏{‏لَأَرْجُمَنَّكَ‏}‏ وهو يقول له‏:‏ ‏{‏سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي‏}‏
فعليكم أن تقتدوا به، وتتبعوا ملة إبراهيم في كل شيء ‏{‏إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ‏}‏ كما نبهكم اللّه عليها وعلى غيرها.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: و(حَلِيمٌ) معناه صابر محتمل عظيم العقل، والحلم العقل.

قال البغوي في تفسيره: والحليم الصفوح عمن سبه أو ناله بالمكروه.

قال الواحدي في الوجيز: لم يعاقب أحداً إلا في الله ولم ينتصر من أحدٍ إلاَّ لله فلمَّا حرَّم الاستغفار للمشركين بين أنهم لم يأخذهم بما فعلوا لأنَّه لم يكن قد بيَّن لهم أنَّه لا يجوز ذلك.

قال القرطبي في تفسيره: والحليم : الكثير الحلم وهو الذي يصفح عن الذنوب ويصبر على الأذى . وقيل : الذي لم يعاقب أحدا قط إلا في الله ولم ينتصر لأحد إلا لله . وكان إبراهيم عليه السلام كذلك وكان إذا قام يصلي سمع وجيب قلبه على ميلين .

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والحليم : صاحب الحلم . والحلم بكسر الحاء : صفة في النفس وهي رجاحة العقل وثباتة ورصانة وتباعد عن العدوان . فهو صفة تقتضي هذه الأمور ، ويجمعها عدم القسوة . ولا تنافي الانتصار للحق لكن بدون تجاوز للقدر المشروع في الشرائع أو عند ذوي العقول.

لطيفة:

قلت (عبدالرحيم): ومن أعظم ما يتصف به العبد هذه الصفة "الحلم"، ففيها هناء عيشه، واستقرار معيشته؛ في سياسة زوجة، وتأديب ولد، وتوجيه موظف. ولا يتسنى للعبد العفو والصفح إلا من بابها؛ ففيها مفاتيح الخير كله.

وهذه الخصلة يحبها الله ورسوله؛ ففي صحيح مسلم (17)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشج أشج عبد القيس: " إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم،والأناة".

وبهذا الخلق ساد، وساس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا، والخلفاء بعدهم.

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء؛ يصف معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وعن أبيه -: فهذا الرجل سادوساسالعالمبكمال عقله، وفرط حلمه، وسعة نفسه...".

..............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿بَل كَذَّبوا بِالحَقِّ لَمّا جاءَهُم فَهُم في أَمرٍ مَريجٍ﴾ [ق: 5].

*قوله {بَل كَذَّبوا}* يعني كفار قريش.

*قوله {بِالحَقِّ}:* بالقرآن.
قاله مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، والواحدي في الوسيط، والبغوي في تفسيره، وسراج الدين النعماني في اللباب في علوم الكتاب، وغيرهم.

*قوله {لَمّا جاءَهُم}:* به محمد - صلى الله عليه وسلم -.

*قوله {فَهُم}:* فيشأن النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن.
قاله الجلال المحلي في الجلالين.

*قوله {في أَمرٍ مَريج}:* مَريج: مختلط.

أي مختلط، ومضطرب، وملتبس على كفار قريش أمر محمد - صلى الله عليه وسلم -، وما جاء به من عند الله، ألا وهو القرآن.

فهم لا يثبتون على شيء؛ مرة يقولون: أساطير الأولين، ومرة سحر، ومرة شعر، ومرة كهانة، ومرة معلم، ومرة مجنون. إلى آخر ما وصفوا به النبي - صلى الله عليه وسلم -، والقرآن.

والمرج: الخلط. تقول: مرجت كذا: أي خلطته.

قال ابن السكيت في كتاب الألفاظ: ويقال: قدمرجأمر الناس، أي: اختلط وفسد.

قال ابن فورك في تفسيره، والراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: وأصل المرج: الخلط.

زاد الراغب: والمرج الاختلاط. يقال: مرج أمرهم: اختلط.

قال ابن منظور في لسان العرب، والزبيدي في تاج العروس: والمرجالخلط.

إلا أن الزبيدي قال: ومن المجاز:المرج: الخلط.

انتهى.

فمعنى قوله تعالى {فَهُم في أَمرٍ مَريج}: مَريج: مختلط.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن، والجرجاني في درج الدرر، وأبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، وغيرهم جمع.

زاد الجرجاني: ملتبس.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: {فهم في أمر مريج} أي: مختلط ملتبس لا يعرفون حقه من باطله.

قال الطبري في تفسيره: يقول: «فهم في أمر مختلط عليهم ملتبس، لا يعرفون حقه من باطله، يقال قد مرج أمر الناس إذا اختلط وأهمل».


قال السمين الحلبي في العمدة: قوله تعالى: {فهمفيأمرمريج} أي مختلط، مرة يقولون: هوشاعر، ومرة كاهن، ومرة ساحر، ومرة مجنون.

قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى (مَريجٍ): أي مختلط. ومنه قوله تعالى (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ): أي خلط بينهما في رأي العين؛ وليس معناه أنه مزج الماء العذب بالمالح؛ وهذه عين القدرة.

قال الشوكاني في فتح القدير: يلتقيان: أي يتجاوران لا فصل بينهمافي مرأى العين، ومع ذلك فلم يختلطا. انتهى كلامه.
وسيأتي مزيد بحث لاحقا - إن شاء الله -.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: معنىمرجخلط، يعني البحر الملح والبحر العذب.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ} التوبة (116).

*قوله {إِنَّ اللَّهَ لَهُ}:* وحده.

*قوله {مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}:* يتصرّف فيهما كيف يشاء؛ لذا يأمر وينهى، ويحكم ما يريد. (أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ).

قال السمرقندي في بحر العلوم: إن الله له ملك السماوات والأرض، يعني: يحكم فيهما بما يشاء بالأمر.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: ومعنى الملك : التصرف والتدبير .

قال البغوي في تفسيره: (إن الله له ملك السماوات والأرض) يحكم بما يشاء.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: إن الله، أيها الناس له سلطان السماوات والأرض وملكهما، وكل من دونه من الملوك فعبيده ومماليكه, بيده حياتهم وموتهم، يحيي من يشاء منهم، ويميت من يشاء منهم, فلا تجزعوا، أيها المؤمنون، من قتال من كفر بي من الملوك، ملوك، الروم كانوا أو ملوك فارس والحبشة، أو غيرهم، واغزوهم وجاهدوهم في طاعتي، فإني المعزُّ من أشاء منهم ومنكم، والمذلُّ من أشاء.
وهذا حضٌّ من الله جل ثناؤه المؤمنين على قتال كلّ من كفر به من المماليك، وإغراءٌ منه لهم بحربهم.

*قوله {يُحْيِي وَيُمِيتُ}:* وهذا من صور تصرفه في السماوات والارض.

*قوله {وَمَا لَكُمْ}:* أيها الناس.
قاله السيوطي في الجلالين.

*قوله {مِنْ دُونِ اللَّهِ}:* دُونِ: غير. أي مالكم من غير الله.

*قوله {مِنْ وَلِيٍّ}:* أي‏‏ ولي يتولاكم بجلب المنافع لكم.
قاله السعدي في تفسيره.

قال الطبري في تفسيره: يقول: وما لكم من أحد هو لكم حليفٌ من دون الله يظاهركم عليه، إن أنتم خالفتم أمرَ الله فعاقبكم على خلافكم أمرَه، يستنقذكم من عقابه .

*قوله {وَلا}:* وليس لكم من دونه أيضا.

*قوله {‏نَصِيرٍ‏}‏:* يدفع عنكم المضار‏.
قاله السعدي في تفسيره.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وعطف جملة : {وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير} لتأييد المسلمين بأنهم منصورون في سائر الأحوال لأن الله وليهم فهو نصير لهم ، ولإعْلامهم بأنهم لا يخشون الكفار لأن الكافرين لا مولى لهم لأن الله غاضب عليهم فهو لا ينصرهم . وذلك مناسب لغرض الكلام المتعلق باستغفارهم للمشركين بأنه لا يفيدهم .

قال الطبري في تفسيره: (ولا نصير)، ينصركم منه إن أراد بكم سوءًا. يقول: فبالله فثقوا، وإياه فارهبوا, وجاهدوا في سبيله من كفر به، فإنه قد اشترى منكم أنفسكم وأموالكم بأن لكم الجنة، تقاتلون في سبيله فتَقْتُلُون وتُقْتَلُون.

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: (إِنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) فتبرءوا عن المشركين وتوجهوا إلى الله تعالى بالكلية.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿وَيُسقَونَ فيها كَأسًا كانَ مِزاجُها زَنجَبيلًا﴾ [الإنسان: 17].

*قوله {وَيُسقَونَ}:* يعني أهل الجنة.

*قوله {فيها}:* في الجنة.

*قوله {كَأسًا}:* أي إناء من خمر؛ لأن "الكأس" إذا كان فارغا لا يسمى كأسا.

قال الفراء في معاني القرآن: إنما تسمى الكأس إذا كان فيها الشراب، فإذا لم يكن فيها الخمر لم يقع عليها اسم الكأس.

*قوله {كانَ مِزاجُها}:* مِزاجُها: خلطُها. من المزج، أي الخلط.

قال الصُحاري في الإبانة في اللغة العربية: المزج:خلطالمزاج بالشيء؛ قال حسان:
كأن سبيئة من بيت راس...يكونمزاجهاعسل وماء.

قال ابن منظور في لسان العرب: ومزج الشراب:خلطه بغيره. ومزاج الشراب: ما يمزج به. ومزج الشيء يمزجه مزجا فامتزج:خلطه. وشراب مزج: ممزوج.

*قوله {زَنجَبيلًا}:* أي خمر ممزوجة بالزنجبيل.

والمعنى: لأهل الجنة خمر ممزوجة، أي مخلوطة بالزنجبيل، ولا تشبه خمر الدنيا؛ وإنما ذكر "الزنجبيل" لما فيه اللذعة؛ لأن أهل الدنيا كانوا يشتهون الخمر بلذعة.

قال السمرقندي في بحر العلوم: مزاجهايعني: خلطها.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: أي يجمع طعم الزنجبيل.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {كان مزاجهازنجبيلا} أي طعم ذلك المزاج طعم الزنجبيل.

قال القرطبي في تفسيره: وكانت العرب تستلذ من الشراب ما يمزج بالزنجبيل لطيب رائحته؛ لأنه يحذو اللسان، ويهضم المأكول، فرغبوا في نعيم الآخرة بما اعتقدوه نهاية النعمة والطيب.

قال القصاب في النكت: دليل على أن لذع الألسنة في الخمر مدح لها، ولذة لشاربها، ولذلك مدحها بمزاج الزنجبيل على ما في سجايا البشر، غير أنه حرمها بجميع صفاتها في الدنيا، فعوض - سبحانه - من تركها في الدنيا بما هو فيها لذة من اللذع، وأزال عنها السكر الذي هو فيها عيب.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفوا حَتّى إِذا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت وَضاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنّوا أَن لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ ثُمَّ تابَ عَلَيهِم لِيَتوبوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ﴾ [التوبة: 118].

*قوله {وَعَلَى}:* أي وتاب على.

و"الواو" عطف على قوله (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ).

*قوله {الثَّلاثَةِ}:* هم: كعب بن مالك ومرارة بن ربيعة العامري وهلال بن أمية الواقفي وكلهم من الأنصار.
قاله القرطبي في تفسيره.

*قوله {الَّذينَ خُلِّفوا}:* عن غزوة تبوك.

*قوله {حَتّى إِذا}:* حزنوا حزنًا عظيمًا، وندموا.

*قوله {ضاقَت عَلَيهِمُ}:* على الثلاثة الذين تخلفوا عن الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

*قوله {الأَرضُ}:* على بسطها، وسعتها.

*قوله {بِما رَحُبَت}:* بما اتسعت. يقال: أرض رحيبة: أي واسعة.

والمعنى: ضاقت الأرض عليهم على رحبها؛ أي على سعتها؛ وذلك لما أصابهم من عظيم الغم والحزن، ولما أخذهم من الندم المفرط على عصيانهم.

قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ: {بمارحبت} يعني ما رحبها وسعتها.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: الرحب: سعة المكان، ومنه: رحبة المسجد، ورحبتالدار.

قالابن قتيبة في غريب القرآن: {ضاقت عليهم الأرضبمارحبت} أيبما اتسعت. يريد: ضاقت عليهم مع سعتها.

قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن: {بمارحبت} أي: اتسعت، يقال منه: فعل يفعل فعلا.

قال الطبري في تفسيره: (حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت)، يقول: بسعتها،غمًّا وندمًا على تخلفهم عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وضيق الأرض: استعارة، أي حتى كانت الأرض كالضَّيقة عليهم ، أي عندهم.

*قوله {وَضاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم}:*بما نالهم من الوَجْد والكرْب بذلك.
قاله الطبري في تفسيره.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: (وضاقتعليهمأنفسهم) استعارة لأن الغم والهم ملأها.

قال الماوردي في النكت والعيون: {إذاضاقتعليهمالأرضبمارحبت} لأن المسلمين امتنعوا من كلامهم. {وضاقت عليهمأنفسهم}بمالقوه من الجفوة لهم.

قلت(عبدالرحيم): فيه دليل بيّن أن الهجران في الله له عظيم الأثر في التوبة، وأن الإخوان في الله يكونون سببا في توبة العبد، ورجوعه عن الآثام إلى الطاعات، والعكس؛ فلينظر أحدنا من يصاحب.

*قوله {وَظَنّوا}:* أيقنوا، وعلموا. والظن هنا: يقين. ولولا يقينهم ما حصلت لهم المنقبة.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: (وظنوا) في هذه الآية بمعنى أيقنوا وحصل علم لهم.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {وظنوا} علموا.

قال البغوي في تفسيره، والقرطبي في تفسيره: (وظنوا)أي تيقنوا.

زاد القرطبي: أن لا ملجأ يلجأون إليه في الصفح عنهم وقبول التوبة منهم إلا إليه.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: علموا وأيقنوا أن لا مفر من عذاب الله إلا إليه، يعني: إلا بالتوبة إليه.

*قوله {أَن لا مَلجَأَ}:* لهم.

*قوله {مِنَ اللَّهِ}:* يعصمهم من عذابه.
و "مَلجَأَ": يعني مخبأ، ومفزعا، وملاذا، وحرزا.

أي لا ملجأ لأحد منهم من عذاب الله إذا نزل به، ولا ملاذا يلوذ به سوى الله.

ومنه قوله تعالى (مالكممنملجإيومئذ ومالكممننكير): قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: أي ليسلكممخلصمنالعذاب، ولا تقدرون أن تنكرواماتقفون
عليهمنذنوبكم ولاماينزل بكممنالعذاب.

انتهى.

فمعنى قوله تعالى {وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه}: وعلموا أن لا ملجأ من سخط الله إلا إلى استغفاره.
قاله النسفي في مدارك التنزيل.

قال البغوي في تفسيره: ( أن لا ملجأ من الله )لا مفزع من الله.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه} أي: استيقنوا أن لا ينجيهم من الله ومن عذابه غيره شيء.

قال الطبري في تفسيره: (وظنوا أن لا ملجأ)، يقول: وأيقنوا بقلوبهم أن لا شيء لهم يلجئون إليه مما نـزل بهم من أمر الله من البلاء، بتخلفهم خِلافَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينجيهم من كربه، ولا مما يحذرون من عذاب الله، إلا الله.

*قوله {إِلّا}:* ملجأ.

*قوله {إِلَيهِ}:* بالتوبة.

*قوله {ثُمَّ تابَ عَلَيهِم}:* أي‏ أذن في توبتهم ووفقهم لها.
قاله السعدي في تفسيره.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {ثم تابعليهم} بعد خمسين يوما.

*قوله {لِيَتوبوا}:*أي ليستقيموا على التوبة فإن توبتهم قد سبقت.
قاله البغوي في تفسيره.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: أي ليدوموا على التوبة ، فالفعل مستعمل في معنى الدوام على التلبس بالمصدر لا على إحداث المصدر.

*قوله {إِنَّ اللَّهَ هُوَ}:* وحده.

*قوله {التَّوّابُ}:* لأنه لا طاقة للعبد على كثرة التجاوز، مع كثرة عصيانه ومخالفته، وكثرة المخالفين له، أما الله فنعم. (هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ).

و"توّاب" صيغة مبالغة. أي كثير التوبة؛ بالعفو والتجاوز، وقبولهم إذا رجعوا إليه؛ من غير ملل منه - سبحانه -.
وإذا كان ذلك كذلك: فعلى العبد ألا يمل التوبة؛ وإن كثر العصيان؛ فكلما أحدثت ذنبا فأتبعه بتوبة، على يقين وحسن ظن بالله أنه سيقبل منك؛ لأنه التواب.

*قوله {الرَّحيم}:* بعباده عامة، وبهم خاصة؛ لفرط ندمهم، وعظيم اخلاصهم.

قال الطبري في تفسيره: {الرَّحيم} بهم، أن يعاقبهم بعد التوبة، أو يخذل من أراد منهم التوبةَ والإنابةَ ولا يتوب عليه.

قال السعدي في تفسيره: {‏الرَّحِيمِ‏}‏ وصفه الرحمة العظيمة التي لا تزال تنزل على العباد في كل وقت وحين، في جميع اللحظات، ما تقوم به أمورهم الدينية والدنيوية‏.‏

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿فَناداها مِن تَحتِها أَلّا تَحزَني قَد جَعَلَ رَبُّكِ تَحتَكِ سَرِيًّا﴾
[مريم: 24].

*قوله {فَناداها}:* جبريل - عليه السلام -، أو ولدها عيسى - عليه السلام -.

قال أبو جعفر الطبري في تفسيره: وأولى القولين في ذلك عندنا قول من قال: الذي ناداها ابنها عيسى، وذلك أنه من كناية ذكره أقرب منه من ذكر جبرائيل، فردّه على الذي هو أقرب إليه أولى من ردّه على الذي هو أبعد منه.

*قوله {مِن تَحتِها}:* من مكان أسفل منها؛ لأنها كانت في مكان عال مرتفع. كما قال (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ): قال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: رَبْوَةٍ: مكان مرتفع من الأرض.

*قوله {أَلّا تَحزَني}:* مما نزل بك؛ وأنت لا زوج لك.

وفيه: أنه ينبغي تسلية، ومؤانسة الحزين، ولو بالبذل له؛ أدعى لتثبيت فؤاده.

*قوله {قَد جَعَلَ رَبُّكِ}:* الذي قضى لك بالولد من غير زوج.

*قوله {تَحتَكِ}:* قربك.
قاله صديق حسن خان في فتح البيان في مقاصد القرآن.

قال الواحدي في الوسيط: أي تحت قدميك.

*قوله {سَرِيًّا}:* أي نهرا.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، وغيرهم.

قال السعدي في تفسيره: نهرا تشربين منه.

قال الطبري في تفسيره: والسريّ معروف من كلام العرب أنه النهر الصغير.

قال السمعاني في تفسيره: أكثر المفسرينأنالسريهاهناهو: النهر، ويسمى سريا؛ لأنه يسري فيه الماء، وقال إبراهيم النخعي: هو نهر صغير.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿ما كانَ لِأَهلِ المَدينَةِ وَمَن حَولَهُم مِنَ الأَعرابِ أَن يَتَخَلَّفوا عَن رَسولِ اللَّهِ وَلا يَرغَبوا بِأَنفُسِهِم عَن نَفسِهِ ذلِكَ بِأَنَّهُم لا يُصيبُهُم ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخمَصَةٌ في سَبيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئونَ مَوطِئًا يَغيظُ الكُفّارَ وَلا يَنالونَ مِن عَدُوٍّ نَيلًا إِلّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ﴾ [التوبة: 120].

*قوله {ما كانَ لِأَهلِ المَدينَةِ}:* ما كان: نهي. أي ليس لأهل المدينة، ولا ينبغي لهم ذلك.

قال البغوي في تفسيره: ظاهره خبر، ومعناه نهي ، كقوله تعالى: " وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله.

قال الطبري في تفسيره: لم يكن لأهل المدينة، مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

*قوله {وَمَن حَولَهُم}:* أي من حول المدينة.

*قوله {مِنَ الأَعرابِ}:* سُكّان البوادي، الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وهم من أهل الإيمان به، أن يتخلفوا في أهاليهم ولا دارٍ لهم.
قاله الطبري في تفسيره.

*قوله {أَن يَتَخَلَّفوا}:* من غير عذر.

*قوله {عَن رَسولِ اللَّهِ}:* إذا غزا.
قاله البغوي في تفسيره، والسيوطي في الجلالين.

*قوله {وَلا يَرغَبوا بِأَنفُسِهِم عَن نَفسِهِ}:* بأن لا يرضوا بالراحة لأنفسهم مع تعبه - صلى الله عليه وسلم -.
قاله الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني لا يركنوا بإبقاء أنفسهم على إبقاء نفسه، يعني: ينبغي لهم أن يتبعوه حيث ما يريد. ذلك، يعني: النهي عن التخلف.

قال الطبري في تفسيره: ولا أن يرغبوا بأنفسهم عن نفسه في صحبته في سفره والجهاد معه، ومعاونته على ما يعانيه في غزوه ذلك. يقول: إنه لم يكن لهم هذا.

*قوله {ذلِكَ بِأَنَّهُم}:* بِأَنَّهُم: من أجل أنهم، وبسبب أنهم.
قاله الطبري في تفسيره.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والباء في {بأنهم} للسببية .

*قوله {لا يُصيبُهُم}:*في سفرهم إذا كانوا معه.
قاله الطبري في تفسيره.

*قوله {ظَمَأٌ}:* الظمأ العطش.
قاله الزجاج في معاني وإعراب القرآن.

*قوله {وَلا نَصَبٌ}:* ولا تعب.
قاله السمرقندي في بحر العلوم.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن، والسمعاني في تفسيره: والنصب: التعب.

*قوله {وَلا مَخمَصَةٌ}:* مجاعة بلغة قريش.
قاله أبو عبيد القاسم بن سلام في لغات القبائل الواردة في القرآن الكريم، وعبدالله بن حسنون السامري في اللغات في القران.

قال نافع بن الأزرق لعبدالله بن عباس - رضي الله عنه -: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: فِي مَخْمَصَةٍ.
قال: في مجاعة وجهد.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الأعشى يقول:
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم ... وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: المخمصة: المجاعة.

قال القرطبي في تفسيره: وأصله ضمور البطن ; ومنه رجل خميص و امرأة خمصانة .

*قوله {في سَبيلِ اللَّهِ}:* في الجهاد.
قاله السمعاني في تفسيره.

قال الطبري في تفسيره: في إقامة دين الله ونصرته، وهدْم مَنَار الكفر.

*قوله {وَلا يَطَئونَ مَوطِئًا}:* يعني لا يضَعُنَّ قدما.
قاله السمعاني في تفسيره.

قال الطبري في تفسيره: يعني: أرضًا، يقول: ولا يطأون أرضًا.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: لا يطئون أرضا وموضعا من سهل أو جبل.

قال الواحدي في الوجيز: {ولايطؤون موطئا}ولايقفون موقفا.

قال الجرجاني في درج الدرر:(الوطء) موضع القدم وكذلك الموطىء ويجوز أن يكون مصدرا، {يغيظ الكفار} صفة للموطىء، أي: يغيظ الكفار وطؤهم إياه.

*قوله {يَغيظُ الكُفّارَ}:* يغضب، ويحزن الكفار.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني يحزن الكفار بهم.

قال السمعاني في تفسيره: يعني: لا يصيبون منهم شيئا في نفس أو مال.

*قوله {وَلا يَنالونَ مِن عَدُوٍّ}:* وَلا يَنالونَ: أي ولا يصيبون.

قال الجرجاني في درج الدرر: و (النيل): الإصابة.

قال السمعاني في تفسيره: يعني: لا يصيبون منهم شيئا في نفس أو مال.

*قوله {مِن عَدُوٍّ}:* لله.

*قوله {نَيلًا}:* أي لا يصيبون من عدوهم قتلا أو أسرا أو غنيمة أو هزيمة.
قاله البغوي في تفسيره.

قال الراغب الاصفهاني في المفردات: النَّيْلُ: ما يناله الإنسان بيده، نِلْتُهُ أَنَالُهُ نَيْلًا.

*قوله {إِلّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ}:* (به) عائد إلى كل واحد من الأشياء المذكورة.
قاله الجرجاني في درج الدرر.

*قوله {إِنَّ اللَّهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ}:* أي أجرهم بل يثيبهم.
قاله السيوطي في الجلالين.

قال السمرقندي في بحر العلوم: وفي هذه الآية دليل أن ما أصاب الإنسان من الشدة يكتب له بذلك ثواب. قال بعضهم: لا يكتب له بالشدة ثواب، ولكن يحط عنه الخطيئة، وقال بعضهم: لا يكون بالمشقة أجر، ولكن بالصبر على ذلك.

قلت (عبدالرحيم): ويدخل فيه ما يجده العبد من مشقة البلاء وشدته؛ فينبغي على العبد ان يفوض أمره لسيده ومعبوده، وليعلم أن البلاء مع مشقتة يحمل في طياته الخير، والثواب. فليحمد العبد ربه على كل حاله، ولا يسخط إذا نزل به البلاء، وليوقن ان الله سيفرج عنه بفضله، وقدرته، فنواصي الخلق بيد الله، والخير كله بيده، والشر ليس إليه.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*تفسير غريب القرآن - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿وَقالَ المَلَأُ مِن قَومِهِ الَّذينَ كَفَروا وَكَذَّبوا بِلِقاءِ الآخِرَةِ وَأَترَفناهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا ما هذا إِلّا بَشَرٌ مِثلُكُم يَأكُلُ مِمّا تَأكُلونَ مِنهُ وَيَشرَبُ مِمّا تَشرَبونَ﴾ [المؤمنون: 33].

*قوله {المَلَأ}:* الرؤساء من الناس.
قاله غلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن.

*قوله {وَأَترَفناهُم}:* أي وسعنا عليهم حتى أُترِفوا.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، ومكي في تفسير المشكل من غريب القرآن.

إلا أن مكي قال: "وسع".

قال الكفوي في الكليات: {أَترَفناهُم}: نعمناهم.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: والمترف: المتقلب في لين العيش.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
قوله تعالى
﴿وَيَجعَلونَ لِلَّهِ البَناتِ سُبحانَهُ وَلَهُم ما يَشتَهونَ۝وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثى ظَلَّ وَجهُهُ مُسوَدًّا وَهُوَ كَظيمٌ﴾ [النحل: 57-58].

*قوله {وَ}:* ومن جملة افتراء المشركين على الله.

*قوله {يَجعَلونَ لِلَّهِ البَناتِ}:* كانت خزاعة وكنانة تقول الملائكة بنات الله.
قاله النسفي في مدارك التنزيل.

*قوله {سُبحانَهُ}:* تنزه عن كل نقص، وعما زعموا.

قال القرطبي في تفسيره: نزه نفسه وعظمها عما نسبوه إليه من اتخاذ الأولاد .

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: معناه تنزيه له من السوء.

*قوله {وَ}:* يجعلون.

*قوله {لَهُم}:* لأنفسهم.

*قوله {ما يَشتَهونَ}:* من البنين.

وكيف يصفون الله بالبنات وأنفسهم بالبنين؟!؛ إنها قسمة جائرة. قال تعالى (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثى . تِلكَ إِذًا قِسمَةٌ ضيزى).

ونحوه (فَاستَفتِهِم أَلِرَبِّكَ البَناتُ وَلَهُمُ البَنونَ).

قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {ولهممايشتهون} أي: البنين، فإنهم كانوا يقولون لهالبنات، ولنا البنون.

قال السمرقندي في بحر العلوم: (ولَهُم ما يَشتَهون) يعني: الأولاد الذكور، أي: يصفون لغيرهمالبنات، ولأنفسهم الذكور.

قال البغوي في تفسيره (سبحانه ولهم ما يشتهون)أي: ويجعلون لأنفسهم البنين الذين يشتهونهم، فتكون" ما "في محل النصب، ويجوز أن تكون على الابتداء فتكون" ما "في محل الرفع.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وإنا قدم{ سبحانه} على قوله :{ولهم ما يشتهون}ليكون نصّاً في أن التّنزيه عن هذا الجعل لذاته وهو نسبة البنوّة لله، لا عن جعلهم له خصوص البنات دون الذكور الذي هو أشدّ فظاعة ، كما دلّ عليه قوله تعالى :{ولهم ما يشتهون}، لأن ذلك زيادة في التّفظيع.

*قوله {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثى}:* أخبر بولادة ابنة.
قاله الواحدي في الوجيز.

*قوله {ظَلَّ}:* يعني صار بلغة هذيل.
حكاه عبدالله بن حسنون السامري في اللغات في القرآن.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: ويستعمل{ ظَلّ }بمعنى صار . وهو المراد هنا.

*قوله {وَجهُهُ مُسوَدًّا}:* متغيرا من عظيم الغم الذي نزل به.

قال السمرقندي في بحر العلوم: أي صار وجهه متغيرا من الحزن والخجل.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: فابيضاض الوجوه عبارة عن المسرة، واسودادها عبارة عن المساءة.

*قوله {وَهُوَ كَظيم}:* كَظيم: أي كاظم؛ فهو فعيل بمعنى فاعل. يعني ممسكا غيظه، وحزنه لا يخفيه.

قال البغوي في تفسيره: وهو ممتلئ حزنا وغيظا فهو يكظمه أي: يمسكه ولا يظهره.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وكظيم بمعنى كاظم كعليم وعالم، والمعنى أنه يخفي وجده وهمه بالأنثى.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: والكظيمالذي يخفي غيظه ولا يشكو ما به،وهوفعيلبمعنى فاعل، كعليم.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} التوبة (121).

*قوله {وَلَا يُنْفِقُون}:* في سبيل الله.

*قوله {نَفَقَةً صَغِيرَةً}:* وإن دقت؛ لأن الحساب عنده - عز وجل - بمثاقيل الذر.

قال الواحدي في الوجيز: تمرةً فما فوقها.

*قوله {وَلاَ}:* ينفقون نفقة.

*قوله {كَبِيرَةً}:* ونظيرتها قوله تعالى {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ}: فقوله (مِنْ نَفَقَةٍ): تقديره: صغيرة او كبيرة فإن الله يعلمها ويثيب عليها. ومثله (أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ).

قال النسفي في مدارك التنزيل. {وَلاَ كَبِيرَةً}: مثل ما أنفق عثمان رضى الله عنه في جيش العسرة.

قال السمعاني في تفسيره: {صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً} يعني: قليلا ولا كثيرا.

قال ابن كثير في تفسيره: وقد حصل لأمير المؤمنين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، من هذه الآية الكريمة حظ وافر، ونصيب عظيم، وذلك أنه أنفق في هذه الغزوة النفقات الجليلة، والأموال الجزيلة.

*قوله {وَلَا يَقْطَعُونَ}:* أي: في السير إلى الأعداء.
قاله ابن كثير في تفسيره.

*قوله {وَادِيًا}:* أرضًا.
قاله الإيجي الشافعي في جامع البيان.

قال السمعاني في تفسيره: أي لا يعبرون واديا مقبلين ومدبرين.

قال الواحدي في الوجيز: يُجاوزونه في سيرهم.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا} أي أرضاً في ذهابهم ومجيئهم وهو كل منفرج بين جبال وآكام يكون منفذاً للسيل وهو في الأصل فاعل من ودى إذا سال ومنه الودْيُ وقد شاع في الاستعمال بمعنى الأرض.

*قوله {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ}:* من الإنفاق وقطع الوادي.
قاله النسفي في مدارك التنزيل.

قال ابن الجوزي في زاد المسير: أي أثبت لهم أجر ذلك.

قال الواحدي في الوجيز: {إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ}: آثارهم وخُطاهم.

قال السمعاني في تفسيره: أي أثيبوا على ذلك.

*قوله {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ}:* أي ليثيبهم. والجزاء الثواب.

قال محيي الدين درويش في إعراب القرآن وبيانه: - لِيَجْزِيَهُمُ - اللام للتعليل ويجزي فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام والهاء مفعول به أول واللهفاعل.

*قوله {أَحْسَنَ}:* بأحسن.
قاله الواحدي في الوجيز.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {ليجزيهم الله} متعلق بكتب أي أثبت في صحائفهم لأجل الجزاء.

قال محيي الدين درويش في إعراب القرآن وبيانه: (وأحسن)مفعول به ثان أو مفعول مطلق بمعنى أي يجزيهمأحسن جزاء.

*قوله {مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}:* وماموصول مضاف لأحسنوكان واسمها وجملةيعملونخبرها.
قاله محيي الدين درويش في إعراب القرآن وبيانه.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون}: أي يجزيهم على كل واحد جزاء أحسن عمل كان لهم فيلحق ما دونه به توفيراً لأجرهم.

قال ابن كثير في تفسيره: {إلا كتب لهم} ولم يقل ها هنا "به" لأن هذه أفعال صادرة عنهم؛ ولهذا قال: {ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون}.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*نكات القرآن " موضوع متجدد" - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿وَاتَّبِعوا أَحسَنَ ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم مِن قَبلِ أَن يَأتِيَكُمُ العَذابُ بَغتَةً وَأَنتُم لا تَشعُرونَ۝أَن تَقولَ نَفسٌ يا حَسرَتا عَلى ما فَرَّطتُ في جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السّاخِرينَ﴾ [الزمر: 55-56].

*قوله {أَن تَقولَ نَفسٌ}:* معناه لكي لا تقول نفس - خشية، وكراهة أن تقول نفس - لئلا تقول نفس.

قالالطبري في تفسيره: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ)بمعنى لئلا تقول نفس.

قال النحاس في إعراب القرآن: (أَنْتَقُولَنَفْسٌ)في موضع نصب أي كراهةأن تقول.

قالالسمرقندي في بحر العلوم: (أن تقولنفس)يعني:لكيلاتقولنفس.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والمعنى:لئلاتقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله.

قلت (عبدالرحيم): ونظيرتها قوله تعالى {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْأَنْتَضِلُّوا}: يبيناللهلكمقسمة المواريث لكي لاتضلوا، ولا تخطئوا في قسمتها.
قاله السمرقندي في بحر العلوم.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: معناهأنلاتضلوا.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره، والماوردي في النكت والعيون: لئلا تضلوا.

قال الواحدي في الوجيز: أي أنلاتضلواأو كراهةأنتضلوا.

وقوله {أَنْتَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأخرى}:أَنْتَضِل: يعني: كي لا تضل، أي تنسى. والضلال هنا بمعنى النسيان.

قال الطبري في تفسيره: بمعنى : فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان كي تذكر إحداهما.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: (أنتضل) لأنالإضلال هو السبب الذي أوجب الإذكار.
ومثله: أعددت هذا الجذعأنيميل الحائط، فأدعمه، وإنما أعددته للدعملاللميل، ولكن الميل ذكر لأنه سبب الدعم، كلما ذكر الإضلال لأنه سبب الاذكار - فهذا هو البينإنشاء الله.

وقوله (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ):قال البغوي في تفسيره: أي لئلا تميد بكم.

وقوله (فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا): أَنْ تَعْدِلُوا: لئلا تميلوا، أو لتميلوا عن حكم الله الذي أوجبه عليكم.

قال الفراء في معاني القرآن: لاتتبعواالهوىلتعدلواكما تقول: لا تتبعن هواك لترضي ربك، أيإنيأنهاك عن هذا كيما ترضي ربك.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*تفسير غريب القرآن - للاشتراك للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿وَلَقَد صَرَّفناهُ بَينَهُم لِيَذَّكَّروا فَأَبى أَكثَرُ النّاسِ إِلّا كُفورًا﴾ [الفرقان: 50].

*قوله {وَلَقَد صَرَّفناهُ بَينَهُم}:* يعني المطر. و "صرفناه": قسمناه.

قال النحاس في إعراب القرآن: هو المطر.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: يعني المطر: يسقي أرضا، ويترك أرضا.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {ولقدصرفناهبينهم} أي: قسمناه؛ يعني: المطر؛ مرة لهذه البلدة، ومرة لبلدة أخرى.

قال الألوسي في روح المعاني: (ولقدصرفناه)الضمير للماء المنزل من السماء كالضميرين السابقين، وتصريفه تحويل أحواله وأوقاته وإنزاله على أنحاء مختلفة أي وبالله تعالى لقد صرفنا المطر بينهم أي بين الناس في البلدان المختلفة والأوقات المتغايرة والصفات المتفاوتة من وابل وطل وغيرهما ليذكروا أي ليعتبروا بذلك.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} التوبة (122).

*قوله {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ}:* لا ينبغي، ولا يصح لهم ذلك.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: (وماكانالمؤمنون)يعنى ماينبغي لهم.

*قوله {لِيَنْفِرُوا}:* إلى الغزو.

*قوله {كَافَّةً}:* جميعا. ومنه الحديث الذي فيه: "وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً". (1) يعني: وبعثت إلى الناس جميعا.

انتهى

فمعنى قوله تعالى {كَافَّةً}: جميعا.
قال السمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره.

قال القاسمي في محاسن التأويل: وما كان المؤمنون لينفروا كافة أي ما صح لهم ذلك ولا استقام، بحيث تخلو بلدانهم عن الناس.

قال السعدي في تفسيره: ‏{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً‏}‏ أي‏:‏ جميعا لقتال عدوهم، فإنه يحصل عليهم المشقة بذلك، وتفوت به كثير من المصالح الأخرى.

*قوله {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ}:* فَلَوْلَا: أي فهلا.
قاله ابن أبي زمنين في تفسيره، والبغوي في تفسيره، وأبو السعود في تفسيره.

إلا أن البغوي قال: أي فهلا خرج إلى الغزو من كل قبيلة جماعة ويبقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال السعدي في تفسيره: ‏{فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ‏}‏ أي‏:‏ من البلدان، والقبائل، والأفخاذ .

*قوله {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ}:* يعني الفريق الذي قعد عن القتال. والفقه لغة: الفهم. وقد تقدم مفصلا - بحمد الله -.

قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {ليتفقهوا في الدين} يعني: ليحضروا نزول القرآن وبيان السنن.

قال السعدي في تفسيره: ثم نبه على أن في إقامة المقيمين منهم وعدم خروجهم مصالح لو خرجوا لفاتتهم، فقال‏:‏ ‏{‏لِيَتَفَقَّهُوا‏}‏ أي‏:‏ القاعدون.

*قوله {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ}:* وليجعلوا مرمى همتهم في التفقه إنذار قومهم وإرشادهم.
قاله النسفي في مدارك التنزيل.

قال البغوي في تفسيره: {ليتفقهوا في الدين} يعني الفرقة القاعدين، يتعلمون القرآن والسنن والفرائض والأحكام، فإذا رجعت السرايا أخبروهم بما أنزل بعدهم، فتمكث السرايا يتعلمون ما نزل بعدهم، وتبعث سرايا أخر، فذلك قوله: {ولينذروا قومهم} وليعلموهم بالقرآن ويخوفوهم به.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: وجائز - والله أعلم - أن يكون هذا دليلا على فرض الجهاد يجزى الجماعة فيه عن الجماعة.

*قوله {إِذَا رَجَعُوا}:* من الغزو.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: من غزاتهم. أي: يعلم المقيم الغازي ما نزل بعده من القرآن.

*قوله {إِلَيْهِمْ}:* يعني المجاهدين الذين نفروا للغزو؛ إذا رجعوا لإخوانهم القاعدين.

وقد كان يشغلهم الغزو والجهاد في الله عن التفقه في الدين، أما نحن فيشغلنا ما لا يخفى. - نسأله العفو والمغفرة انه سميع الدعاء -.

وفيه: أنه ينبغي على من تخلف عن الغزو لعذر أن يشتغل بطلب العلم؛ تعلما وتعليما.

قال السيوطي في الجلال: {في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم} من الغزو بتعليمهم ما تعلموه من الأحكام.

قال الواحدي في الوجيز: {ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم} وليعلِّموهم ما نزل من القرآن ويخوفوهم به.

قال البغوي في تفسيره: (ليتفقهوا في الدين) يعني الفرقة القاعدين ، يتعلمون القرآن والسنن والفرائض والأحكام ، فإذا رجعت السرايا أخبروهم بما أنزل بعدهم ، فتمكث السرايا يتعلمون ما نزل بعدهم ، وتبعث سرايا أخر ، فذلك قوله : ( ولينذروا قومهم ) وليعلموهم بالقرآن ويخوفوهم به.

*قوله {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}:* ما ينبغي اجتنابه، فيتقوا بذلك عقاب الله؛ وذلك ببركة ما تعلموا عن الله ورسوله.

وفيه: فضل العلم، وكيف أنه سبب في تجنب سخط الله وعقابه.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} ما يجب اجتنابه.

قال السيوطي في الجلالين: {لعلهم يحذرون} عقاب الله بامتثال أمره ونهيه.

قال السمرقندي في بحر العلوم: وفي هذه الآية دليل أن أخبار الآحاد مقبولة ويجب العمل بها لأن الله تعالى أخبر أن الفرقة من الطائفة إذا تفقهت في الدين وأنذرت قومهم، صح ذلك. ولفظ الطائفة يتناول الواحد والأكثر، لأن أقل الفرقة اثنان، والطائفة من الاثنين واحد.

قال القاسمي في محاسن التأويل: قال السيوطي في (الإكليل) : في الآية أن الجهاد فرض كفاية، وأن التفقه في الدين، ونشر العلم، وتعليم الجاهلين كذلك.

............
(1): رواه البخاري في صحيحه برقم: (438)؛ من حديث جابر بن عبد اللَّه مرفوعا.
..............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿وَفَعَلتَ فَعلَتَكَ الَّتي فَعَلتَ وَأَنتَ مِنَ الكافِرينَ﴾ [الشعراء: 19].

*قوله {وَفَعَلتَ}:* يعني وقال فرعون لموسى - عليه السلام - وفعلت.

*قوله {فَعلَتَكَ}:* والفعلة بفتح الفاء المرة من الفعل.
قاله القرطبي في تفسيره.

قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى - على لسان فرعون - {وَفَعَلتَ فَعلَتَك}: أبهم الفعلة - القتل - مع أنه عدوه، فكيف بأهل الإسلام إذا عاتبوا إخوانهم يصرحون، ويفضحون، ويذكرون دقائق الأمور؟!. وإن كان لقائل أن يقول: إنما أبهم فرعون للتهويل، والتفظيع، ولشهرتها؛ فتأمله.

*قوله {الَّتي فَعَلتَ}:* لأن موسى - عليه السلام - قتل من آل فرعون نفسا. فذلك قوله (قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ).

قال الطبري في تفسيره: ( وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ )يعني: قتله النفس التي قتل من القبط.

*قوله {وَأَنتَ}:* يا موسى.

*قوله {مِنَ الكافِرينَ}:* الكافرين بالنعمة، أي الجاحدين لنعمتنا عليك؛ فقد ربيناك فينا وليدا. أو الكافرين بديننا الذي عبته؛ فشهد فرعون على نفسه وقومه أنهم من الكافرين؛ وهم كذلك.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: أي: تحريت كفران نعمتي.

قال يحيى بن سلام في التصاريف: {وفعلتفعلتكالتي فعلت وأنت من الكافرين} يعني الكافرين بنعمتي، إذ ربيتك صغيرا وأحسنت إليك.

قال الزركشي في البرهان: {وفعلتفعلتكالتي فعلت وأنت من الكافرين} أي بأنعمنا فأجاب: لم أفعل ذلك كفرا للنعمة كما زعمت بل فعلتها وأنا غير عارف بأن الوكزة تقضي بدليل قراءة بعضهم {وأنا من الجاهلين}.

قال البغوي في تفسيره: وقال أكثر المفسرين : معنى قوله :" وأنت من الكافرين "، أي : من الجاحدين لنعمتي وحق تربيتي ، يقول ربيناك فينا فكافأتنا أن قتلت منا نفسا ، وكفرت بنعمتنا.

قال السعدي في تفسيره: {وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} أي: وأنت إذ ذاك طريقك طريقنا, وسبيلك سبيلنا، في الكفر، فأقر على نفسه بالكفر, من حيث لا يدري.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} التوبة (123).

*قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}:* بالله ورسوله.

*قوله {قَاتِلُوا}:* في سبيل الله.

*قوله {الَّذِينَ يَلُونَكُمْ}:* يقربون منكم. وأصل الوَلي: القرب.

قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: الولي:القربوالدنو. يقال: تباعد بعد ولى. و " كل مما يليك "، أي مما يقاربك.

*قوله {مِنَ}:* بيانية.

*قوله {الْكُفَّار}:* دون من بَعُد منهم؛ وذلك لأن العدو كلما قرب كان خطره أعظم.

وهذا كتاب الله فيه التوجيه بكيفية القتال، حتى أن الله علم المؤمنين كيف يضربون في القتال، كما قال (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ): فقوله (فوق الأعناق): على الأعناق، يقال: ضربته فوق الرأس وضربته على الرأس. قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن.
والبنان: أطراف الأصابع.

قال البغوي في تفسيره: أمروا بقتال الأقرب فالأقرب إليهم في الدار والنسب.

قال القرطبي في تفسيره: فيه أنه سبحانه عرفهم كيفية الجهاد وأن الابتداء بالأقرب فالأقرب من العدو ولهذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرب ، فلما فرغ قصد الروم وكانوا بالشام .

قال أبو جعفر الطبري في تفسيره: قاتلوا من وليكم من الكفار دون من بَعُد منهم يقول لهم: ابدأوا بقتال الأقرب فالأقرب إليكم دارًا، دون الأبعد فالأبعد.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: والفرض على أهل كل بلد أن يقاتلوا من يليهم دون الأبعد منهم، إلا أن يضطروا إلى ذلك، فيقاتلون الأبعد دون الأقرب.وقد سئل ابن عمر عن قتال الروم والديلم.
فقال: الروم أولى.

تنبيه:

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) الآية، قيل هذه الآية نزلت قبل الأمر بقتال الكفار كافة فهي من التدريج الذي كان في أول الإسلام.

قلت (عبدالرحيم): وادعى بعضهم النسخ؛ وليس بلازم؛ لأن الجمع ممكن، وإذا أمكن الجمع فلا نسخ. وقد جزم الفخر الرازي في التفسير الكبير - على ما سيأتي - بعدم النسخ.

وعليه فيكون المعنى كالتالي: "قاتلوا كافة المشركين" لكن ابدؤوا بالأقرب فالأقرب منهم خاصة لقرب خطرهم؛ إلا أن يكون البعيد أشد خطرا منه فيقاتل دون الاول.

ومن عجب أنهم استدلوا بقوله (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) مع أنها سابقة عن الآية التي نحن بصددها؛ لذا قال ابن عطية في المحرر -: وهذا قول يضعفه هذه الآية من آخر ما نزل.

قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: أما المحققون فإنهم أنكروا هذا النسخ وقالوا: إنه تعالى لما أمر بقتال المشركين كافة أرشدهم في ذلك الباب إلى الطريق الأصوب الأصلح، وهو أن يبتدئوا من الأقرب فالأقرب، منتقلا إلى الأبعد فالأبعد. ألا ترى أن أمر الدعوة وقع على هذا الترتيب قال تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين).

ثم قال - الفخر -: قلنا: ذاك احتمال واحد، وما ذكرنا احتمالات كثيرة، ومصالح الدنيا مبنية على ترجيح ما هو أكثر مصلحة على ما هو الأقل، وهذا الذي قلناه إنما قلناه إذا تعذر الجمع بين مقاتلة الأقرب والأبعد، أما إذا أمكن الجمع بين الكل، فلا كلام في أن الأولى هو الجمع، فثبت أن هذه الآية غير منسوخة البتة.

قال النسفي في مدارك التنزيل: القتال واجب مع جميع الكفرة قريبهم وبعيدهم ولكن الأقرب فالأقرب أوجب وقد حارب النبي صلى الله عليه وسلم قومه ثم غيرهم من عرب الحجاز ثم الشام والشام أقرب إلى المدينة من العراق وغيره وهكذا المفروض على أهل كل ناحية أن يقاتلوا من وليهم.

*قوله {وَلْيَجِدُوا}:* هؤلاء الكفار.

قال البقاعي في النظم: ولما كانت الملاينة أولى بالمسالمة، والمخاشنة أولى بالمصارمة، قال: {وليجدوا} من الوجدان.

*قوله {فِيكُمْ}:* أيها المجاهدون.

*قوله {غِلْظَةً}:* شدة.
قاله الطبري في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم، والقرطبي في تفسيره، والواحدي في الوجيز، والنسفي في مدارك التنزيل، والبغوي في تفسيره، والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ.

إلا أن الطبري قال: أي منكم شدة.

زاد الواحدي، والنسفي: وعنفا.

وزاد القرطبي : وقوة وحمية .

وزاد السمين الحلبي: وجلاده وصبرا عند لقائهم.

قال الزجاج في معاني وإعراب القران: (غِلْظَةً) فيها ثلاث لغات غِلْظَة، وغُلْظَة، وغَلْظَةً.
قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: واعلم أن الغلظة ضد الرقة، وهي الشدة في إحلال النقمة، والفائدة فيها أنها أقوى تأثيرا في الزجر والمنع عن القبيح.

قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى {غِلْظَةً}: شدة. ومنه قوله تعالى - حكاية عن أصحاب رسول الله، رضي الله عنهم أجمعين - (وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ): فَاسْتَغْلَظَ: أي غلظ. يعني: اشتد.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: أي فاشتد.

*قوله {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}:* فقتالكم وغلظتكم عليهم من التقوى؛ والشدة عليهم دين يتقرب إلى الله به، ومدح لأهل الإيمان كما وصف الله خير الخلق بعد - بعد المصطفين الأخيار - أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم - في قوله {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.

قال البغوي في تفسيره: (واعلموا أن الله مع المتقين) بالعون والنصرة .

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
قوله تعالى
{فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} الحديد (15).

*قوله {فَالْيَوْمَ}:* يعني يوم القيامة؛ لأنه يوم ذو شأن.

*قوله {لَا يُؤْخَذُ}:* لا يقبل.
قاله الإيجي الشافعي في جامع البيان.

*قوله {مِنْكُمْ}:* أيها المنافقون.

*قوله {فِدْيَةٌ}:* يعني: عوضا وبدلا؛ فيخلصكم من عذاب الله.

وأصل الفدية: العوض، والبدل عن الشيء، وهو من الفداء.

قال علي بن الزين الجرجاني كتاب التعريفات: الفدية والفداء: البدل الذي يتخلص به المكلف عن مكروه توجه إليه.

انتهى

فمعنى قوله تعالى {فدية}: عوض ليفتدى به من عذاب الله.
قاله الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن.

قال الفراء في معاني القرآن: والفدية مشتقة من الفداء.

قال البغوي في تفسيره: (فدية) بدل وعوض بأن تفدوا أنفسكم من العذاب.

قال القرطبي في تفسيره: أي : لا يقبل منكم بدل ولا عوض ولا نفس أخرى .

قال التستري في تفسيره: قوله تعالى: يعني لا يؤخذ منكم فداء عن أنفسكم.

*قوله {وَلَا}:* تؤخذ الفدية أيضا.

*قوله {مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}:* يعني المشركين.
قاله البغوي في تفسيره.

قلت (عبدالرحيم): ولو قيل في قوله (مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا): أي بالله ورسوله. فيدخل فيه المشركون وأهل الكتاب،؛ لأن أهل النار - الذين هم أهلها - ثلاثة: المشركون، وأهل الكتاب، والمنافقون. وقد سبق - بحمد الله - أنه لا فرق بين الشرك والكفر.

*قوله {مَأْوَاكُمُ النَّارُ}:* أي هي مصيركم وإليها منقلبكم .
قاله الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير.

قال الواحدي في الوجيز: {مأواكم النار} منزلكم النَّار.

*قوله {هِيَ مَوْلَاكُمْ}:* يعني هي أولى بكم، تتولى أمركم؛ فقد وكلت بأهل المفر، ولا همة لها غيرهم.

انتهى

فمعنى قوله تعالى {هِيَ مَوْلَاكُمْ}: أي هي أولى بكم.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، والكفوي في الكليات، والبَندنيجي في التقفية في اللغة، والسمعاني في تفسيره، وغيرهم جمع.

إلا أن أبا عبيدة قال: «هِيَ مَوْلاكُمْ» أولى بكم قال لبيد:
مولى المخافة خلفها وأمامها.

قال القرطبي في تفسيره: تبارك وتعالى يركب فيها الحياة والعقل فهي تتميز غيظا على الكفار، ولهذا خوطبت في قوله تعالى : يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد .

*قوله {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}:* أي ساءت مرجعا ومصيرا .
قاله القرطبي في تفسيره.

قال الخضيري في السراح بيان غريب القرآن: {المصير}: المرجع.

قال أبو السعود في تفسيره: {هي مولاكم} أي أولى بكم وحقيقته مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم كما يقال هو مئنة الكرم أي مكان لقول القائل إنه لكريم أو مكانكم عن قريب من الولي وهو القرب أو ناصركم على طريقة قوله ... تحية بينهم ضرب وجيع ... أو متوليكم تتولاكم كما توليتم موجباتها.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿وَقالَ الَّذينَ كَفَروا لَولا نُزِّلَ عَلَيهِ القُرآنُ جُملَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلناهُ تَرتيلًا﴾
[الفرقان: 32].

*قوله {وَقالَ الَّذينَ كَفَروا}:* بالقرآن.

*قوله {لَولا}:* هلّا.

*قوله {نُزِّلَ عَلَيهِ}:* على محمد - صلى الله عليه وسلم -.

*قوله {القُرآنُ جُملَةً واحِدَةً}:* دفعة واحدة، وليس مفرقا كما ينزل عليه.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: معناه: هلا نزل عليه القرآن في وقت واحد.

قال الطبري في تفسيره: يقول: هلا نـزل على محمد صلى الله عليه وسلم القرآن(جُمْلَةً وَاحِدَةً)كما أنـزلت التوراة على موسى جملة واحدة؟

*قوله {كَذلِك}َ:* أنزلناه مفرقا، وأنزلناه شيئا فشيئا.

*قوله {لِنُثَبِّتَ}:* التثبيت: جعل الشيء ثابتاً. والثبات: استقرار الشيء في مكانه غير متزلزل قال تعالى:{كشجرة طيّبة أصلها ثابت }، ويستعار الثبات لليقين وللاطمئنان بحصول الخير لصاحبه قال تعالى:{لكان خيراً لهم وأشدّ تثبيتاً}.
قاله الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير.

*قوله {بِه}ِ:* بالقرآن الذي أنزلناه عليك مفرقا.

*قوله {فُؤادَكَ}:* قلبك، والقلب ما يُعقل به. ودليله (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ).

قال القرطبي في تفسيره: نقوي به قلبك فتعيه وتحمله.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والفؤاد : هنا العقل . وتثبيته بذلك الإنزال جعله ثابتاً في ألفاظه ومعانيه لا يضطرب فيه .

قال الطبري في تفسيره: قال الله:( كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ )تنـزيله عليك الآية بعد الآية، والشيء بعد الشيء، لنثبت به فؤادك نـزلناه.

قال البغوي في تفسيره: أي أنزلناه متفرقا ليقوى به قلبك فتعيه وتحفظه ، فإن الكتب أنزلت على الأنبياء يكتبون ويقرءون ، وأنزل الله القرآن على نبي أمي لا يكتب ولا يقرأ ، ولأن من القرآن الناسخ والمنسوخ ، ومنه ما هو جواب لمن سأل عن أمور ، ففرقناه ليكون أوعى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأيسر على العامل به .

*قوله {و}َ:* كذلك.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وقوله:{ورتلناه ترتيلاً}عطف على قوله{كذلك}.

*قوله {رَتَّلناهُ تَرتيلًا}:* يعني: وبيناه تبيينا.
قاله السمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره.

قال القرطبي في تفسيره: ورسلناه ترسيلا؛ يقول : شيئا بعد شيء.

قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: أما قوله تعالى:(ورتلناهترتيلا)فمعنى الترتيل في الكلام أن يأتي بعضه على أثر بعض على تؤدة وتمهل وأصل الترتيل في الأسنان وهو تفلجها يقال ثغر رتل وهو ضد المتراص.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: ويجوز أن يراد ب{رتّلناه}أمرنا بترتيله،أي بقراءته مرتَّلاً ، أي بتمهُّل بأن لا يعجِّل في قراءته بأن تُبيّن جميع الحروف والحركات بمهل، وهو المذكور في سورة المزّمّل في قوله تعالى:{ورتِّل القرآن ترتيلاً}.
..............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿قالَ بَل فَعَلَهُ كَبيرُهُم هذا فَاسأَلوهُم إِن كانوا يَنطِقونَ﴾ [الأنبياء: 63].

*قوله {قالَ}:* إبراهيم - عليه السلام -؛ لما سئل عن كسر الأصنام.

*قوله {بَل فَعَلَهُ}:* أي كسر الأصنام الصغيرة.

*قوله {كَبيرُهُم}:* يعني الصنم الأكبر.

*قوله {هذا}:* الذي لا يقوي أن يستنقذ ما أخذ الذباب منه، وتزعمون أنه إله. كما وصف الله الأصنام (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ): الطالب: الصنم يطلب ما أخذ الذباب من عنده،و "المطلوب" هو الذباب. فكل منهما ضعيف، وأضعف منهما، من يتعلق بهذا الضعيف، وينزله منزلة رب العالمين.

*قوله {فَاسأَلوهُم}:* أي اسألوا الأصنام الكسورة من فعل بهم هذا.

*قوله {إِن}:* شرطية.
قاله الدعاس في إعراب القرآن.

*قوله {كانوا}:* ماض ناقص والجملة في محل جزم فعل الشرط والواو اسمها. قاله الدعاس في إعراب القرآن.

*قوله {يَنطِقون}:* أي يخبرون، كما قال الأحوص:
(ما الشعر إلا خطبة من مؤلف...لمنطق حق أو لمنطق باطل).
قاله الماوردي في النكت والعيون.

قال الواحدي في الوجيز: {إنكانواينطقون}إنقدروا على النطق.

قال الجلال المحلي في الجلالين: {إنكانواينطقون} فيه تقديم جواب الشرط وفيما قبله تعريض لهم بأنالصنم المعلوم عجزه عن الفعل لا يكون إلها.

استطراد:

قالابن عرفة في تفسيره: فقوله: (بل فعله كبيرهم هذا) ليس بكذب، بقوله: (إنكانواينطقون) فقد فعله كبيرهم هذا وهم لاينطقونفلم يفعل هو.

قال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن: أراد: بل فعله الكبير، إن كانوا ينطقون فسلوهم، فجعل النطق شرطا للفعل، أي إن كانوا ينطقون فقد فعله، وهو لا يعقل ولا ينطق.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: قال بعضهم:إنما المعنى، بل فعله كبيرهم هذاإنكانواينطقون، وجاء
في التفسيرأنإبراهيم نطق بثلاث كلمات على غير ما يوجبه لفطها لما في
ذلك من الصلاح، وهي قوله: (فقالإني سقيم) وقوله (فعله كبيرهم هذا).
وقولهإنسارة أختي، والثلاث لهن وجه في الصدق بين.
فسارة أخته في الدين، وقوله (إني سقيم) فيه غير وجه أحدهاإني مغتم بضلالتكم حتىأنا كالسقيم، ووجه آخرإني سقيم عندكم، وجائزأنيكون ناله في هذا الوقت مرض.
ووجه الآية ما قلناه في قوله: (بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهمإنكانواينطقون).
واحتج قوم بأنقول إبراهيم مثل قول يوسف لإخوته: (أيتها العيرإنكم لسارقون) ولم يسرقوا الصاع، وهذا تأويله - والله أعلم -إنكم لسارقون يوسف.

قال الصافي في الجدول في إعراب القرآن: وجملة: «إنكانواينطقون(المذكورة) لا محل لها تفسير للشرط السابق المقدر- أو هي استئنافية.. وجملة الجواب محذوفة دل عليها ما قبلها. وجملة: «ينطقون...» في محل نصب خبر كانوا.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} التوبة (124).

*قوله {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ}:* بها الأمر، والنهي، والخبر عن نفسه الكريمة، وعن الأمور الغائبة، والحث على الجهاد‏.‏
قاله السعدي في تفسيره.

*قوله {فَمِنْهُمْ}:* من المنافقين.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: هذه الآية نزلت في شأن المنافقين، والضمير في قوله فَمِنْهُمْ عائد على المنافقين.

*قوله {مَنْ يَقُولُ}:* بعضهم لبعض.
قاله النسفي في مدارك التنزيل.

*قوله {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ}:* السورة.
قاله النسفي في مدارك التنزيل، والإيجي الشافعي في جامع البيان.

*قوله {إِيمَانًا}:* يقولون ذلك استهزاء بآيات الله؛ لأن القرآن لا يزيد المنافقين إلا كفرا، (وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ).

والقران كمال قال الله {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}: فهو لا يزيد الكافرين والمنافقين إلا خسارا.

وكما قال {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ}:قال السعدي في تفسيره: فهذه حال المؤمنين والكافرين عند نزول الآيات القرآنية.

قال الواحدي في الوجيز: يقوله المنافقون بعضهم لبعض هزؤاً.

قال البغوي في تفسيره: كان المنافقون يقولون هذا استهزاء.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: ومعنى أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً الاستخفاف والتحقير لشأن السورة كما تقول أي غريب في هذا أو أي دليل، ثم ابتدأ عز وجل الرد عليهم والحكم بما يهدم لبسهم.

قال السمعاني في تفسيره: قوله تعالى: {وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا} هذا في المنافقين الذين كانوا يقولون هذا القول استهزاء.

*قوله {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ}:* السورة.

*قوله {إِيمَانًا}:* فيه دليل أن الإيمان يزيد وينقص.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا} يقينا وثباتا أو خشية أو إيمانا بالسورة لأنهم لم يكونوا آمنوا بها تفصيلاً.

*قوله {وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}:* يفرحون بنزول السُّورة. ولما لا يفرحون وفي نزولها رحمة، وسعادة، وقربى وزلفى إلى الله - جل ذكره - وفيها ذكرهم أي: شرفهم؛ كما قال تعالى (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ): قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي شرفكم. وحكاه غلام ثعلب عن ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن.

قال ابن أبي زمينين في تفسيره: {وهم يستبشرون} بما يجيء من عند الله.

وقال السمعاني في تفسيره: وهم يفرحون.

قال السعدي في تفسيره: (‏وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ‏)‏: أي يبشر بعضهم بعضا بما من اللّه عليهم من آياته، والتوفيق لفهمها والعمل بها‏.‏ وهذا دال على انشراح صدورهم لآيات اللّه، وطمأنينة قلوبهم، وسرعة انقيادهم لما تحثهم عليه‏.‏

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*


قوله تعالى
﴿إِن تَتوبا إِلَى اللَّهِ فَقَد صَغَت قُلوبُكُما وَإِن تَظاهَرا عَلَيهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَولاهُ وَجِبريلُ وَصالِحُ المُؤمِنينَ وَالمَلائِكَةُ بَعدَ ذلِكَ ظَهيرٌ﴾
[التحريم: 4].

*قوله {إِن تَتوبا}:* من أذية النبي - صلى الله عليه وسلم -.

قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: والتوبة من التعاون على رسولالله صلىاللهعليه وسلم بالإيذاء.

*قوله {إِلَى اللَّهِ}:* الذي اختارهن أزواجا لنبيه دون سائر نساء الدنيا.

والخطاب لحفصة وعائشة - أمهات المؤمنين، ورضي الله عنهن -.

وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما -؛ وفيه: قال ابن عباس: فقلت له - عمر بن الخطاب -: يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله تعالى (إن تتوبا إلى الله فقدصغتقلوبكما) قال: واعجبا لك يا ابن عباس هما عائشة وحفصة...».

قال البغوي في تفسيره: {إِن تَتوبا إِلَى اللَّهِ}: أي من التعاون على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإيذاء . يخاطب عائشة وحفصة.

*قوله {فَقَد صَغَت قُلوبُكُما}:* صَغَت: مالت. يعني مالت عن الحق، والصواب؛ ولا ينبغي لهن ذلك.

وأصل الصغو: الميل.

قال الأزدي في جمهرة اللغة: الصغو: الميل صغا يصغو صغوا، إذا مال. والشمس صغواء، إذا مالت في الغرب. وأصغى يصغي إصغاء، إذا أمال سمعه. وكل شيء أملته فقد أصغيته وفي الحديث: كان يصغي الإناء للهرة لتشرب. ويقال: أكرموا فلانا في صاغيته، أي في أهله ومن يعنى به.

انتهى.

فنعنى قوله تعالى {فَقَد صَغَت قُلوبُكُما}: قد عدلت ومالت.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وأبو السجستاني في غريب القرآن، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن.

إلا أن غلام ثعلب قال: أي مالت.

قال البغوي في تفسيره: أي زاغت ومالت عن الحق واستوجبتما التوبة.

قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: أي عدلت ومالت عن الحق، وهوحق الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلكحقعظيم يوجد فيه استحقاق العتاب بأدنى تقصير.

قال الطبري في تفسيره: فقد مالت قلوبكما إلى محبة ما كرهه رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من اجتنابه جاريته، وتحريمها على نفسه، أو تحريم ما كان له حلالا مما حرّمه على نفسه بسبب حفصة.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ): وَلِتَصْغَى: أي ولتميل.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: من صغوت إليه أي ملت إليه وهويته وأصغيت إليه لغة، قال ذو الرمة:
تصغى إذا شدّها بالرّحل جانحة ... حتى إذا ما استوى في غرزها تثب.

*قوله {وَإِن تَظاهَرا}:* يعني تعاونا. وأصل التظاهر، والمظاهرة: التعاون، والمساعدة.

قال الحميري في شمس العلوم ودواء كلام العرب من المكلوم: التظاهر:التعاون.

قال الرازي في مختار الصحاح:و (المظاهرة) المعاونة و (التظاهر)التعاون واستظهر به استعان به.

انتهى.

فمعنى قوله تعالى {وَإِن تَظاهَرا}: يعنيتعاوناعليه.
قاله يحيى بن سلام في التصاريف، والفراء في معاني القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن،

قال النسفي في مدارك التنزيل: وإن تعاونا عليه بما يسوءه من الإفراط في الغيرة وإفشاء سره.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ): تَظَاهَرَا: تعاونا.

قال الحسن الفارسب في الحجة للقراء السيعة: تعاونا على سحرهما.

ومنه (ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ): قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {تَظَاهَرُونَ}: تعاونون.

ومنه (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا): ظَهِيرًا: معينا.
قاله غلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن.

ومنه (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا): ظَهِيرًا: يعني معينا.
قاله يحيى بن سلام في التصاريف.

ومنه (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ): ظَهِيرًا: أيمعينا.
قاله النحاس في معاني القرآن، وأبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن.

زاد النحاس: للمجرمين.

ومنه (وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ):

*قوله {عَلَيه}ِ:* على النبي صلى الله عليه وسلم.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: على معصية النبي- صلى الله عليه وسلم- وأذاه.

*قوله {فَإِنَّ اللَّهَ}:* بنفسه.

*قوله {هُوَ مَولاهُ}:* أي هو يتولى نصرته.
قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه.

قال البغوي في تفسيره: أي وليه وناصره.

قال النسفي في مدارك التنزيل: وليه وناصره وزيادة إيذان بأنه يتولى ذلك بذاته.

*قوله {وَجِبْرِيلُ}:* أيضاً وليه، وناصره.

والتنصيص على اسمه بيان لعلو منزلته، وقد جاء مثل هذا في التنزيل كثير؛ يذكر الملائكة ثم يخص روح القدس جبريل - عليه السلام - بالذكر؛ كما قال تعالى ( مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ).

وقوله (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ): الروح: جبريل؛ بالاتفاق - يحضرني هذا -.

*قوله {وَصالِحُ المُؤمِنينَ}:* أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
قاله البغوي في تفسيره.

قال الطبري في تفسيره: وقوله: (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) يقول: فإن الله هو وليه وناصره، وصالح المؤمنين، وخيار المؤمنين أيضًا مولاه وناصره.
وقيل: عني بصالح المؤمنين في هذا الموضع: أَبو بكر، وعمر رضي الله عنهما.

*قوله {وَالمَلائِكَةُ}:* على تكاثر عددهم.
قاله النسفي في مدارك التنزيل.

*قوله {بَعدَ ذلِكَ}:* الولاية.

*قوله {ظَهيرٌ}:* يعني أعوانا للنبي.
قاله يحيى بن سلام في التصاريف.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: في معنى ظهراء، أي والملائكة أيضا نصار للنبي - صلىاللهعليه وسلم -.


قال الطبري في تفسيره: وقوله: (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) يقول: والملائكة مع جبريل وصالح المؤمنين لرسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أعوان على من أذاه، وأراد مساءته. والظهير في هذا الموضع بلفظ واحد في معنى جمع. ولو أخرج بلفظ الجميع لقيل: والملائكة بعد ذلك ظهراء.

انتهى.

المعنى الإجمالي للآية؛ من كتاب (المختصر في التفسير):
حقٌّ عليكما أن تتوبا؛ لأن قلوبكما قد مالت إلىمحبة ما كرهه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من اجتناب جاريته وتحريمها على نفسه، وإن تصرَّا على العود على تأليبكما عليه، فإن الله هو وليه وناصره، وكذا جبريل وخيار المؤمنين أولياؤه ونصراؤه. والملائكة بعد نصرة الله له أعوان له ونصراء على من يؤذيه.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
قوله تعالى
{وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ} المؤمنون (74).

*قوله {وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ}:* أي بالبعث.
قاله القرطبي في تفسيره.

*قوله {الصِّرَاط}ِ:* الدين.
قال الفراء في معاني القران: والصراط هاهنا الدين.

قال البغوي في تفسيره: أي عن دين الحق.

*قوله {لَنَاكِبُونَ}:* لعادلون مائلون منحرفون معرضون.

قال الراغب في المفردات: نَكَبَ عن كذا. أي: مَالَ.

قال ابن فارس في مقاييس اللغة: (نَكَبَ) النُّونُ وَالْكَافُ وَالْبَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَيْلٍ أَوْ مَيَلٍ فِي الشَّيْءِ. وَنَكَبَ عَنِ الشَّيْءِ يَنْكُبُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ}. وَالنَّكْبَاءُ: كُلُّ رِيحٍ عَدَلَتْ عَنْ مَهَبِّ الرِّيَاحِ الْأَرْبَعِ.

قال الأزدي في جمهرة اللغة: ونكبإذاانحرفومالنكبا. وكل مائل ناكب.
[نكب] وكل شيء ملت عنه فقد تنكبته والأصل فيه أن توليه منكبك.

انتهى

فمعنى قوله تعالى { لَنَاكِبُونَ}: أي: لعادلون.
قاله غلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن.

قال الطبري في تفسيره: يقول: عن محجة الحق وقصد السبيل، وذلك دين الله الذي ارتضاه لعباده؛ لعادلون.

قال السمرقندي في بحر العلوم: وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة، يعني: لا يصدقون بالبعث عن الصراط لناكبون، أي عن الدين لعادلون ومائلون.

قال الزجاج في معاني القران: وقوله: {وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون} معناه لعادلون عن القصد.

قال السعدي في تفسيره: {عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ} متجنبون منحرفون، عن الطريق الموصل إلى الله، وإلى دار كرامته، ليس في أيديهم إلا ضلالات وجهالات.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} التوبة (125).

*قوله {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}:* مرض: شك ونفاق.

ولا سبيل للشفاء منه إلا بالايمان؛ لأنه لم ينفعهم الإسلام الظاهري.

قال الفراء في معاني القرآن: والمرض هاهنا النفاق.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: المرض: عبارة عن الشك والنفاق.

قال السمرقندي في بحر العلوم: قوله تعالى: وأما الذين في قلوبهم مرض، يعني: شكا ونفاقا.

قلت(عبدالرحيم): ويأتي المرض في التنزيل على عدة معان:

يأتي المرض بمعنى: الشك (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا): قال ابو عبيجة عمر بن المثنى في مجاز القران، وابن قتيبة في غريب القران: أي شكّ ونفاق.

ويأتي بمعنى: الشهوة، والفجور. كما في قوله (إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا): قال البغوي في تفسيره: أي فجور وشهوة.

ويأتي تارة بمعنى: المرض الذي ضد الصحة، كما في قوله تعالى (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).

انتهى.

*قوله {فَزَادَتْهُمْ}:* يعني المنافقين.

ونظيرتها ما حكاه الله عن أهل الكتاب: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا}.

وفيه: كما أن الزيادة تكون في الإيمان؛ كذلك تكون في الكفر؛ فالكفار وإن كانوا جميعا مخلدون في جهنم إلا أنهم في دركاتها يتفاوتون؛ فالمنافقون في الدرك الاسفل من النار؛ كما قال تعالى {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}، ولأنهم في شدة كفرهم في الدنيا يتفاوتون؛ فمن كفر بنبي وقتله أشد جرما ممن كفر فحسب، ومن كفر بالإسلام ولم يحاربه، أهون ممن كفر به وحاربه، ودواليك.

وكما في الحديث الذي رواه الشيخان، من حديثُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ قَالَ: هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ وَلَوْلاَ أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ.

*قوله {رِجْسًا}:* كفرا.
قاله الإيجي الشافعي في جامع البيان.

*قوله {إِلَى رِجْسِهِمْ}:* إلى كفرهم ونفاقهم.

والرجاسة هنا معنوية، ونظيرتها قوله تعالى (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ)؛ كما قال عن اخوانهم المشركين (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ): لأن نجاستهم في اعتقادهم.

لكن أصل الرجس النتن، والقذر الحسي، كما في البخاري (4198) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، وفيه: «إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ»: قال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين: والرجس: النجس.

قال الفيومي في المصباح المنير: (ر ج س): الرِّجْسُ النَّتْنُ وَالرِّجْسُ الْقَذَرُ قَالَ الْفَارَابِيُّ وَكُلُّ شَيْءٍ يُسْتَقْذَر فَهُوَ رِجْسٌ وَقَالَ النَّقَّاشُ الرِّجْسُ النَّجَسُ وَقَالَ فِي الْبَارِعِ وَرُبَّمَا قَالُواالرَّجَاسَةُوَالنَّجَاسَةُ أَيْ جَعَلُوهُمَا بِمَعْنًى.

فالرجس في الآية التي نحن بصددها معنوي، ونظيرتها قوله تعالى (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ): الوثن: نجاسته معنوية، ولو كان المقام يتسع لذلك لبسطت القول في هذه المسألة - إن شاء الله - لكن أكتفي بهذا.

فمعنى قوله تعالى {رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ}: أي كفرًا إلى كفرهم.
قاله ابن قتيبة في غريب القران، والزجاج في معاني القرآن واعرابه، والسمعاني في تفسيره.

زاد الزجاج: لأنهم كلما كفروا بسورة ازداد كفرهم.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القران: أي نتنا إلى نتنهم، أي كفرا إلى كفرهم، والنتن كناية عن الكفر. وعلى المعنى الآخر فزادهم رجسا إلى رجسهم [أي] فزادهم عذابا إلى عذابهم بما تجدد من كفرهم والله أعلم.

*قوله {وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ}:* يعني أصروا على النفاق إلى الممات؛ كما سبق في تأويل قوله تعالى (لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ}: قال الراغب الاصفهاني في المفردات في غريب القران: أي إلا أن يموتوا.

قال الواحدي في الوجيز: بالموت والمعنى: لا يزالون في شكٍّ منه إلى الموت يحسبون أنَّهم كانوا في بنائه محسنين.

قال السمرقندي في بحر العلوم: {وماتوا وهم كافرون}، يعني: ماتوا على الكفر، لأنهم كانوا كفارا في السر، ولم يكونوا مؤمنين في الحقيقة.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
قوله تعالى
﴿قُل أَعوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ۝مِن شَرِّ ما خَلَقَ۝وَمِن شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ﴾ [الفلق: 1-3].

*قوله {قُل}:* متعوذا. والخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولجميع أمته.

*قوله {أَعوذُ}:* أعتصم، وأحتمي، وأستجير، وألتجىء؛ وكله من معاني الاستعاذة بالله.

*قوله {بِرَبِّ}:* مالك، وخالق.

*قوله {الفَلَقِ}:* الصبح، وكل ما فلقه الله من حب، ونوى. ومنه قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى)، ومنه (فَالِقُ الْإِصْبَاحِ).

قال الفراء في معاني القرآن: الفلق: الصبح، يُقال: هُوَ أبين من فلق الصبح، وفرَق الصبح.

قال السعدي في تفسيره: {بِرَبِّ الْفَلَقِ} أي: فالق الحب والنوى، وفالق الإصباح.

*قوله {مِن شَرِّ ما خَلَقَ}:* عام. يعني: أعوذ بك من شر كل شيء خلقته.

*قوله {وَ}:* أعوذ.

*قوله {مِن شَرِّ غاسِقٍ}:* تخصيص بعد تعميم. والغاسق: الظلمة. ومنه قوله تعالى (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل).

*قوله {إِذا وَقَب}:* إذا دخل.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: (غَاسِقإِذا وَقب): يَعْنِي اللَّيْل إِذا دخل فِي كل شَيْء. والغسق الظلمَة، وَيُقَال: الْغَاسِقالْقَمَر إِذا كسف فاسود. [وَقَوله] {إِذا وَقب} [أَي] إِذا دخل فِي الْكُسُوف.

قال السعدي في تفسيره: ثم خص بعد ما عم، فقال:{ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ }أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى الناس، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿وَإِذا ما أُنزِلَت سورَةٌ نَظَرَ بَعضُهُم إِلى بَعضٍ هَل يَراكُم مِن أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفوا صَرَفَ اللَّهُ قُلوبَهُم بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَفقَهونَ﴾ [التوبة: 127].

*قوله {وَإِذا ما أُنزِلَت سورَةٌ}:* فيها عيب المنافقين.
قاله البغوي في تفسير، والإيجي الشافعي في جامع البيان.

زاد البغوي: وتوبيخهم.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: والمعنى وإذا ما أنزلت سورة فيها فضيحة أسرارهم.

قال السمرقندي في بحر العلوم: قوله تعالى: وإذا مآ أنزلت سورة يعني: من القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل سورة براءة، فيها عيب المنافقين.

*قوله {نَظَرَ}:* المنافقون.

*قوله {بَعضُهُم إِلى بَعضٍ}:* إلى البعض الآخر؛ يتغامزون.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {وإذا ما أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ} تغامزوا بالعيون إنكاراً للوحي وسخرية به.

قال البغوي في تفسيره: يريدون الهرب يقول بعضهم لبعض إشارة.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: قد قال تعالى في الآية السابقة : {يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون} [ التوبة : 64]. ويدل أيضاً على أنهم كاتمون تعجُّبَهم من ظهور أحوالهم خشية الاعتراف بما نسب إليهم ولذلك اجتزوا بالتناظر دون الكلام . فالنظر هنا نظر دال على ما في ضمير الناظر من التعجب والاستفهام .

*قوله {هَل يَراكُم مِن أَحَدٍ}:* لينفضوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كما أخبر الله عنهم في قوله (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا): قال الجلال المحلي في الجلالين: أي يخرجون من المسجد في الخطبة من غير استئذان خفية مستترين بشيء وقد للتحقيق

قال السمرقندي في بحر العلوم: (هل يراكم من أحد) من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فإذا رآهم أحد قاموا وصلوا، وإن لم يرهم أحد انصرفوا.

قال الشوكاني في فتح القدير: لننصرف عن المقام الذي ينزل فيه الوحي، فإنه لا صبر لنا على استماعه، ولنتكلم بما نريد من الطعن والسخرية والضحك.

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: (هَلْ يَرَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ) يعني من المسلمين إن قمتم من الخطبة والمسجد فإن لم يرهم أحد قاموا وإلا أقاموا.

*قوله {ثُمَّ انصَرَفوا}:* بقلوبهم عن الايمان، وبأبدانهم عن مجلس رسول الله، وقد وصف الله حالهم بقوله ( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا): قال ابن قتيبة في غريب القران: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} تخطبُ.

قال الزجاج في معاني القرآن: (ثم انصرفوا) أي يفعلون ذلك وينصرفون، فجائز أن يكون ينصرفون عن المكان الذي استحقوا فيه، وجائز أن يكون ينصرفون عن العمل بشيء مما يستمعون.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {ثُمَّ انصرفوا} عن حضرة النبي عليه السلام مخافة الفضيحة.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وهذا من جملة الفتن التي تحل بهم ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون .

*قوله {صَرَفَ اللَّهُ قُلوبَهُم}:* خبر من الله بأنه صرفهم. أو هو دعاء عليهم؛ كما قال (قاتلهم الله أنى يؤفكون).

وإنما صرفهم الله بسبب تعمد انصرافهم عن الإيمان بالله وآياته، فالله هو الذي صرفهم على الحقيقة؛ بسبب ما اكتسبوا، ونظيرتها قوله تعالى (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ).

لذا ينبغي على العبد أن يقبل على ربه، ويسأله الثبات، وألا يصرف قلبه عن دينه، ففي صحيح مسلم (2654)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن، كقلب واحد، يصرفه حيث يشاء» ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ».

وفيه رد على الفرق الضالة (القدرية) الذين ينفُون قدر الله تعالى، ويقولون: إن الله تعالى لم يخلق أفعال العباد، ويجعلون العبد خالقَ فِعل نفسه، ويقولون: إن الله تعالى لا يعلم الشيء إلا بعد وقوعه. وهذا ضلال، والآية حجة عليهم؛ تبين أن الله يصرف من شاء عن الإيمان به عدلا، ويصطفي إليه من شاء فضلا.

وهذه إشارة لتجنب الإطالة، وقد سبق بيانه في غير ما آية - بحمد الله -.

وفيه: أن الجزاء من جنس العمل؛ فهؤلاء انصروا فصرفهم الله، ففي الصحيحين من حديث أبي واقد الليثي مروعا: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ». فعلى العبد أن يقبل على ربه ما دام فيه رمق؛ في السراء والضراء، وكل أحواله.

قال الطبري في تفسيره: صرف الله عن الخير والتوفيق والإيمان بالله ورسوله قلوبَ هؤلاء المنافقين.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {صَرَفَ الله قُلُوبَهُم} عن فهم القرآن.

قال الزجاج في معاني القران وإعرابه: (صرف الله قلوبهم) أي أضلهم الله مجازاة على فعلهم.

قال السمرقندي في بحر العلوم: صرف الله قلوبهم عن الإيمان، وخذلهم عن الفهم بخروجهم وانصرافهم عن الإيمان.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله: (صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) يحتمل أن يكون دعاء عليهم، ويحتمل أن يكون خبرا أي استوجبوا ذلك.

*قوله {بِأَنَّهُم}:* أي بسبب أنهم.
قاله الإيجي الشافعي في جامعه.

*قوله {قَومٌ لا يَفقَهون}:* لا يفهمون عن الله دينه. والفقه في اللغة: الفهم.

قال الطبري في تفسيره: يقول: فعل الله بهم هذا الخذلان، وصرف قلوبهم عن الخيرات، من أجل أنهم قوم لا يفقهون عن الله مواعظه، استكبارًا، ونفاقا.

قال السمرقندي في البحر: (بأنهم قوم لا يفقهون) أمر الله تعالى.

قال مكي في الهداية الى بلوغ النهاية: {بأنهم قوم لا يفقهون}، أي: لا يفقهون عن الله، عز وجل، مواعظة، استنكارا ونفاقا.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} لا يتدبرون حتى يفقهوا.

المعنى الإجمالي للآية؛ من كتاب (المختصر في التفسير):

"وإذا أنزل الله سورة على رسوله صلّى الله عليه وسلّم فيها ذكر أحوال المنافقين نظر بعض المنافقين إلى بعض قائلين: هل يراكم أحد؟ فإن لم يرهم أحد انصرفوا عن المجلس، ألا صرف الله قلوبهم عن الهداية والخير، وخذلهم بأنهم قوم لا يفهمون.
..............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ (128) فَإِن تَوَلَّوا فَقُل حَسبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ (129)﴾ [التوبة].

*قوله {لَقَد جاءَكُم}:* يا أهل مكة.

*قوله {رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم}:* لا من غيركم؛ تعرفون حسبه ونسبه، وصدقه وأمانته.

قال البغوي في تفسيره: تعرفون نسبه وحسبه.

قال الطبري في تفسيره: تعرفونه، لا من غيركم، فتتهموه على أنفسكم في النصيحة لكم.

قال الزجاج في معاني القران وإعرابه: أي هو بشر مثلكم. أي فهو أوكد للحجة عليكم لأنكم تفهمون عمن هو مثلكم.

*قوله {عَزيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتُّم}:* أي شديد عليه ما يهلككم، ويضركم، وما يوقعكم في الإثم، والفساد. والعنت: الهلاك، والإثم، والمشقة.

ومنه قوله تعالى {ولو شاء الله لأعنتكم}: قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن: أي لأهلككم.

قال الحربي في المجموع المغيث: العنت: المشقة، والفساد، والهلاك، والإثم، والغلط، والخطأ.

قال أبو حيان في تحفة الأريب: {العنت}: الهلاك وأصله المشقة. ومنه {أعنتكم}: أي أهلككم، وقيل: كلفكم ما يشتد عليكم.

قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين: العنت: إدخال المشقة على إنسان. عنت فلان، أي: لقي مشقة. وتعنته تعنتا، أي: سألته عن شيء أردت به اللبس عليه والمشقة.

قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: العنت: الإثم. وقد عنت الرجل. وقال تعالى: (عزيز عليه ما عنتم) .

انتهى.

فمعنى قوله تعالى {عزيز عليه ما عنتم}: أي شديد عليه ما أَعْنَتَكم وضركم.
قاله ابن قتيبة في غريب القران.

قال الزجاج في معانيه: أي عزيز عليه عنتكم، والعنت لقاء الشدة.

قال السعدي في تفسيره: {‏عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ‏}‏ أي‏:‏ يشق عليه الأمر الذي يشق عليكم ويعنتكم‏.‏

*قوله {حَريصٌ عَلَيكُم}:* أي : على إيمانكم وصلاحكم .
قاله البغوي في تفسيره.

قال السعدي في تفسيره: فيحب لكم الخير، ويسعى جهده في إيصاله إليكم، ويحرص على هدايتكم إلى الإيمان، ويكره لكم الشر، ويسعى جهده في تنفيركم عنه‏.‏

*قوله {بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ}:* رَءوفٌ: أي رفيق.
قاله الطبري في تفسيره.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والرؤوف : الشديد الرأفة . والرحيم : الشديد الرحمة ، لأنهما صيغتا مبالغة.

قال البغوي في تفسيره: بالمؤمنين رءوف رحيم ) قيل : رءوف بالمطيعين رحيم بالمذنبين.

قال السعدي في تفسيره: ‏{‏بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ‏}‏ أي‏:‏ شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم‏.‏
ولهذا كان حقه مقدمًا على سائر حقوق الخلق، وواجب على الأمة الإيمان به، وتعظيمه، وتعزيره، وتوقيره

*قوله ‏{‏فَإِنْ‏ تَوَلَّوا}:* أعرضوا.

ونظير ذلك في التنزيل كثير؛ من ذلك قوله تعالى (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ): أي وأعرض عنهم.

ومنه (عَبَسَ وَتَوَلَّى): أي وأعرض.

ومنه (فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ): أي أعرض عن الإيمان بجنده.

قال زين الدين المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف: التولي: الإعراض المتكلف بما يفهمه التفعل.

انتهى.

فمعنى قوله تعالى {فَإِن تَوَلَّوا} إن أعرضوا عن الإيمان وناصبوك الحرب.
قاله البغوي في تفسيره.

قال السمرقندي في بحر العلوم: فإن تولوا، يعني: إن أعرضوا عنك ولم يؤمنوا بك.

قال السعدي في تفسيره: {‏فَإِنْ‏}‏ آمنوا، فذلك حظهم وتوفيقهم، وإن ‏{‏تَوَلَّوا‏}‏ عن الإيمان والعمل، فامض على سبيلك، ولا تزل في دعوتك.

*قوله {فَقُل حَسبِيَ اللَّهُ}:* كفاني الله وفوضت أمري إلى الله ووثقت به.
قاله السمرقندي في بحر العلوم.

قال الطبري في تفسيره: يكفيني ربي.

قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى (فإن تولوا فقل حسبي الله) أي إن أعرض الكفار يا محمد بعد هذه النعم التي من الله عليهم بها فقل حسبي الله أي كافي الله تعالى.

*قوله {لا إِلهَ إِلّا هُو}:* لا يعبد بحق إلا هو.

قال السمرقندي في البحر: يعني لا ناصر ولا رازق ولا معين إلا هو.

*قوله {عَلَيهِ}:* وحده لا شريك له.

*قوله {تَوَكَّلتُ}:* أي اعتمدت وإليه فوضت جميع أموري.
قاله القرطبي في تفسيره.

قال السمرقندي في البحر: يعني به أثق.

*قوله {وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيم}:* خالق العرش العظيم؛ الذي هو أعظم المخلوقات على الإطلاق. والعرش غير الكرسي.

قال القرطبي في تفسيره: وهو رب العرش العظيم خص العرش لأنه أعظم المخلوقات فيدخل فيه ما دونه إذا ما ذكره.

قال الطبري في تفسيره: وإنما عنى بوصفه جل ثناؤه نفسه بأنه رب العرش العظيم، الخبرَ عن جميع ما دونه أنهم عبيده، وفي ملكه وسلطانه، لأن " العرش العظيم "، إنما يكون للملوك، فوصف نفسه بأنه " ذو العرش " دون سائر خلقه، وأنه الملك العظيم دون غيره، وأن من دونه في سلطانه وملكه، جارٍ عليه حكمه وقضاؤه.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
تم بحمده وطوله تبارك وتعالى؛ الانتهاء من تفسير سورة التوبة؛ فله الحمد الحسن والثناء الجميل.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

نفع الله بهذا العمل، وجعله لوجهه خالصا.
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1) أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2)}: يونس.

*قوله {الر}:* الحروف المقطعة في أوائل السور، الأسلم فيها السكوت عن التعرض لمعناها[من غير مستند شرعي]، مع الجزم بأن الله تعالى لم ينزلها عبثا بل لحكمة لا نعلمها.
قاله السعدي في تفسيره (عند تفسيره لسورة البقرة).

قال البغوي في تفسيره: وفائدة ذكرها طلب الإيمان بها.

*قوله{تِلْكَ}:* إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآي.
قاله الايجي الشافعي في جامع البيان.

قال الماوردي في النكت والعيون: يعني بقوله {تِلْكَ ءَايَاتُ} أي هذه آيات، كما قال الأعشى:
(تلك خَيْلِي مِنْهُ وتلكَ رِكَابِي ... هُنَّ صُفْرٌ أَوْلاَدُها كالزَّبِيبِ).

*قوله {آيَاتُ}:* جمع آية. وأصل الآية العلامة. ونظير ذلك في التنزيل كثير؛ من ذلك قوله تعالى (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا).

قال الطبري في تفسيره: و (الآيات)، الأعلام.

قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين، والجوهري في الصحاح تاج اللغة، والرازي في مختار الصحاح: الآية:العَلامةُ.

زاد الرازي: وَالْجَمْعُ (آيٌ) وَ (آيَايٌ) وَ (آيَاتٌ) .

قالعياض اليحصبي في مشارق الأنوار: الْآيَةالْعَلامَةوَآيَة الْقُرْآن قيل سميت بذلك لِأَنَّهُ عَلامَة على تَمام الْكَلَام وَقيل بل لِأَنَّهَا جماعات من كَلِمَات الْقُرْآن وَالْآيَةالْجَمَاعَة أَيْضا.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: ومجاز «آيات» مجاز أعلام الكتاب وعجائبه، وآياته أيضا: فواصله، والعرب يخاطبون بلفظ الغائب وهم يعنون الشاهد، وفى آية أخرى: «الم ذلِكَ الْكِتابُ» مجازه: هذا القرآن، قال عنترة:
شطّت مزار العاشقين فأصبحت ... عسرا علىّ طلابك ابنة مخرم .

*قوله {الْكِتَابِ}:* القرآن.

ومن أسماءه كذلك "الذكر"، دليله (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ).

و "الفرقان"، دليله (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا).

قال الطبري في تفسيره: و "الكتاب" اسم من أسماء القرآن.

*قوله {الْحَكِيمِ}:* هو المحكم، على قول أكثر المفسرين، فعيل بمعنى مفعل، مثل قوله: {هذا ما لدى عتيد} أي: معتد.
قاله السمعاني في تفسيره.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: والحكيم: مجازه المحكم المبيّن الموضّح، والعرب قد نضع فعيل فى معنى مفعل، وفى آية أخرى: «هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ»، مجازه: معد، وقال أبو ذوءيب: .. إنى ... غداة إذ ولم أشعر خليف.
أي ولم أشعر أنى محلف، من قولهم: أخلفت الموعد.

قال الطبري في تفسيره: ومعنى ( الحكيم ) ، في هذا الموضع، " المحكم " ، صرف " مُفْعَل " إلى " فعيل "، كما قيل: عَذَابٌ أَلِيمٌ ، بمعنى مؤلم، وكما قال الشاعر: أمِنْ رَيْحانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ
وقد بينا ذلك في غير موضع من الكتاب
فمعناه إذًا: تلك آيات الكتاب المحكم ، الذي أحكمه الله وبينه لعباده، كما قال جل ثناؤه: (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ).

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: (الْحَكِيمِ) المحكم الذي لم ينسخ، أو الحاكم بين الناس أو ذوي الحكم.

*قوله {أَكَانَ}:* الهمزة للإنكار.
قاله ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل، والسمين الحلبي في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون.

قال الجرجاني في درج الدرر: {أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا} استفهام تعجب وإنكار الشيء المستبعد جوازه على قضية العادة والطبيعة.

*قوله {لِلنَّاسِ}:* عام يراد به خاص. ويعني بالناس أهل مكة.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: يعني بالناس كفار أهل مكة.

قال الزجاج في معاني القرآن: يعنى بالناس ههنا أهل مكة.

قال البغوي في تفسيره: يعني: أهل مكة ، الألف فيه للتوبيخ.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وأطلق {الناس} على طائفة من البشر ، والمراد المشركون من أهل مكة لأنهم المقصود من هذا الكلام.

*قوله {عَجَبًا}:* حملهم على الكفر به، وليس لهم ذلك.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والعجب : مصدر عَجِب ، إذا عَدَّ الشيءَ خارجاً عن المألوف نادر الحصول . ولما كان التعجب مبدأ للتكذيب وهم قد كذبوا بالوحي إليه ولم يقتصروا على كونه عجيباً جاء الإنكار عليهم بإنكار تعجبهم من الإيحاء إلى رجل من البشر لأن إنكار التعجب من ذلك يؤول إلى إنكار التكذيب بالأوْلى ويَقلع التكذيب من عروقه.

*قوله {أَنْ أَوْحَيْنَا}:* وحي إرسال. لأن الوحي قسمان: وحي إلهام، ووحي إرسال. ودليل الأول: قوله تعالى (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ): وَأَوْحَى: قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: ألهمها.

ودليل الثاني: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).

انتهى.

*قوله {إِلَى رَجُلٍ}:* بشر منهم؛ وهو محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وفائدة قوله {رجل} بيان لمنزلة ما أوحي إليه من عند الله، وأن هؤلاء بشر مثل الناس؛ إلا أن الله اصطفاهم لرسالاته (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ).

وقال (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ).

وعجب الكفار من هذا ليس في محله؛ إنما العجب من إعراضهم وتكذيبهم بعدما تبين لهم صدقه.

ولما يعجب هؤلاء الكفار من أن الله أرسل رجلا رسولا، أيريدونه ملكا؟!، ولو أنه - تعالى - أرسل ملكا لقضي الامر، ولكان إيمانهم اضطراريا لا عبرة به. كما قال (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ . وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ).

وكان هذا جل كفر الأمم الخالية؛ كما قال الله عنهم (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا): وهذا من جحد وكفران بني آدم.

وكما قال (فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا).

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: و{إلى رجل} هنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: (إِلَى رَجُلٍ منهُمْ) نزلت حين قالت قريش: الله أعظم أن يكون رسوله بشرًا مثل محمد يعني ممن لم يكن له رياسة ومال وما يعدونه من أسباب الجلال.

*قوله {مِنْهُمْ}:* لا من غيرهم؛ فهم يعرفونه باسمه ونسبه، لا يكتب، ولا ينظم شعر، ولا يتكهن، ولايكذب، وكانوا ينعتوه بالصفات الحميدة.

*قوله {أَنْ}:* مفسرة.
قاله الإيجي الشافعي في جامع البيان.

*قوله {أَنْذِرِ}:* أعلم وخوف الناس عذاب الله، وشديد عقابه. وأصل الإنذار إعلام مع تخويف - وقد سبق بيانه بحمد الله -.

قال السمعاني في تفسيره: الإنذار: هو الإعلام مع التخويف.

قال البغوي في تفسيره: أن أنذر الناس: أي أعلمهم مع التخويف.

قال المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف: الإنذار:الإعلامبما يحذر. قال ابن عطية٩ ولا يكاد يكون إلا فيتخويفيسع زمانه الاحتراز، فإن لم يسع كان إشعارا.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: أن أنذر يعني حذر الناس عقوبة الله- عز وجل- ونقمته إذا عصوه.

قال السمرقندي في بحر العلوم: أن أنذر الناس، يعني: خوف أهل مكة بما في القرآن من الوعيد.

قال الطاهر بن عاشور في التنوير: و {أن} في قوله : {أن أنذر الناس} تفسيرية لفعل {أوحينا} لأن الوحي فيه معنى القول.

*قوله {النَّاسَ}:* كافة.

*قوله {وَ}:* كما أنذرت بالإعلام، والتخويف.

*قوله {بَشِّرِ}:* أنت. أي فرِّح؛ من البشارة: وهي الإخبار بما يسر.

قال ابن منظور في لسان العرب: وبشِر: فرِح.
وقال أيضا: وبَشَرْتُ بِكَذَا وَكَذَاوبَشِرْت وأَبْشَرْتُ إِذافَرِحْتَ بِه.

قال الصافي في الجدول في إعراب القرآن: (بشر) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت.

*قوله {الَّذِينَ آمَنُوا}:* يعني صدقوا بمحمد- صلى الله عليه وسلم- وبما في القرآن من الثواب.
قاله مقاتل بن سليمان في تفسيره.

*قوله {أَنَّ}:* أي بأن.
قاله الباقولي في إعراب القرآن، والإيجي الشافعي في جامعه.

*قوله {لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ}:* أي عمل صالح قدّموه.
قاله ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل.

قال أبو حيان في تحفة الأريب: {قدم صدق} أي ثواب حسن وانما اضيف القدم الى الصدق؛ لان كل شيء اضيف فهو ممدوح كقوله تعالى {مدخل صدق} و {مقعد صدق}.

قال السعدي في تفسيره: أي‏:‏ لهم جزاء موفور وثواب مذخور عند ربهم بما قدموه وأسلفوه من الأعمال الصالحة الصادقة‏.‏

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: و «القدم» والصدق في هذه الآية بمعنى الصلاح، كما تقول رجل صدق ورجل سوء.

قال ابن الجوزي في زاد المسير: فإن قيل: ما وجه إضافة القدم إلى الصدق؟
فالجواب: أن ذلك مدح للقدم، وكل شيء أضفته إلى الصدق، فقد مدحته ومثله: أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق وقوله: في مقعد صدق.

قال النسفي في مدارك التنزيل: والسبق بالقدم سميت المسعاة الجميلة والسابقة قدماً كما سميت النعمة يداً لأنها تعطى باليد وباعاً لأن صاحبها يبوع بها فقيل لفلان قدم في الخير وإضافتها إلى صدق دلالة على زيادة فضل وأنه من السوابق العظيمة أو مقام صدق أو سبق السعادة.

قال الجرجاني في درج الدرر: منزلة رفيعة.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: يعني سلف خير عند ربهم يعني ثواب صدق يقدمون عليه وهو الجنة.

قال الأخفش الأوسط في معاني القران: {أن لهم قدم صدق} القدم ها هنا: التقديم، كما تقول: "هؤلاء أهل القدم في الإسلام" أي: الذين قدموا خيرا فكان لهم فيه تقديم.

*قوله {عِنْدَ رَبِّهِمْ}:* الذين آمنوا به، ووعدهم الثواب.

*قوله {قَالَ الْكَافِرُونَ}:* عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

*قوله {إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ}:* مُبِينٌ: معناه بيّن.

يعنون بذلك - زعموا - أن سحره بيّن، ظاهر التأثير، لا يخفى؛ قالوا ذلك لما وجدوا قلوب كفهارهم يسلمون عند سماعه.

وما كان لهم أن يعجبوا، إنما العجب منهم هم، وإنما الواجب أن يتبعوه لظهور حجته، ودلالة معجزاته تحملهم على الاسلام.

وتعجب الجن الذي أسلموا خير من تعجب هؤلاء، والبون شاسع؛ {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا}.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقولهم في الإنذار والبشارة سحر إنما هو بسبب أنه فرق بذلك كلمتهم وحال بين القريب وقريبه فأشبه ذلك ما يفعله الساحر فظنوه من ذلك الباب.

قال النسفي في مدارك التنزيل: وهو دليل عجزهم واعترافهم به وإن كانوا كاذبين في تسميته سحراً.

قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى (قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِين): مُبِين: أي بين. ونظير ذلك في التنزيل كثير؛ من ذلك قوله تعالى ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ): مُبِينٍ: بين.
قاله ابن أبي زمنين في تفسيره.

ومنه ( قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ): بين كونه ضلالا.
قاله أبو السعود في تفسيره.

ومنه (أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ): بين الرسالة، وهو نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
قاله الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن.

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} يونس (3).

*قوله {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ}:* جمع بين الربوبية والإلهية.

والرب: معناه الخالق المالك، وأصل كلمة "الله": إله (1). فكأنه يقول: إن من خلق هو معبودكم؛ لا تصرف العبودية إلا له.

*قوله {الَّذِي خَلَقَ}:* أي قدر وأوجد
قاله البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور.

*قوله {السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ}:* لأن خلقهما أعظم الدلائل على الله - جل ذكره -، والعرش وإن كان أعظم خلقة، وشأنا منهما إلا أنه غيب لا يرى، فيجب فيه ما يجب في الإيمان بالغيب.

وحديث ربنا ومعبودنا عن السماوات والأرض كثير في القرآن. فقد أقسم بالسماء؛ كما في قوله وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ): ذات الخلق المتقن.
وقال (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ): أي السماء.

وأقسم بالأرض؛ كما قال (وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ): والصدع الشق.

وفي صحيح مسلم (256)،من حديث ابن عباس: أنه بات عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة " فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل، فخرج فنظرفيالسماء، ثم تلا هذه الآيةفيآل عمران{إنفيخلقالسماواتوالأرضواختلاف الليل والنهار} [البقرة: ١٦٤] حتى بلغ {فقنا عذاب النار}...".

*قوله {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}:* وانفرد بذلك بلا معين؛ خلقها في ستة أيام وما مسه من نصب، ولا عي قال تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

ولوشاء الله لخلقهما في أقل من لمح البصر؛ لأنه - تعالى - كما حكى عن نفسه (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).

قال الزجاج في معاني وإعراب القران: أعلمهم أن الذي خلق السماوات والأرض وقدرته هذه القدرة قادر على بعثهم بعد موتهم.

قال الطبري في تفسيره: وانفرد بخلقها بغير شريك ولا ظهيرٍ.

*قوله {ثُمَّ}:* بعد خلق السماوات والأرض.
قاله السعدي في تفسيره.

*قوله {اسْتَوَى}:* استواء يليق به - جل ذكره -. وأصل الاستواء: العلو والارتفاع والاستقرار. -وقد سبق بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في صفة العلو - لله جل ذكره -.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: ظهر على العرش وعلا عليه، ويقال: استويت على ظهر الفرس، وعلى ظهر البيت.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: وقال غيره: استوى: استقر. واحتج بقول الله عز وجل: {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} أي استقررت في الفلك.

*قوله {عَلَى الْعَرْشِ}:* بلا حاجة إليه، ولكنه يخلق ما يشاء، ويفعل ما يريد؛ لا يتعقبه أحد.

ثم استوى على عرشه مدبرًا للأمور ، وقاضيًا في خلقه ما أحبّ، لا يضادُّه في قضائه أحدٌ، ولا يتعقب تدبيره مُتَعَقِّبٌ، ولا يدخل أموره خلل.

*قوله {يُدَبِّرُ}:* يقضي ويقدرعلىمقتضى الحكمة.
قاله النسفي في مدارك التنزيل.

قوله *{الْأَمْرَ}:* أمر ما سوى نفسه - تبارك وتعالى -؛ فكل ما سواه مخلوق.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: يقضي القضاء وينظرفيتدبير الخلق.

قال التستري في تفسيره: قوله:(يُدَبِّرُالْأَمْرَ)قال: يقضي القضاء وحده،فيختار للعبد ما هو خير له، فخيرة الله خير له من خيرته لنفسه.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وتدبيره لا إله إلا هو إنما هو الإنفاذ لأنه قد أحاط بكل شيء علما.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وتدبير الله الأمور عبارة عن تمام العلم بما يخلقها عليه ، لأن لفظ التدبير هو أوفى الألفاظ اللغوية بتقريب إتقان الخلق . والأمر : جنس يعم جميع الشؤون والأحوال في العالم .

*قوله {مَا مِنْ شَفِيعٍ}:* يشفع لأحد يوم القيامة.

قال القرطبي في تفسيره: {ما من شفيع} في موضع رفع، والمعنى ما شفيع إلا من بعد إذنه.

قال الطبري في تفسيره: يقول : لا يشفع عنده شافع يوم القيامة في أحد ، إلا من بعد أن يأذن في الشفاعة.

*قوله {إِلَّا}:* شفيع يشفع.

*قوله {مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ}:* للشافع، ورضاه عن المشفوع فيه.

قاله النسفي في مدارك التنزيل: {مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ}: دليلعلىعزته وكبريائه.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: فقوله: (ما من شفيع إلا من بعد إذنه) أي لا يشفع شفيع إلا لمن ارتضى الله.

قلت (عبدالرحيم): الاستثناء في قوله {إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ}: فيه دليل بيّن على ثبوت الشفاعة، وهي حق كائنة يوم القيامة؛ لمن أذن الله لهم، وفيهم؛ كشفاعة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم -، وشفاعة الشافعين من أهل الصلاح. وقد سبق بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الشفاعة.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وزيادة { إلاّ مِنْ بعد إذنه } احتراس لإثبات شفاعة محمَّد صلى الله عليه وسلم بإذن الله ، قال تعالى : { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى }.

*قوله {ذَلِكُمُ}:* العظيم الموصوف بما وصف به.
قاله النسفي في مدارك التنزيل.

قال السيوطي في الجلالين: {ذلكم} الخالق المدبر.

*قوله {اللَّهُ}:* الذي خلق السماوات والأرض، والعرش، والذي يدبر الأمر، والذي لا يشفع شافع عنده إلا بإذنه.

هذا الذي هذه صفته ، سيِّدكم ومولاكم ، لا من لا يسمع ولا يبصر ولا يدبِّر ولا يقضي من الآلهة والأوثان.

*قوله {رَبُّكُمْ}:* خالقكم، ومالككم. وحق على المملوك، والمخلوق أن ينقاد لمولاه في حكمه، وما شرعه.

*قوله {فَاعْبُدُوهُ}:* وحده بلا ند؛ لأن الذي خلق بلا خالق معه هو وحده من يعبد بلا شريك معه.

قال الزجاج في معانيه: (ذلكم الله ربكم فاعبدوه) أي فاعبدوه وحده.

قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى ذلكم الله ربكم فاعبدوه أي ذلكم الذي فعل هذه الأشياء من خلق السماوات والأرض هو ربكم لا رب لكم غيره . فاعبدوه أي وحدوه وأخلصوا له العبادة .

قال السعدي في تفسيره: {‏فَاعْبُدُوهُ‏}‏ أي‏:‏ أفردوه بجميع ما تقدرون عليه من أنواع العبودية.

*قوله {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}:* تتعظون.
قاله البغوي في تفسيره، وابن الجوزي في زاد المسير، وغيرهم.

قال الطبري في تفسيره: ( أفلا تذكرون) ، يقول : أفلا تتعظون وتعتبرون بهذه الآيات والحجج ، فتنيبون إلى الإذعان بتوحيدِ ربكم وإفراده بالعبادة، وتخلعون الأنداد وتبرؤون منها؟.

قال القرطبي في تفسيره: أفلا تذكرون أي أنها مخلوقاته فتستدلوا بها عليه .

أفلا تذكرون: حضعلىالتدبير والتفكر في الدلائل الدالةعلىربوبيته وإمحاض العبادة له.

فائدة:

قال السيوطي في الجلالين: {أفلا تذكرون} بإدغام التاء في الأصل في الذال.

..............................
(1): أنظر المعجم الوسيط.

............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*الحسابات الرسمية لمعاني وغريب القرآن:*

*ملتقى أهل التفسير:*
https://vb.tafsir.net/tafsir50930/#.WKVhnmi8bqA

*ملتقى أهل الحديث - التفسير وعلوم القرآن:*
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=372093

*شبكة الألوكة / المجلس العلمي - التفسير وعلوم القرآن:* http://majles.alukah.net/t159392/#post860791

*جوجل بلس:*
https://plus.google.com/communities/111384666535944073675

*ويكيبيديا:*
https://ar.wikisource.org/wiki/معاني_وغريب_القرآن

*تليجرام:*
معاني وغريب القرآن.
https://t.me/abdelrehim19401940

*فيسبوك:*
https://m.facebook.com/معاني-وغريب-القرآن-صفحة-عامة-1733151126926511/?ref=bookmarks

*تويتر:*
https://twitter.com/abdelrehim19401/status/831726373752492032?s=08

*يوتيوب:* https://youtu.be/-dnFfgAuqAw

*الإتصال المباشر ( جوال / واتساب):* 00966509006424

*إيميل:* [email protected]
................
المالك، والمشرف العام: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿هُوَ الَّذي جَعَلَ الشَّمسَ ضِياءً وَالقَمَرَ نورًا وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعلَموا عَدَدَ السِّنينَ وَالحِسابَ ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلّا بِالحَقِّ يُفَصِّلُ الآياتِ لِقَومٍ يَعلَمونَ﴾ [يونس: 5].

*قوله {هُوَ}:* وحده.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: (هو) عائد إلى اسم الجلالة في قوله :{ إن ربكم الله }[ يونس : 3 ].

*قوله {الَّذي جَعَلَ}:* جعل: صيّر. وأصل الجعل: التصيير.

قال محمد بن قاسم المالكي في شرح حدود ابن عرفة: الجعلبمعنىالتصيير.

قال ابن فارس في مجمل اللغة: وجعل:صير، قال الله عز من قائل: {إني جاعلك للناس إماما}.

*قوله {الشَّمسَ ضِياءً}:* أي جعلها ذات ضياء؛ تضيء بالنهار؛ ولولا أن الله صيرها لظلت الأرض في ليل، كما قال (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ): أي من إله خلق الشمس وأودع فيها الضياء؟.

قال الطبري في تفسيره، والبغوي في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم: {جَعَلَ الشَّمسَ ضِياء}: بالنهار.

قال الواحدي في الوجيز، والسمعاني في تفسيره: {جعل الشمسضياء} أي: ذاتضياء.

*قوله {وَ}:* جعل.

*قوله {القَمَرَ نورًا}:* بالليل بلا حر، يضيئ ضوءا مناسبا لسكون الليل.

قال القرطبي في تفسيره: (القَمَرَ نورًا) أي منيرا، أو ذا نور.

قال السمرقندي في بحر العلوم، والطبري في تفسيره، والبغوي في تفسيره: {وَالقَمَرَ نورًا}: بالليل.

زاد البغوي: وقيل: جعل الشمس ذات ضياء ، والقمر ذا نور.

مسألة:

فإن قلت ما الفرق بين الضياء والنور، ولماذا خصت الشمس بالضياء، والقمر بالنور؟

فالجواب: أن الضياء فرط الإنارة وشدتها؛ لذا جعل الضياء للشمس دون القمر؛ وصف الشمس بكونها سراجا وهاجا، والقمر نورا، ومنيرا في غير ما آية؛ كما قال ( وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا). وقال (وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا): وَهَّاجًا: قال الجلال المحلي في الجلالين: وقادا. يعني الشمس. انتهى كلامه،

ولأن النهار يناسبه الضوء القوي الشديد، والليل يناسبه النور اليسير.

قال أبو هلال العسكري في معجم الفروق اللغوية: وقد يفرقبينهما بأن الضوء: ما كان من ذات الشئ المضئ،والنور: ما كان مستفادا من غيره. وعليه جرى قوله تعالى: " هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا ".

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: والضياءأعظم من النور.

قال أبو حيان في القرآن: والضياءأقوى من النور.

قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ: وإنماجعلتالشمسضياءلأن الضياءأخص من النور؛ إذ الضوء نور قوي.

قال القرطبي في تفسيره: فالضياء ما يضيء الأشياء ، والنور ما يبين فيخفى ؛ لأنه من النار من أصل واحد .

قال النسفي في مدارك التنزيل: والضياءأقوى من النور فلذاجعله للشمس.

قال الطبري في تفسيره: (هو الذي جعل الشمس ضياء)، بالنهار ،(والقمر نورًا)بالليل. ومعنى ذلك: هو الذي أضاء الشمسَ وأنار القمر.

*قوله {وَقَدَّرَهُ}:* هيأه؛ يعني القمر.

قال ابن الجوزي في زاد المسير؛ والمعنى: هيأ ويسر له منازل.

قالالواحدي في الوجيز: {وقدره} وقدر له.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: (وقدره) يعني القمر، لأنه المقدر لعلم السنين والحساب، وقد يجوز أن يكون المعنى وقدرهما منازل فحذف أحدهما اختصارا وإيجازا كما قال الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما. . . عندك راض والرأي مختلف.

*قوله {مَنازِلَ}:* يأخذ في الزيادة والتمام، ثم ينقص شيئا فشيئا.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: {مَنازِلَ} يزيد وينقص.

قال القرطبي في تفسيره: منازل أي ذا منازل، أو قدر له منازل.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: الضمير للقمر والمعنى قدر سيره في منازل.

قال ابن كثير في تفسيره: وقدر القمر منازل،فأول ما يبدو صغيرا، ثم يتزايد نوره وجرمه، حتى يستوسق ويكمل إبداره، ثم يشرع في النقص حتى يرجع إلى حاله الأول في تمام شهر ، كما قال تعالى :( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ).

*قوله {لِتَعلَموا}:* أي قدره منازل لتعلموا، واللام لام التعليل.

قال الطبري في تفسيره: {لِتَعلَموا} أنتم أيها الناس.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله لتعلموا المعنى قدر هذين النيرين، منازل لكي «تعلموا» بها.

*قوله {عَدَدَ السِّنينَ}:*والشهور؛ أي لتعلموا دخول السنين وانقضاءها؛ يعني متى تدخل، ومتى تنتهي.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {لتعلموا عدد السنين} أي عدد السنين والشهور فاكتفى بالسنين لاشتمالها على الشهور.

قال البغوي في تفسيره: أي قدر المنازل" لتعلموا عدد السنين "دخولها وانقضاءها.

*قوله {وَالحِسابَ}:* حساب السنين، والشهور، وما جعل الشارع له نصابا زمنيا؛ كالطلاق، والعدة، والزكاة، وغير ذلك.

قال البغوي في تفسيره: يعني : حساب الشهور والأيام والساعات.

قال ابن كثير في تفسيره: فبالشمس تعرف الأيام ، وبسير القمر تعرف الشهور والأعوام.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {والحساب} وحساب الآجال والمواقيت المقدرة بالسنين والشهور.

قال السمرقندي في بحر العلوم: (لتعلموا عدد السنين والحساب) يعني: لتعلموا بالقمر حساب السنين والشهور، كقوله تعالى (يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس).

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وفي هذه الآية إشارة إلى أن معرفة ضبط التاريخ نعمة أنعم الله بها على البشر .

*قوله {ما خَلَقَ اللَّهُ}:* أي ما أراد من خلقه هذه.

*قوله {ذلِكَ}:* المذكور؛ من تصييره الشمس والقمر؛ كل بحسبه.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {ما خلق الله ذلك} المذكور.

*قوله {إِلّا}:* ملتبسا.
قاله النسفي في مدارك التنزيل.

*قوله {بِالحَقِّ}:* أي ما خلقه عبثا.
قاله ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل.

قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى (ما خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلّا بِالحَقِّ): أي لم يخلق ذلك المذكور باطلا كما ظن الذين كفروا، ولم يخلق عبثا؛ بل لحكمة بالغة، ومصالح عظيمة؛ دينية، ودنيوية. وجعل ذلك ليستدل الناس على ربهم، ومعبودهم، ولا يصرفون العبادة إلى من يعجز عن خلق ذلك كله، وليهتد الناس إلى مصالح دينهم، ودنياهم.

ونظيرتها قوله تعالى (وَما خَلَقنَا السَّماواتِ وَالأَرضَ وَما بَينَهُما لاعِبينَ * ما خَلَقناهُما إِلّا بِالحَقِّ وَلكِنَّ أَكثَرَهُم لا يَعلَمونَ).

وقد توعد الله من ظن أن خلقها عبثا؛ في قوله تعالى (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ).

قال البغوي في تفسيره: أي لم يخلقه باطلا بل إظهارا لصنعه ودلالة على قدرته.

قال السمعاني في تفسيره، وابن الجوزي في زاد المسير: وقوله: {ما خلق الله ذلك إلا بالحق}: أي للحق.

زاد ابن الجوزي: إظهار صنعه وقدرته والدليل على وحدانيته.

قال الطبري في تفسيره: يقول جل ثناؤه: لم يخلق الله الشمس والقمر ومنازلهما إلا بالحق. يقول الحق تعالى ذكره: خلقت ذلك كله بحقٍّ وحدي، بغير عون ولا شريك.

*قوله {يُفَصِّلُ}:* يبين.

*قوله {الآياتِ}:* العلامات، والحجج والأدلة.

قالابن أبي زمنين في تفسيره، والواحدي في الوجيز: {يفصل الآيات} يبينها.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: (الآيات) يعني العلامات.

قال الطبري في تفسيره: (يفصل الآيات)يقول: يبين الحجج والأدلة.

قال السمرقندي في بحر العلوم: (يفصل الآيات)، يعني: يبين العلامات، يعني: علامة وحدانيته.

قال القرطبي في تفسيره: تفصيل الآيات تبيينها ليستدل بها على قدرته تعالى، لاختصاص الليل بظلامه والنهار بضيائه من غير استحقاق لهما ولا إيجاب؛ فيكون هذا لهم دليلا على أن ذلك بإرادة مريد.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ): قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: المعنىبينتآياته قرآنا، أيبينتآياته في حال جمعه عربيا.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: بينت؛ بين فيها حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته.

ومنه (ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ): قال الخطيب الشربيني في السراج المنير: أي وبيانا{لكل شيء} أي: يحتاج إليه في الدين.

ومنه (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ): نبين الآيات. قاله يحيى بن سلام في تفسيره.

ومنه (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا): قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: "مفصلا" مبينا.

ومنه (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ):قال السمرقندي في بحر العلوم: (وقدفصل لكمليعني:بينلكمتحريمه.

ومنه (وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ): قال النحاسفي إعراب القرآن: فصلناهأيبيناهحتى يعرفه من تدبره.

ومنه (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ): مُفَصَّلَاتٍ: قال الألوسي في روح المعاني: مبينات لا يشك عاقل أنها آيات إلهية لا سحر كما يزعمون

ومنه (وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا): فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا: قال الجلال السيوطي في الجلالين: بيناه تبينا.

انتهى.

*قوله {لِقَومٍ يَعلَمون}:* يستدلون بها على قدرة الله.
قاله الواحدي في الوجيز.

قال الطبري في تفسيره: إذا تدبروها، حقيقةَ وحدانية الله وصحةَ ما يدعوهم إليه محمد صلى الله عليه وسلم ، من خلع الأنداد ، والبراءة من الأوثان.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وفي هذا تعريض بأن الذين لم ينتفعوا بتفصيل الآيات ليسوا من الذين يعلمون ولا ممن رسخ فيهم العلم.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره:{لقوم يعلمون} وهم المؤمنون.

..............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ} يونس (6).

*قوله {إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ}:* الليل: ظلام من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني، هو جمع ليلة كتمر وتمرة.
قاله البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور.

*قوله {وَالنَّهَارِ}:* النهار: انفتاح الظلمة عن الضياء ما بين طلوعالفجرإلىغروبالشمس.
قاله ابن فارس في مقاييس اللغة.

قال ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم: وقال بعضهم: النهار: انتشار ضوء البصر وافتراقه، والليل: انحسار ضوء البصر واجتماعه.

انتهى.

ومعنى قوله تعالى {إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}: [أي] بالذهاب والمجيء والزيادة والنقصان.
قاله السيوطي في الجلالين.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: {إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}: أي في مجيء كلّ واحد منهما خلف الآخر وتعاقبهما.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: في مجيء الليل وذهاب النهار، ومجيء النهار وذهاب الليل.

قال الواحدي في الوسيط: {إن في اختلاف الليل والنهار} في تعاقبهما ومجيئهما وذهابهما.

قال الماوردي في النكت والعيون: اختصّ النهار بضيائه، وانفرد الليل بظلمائه، من غير استيجاب لذلك، ومن غير استحقاق عقاب لهذا، وفى هذا دليل على أنّ الردّ والقبول، والمنع والوصول، ليست معلولة بسبب، ولا حاصلة بأمر مكتسب كلّا.. إنها إرادة ومشيئة، وحكم وقضية.

*قوله {وَمَا}:* أي وفيما.
قاله البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور.

*قوله {خَلَقَ اللَّهُ}:* أي أوجد الله. والخلق: الايجاد.

قال الشوكاني في فتح القدير: ومعنى خلق: أوجد وأبدع.

قال الكفوي في الكليات: والخلق:تقديروإيجاد، وقد يقال للتقديرمن غيرإيجاد. والإيجاد: إعطاء الوجود مطلقا.

قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: والخلق: فعل الشيء على ما تقتضيه الحكمة، وأصله التقدير.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والخلقالإيجادوإبرازالشيء إلى الوجود، وهذا الإطلاق هو المراد منه عند إسناده إلى الله تعالى أو وصف الله به.

*قوله {فِي السَّمَاوَاتِ}:* من شمسها وقمرها ونجومها.
قاله ابن أبي زمنين في تفسيره.

قال الواحدي في الوسيط: من الشمس والقمر والنجوم والبروج والأفلاك وفي الأرض من الجبال والبحار.

*قوله {وَ}:* في.
قاله السيوطي في الجلالين.

*قوله {الْأَرْضِ}:* من العجائب.
قاله السمرقندي في البحر.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: من جبالها وأشجارها وثمارها وأنهارها.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: قوله {وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} لفظ عام لجميع المخلوقات.

*قوله {لَآيَاتٍ}:* يعني: علامات، ودلالات. وقد سبق ذكر نظائرها - بحمد الله -.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: أي لحجج وعلامات على توحيدالله - جلت عظمته -.

*قوله {لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ}:* الله، فيخافون وعيده ويخشون عقابه على إخلاص العبادة لربهم.
قاله الطبري في تفسيره.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: تشريفا لهم إذ الاعتبار فيهم يقع ونسبتهم إلى هذه الأشياء المنظور فيها أفضل من نسبة من لم يهتد ولا اتقى.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وجعلت الآيات هنا لقوم يتقون وفي آية البقرة ( 164 ) { لقوم يعقلون } وفي آية آل عمران ( 190 ) لأولي الألباب لأن السياق هنا تعريض بالمشركين الذين لم يهتدوا بالآيات ليعلموا أن بعدهم عن التقوى هو سبب حرمَانهم من الانتفاع بالآيات ، وأن نفعها حاصل للذين يتقون، أي يحذرون الضلال.

..............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿إِنَّ الَّذينَ لا يَرجونَ لِقاءَنا وَرَضوا بِالحَياةِ الدُّنيا وَاطمَأَنّوا بِها وَالَّذينَ هُم عَن آياتِنا غافِلونَ﴾ [يونس: 7].

*قوله {إِنَّ الَّذينَ لا يَرجونَ}:* لا يَرجونَ: لايخافون.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، ومكي في تفسير المشكل، وبيان الحق النيسابوري في باهر البرهان في توضيح مشكلات القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره، والواحدي في الوجيز، والقرطبي في تفسيره، والبغوي في تفسيره، وأبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، وغيرهم.

زاد أبو عبيدة: ولايخشون، وقال:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها...وحالفها فى بيت نوب عوامل.

وزاد ابن أبي زمنين: البعث.

قال يحيى بن سلام في التصاريف: لا يخشون بعثا.

قال البغوي في تفسيره: إنالذينلايرجونلقاءنا، أي:لايخافون عقابنا ولايرجونثوابنا، والرجاء يكون بمعنى الخوف والطمع.

قال الفراء في معاني القرآن: لايخافونلقاءنا وهي لغة تهامية: يضعون الرجاء في موضع الخوف إذا كان معه جحد.

قلت (عبدالرحيم): الرجاء هنا بمعنى الخوف، ومنه قول الشاعر:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها. أي لم يخف.

ومنه قوله تعالى (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا): يعنيلاتخافون لله عظمة.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والفراء في معاني القرآن، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن، والجصاص في أحكام القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، والكفوي في الكليات، وغيرهم.

إلا أن غلام ثعلب قال: أي لا تخافون، وترجون تعظمون.

زاد الفراء: وهي لغة حجازية. وقال الراجز:
لاترتجي حين تلاقي الذائدا...أسبعةلاقت معا أم واحدا.

ومنه (إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا): أي لا يخافون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.

ومنه (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآَخِرَ): وَارْجُوا: وخافوا.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني خافوا يوم القيامة، لأنه آخر الأيام.

ومنه (بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا): {لايرجوننشورا}، معناه:لايخافون، وهذه كلمة تهامية، وهي أيضا من لغة هذيل، إذا كان مع الرجاء جحد ذهبوا به إلى معنى الخوف، فيقولون: فلانلايرجو ربه، يريدون:لايخاف ربه.
قاله الفراء في كتاب فيه لغات.

ومنه (مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآَتٍ): يقول:منكانيخشى البعث.
قاله ابن أبي زمنين في تفسيره.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: أي:منكانيخاف يوم لقاءالله.

ومنه (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآَنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ): يقول:قالالذينلايخافونعقابنا ولايوقنون بالمعاد إلينا ولايصدقون بالبعث لك: {ائتبقرآن غير هذا أو بدله} يقول: أو غيره.
قاله الطبري في تفسيره.

ومنه (وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا): لَا يَرْجُون: أيلايخافون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.

ومنه (قُلْ لِلَّذِينَ آَمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ): (لايرجونأيام الله) يعينلايخافون بلغة هذيل.
ذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات في القرآن.

ومنه (فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ): معناه: ندع
الذينلايخافونالبعث،لانهلكهم إلى مدتهم، ولكن نذرهم.
قاله مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية.

ومنه (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا): يقول: فمنيخافربهيوم لقائه، ويراقبه على معاصيه، ويرجوثوابه على طاعته.
قاله الطبري في تفسيره.

*قوله {لِقاءَنا}:* يريد البعث، وذلك لكفرهم، وتكذيبهم وشكهم فيه.

كما قال (أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ)،

وقال (بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ).

وقال (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ).

ونحوه قوله تعالى (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ).

قال الجرجاني في درج الدرر: {لقاءنا} الحساب والعرض.

*قوله {وَرَضوا}:* يعني هؤلاء الذين لا يخافون البعث.

*قوله {بِالحَياةِ الدُّنيا}:* وكرهوا الآخرة.

قال أبو حيان في البحر المحيط: وفي الكلام محذوف أي:ورضوابالحياة الدنيا من الآخرة كقوله: (أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة) والمعنىأنمنتهى غرضهم وقصارى آمالهمإنما هو مقصور على ما يصلون إليه في الدنيا.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله(ورضوا بالحياة الدنيا) يريد كانت آخر همهم ومنتهى غرضهم.

قال البغوي في تفسيره: ورضوابالحياة الدنيا، فاختاروها وعملوا لها، واطمأنوا بها، وسكنوا إليها.

قال الجرجاني في درج الدرر: {ورضوا بالحياة الدنيا}الذينآثروا شهواتها على السعي للآخرة، وقنعوا بالحياة الدنيا لأنها مبلغهم من العلم فليست لهم همة الآخرة.

*قوله {وَاطمَأَنّوا}:* سكنوا، وركنوا إليها كأنهم خلقوا من أجل البقاء فيها، وهذه صفة الأشقياء.

قال سراج الدين النعماني في اللباب: والتقدير: وقد اطمأنوا.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله (واطمأنوا بها) تكميل في معنى القناعة بها والرفض لغيرها لأن الطمأنينة بالشيء هي زوال التحرك إلى غيره.

قال الجرجاني في درج الدرر: أخلدوا إليها لجهلهم بالآخرة ولكراهة ما قدمت أيديهم، همالذينيحجبهم المحسوس عن المعقول.

قال أبو السعود في تفسيره: {واطمأنوا بها} أي سكنوا فيها سكون منلابراح له منها آمنين من اعتراء المزعجات غير مخطرين ببالهم ما يسوؤهم من عذابنا.

*قوله {بِها}:* بالحياة الدنيا.

*قوله {وَالَّذينَ هُم}:* هو قسم من الكفار غير القسم الأول، وذلك التكرير الموصول، فيدل على المغايرة، ويكون معطوفا على اسمإنويكون أولئك إشارة إلى صنفي الكفار ذي الدنيا المتوسع فيها الناظر في الآيات، فلم يؤثر عنده رجاء لقاء الله، بل رضي بالحياة الدنيا لتكذيبه بالبعث والجزاء، والعادم التوسع الغافل عن آيات الله الدالة على الهداية.
قاله أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط.

*قوله {عَن آياتِنا غافِلون}:* أي عن أدلتنالايعتبرون.
قاله البغوي في تفسيره.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: "والمراد بالغفلة : إهمال النظر في الآيات أصلاً ، بقرينة المقام والسياق وبما تومىء إليه الصلة بالجملة الاسمية{ هم عن آياتنا غافلون }الدالة على الدوام ، وبتقديم المجرور في قوله{ عن آياتنا غافلون }من كون غفلتهم غفلة عن آيات الله خاصة دون غيرها من الأشياء... "

..............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿أُولئِكَ مَأواهُمُ النّارُ بِما كانوا يَكسِبونَ﴾ [يونس: 8].

*قوله {أُولئِكَ}:* يعني المشار إلى وصفهم في قوله (إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ).

قال السعدي في تفسيره: {‏أُولَئِكَ‏}‏ الذين هذا وصفهم.

*قوله {مَأواهُمُ}:* مصيرهم.

وأصل المأوى: المصير، والمثوي، والمقام.
ومنه قوله تعالى (فَأَمّا مَن طَغى *وَآثَرَ الحَياةَ الدُّنيا * فَإِنَّ الجَحيمَ هِيَ المَأوى): المَأوى: المصير الذي لا حول لهم عنه.

وقوله (فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ): مَأْوَاكُمُ: مصيركم؛ لذا قال "وبئس المصير". فهم يأوون إلى النار قسرا (قهرا)، ثم مصيرهم الخلود، لا ينفكون عنها، ولا تنفك عنهم؛ تلازمهم ملازمة الغريم، كما قال (إن عذابها كان غراما) أي ملازما لهم كلزوم الغريم.

وقوله - عن أهل الإيمان - (وأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

قال الطبري في تفسيره: المأوى: المصير الذي يأوون إليه يوم القيامة، فيصرون فيه.

قال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: المأوى: المصير.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والمأوى: المصير والمرجع.
انتهى

فمعنى قوله تعالى {أُولئِكَ مَأواهُمُ}: مأواهم أي مثواهم ومقامهم.
قاله القرطبي في تفسيره.

قال السعدي في تفسيره: أي‏مقرهم ومسكنهم التي لا يرحلون عنها‏.‏

*قوله {النّارُ}:*تحرقهم؛ بحرها، وشدة بردها؛ والزمهرير: شدة البرد؛ وتصديقه قوله تعالى {لا يرون فيها شمسا ولازمهريرا}: قال الطبري في تفسيره: لا يرون فيهاشمسا فيؤذيهم حرها، ولازمهريرا، وهوالبردالشديد، فيؤذيهم بردها.

قال السمرقندي في بحر العلوم: قوله تعالى:(أولئكمأواهمالنار)، يعني: أهل هذه الصفة مصيرهم إلىالنار.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: ثم حتم عليهم بالناروجعلهامأواهم، وهو حيث يأوي الإنسان ويستقر.

*قوله {بِما كانوا يَكسِبون}:* تقديره: جوزوا بما كانوا يكسبون؛ أي بسبب ما كانوا يكسبون من الآثام؛ التي أعظمها الكفر بالله.

قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: {مأواهمالناربما} أي بسبب ما.

قال السمين الحلبي في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون: و «بماكانوا» متعلقبماتضمنته الجملة من قوله: «مأواهمالنار» والباء سببية، و «ما» مصدرية، وجيء بالفعل بعدها مضارعا دلالة على استمرار ذلك في كل زمان.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {بماكانوايكسبون} يتعلق بمحذوف دل عليه الكلام وهو جوزوا.

قال الدعاس في إعراب القرآن: (بِما):الباء حرف جر وما موصولية متعلقان بفعل محذوف تقديره وجوزوا. (كانُوا): كان واسمها والجملة صلة.

قال الطبري في تفسيره: (بما كانوا يكسبون)، في الدنيا من الآثام والأجْرام، ويجْترحون من السيئات.

قال البغوي في تفسيره، والقرطبي في تفسيره:من الكفر والتكذيب.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ: {بماكانوايكسبون} (في) الدنيا من الآثام.

قال ابن كثير في تفسيره: (أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) بأن مأواهم يوم معادهم النار، جزاء على ما كانوا يكسبون في دنياهم من الآثام والخطايا والإجرام ، مع ما هم فيه من الكفر بالله ورسوله واليوم الآخر.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: ثم جعل ذلك بسبب كسبهم واجتراحهم، وفي هذه اللفظة رد على الجبرية ونص على تعلق العقاب بالتكسب الذي للإنسان.

..............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿إِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ يَهديهِم رَبُّهُم بِإيمانِهِم تَجري مِن تَحتِهِمُ الأَنهارُ في جَنّاتِ النَّعيمِ﴾ [يونس: 9].

*قوله {إِنَّ الَّذينَ آمَنوا}:* إن الذين صدَّقوا الله ورسوله.
قاله الطبري في تفسيره.

*قوله {وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ}:* على عادة القرآن يجمع بين الإيمان، وعمل الصالحات؛ لما فيه من أهمية العمل. وترك المنهي عنه كذلك من عمل الصالحات.

قال الطبري في تفسيره: (وعملوا الصالحات)، وذلك العمل بطاعة الله والانتهاء إلى أمره.

قال السعدي في تفسيره: يقول تعالى ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ‏}‏ أي‏:‏ جمعوا بين الإيمان، والقيام بموجبه ومقتضاه من الأعمال الصالحة، المشتملة على أعمال القلوب وأعمال الجوارح، على وجه الإخلاص والمتابعة‏.‏

*قوله {يَهديهِم رَبُّهُم}:* أي لا يزال يهديهم، دل عليه الفعل المضارع.

ومعنى هداية الله لهم: أنه - تعالى - يرشدهم، ويوفقهم إلى عمل الخيرات، وإلى مرضاته، وإلى الأعمال الصالحة؛ التي تزيد إيمانهم وتستوجب لهم الجنة، وعونهم على التوبة والتخلص من الآثام قبل الممات، وغير ذلك من صور هداية الله لعبده المؤمن؛ ونحوه قوله تعالى (والذين اهتدوا زادهم هدى).

قال الطبري في تفسيره - في قوله (يَهديهِم رَبُّهُم) -: يرشدهم ربهم بإيمانهم به إلى الجنة.

قال النسفي في تفسيره: يسددهم بسبب إيمانهم للاستقامة على سلوك الطريق السديد المؤدي إلى الثواب.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ} أي يسددهم بسبب إيمانهم إلى الاستقامة أو يهديهم في الآخرة إلى طريق الجنة.

قال أبو حيان الاندلسي في البحر المحيط: أي يزيد في هداهم بسبب إيمانهم السابق وتثبتهم.

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ} بسبب إيمانهم إلى الصراط حتى يصلوا إلى الجنة بالسلامة.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير؛ فمعنى { يهديهم ربهم } يرشدهم إلى ما فيه خيرهم . والمقصود الإرشاد التكويني ، أي يخلق في نفوسهم المعرفة بالأعمال النافعة وتسهيل الإكثار منها . وأما الإرشاد الذي هو الدلالة بالقول والتعليم فالله يخاطب به المؤمنين والكافرين.

وقال أيضا - الطاهر بن عاشور -: والإتيان بالمضارع للدلالة على أن هذه الهداية لا تزال متكررة متجددة . وفي هذه الجملة ذكر تهيؤ نفوسهم في الدنيا لعُروج مراتب الكمال.

*قوله {بِإيمانِهِم}:* بسبب إيمانهم. ونحوه تعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا).

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والباء في { بإيمانهم } للسببية.

قال الراغب الأصفهاني في تفسيره: فنبه أن ذلك بجهدهم وبفضله جميعا.

قال القرطبي في تفسيره: (يهديهم ربهم بإيمانهم) أي يزيدهم هداية؛ كقوله : (والذين اهتدوا زادهم هدى).

*قوله {تَجري مِن تَحتِهِمُ الأَنهارُ}:* يعني تجري من بين أيديهم؛ كما قال تعالى - على لسان فرعون - (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي): قال الطبري في تفسيره: بمعنى: من دوني، بين يديّ.

قال الواحدي في الوسيط: وقوله: {تجري من تحتهم الأنهار}: أي بين أيديهم وهم يرونها من أسرتهم وقصورهم.

قال البغوي في تفسيره: {تجري من تحتهم الأنهار}: أي بين أيديهم، كقوله عز وجل : {قد جعل ربك تحتك سريا} لم يرد به أنه تحتها وهي قاعدة عليه، بل أراد بين يديها.

قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى {تجري من تحتهم الأنهار} قيل: في الكلام واو محذوفة، أي وتجري من تحتهم ، أي من تحت بساتينهم. وقيل: من تحت أسرتهم؛ وهذا أحسن في النزهة والفرجة.

*قوله {في جَنّاتِ النَّعيم}:* الدائم الذي لا ينقطع، والذي لا يشوبه ما يشوب نعيم الدنيا من الأوجاع والمنغصات؛ كما قال تعالى (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا).

قال السعدي في تفسيره؛ في قوله ‏{‏فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ‏}‏: أضافها الله إلى النعيم، لاشتمالها على النعيم التام...".
..............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿دَعواهُم فيها سُبحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُم فيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعواهُم أَنِ الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ﴾ [يونس: 10].

*قوله {دَعواهُم}:* يعني دعاءهم.
قاله الطبري في تفسيره، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه، ومكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، والسمعاني في تفسيره، والقرطبي في تفسيره، وابن الجوزي في زاد المسير، والنسفي في مدارك التنزيل، والشوكاني فس فتح القدير، وإلايجي الشافعي في جامع البيان، وغيرهم.

إلا أن مكي قال: حكى سيبويه: الدعوى بمعنى الدعاء. فالمعنى دعاؤهم في الجنة:سبحانكاللهم.

وزاد الشوكاني: قوله:دعواهم: ونداؤهم.

زاد القرطبي: والدعوى مصدر دعا يدعو، كالشكوى مصدر شكا يشكو.

وزاد الزجاج: يعني إن دعاء أهل الجنة تنزيه الله وتعظيمه.

وزاد النسفي: لأن اللهمنداء لله ومعناهاللهمإنا نسبحك أي يدعون الله بقولهم
سبحانكاللهمتلذذا بذكره لاعبادة.

*قوله {فيها}:* في الجنة.

*قوله {سُبحانَكَ اللَّهُمَّ}:* كلمة تنزيه؛ فتعم تنزيه الله من كل عيب، ونقص، ووصف لا يليق به - جل ذكره -.

والمعنى: تنزهت اللهم عن كل عيب ونقص عامة، وعن خلف الوعد خاصة؛ فقد وعدتنا دخول الجنة، كما أنهم ينزهون ربهم عما وصفه به الكافرون في الدنيا؛ وذلك لما يروا من جلاله وكماله عند رؤيتهم ربهم في الجنة.

قال الطبري في تفسيره: وأما قوله:(سبحانك اللهم)، فإن معناه: تنـزيها لك ، يا رب ، مما أضاف إليك أهل الشرك بك ، من الكذب عليك والفِرْية.

قال البغوي في تفسيره: ( فيها سبحانك اللهم )وهي كلمة تنزيه ، تنزه الله من كل سوء.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وسبحان: مصدر بمعنى التسبيح، أي التنزيه.

*قوله {وَ}:* أما.
قاله السعدي في تفسيره.

*قوله {تَحِيَّتُهُم}:* تحية بعضهم بعضًا.
قاله الطبري في تفسيره.

وقال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: {وتحيتهم} أي لله وفيما بينهم.

*قوله {فيها}:* في الجنة.

*قوله {سَلامٌ}:* مما ابتلي به أهل النار، ومن كل حَزن.

يريد: يسلم بعضهم على بعض بتحية الله المباركة؛ أي يدعو بعضهم لبعض بالسلامة من كل مكروه؛ أي سلمتم، وأمنتم من كل وشر، والنار أعظم الشرور التي سلموا منها؛

فالجنة بذلك دار السلام؛ سالمة من كل أذى؛ لكمال نعيمها، كما في قوله (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ): قال السعدي في تفسيره: وسمى الله الجنة ‏"‏دار السلام‏"‏ لسلامتها من جميع الآفات والنقائص، وذلك لكمال نعيمها وتمامه وبقائه، وحسنه من كل وجه‏.‏

وقوله (لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ): قال البغوي في تفسيره: يعني الجنة.

انتهى.

فمعنى قوله تعالى {وَتَحِيَّتُهُم فيها سَلامٌ}: (فيها سلام): أي سَلِمْتَ وأمِنْتَ مما ابتُلي به أهل النار.
قاله الطبري في تفسيره.

قال البغوي في تفسيره: قوله تعالى :(وتحيتهم فيها سلام) أي يحيي بعضهم بعضا بالسلام . وقيل: تحية الملائكة لهم بالسلام.

وقال نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن: (وتحيتهمفيهاسلام) : ملكهم سالم من الزوال.

قال السعدي في تفسيره: ‏{‏تَحِيَّتُهُمْ‏}‏ فيما بينهم عند التلاقي والتزاور، فهو السلام، أي‏:‏ كلام سالم من اللغو والإثم.

*قوله {وَآخِرُ دَعواهُم}:* وآخر دعائهم.
قاله الطبري في تفسيره.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {وآخردعواهم} وخاتمة دعائهم الذي هو التسبيح.

*قوله {أَنِ الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمين}:* أن صدقنا وعده، أورثنا الجنة، ونجانا من النار؛ فله الحمد كله؛ ولولا هدايته لنا وتوفيقه لحرمنا كل هذا، ونحوه قوله تعالى (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ).

وقوله ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).

قال البغوي في تفسيره: ( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين )يريد يفتتحون كلامهم بالتسبيح ، ويختمونه بالتحميد.

قال الشوكاني في فتح القدير: قوله: (وآخردعواهمأن الحمد لله رب العالمين) أي: وخاتمة دعائهم الذي هو التسبيح أن يقولوا: الحمد لله رب العالمين.

قال ابن كثير في تفسيره: وهذه الآية فيها شبه من قوله:(تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما)، وقوله:(لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما) وقوله:(سلام قولا من رب رحيم) وقوله:(والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار).
..............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (11).

*قوله {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَِّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُم}:* أي أنهم يدعون على أنفسهم بالشر كما يدعون لها بالخير. فلو عجل لهم من الشر ما يستعجلونه بدعائهم مثل استعجالهم الخير لهلكوا.
قاله السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي لو عجلالله للناسالشر إذا دعوا به على أنفسهم عند الغضب وعلى أهليهم وأولادهم، واستعجلوا به كما يستعجلون بالخير فيسألونه الرزق والرحمة: {لقضي إليهم أجلهم} أي: لماتوا.

قال السعدي في تفسيره: ويدخل في هذا، أن العبد إذا غضب على أولاده أو أهله أو ماله، ربما دعا عليهم دعوة لو قبلت منه لهلكوا، ولأضره ذلك غاية الضرر، ولكنه تعالى حليم حكيم‏.‏

قال البسيلي في نكت وتنبيهات في تفسير القرآن: الآية تدل على مرجوحية الاستعجال مطلقا؛ كما في قوله: (إن هؤلاء يحبون العاجلة).

قلت (عبدالرحيم): فيه مسألتان:

الأولى: أن قوله تعالى {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَِّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُم}: نظيرتها قوله تعالى (وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا): قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي يدعو على نفسه وعلى خادمه وعلى ماله، بما لو استجيب له فيه، هلك. {وكانالإنسانعجولا} أي يعجل عند الغضب. والله لا يعجل بإجابته.

انتهى

الثانية: ما جاءت "العجلة" في القرآن إلا مذمومة؛ ولفرط عجلة الإنسان كأنه خلق منها؛ لقوله {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ}: قال الألوسي في روح المعاني؛ جعللفرطاستعجاله وقلة صبره كأنه مخلوقمننفس العجل.

فما جاء الاستعجال إلا مذموما؛ كما في قوله تعالى {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ}: قال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن: {عجللناقطنا}: العذاب.

وقوله {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابَِ}: قال ابن كثير في تفسيره: يقول تعالى مخبرا عن جهل المشركين في استعجالهم عذاب الله أن يقع بهم، وبأس الله أن يحل عليهم.

وقوله {قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}: تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ: قال الجلال المحلي في الجلالين: أي بالعذاب.

وقوله {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}: قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: فلما جاءهم عذاب الله الذي استعجلوه، فرأوه سحابا عارضا في ناحية من نواحي السماء.

وقوله {قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ}: قال الألوسي في روح المعاني: أي من العذاب.

وقوله {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولا تعجل يا محمد بالقرآن، فتقرئه أصحابك، أو تقرأه عليهم.
قاله الطبري في تفسيره.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: العجلة: طلب الشيء وتحريه قبل أوانه، وهو من مقتضى الشهوة، فلذلك صارت مذمومة في عامة القرآن حتى قيل: «العجلة من الشيطان».

*قوله {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ}:* أي لماتوا، وهلكوا؛ ولكنه لا يفعل ذلك - تبارك وتعالى -؛ لسعة رحمته ولطفه.

قال الطبري في تفسيره: (لقضي إليهم أجلهم)، يقول: لهلكوا، وعُجِّل لهم الموت، وهو الأجل.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ}: أي لماتوا.

قال السمعاني في تفسيره: {لقضى إليهم أجلهم} فهلكوا جميعا وماتوا.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والقضاء: التقدير. والأجل: المدة المعينة لبقاء قوم. والمعنى: لقضي إليهم حلول أجلهم.

قلت (عبدالرحيم): قوله {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} أي لماتوا، وهلكوا. ومنه قولهم: " فلان قضى": أي مات.

ومنه قوله تعالى {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ}: قال أبو بشر البندنيجيفي التقفية في اللغة: والنحب: الموت والنذر، يقال:قضىفلاننحبهإذاماتوأوفى بنذره.

ومنه {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}: قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ومعنى (لقضيالأمر) أي لتم بإهلاكهم.

قال السمرقندي في بحر العلوم: (لقضيبينهم)يعني: لفرغ منهم بالهلاك.

ومنه {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا}: قال السمعاني في تفسيره: أي لايقضيعليهمالموتفيموتوا.

ومنه {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ}: فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ: قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: أيأمتناه.

*قوله {فَنَذَرُ}:* فندع، ونترك.ونظير ذلك في التنزيل كثير؛ من ذلك قوله تعالى {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا}: ذرني: أي اتركني.

ومنه {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا}: أي واتركني.

قال الزركشي في البرهان في علوم القرآن: وكأنه قال:اتركني واترك من خلقت وحيدا وكذلكاتركنيواترك المكذبين.

ومنه {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ}: ِّ لَا تَذَرْنِي: لا تتركني.

ومنه {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ}: أي اتركهممستقرين في غمرتهم.
قاله السمين الحلبي في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون.

*قوله {الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ}:* لا يخافون. والرجاء هنا بمعنى الخوف. وقد سبق - بحمد الله - ذكر الأشباه والنظائر لهذا المعنى.

*قوله {لِقَاءَنَا}:* يريد البعث.

قال البغوي في تفسيره: ( فنذر الذين لا يرجون لقاءنا )لا يخافون البعث والحساب.

*قوله {فِي طُغْيَانِهِمْ}:* لحين حلول آجالهم المضروبة. والمعنى: فنذر هؤلاء لحين انتهاء آجالهم؛ في تمرّدهم وعتوّهم.
قاله الطبري في تفسيره.

*قوله {يَعْمَهُونَ}:* يعني: يترددون، ويتحيرون.

قال الطبري في تفسيره، والسمعاني في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل: يعني يترددون.

وقال القرطبي في تفسيره: أي يتحيرون.

المعنى الإجمالي للآية؛ من كتاب (المختصر في غريب):

"ولو يُعَجِّل الله سبحانه استجابة دعاء الناس على أنفسهم وأولادهم وأموالهم بالشر عند الغضب، مثل ما يستجيب لهم في دعائهم بالخير - لهلكوا، ولكن الله يمهلهم، فيترك الذين لا ينتظرون لقاءه - لأنهم لا يخافون عقابًا ولا يرتجون ثوابًا - يتركهم مترددين حائرين مرتابين في يوم الحساب".
..............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿وَإِذا مَسَّ الإِنسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنبِهِ أَو قاعِدًا أَو قائِمًا فَلَمّا كَشَفنا عَنهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَم يَدعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذلِكَ زُيِّنَ لِلمُسرِفينَ ما كانوا يَعمَلونَ﴾
[يونس: 12].

*قوله {وَ}:*عطف على سابقتها.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير :عطف على جملة{ولو يعجل الله للناس الشر} [يونس : 11]الآية.

*قوله {إِذا مَسَّ الإِنسانَ}:* مَسَّ: أصابه.
قاله النسي في مدارك التنزيل، وأبو السعود في تفسيره.

قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى {إِذا مَسَّ الإِنسانَ}: مس: معناه: أصاب. ومنه قوله تعالى (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ): يعني:تصيبكمالنار.
قاله السمرقندي في بحر العلوم.

ومنه (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ): وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ: أي وما أصابنا تعب، وإعياء.
قاله الواحدي في الوجيز.

ومنه (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ): يعني أصابني الشيطان بتعب وألم.
قاله الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير.

ومنه (قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ): مسني الكبر أي: بعد ما أصابني الكبر والهرم.
قاله السمرقندي في بحر العلوم.

ومنه (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً): تَمَسَّنَا: تصيبنا.
قاله ابن الهائم في التبيان.

ومنه (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ): مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ: أصابتهم البأساء.
قاله مقاتل بن سليمان في تفسيره.

ومنه (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ): إِنْ يَمْسَسْكُمْ: إن يصبكم.
قاله الطبري في تفسيره.

ومنه (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ): يَمْسَسْكَ: يصيبك.
قاله الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن.

ومنه (هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ): وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ: يعني لا تصيبوها بعقر، يعني لا تقتلوها.
قاله السمرقندي في البحر.

ومنه (ُوَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ): وما أصابني الضر والفقر.
قاله الواحدي في الوسيط.

ومنه (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ):مسنا" أيأصابنا.
قاله القرطبي في تفسيره.

ومنه (لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ): لايمسهم،لايصيبهم، فيها نصب، أي: تعب [ومشقة].
قاله البغوي في تفسيره.

ومنه (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ): لَمَسَّكُمْ: لأصابكم.
قاله الواحدي في الوسيط.

*قوله {الضُّرُّ}:* الجهد والشدة.
قاله البغوي في تفسيره، وابن الجوزي في زاد المسير.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: وإذا أصاب الإنسان الشدة والجهد.

*قوله {دَعانا}:* ندانا، واستغاث بنا، بتضرع وإخلاص، وإلحاح، أن نكشف عنه. ونحوه قوله تعالى (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ).

قال السمرقندي في بحر العلوم: {دَعانا} دعانا يقول أخلص في الدعاء إلينا.

قال الطبري في تفسيره: (دعانا لجنبه) ، يقول: استغاث بنا في كشف ذلك عنه.

قال القاسمي في محاسن التأويل: {وإذا مس الإنسان الضر دعانا} أي لكشفه وإزالته.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والدعاء: هنا الطلب والسؤال بتضرع.

*قوله {لِجَنبِه}:* يعني على جنبه.
قاله سراج الدين النعماني في اللباب، والخطيب الشربيني في السراج المنير.

قال البغوي في تفسيره: أي على جنبه مضطجعا.

قال الفراء في معاني القرآن: فلجنبه، وعلى جنبه سواء.

قال القاسمي في محاسن التأويل: واللام بمعنى (على) أي على جنبه.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: واللام في قوله : {لجنبه} بمعنى (على) كقوله تعالى : { يخرون لِلأذقان } وقوله : {وتلَّه للجبين}.

*قوله {أَو قاعِدًا أو قائِمًا}:* أي ودعانا قائما وقاعدا؛ يريد على كل حاله يدعو وبه عند الضر؛ لأن ابن آدم لا يخلو حاله من اضجاع (استلقاؤه ووضع جنبه بالأرض)، أو قعود، أو قيام.

قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ: والمعنى: دعاء في سائر أحواله لأن الإنسان لا يخلو حاله عن إحدى هذه الهيئات.

قال البغوي في تفسيره، والقرطبي في تفسيره: (أو قاعدا أو قائما) يريد في جميع حالاته ، لأن الإنسان لا يعدو إحدى هذه الحالات.

قال الخطيب الشربيني في السراج المنير: {أو قاعدا أو قائما} وفائدة التردد تعميم الدعاء لجميع الأحوال أو لأصناف المضار.

قال سراج الدين النعماني في اللباب في علوم الكتاب: وقيل: وإنما بدأ بالمضطجع؛ لأنه بالضر أشد في غالب الأمر، فهو يدعو أكثر، والاجتهاد فيه أشد، ثم القاعد ثم القائم.

*قوله {فَلَمّا كَشَفنا}:* كشفنا: دفعنا.
قاله البغوي في تفسيره، ومجير الدين العليمي في تفسيره.

قال الطبري في تفسيره؛ (فلما كشفنا عنه ضره) ، يقول: فلما فرّجنا عنه الجهد الذي أصابه.

قال النسفي مدارك التنزيل: أزلنا ما به.

قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى {فَلَمّا كَشَفنا}: أي فلما أزلنا، ورفعنا، ودفعنا، وصرفنا، وفرجنا؛ وكلها من معاني رفع الضر.

ومنه قوله تعالى (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ): رفعنا عنهم العذاب تقديرا لهم {ومتعناهم إلى حين} يقول: وأجلناهم إلى الموت، عرف الله الصدق منهم فرفع العذاب عنهم ولم يقبله من غيرهم.
قاله الجرجاني في درج الدرر.

ومنه قوله تعالى ومنه {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ}: يعني: رفعنا ما به من شدة.
قاله السمرقندي في بحر العلوم.

ومنه {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}: وَيَكْشِفُ السُّوءَ: أي ومن يزيل السوء سواه.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والمعنى: من يزيل السوء.

ومنه {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ}: كشفنا عنهم أي: صرفنا عنهم.
قاله ابن الجوزي في زاد المسير.

قال الطبري في تفسيره: فلمارفعناعنهم العذاب الذي أنزلنا بهم.

ومنه {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}: {فكشفنا}: أي أزلنا ورفعنا.
قاله الهرري في حدائق الروح والريحان.

قال السمين الحلبي في العمدة: أي رفعنا الحجاب الدنيوي عنك في الآخرة فصار بصرك حديدا ثابتا.

*قوله {عَنهُ ضُرَّهُ}:* الذي أصابه، ونزل به.

قال الطبري في تفسيره: (فلما كشفنا عنه ضره) ، يقول: فلما فرّجنا عنه الجهد الذي أصابه.

*قوله {مَرَّ}:* معرضا عنا كما كان؛ وقد كان من قبل يدعونا بدعاء عريض؛ أي كثير.

وهذا من كفران ابن آدم، كما في قوله تعالى {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ}: فذو دعاء عريض: قال الجلال المحلي في الجلالين: كثير.

قال يحيى بن سلام في التصاريف: {مَرَّ}: معرضا عنا.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: أي مر معرضا عن الله - عز وجل - الذي كشف عنه الضر.

قال أبو السعود في تفسيره: {مر} أي مضى واستمر على طريقته التي كان ينتحيها قبل مساس الضر ونسي حالة الجهد والبلاء أو مر عن موقف الضراعة والابتهال ونأى بجانبه.

*قوله {كَأَن}:* كأنه.
قاله ابن أبي زمنين في تفسيره.

قال سراج الدين النعماني في اللباب: تقديره: كأنه لم يدعنا، ثم أسقط الضمير تخفيفا، كقوله تعالى {كأن لم يلبثوا}.

*قوله {لَم يَدعُنا إِلى}:* كشف.

*قوله {ضُرٍّ مَسَّهُ}:* أصابه من قبل. ولو شئنا أنزلناه به مرة أخرى بعدما كشفنا عنه.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: إلى بلاء أصابه قبل ذلك فلم يشكره.

قال البغوي في تفسيره، والقرطبي في تفسيره: أي استمر على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضر ، ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء ، كأنه لم يدعنا إلى ضر مسه أي : لم يطلب منا كشف ضر مسه.

وقال القرطبي - أيضا -: وهذه صفة كثير من المخلصين الموحدين ، إذا أصابته العافية مر على ما كان عليه من المعاصي؛ فالآية تعم الكافر وغيره .

قال الطبري في تفسيره: يقول: استمرَّ على طريقته الأولى قبل أن يصيبه الضر، ونسي ما كان فيه من الجهد والبلاء أو تناساه، وترك الشكر لربه الذي فرّج عنه ما كان قد نـزل به من البلاء حين استعاذ به...

قال السعدي في تفسيره: أي‏:‏ استمر في غفلته معرضا عن ربه، كأنه ما جاءه ضره، فكشفه الله عنه، فأي ظلم أعظم من هذا الظلم‏؟‏‏"‏ يطلب من الله قضاء غرضه، فإذا أناله إياه لم ينظر إلى حق ربه، وكأنه ليس عليه لله حق‏.‏ وهذا تزيين من الشيطان، زين له ما كان مستهجنا مستقبحا في العقول والفطر‏.‏

*قوله {كَذلِكَ زُيِّنَ لِلمُسرِفينَ}:* المجاوزين الحد في الكفر والمعصية.
قاله البغوي في تفسيره.

قال ابن الجوزي في زاد المسير: قوله تعالى: {كذلك زين للمسرفين} المعنى: كما زين لهذا الكافر الدعاء عند البلاء والإعراض عند الرخاء، كذلك زين للمسرفين، وهم المجاوزون الحد في الكفر والمعصية، عملهم.

..............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
888*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*

قوله تعالى
﴿وَلَقَد أَهلَكنَا القُرونَ مِن قَبلِكُم لَمّا ظَلَموا وَجاءَتهُم رُسُلُهُم بِالبَيِّناتِ وَما كانوا لِيُؤمِنوا كَذلِكَ نَجزِي القَومَ المُجرِمينَ﴾ [يونس: 13].

*قوله {وَلَقَد}:* تحقيق.

قال الصافي في الجدول في إعراب القرآن: (اللام) لام القسم لقسم مقدر (قد) حرف تحقيق.

*قوله {أَهلَكنَا}:* الإهلاك : الاستيصال والإفنا.
قاله الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير.

*قوله {القُرونَ}:* الأمم.
قاله السيوطي في الجلالين.

*قوله {مِن قَبلِكُم}:* يعني من قبل كفار مكة.

قال الواحدي ف الوجيز: يخوِّف كفار مكَّة بمثل عذاب الأمم الخالية.

*قوله {لَمّا}:* حينما.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير: اسم زمان بمعنى حين على التحقيق.

*قوله {ظَلَموا}:* أشركوا.
قاله ابن أبي زمنين في تفسيره، والبغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل.

قال القرطبي في تفسيره: أي كفروا وأشركوا.

قال الطبري في تفسيره: يقول: لما أشركوا وخالفوا أمر الله ونهيه.

قال ابن الجوزي في زاد المسير: والظلم هاهنا بمعنى الشرك.

قلت (عبدالرحيم): وتصديقه قوله تعالى- على لسان لقمان - (يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)،

وقوله (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ): وروى الشيخان، من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: لما نزلت (الَّذينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) شَقَّ ذَلِكَ عَلى الْمُسْلِمينَ؛ فَقالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّنا لاَ يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ، إِنَّما هُوَ الشِّرْكُ؛ أَلَمْ تَسْمَعُوا ما قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهوَ يَعِظهُ (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكُ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).

وقوله - على لسان ذي القرنين - {قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا}: من ظلم نفسه بالشرك والكفر، وإلا فلا يجرؤ أحد على الظلم في زمان ذي القرنين.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: ظلم في هذه الآية بمعنى كفر.

قال الطبري في تفسيره: (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُه): يقول: أما من كفر فسوف نقتله.

قال البيضاوي في تفسيره: أما من دعوته فظلم نفسه بالإصرارعلىكفره أواستمرعلىظلمهالذيهو الشرك فنعذبه أنا ومن معي في الدنيا بالقتل، ثم يعذبه الله في الآخرة عذابا منكرا لم يعهد مثله.

*قوله {وَ}:* حينما.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير: وجملة : {وجاءته} معطوفة على جملة {ظلموا}.

*قوله {جاءَتهُم}:* أرسلت إليهم.

*قوله {رُسُلُهُم}:* من عند الله.
قاله الطبري في تفسيره.

*قوله {بِالبَيِّنات}ِ:* أي ما كان ليهلكهم إلا بعدما قامت الحجة، وبانت المحجة.

قال الطبري في تفسيره: وهي الآيات والحجج التي تُبين عن صدقِ من جاء بها.

قال القرطبي في تفسيره: أي بالمعجزات الواضحات والبراهين النيرات .

قال الطاهر بن عاشور في التحرير: والبينات : جمع بينة ، وهي الحجة على الصدق.

وقال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: بالآيات بالأمر والنهي.

*قوله {وَما كانوا لِيُؤمِنوا}:* أخبر بعلمه فيهم.
قاله ابن أبي زمنين في تفسيره.

قال القرطبي في تفسيره: أي أهلكناهم لعلمنا أنهم لا يؤمنون.

قال السمرقندي في بحر العلوم: {وما كانوا ليؤمنوا}، يعني: لم يصدقوا الرسل ولم يرغبوا في الإيمان.

قال الزجاج في معاني القران واعرابه: المعنى كالمعنى من قوله: (فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل). أعلم الله - جل ثناؤه أنهم لا يؤمنون ولو أبقاهم أبدا.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقوله {وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا} إخبار عن قسوة قلوبهم وشدّة كفرهم.

قال الطاهر وعبر عن انتفاء إيمانهم بصيغة لام الجحود مبالغة في انتفائه إشارة إلى اليأس من إيمانهم .

قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى {وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا}: أخبر أنهم لايؤمنون، كما أخبر عن أبي لهب أنه من أهل النار وقد كان يمشي بين ظهراني الخلق؛ ففي الآية رد على القدرية - مجوس هذه الأمة -؛ فالله يعلم ما كان وما لم يكن كيف يكون إذا أذن فيه الله؛ وقد سبق - بحمد الله - بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في هذه المسألة عند تعرضنا لتفسير سورة التوبة؛ في قوله تعالى { لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}.

*قوله {كَذلِكَ}:* أي كما أهلكناهم بكفرهم.
قاله مجير الدين العليمي في فتح الرحمن في تفسير القرآن.

*قوله {نَجزِي}:* نعاقب.
قاله البغوي في تفسيره، والسمرقندي في البحر، وابن الجوزي في زاد المسير.

زاد البغوي، وابن الجوزي: ونهلك.

قلت (عبدالرحيم): يأتي الجزاء في التنزيل على عدة معان:

منها: العقاب؛ كما في الآية التي نحن بصددها، وكما في قوله (وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى): نَجْزِي: أي نهلك.

ومنها: الثواب على الطاعة، والثواب على المعصية؛ كما في قوله (إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى): أي لتجزي كل نفس بميزان (فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ * وَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).

ومنها: البدل والعوض؛ كما فط قوله (فجزاء مثل ما قتل من النعم): قال ابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب: أي فعليه بدل ما قتل.

*قوله {القَومَ المُجرِمينَ}:* الكافرين المكذبين؛ يريد: كذلك نجزي من أصر منكم على تكذيبه.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره، وابن الجوزي في زاد المسير: {كذلك نجزي القوم المجرمين} المشركين.

إلا ان ابن الجوزي قال: القوم المجرمين: يعني المشركين من قومك.

وقال السمرقندي: الكافرين.

قال الطاهر بن عاشور: والتعريف في { القوم المجرمين } للاستغراق فلذلك عم القرون الماضية وعم المخاطبين ، وبذلك كان إنذاراً لقريش بأن ينالهم ما نال أولئك . والمُراد بالإجرام أقصاه ، وهو الشرك .

..............................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424
 
*معاني وغريب القرآن، والحديث - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: +966509006424*

قوله تعالى
﴿ثُمَّ جَعَلناكُم خَلائِفَ فِي الأَرضِ مِن بَعدِهِم لِنَنظُرَ كَيفَ تَعمَلونَ﴾ [يونس: 14].

*قوله {ثُمَّ}:* عطف على قوله {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}.

قال الدعاس في إعراب القرآن: (ثُمَّ)عاطفة.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: عطف على{أهلكنا}[ يونس : 13 ]وحرف(ثم)مؤذن ببعد ما بين الزمنين ، أي ثم جعلناكم تخلفونهم في الأرض.

*قوله {جَعَلناكُم}:* يا أمة محمد.
قاله مقاتل بن سليمان في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم.

قال النسفي في مدارك التنزيل: الخطاب للذين بعث اليهم محمد صلى الله عليه وسلم.

قال السيوطي في الجلالين، وإلايجي الشافعي في جامع البيان: {ثمجعلناكم} يا أهل مكة.

قلت (عبدالرحيم): لا تعارض بين هذه الأقوال؛ لأنه يطلق لفظ "الأمة " ويراد به: أمة الدعوة فيدخل فيها الكفار وفي الحديث: "وبعثت للناس عامة" (1)؛ يعني هي محل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم؛ وعليه يحمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍبِيَدِهِ،لَايَسْمَعُبِيأَحَدٌمِنْهَذِهِالْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَانَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْبِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّاكَانَمِنْأَصْحَابِ النَّارِ» (2).

ويطلق أيضا لفظ "الأمة" ويراد به: أمة الإجابة؛ فيدخل فيه المسلمون؛ وعليه يحمل قول النبي صلى الله وبركاته: «إِنَّأُمَّتِييُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ...». (3).

*قوله {خَلائِفَ}:* جمع خليفة؛ أي استخلفناكم، وجعلناكم خلفاء تخلفون الأمم التي أهلكناهم؛ فأورثناكم الأرض من بعدهم.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وخلائفجمع خليفة.

قال القرطبي في تفسيره: أي جعلناكم سكانا في الأرض.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ): قال ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن: {خلائفالأرض} أي سكان الأرض يخلف بعضكم بعضا: واحدهم خليفة.

*قوله {فِي الأَرض}:* المراد بالأرض: بلاد العرب ، فالتعريف فيه للعهد؛ لأن المخاطبين خلفوا عاداً وثموداً وطسماً وجديساً وجُرهماً في منازلهم على الجملة.
قاله الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير.

*قوله {مِن بَعدِهِم}:* يعني: من بعد هلاكهم.
قاله السمرقندي في البحر.

قال البغوي في تفسيره: أي من بعد القرون التي أهلكناهم.

*قوله {لِنَنظُرَ كَيفَ تَعمَلون}:* في دنياكم هذه التي استخلفتم فيها. ونحوه قوله تعالى (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ).

وفي صحيح مسلم، من حديث أبي سعيد الخدري، مرفوعا: «إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَمُسْتَخْلِفُكُمْفِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ».

فهو - جل ذكره - ينظر كيف نعمل؛ وليس معناه أن الله يستفيد الله علما جديدا - حاشاه - فقد علم ما يكون منهم قبل خلق الخليقة؛ فهو أعلم بأنفسهم منهم بها؛ قال الله {أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ}: سبحانك فبلى.

قال البغوي في تفسيره: {لِنَنظُرَ كَيفَ تَعمَلون}: وهو أعلم بهم.

قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: {لننظر} ونحن - بما لنا من العظمة - أعلم بكم من أنفسكم، وإنما ذلك لنراهفيعالم الشهادة لإقامة الحجة.

قلت (عبدالرحيم): وعليه فقوله تعالى {لِنَنظُرَ كَيفَ تَعمَلون} من قبيل قوله {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}: قال الطبري في تفسيره: والله عالم بذلك منهم قبل الاختبار، وفي حال الاختبار، وبعد الاختبار، ولكن معنى ذلك: ولَيُظْهِرَنَّ الله صدق الصادق منهم في قيله آمنا بالله من كذب الكاذب منهم بابتلائه إياه بعدوّه، ليعلم صدقه من كذبه أولياؤه، على نحو ما قد بيَّناه فيما مضى قبلُ.

انتهى.

قالالسمرقندي في بحر العلوم: {لِنَنظُرَ كَيفَ تَعمَلون}: وهذا على معنى التهديد، يعني: إن كانت معاملتكم مثل معاملتهمفيتكذيب الرسل، أهلكتكم كما أهلكت تلك القرون.

قال الطبري في تفسيره: {لِنَنظُرَ كَيفَ تَعمَلون} يقول: لينظر ربكم أين عملكم من عمل من هلك من قبلكم من الأمم بذنوبهم وكفرهم بربهم، تحتذون مثالهم فيه، فتستحقون من العقاب ما استحقوا، أم تخالفون سبيلَهم فتؤمنون بالله ورسوله وتقرّون بالبعث بعد الممات، فتستحقون من ربكم الثواب الجزيل.
..............................

(1)شطر من حديث رواه البخاري (٣٣٥)؛ من حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنه.

(2)رواه مسلم (١٥٣)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(3)شطر من حديث رواه الشيخان على حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

(4)رواه مسلم (٢٧٤٢)، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
.............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. +966509006424
 
عودة
أعلى