معاني وغريب القرآن " موضوع متجدد "

قوله تعالى
{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا}: النبأ: 10

*قوله {لِبَاسًا}:* أي سِترًا.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والنحاس في معاني القرآن.

زاد ابن قتيبة: لكم.
قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: سكونا يسكنون فيه.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي تسكنون فيه وهو مشتمل عليكم.

قال الجصاص في أحكام القرآن: وقد سمى الله تعالى الليل لباسا؛ لأنه يستر كل شيء يشتمل عليه بظلامه.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: وجعلنا الليل لكم غشاء يتغشاكم سواده، وتغطيكم ظلمته، كما يغطي الثوب لابسه لتسكنوا فيه عن التصرف لما كنتم تتصرفون له نهارا.
....................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
{وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا}: النبأ: 13.

*قوله (وَجَعَلْنَا):* الشمس.

*قوله (سِرَاجًا):* مضيئا.
قاله الطبري في تفسيره، والراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن، والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، وغيرهم.

زاد السمين الحلبي: قوي الضوء.

قال الألوسي في روح المعاني: مشرقا متلألئا.

*قوله (وَهَّاجًا):* أي وَقَّادًا.
قاله الزجاج في معاني وإعراب القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن.

قال ابن جزي الغرناطي: والوهّاج الوقاد الشديد الإضاءة.

قال السمين الحلبي في العمدة: الوهج: حصول الضوء وقوته.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: الوَهَجُ: حصولُ الضّوءِ والحرِّ من النّار، والوَهَجَانُ؛ كذلك وقوله:{وَجَعَلْناسِراجاًوَهَّاجاً} أي: مضيئا، وقد وَهَجَتِ النارُ تَوْهَجُ، ووَهَجَ يَهِجُ ويَوْهَجُ، وتَوَهَّجَ الجوهر: تلألأ.

وقال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط: حَارًّا مُضْطَرِمَ الِاتِّقَاد.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن، وابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل، وغيرهما: يعني الشمس.
وبه قال ابن كثير، والطبري.

قال ابن كثير في تفسيره: يعني الشمس المنيرة على جميع العالم التي يتوهج ضوؤها لأهل الأرض كلهم.

قلت (عبدالرحيم): فيه إشارة إلى قوله تعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ): لأن الليل والنهار سببهما الشمس وجودا وعدما.

قال أبو حيان في البحر المحيط: وأتىبضياء، وهو نورالشمس...

قال الزمخشري في الكشاف: ذكر الضياء وهو ضوء الشمس: لأن المنافع التي تتعلق به متكاثرة...
.....................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
*(معاني وغريب القرآن).*

الكاتب/ عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
...............

قوله تعالى
{وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ}: سورة النبأ: 14.

*قوله (مِنَ الْمُعْصِرَات):* يعني من السحاب. والواحد المعصر بلغة قريش.
ذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات.

فقوله (الْمُعْصِرَات): السحاب.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، وابن الهائم في التبيان في غريب القرآن، والشوكاني في فتح القدير، وغيرهم.

وبه قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن، ومكي بم حموش القيسي في الهداية إلى بلوغ النهاية، والراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن، ونجما لدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن، والبقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور.

إلا أنهم قالوا: أي السحائب.

زاد ابن الهائم: التي قد حان لها أن تمطر.

قال نجم الدين النيسابوري: السّحائب التي دنت أن تمطر، كالمعصرة التي دنت من الحيض.

زاد الراغب: التي تَعْتَصِرُ بالمطر.

وزاد الزجاج: لأنها تعصر الماء.

وزاد البقاعي: التي أثقلت بالماء فشارفت أن يعصرها الرياح فتمطر كما حصد الزرع - إذا حان له أن يحصد.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: والمعصرات هي السحاب وهو مأخوذ من العصر لأن السحاب ينعصر فينزل منه الماء أو من العصرة بمعنى الإغاثة. ومنه: وفيه يعصرون.

قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ: هي السحاب لأنها تعتصر المطر، أي تعض به.

قال نافع بن الأزرق: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً.
قال: المعصرات: السحاب يعصر بعضها بعضا فيخرج الماء من بين السحابتين.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يقول:
تجرّ بها الأرواح من بين شمأل ... وبين صبا بالمعصرات الدوامس».

قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين: والمعصرات: سحابات تمطر.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والمعصرات : بضم الميم وكسر الصاد السحابات التي تحمل ماء المطر واحدتها مُعصرةِ اسم فاعل من : أعْصَرَتْ السحابةُ ، إذا آن لها أن تَعْصِر ، أي تُنزل إنزالاً شبيهاً بالعَصْر .

وقيل {المعصرات}: الرياح.

قال الطبري في تفسيره: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أنه أنزل من المعصرات - وهي التي قد تحلبت بالماء من السحاب ماء.

قال ابن كثير في تفسيره: والأظهر أن المراد بالمعصرات : السحاب ، كما قال [ الله ] تعالى : (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله) [ الروم : 48 ] أي: من بينه.
 
*الوسيط في تفسير معاني وغريب القرآن*

قوله تعالى
( قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) ) الشعراء

*قوله ( مِنَ الْقَالِينَ )*: من المبغضين.
قاله الكفوي، وغلام ثعلب، وأبو حيان الأندلسي، وابن قتيبة، والنحاس، وابن الجوزي.

قال ابن قتيبة: يقال: قليت الرجل، أي أبغضته.

قال الزجاج: والقالي: التارك للشيء الكاره له غاية الكراهة.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى ): ما قلى: ما أبغضك؛ بعدما أحبك، وما تركك اصطفاك،

وخرَّجَ الشيخانِ _ واللفظ لمسلم _ من طريق الأسود بن قيس، أنه سمع جندبا، يقول:" أبطأ جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قَدْ وُدِّعَ مُحَمَّدٌ، فأنزل الله عز وجل: ( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ).

قال البخاري: وقال ابن عباس: «ما تركك وما أبغضك».

قال الزجاج: أي لم يقطع الوحي عنك ولا أبغضك.

قال الصُحاري: ما تركك، وما أبغضك.

قال ابن بطال الركبي: أصل الوداع والتوديع: ترك الشىء.
..........
المصدر:
تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب لأبي حيان الأندلسي، ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن لغلام ثعلب، التبيان في تفسير غريب القرآن لابن الهائم، غريب القرآن لابن قتيبة، معاني القرآن للزجاج، معاني القرآن للنحاس، تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي، الابانة في اللغة العربية للصُحاري، النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب لابن بطال، الكليات للكفوي، صحيح البخاري، ومسلم.

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
*للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424*
 
*(معاني وغريب القرآن).*

الكاتب والمشرف العام/ عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
........................

قوله تعالى
{وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا}: النبأ (16).

*قوله {وَ}:* لنخرج به؛ أي بمطر السحاب، السابق ذكره في قوله ( وأنزلنا من العصرات ماء ثجاجا ).

*قوله {جَنَّاتٍ}:* تقديرة: وثمر جنات.

والجنات: البساتين. واحدها: بستان. ومنه قوله ( فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا ): مِنْ جَنَّتِكَ: من بستانك.

وقوله ( إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ ): أصحاب البستان.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: والجنة البستان، وإنما سمي البستان جنة، وكل نبت متكاثف يستر بعضه بعضا فهو جنة، وهو مشتق من جننت الشيء إذا سترته.

قال الطبري في تفسيره: والمعنى: وثمر جنات، فترك ذكر الثمر استغناء بدلالة الكلام عليه من ذكره.

*قوله {أَلْفَافًا}:* أي ملتفة بعضها على بعض مجتمعة، لكثرة شجرها؛ الكثيرة الأغصان.

وفيه تذكير بنعمة الله أن جعلها كذلك، ولو شاء لجعلها شذر مذر؛ أي متفرقة.

قال الجرجاني في درج الدرر، وابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل، وابن فورك في تفسيره، وابن قتيبة في غريب القرآن، والبغوي في تفسيره، والسمعاني في تفسيره، والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب، وأبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، والجلال المحلي في الجلالين، والبقاعي في نظم الدرر، وغيرهم: أي مُلْتَفَّةً.

وبه قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن؛ إلا أنه قال: وبساتين ملتفة.

زاد البغوي: بالشجر.

وزاد أبو بكر السجستاني: الشّجر. وَاحِدهَا لف ولفيف. وَيجوز أَن تكون الْوَاحِدَة لفاء، وَجَمعهَا لف، وَجمع الْجمع ألفاف.

زاد الجلال: جمع لفيف كشريف وأشراف.

وزاد البقاعي: الأشجار مجتمعة بعضها إلى بعض من شدة الري.

قال نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن: مجتمعة بعضها إلى بعض، جنّة لفّاء، وجمعها «لفّ» ، ثم «ألفاف».

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: شجرها ملتفا بعضها في بعض، فأعلم الله تعالى قدرته، أنه قادر على البعث.

قال الطبري في تفسيره: يعني: ملتفة مجتمعة.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى ( فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً ): قال الواحدي في الوجيز: مجتمعين مختلطين.

قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ:أي منضمًا بعضكم إلى بعض، من لففت الشيء إذا ضممته وجمعته متراكبًا بعضه على بعضٍ لفًا.

ومنه ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ): قال الواحدي في الوجيز: التفت ساقاه لشدة النزع وقيل: تتابعت عليه الشدائد.

قال الجمل في مخطوطته ( معجم وتفسير لغوي ) أي انضمت إحداهما إلى الأخرى ملتوية حولها. وهذا كناية عن شدة الكرب. وقيل: التفت ساقة عند نزول الموت به، فماتت رجلاه وقد كان جوالا عليهما.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

وسيأتي مزيد بحث عند تعرضنا لتأويل سورة القيامة ( إن شاء الله ).
 
*(تفسير غريب ومعاني القرآن).*

قوله تعالى
{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا} النبأ: (17).

*قوله {إن يوم الفصل}:* يوم القضاء، والحُكم بين الخلائق؛ فيأخذ فيه من بعضهم لبعض، ويفصل فيه في كل أمر تنازع فيه الخلق.

قال القرطبي في تفسيره: وسمييومالفصللأنالله تعالى يفصل فيه بين خلقه.

قال أبو حيان في البحر المحيط: هويومالقيامة يفصل فيه بين الحق والباطل.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره:إنيوميفصل الله فيه بين خلقه، فيأخذ فيه من بعضهم لبعض، كانميقاتالماأنفذ الله لهؤلاء المكذبين بالبعث، ولضربائهم من الخلق.

قالابن الجوزي زاد المسير: أي يومالقضاء بين الخلائق.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {إنيومالفصل} القضاء.

قلت( عبدالرحيم ): في الآية إشارة إلى ما جاء في سورة هود ( ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ . وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ ): قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: يعني وما نؤخر يوم القيامة إلا لأجل موقوت.

قال الطبري: وما نؤخّر يوم القيامة عنكم أن نجيئكم به إلا لأن يُقْضَى، فقضى له أجلا فعدّه وأحصَاه، فلا يأتي إلا لأجله ذلك، لا يتقدم مجيئه قبل ذلك ولا يتأخر.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: إلى حين معلوم.

وكذا فيها إشارة إلى قوله {الحاقَّةُ. مَا الحاقَّةُ. وَما أَدراكَ مَا الحاقَّةُ}: فكما أن من أسماء القيامة {يوم الفصل} لأنه يفصل فيه بين الخلائق، فكذا من أسماءه " الحاقة " لأن فيها حواق ما اختلف فيه في الدنيا؛ فهي تحق الحق، وتبطل الباطل، وتحق الجنة لأهلها، وتحق النار لأهلها.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {الحاقَّةُ}: القيامة؛ لأنها حَقّتْ. فهي حاقة وحقة.
قال الفراء: "إنماقيل لها حاقة: لأن فيهاحواقالأمور، والثواب. و "الحقة": حقيقة الأمر. يقال: لماعرفت الحقة مني هربت. وهي مثلالحاقة".

انتهى.

*قوله {كان ميقاتا}:* وقتا، وموعدا محددا، معلوما لدينا، كائنا لا محالة؛ لا يتقدم ولا يتأخر، وهو يوم القيامة.

قال الزركشي في البرهان في علوم القرآن: أي موعدا لجزائكم لو اعتبرتم بما ذكر لكم لعلمتم منه وقوعه وكونه.

قال أبو حيان في البحر المحيط: (كان ميقاتا): أي في تقدير الله وحكمه تؤقت به الدنيا وتنتهي عنده أو حدا للخلائق ينتهون إليه.

قال السمعاني في تفسيره: أي ميعادا للخلائق، وهو يومالقيامة.

قال القرطبي في تفسيره، والجلال المحلي في الجلالين، والإيجي الشافعي في جامع البيان: " ميقاتا ": وقتا.

زاد القرطبي: ومجمعا وميعادا للأولين والآخرين، لما وعد الله من الجزاء والثواب.

وزاد الجلال: للثواب والعقاب.

وزاد الإيجي: محدودًا تنتهي الدنيا عنده، أو تنتهي الخلائق إليه.

قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: مفعالا، من الوقت.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والمعنى : أن ليس تأخر وقوعه دَالاَّ على انتفاء حصوله. والمعنى : ليس تكذيبكم به مما يحملنا على تغيير إبانة المحدد له ولكن الله مستدرجكم مدة.وفي هذا إنذار لهم بأنه لا يُدرَى لعله يحصل قريباً قال تعالى: { لا تأتيكم إلا بغتة } [ الأعراف : 187 ] وقال: { قل عسى أن يَكون قريباً } [ الإسراء : 51 ].

انتهى.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات: والمِيقَاتُ: الوقتُ المضروبُ للشيء، والوعد الذي جعل له وَقْتٌ.

قلت (عبدالرحيم) ومنه قوله تعالى {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ}: أي: إن يوم فصل الله بين خلقهوقتلجميع الخلق يجتمعون فيه للفصل بينهم.
قاله مكي بن حموش القيسي في الهداية إلى بلوغ النهاية.

قالالنسفي في مدارك التنزيل، وأبو السعود في تفسيره: وقتموعدهم كلهم.

إلا أن أبا السعود قال: أجمعين.

قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: أيوقتجمع الخلائق للحكم بينهم الذي ضرب لهم في الأزل وأنزلت به الكتب على ألسنة الرسل.

وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن الجوزي في زاد المسير، وغيرهم: يعني ميعادهم أجمعين.

ومنه {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ}: لِمِيقَاتِنَا ": أي للميقات الذي وقتناه له.
قاله النحاس في معاني القرآن.

قال الألوسي في روح المعاني: أي لوقتنا الذي وقتناه أي لتمام الأربعين.

ومنه {إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً}:أي: فرضا مفروضا في أوقات معلومة.
قاله غلام ثعلب في ياقوتة الصراط.

قال الجصاص في أحكام القرآن: أي فرضا في أوقات معلومة لها.

قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: أي محدود الأوقات.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: أي موقتا وقته الله عليهم.

ومنه {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ}: من الوقت.
قاله النحاس في معاني القرآن.

قال الفراء في معاني القرآن: جمعت لوقتها يوم القيامة.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: جمعت لوقت، وهو: يوم القيامة.

قال الأصبهاني في إعراب القرآن: قال مجاهد:
أقتتبالاجتماع لوقتها يوم القيامة، كما قال تعالى: (يوم يجمع اللهالرسل)، وقيل:أقتت: أجلت لوقت ثوابها، وقيل:أقتت: جعل لها وقت يفصل فيها القضاء بين الأمة.

ومنه {إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}:أي: هو موقت بوقت محدد ، لا يتقدم ولا يتأخر ، ولا يزيد ولا ينقص.
قاله ابن كثير في تفسيره.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والميقات: هنا لمعنى الوقت والأجل.

قال الألوسي في روح المعاني: والميقاتماوقتبه الشيء أي حد، ومنه مواقيت الإحرام وهي الحدود التي لا يتجاوزها من يريد دخول مكة إلا محرما.

انتهى.

*(فائدة):*

قال الراغب في المفردات: وقد يقال المِيقَاتُ للمكان الذي يجعل وَقْتاً للشيء، كمِيقَاتِ الحجّ.

*(فائدة):*

من أهل العلم من احتج بهذه الآية على أن المراد بقوله تعالى في مطلع السورة ﴿عَمَّ يَتَساءَلونَ . عَنِ النَّبَإِ العَظيمِ﴾ قالوا " النبأ العظيم ": هو البعث.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: والذي يدل عليه قوله: (إن يوم الفصل كان ميقاتا) يدل على أنهم كانوا يتساءلون عن البعث.
انتهى كلامه.

وقد سبق بيانه - بحمد الله -.
....................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} النبأ: (18).

*قوله {يَوْمَ}:* تقديره: اذكر. ويصح أن يكون الخطاب للجمع، بدليل السياق ( فتأتون )، ولم يقل: فيأتون. فيكون المعنى: اذكروا، أو اتقوا يومَ.

وخصه جماعة من أهل العلم؛ قال الألوسي في روح المعاني: و (يوم) منصوب بفعل مضمر خوطب به نبينا صلى الله عليه وسلم؛ أياذكريوم.

*قوله {يُنْفَخُ}:* والفاعل ملك من ملائكة الله عز وجل؛ وهو إسرافيل - عليه السلام -.

وفي الحديث مرفوعا: " كيف أنعم وقد التقمصاحبالقرنالقرنوحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر
أن ينفخ، فينفخ..." (1)

*قوله {فِي الصُّورِ}:* الصور: القرن (البوق)، الذي ينفخ فيه الملك، وهو الناقور الذي ورد ذكره في المدثر ( فإذا نقر في الناقور) أي نفخ في الصور.

ونظيرتها قوله تعالى ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ ): يخرجون من قبورهم بسرعة، والجدث القبر، والجمع أجداث.

وقوله (وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ): قال ابن كثير في تفسيره: والصحيح أن المراد بالصور: "القرن" الذيينفخفيه إسرافيل، عليه السلام.

قالالنسفي في مدارك التنزيل: {فىالصور}:فيالقرن. وهو اخيار الطبري في تفسيره.

قال البخاري في صحيحه: وقال ابن عباس: {الناقور}: «الصور».

انتهى كلامه.

قلت (عبدالرحيم): والله أعلم بكنهه. فنؤمن به من غير كيف إلا بما صح من وصفه؛ وهذا شأن الغيبيات؛ لا خوض فيها إلا بنص. ولا ريب أن شأنه عظيم؛ يسمع الخلائق، ويصعقهم إلا من شاء الله،
ففي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمرو؛ وفيه: ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحد إلا أصغى (2) لِيتًا ورفع لِيتًا ، قال: وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله، قال: فيصعق، ويصعق الناس...): " يلوط حوضه ": يعني يطينه، ويصلحه.
ومعنى " ليتا": الليت بكسر اللام: صفحة العنق، يعني جانب العنق، وصفحة كل شيء جانبه.

قال البخاري في كتاب التفسير من صحيحه: باب نفخالصور: قال مجاهد: «الصوركهيئة البوق».

وهذه إشارة عابرة في ذكر " الصور" ولعل الله يمكني أن أبسط الحديث عنه؛ في موطن آخر.

انتهى.

*قوله {فَتَأْتُونَ}:* أيها الناس فرادى كما خلقكم؛ حفاة عراة غرلا (غير مختونين)، لم ينقص من أجسادكم شيئا بعدما بليت، وغابت في الأرض.
وأتى بالفاء للدلالة على سرعة الإتيان، والقيام من القبور،

ففيه إشارة إلى قوله (مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ) مُهْطِعِينَ: أي مسرعين إلى داعي الله؛ وذلك يوم القيامة.

فيكون المعنى (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُون) أي فتستجيبوا مسرعين.

*قوله {أَفْوَاجًا}:* جمع، والمفرد: فوج. والمعنى: زمرا، وجماعات.

ولا إشكال بين وصف الله لهم بكونهم جماعات، وبين ما جاء ذكره في قوله تعالى ( وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا): فهم يأتون جماعات؛ لكن لا يغني فرد عن غيره شيئا، فلا ينفعهم جمعهم كما كان ينفع في الدنيا، أو يقال: يميتهم فرادى، ويبعثهم الله من قبورهم فرادى يوم القيامة، ثم يحشرون جماعات.

قال الطبري في تفسيره: يقول:فيجيئون زمرا زمرا، وجماعة جماعة.

قال البغوي في تفسيره: زمرا زمرا؛ من كل مكان للحساب.

قال البخاري في كتاب التفسير من صحيحه: باب {يوم ينفخ فيالصورفتأتون أفواجا}: زمرا.
انتهى كلامه.

وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: جماعات؛ فى تفرقة.

وقال السمرقندي في بحر العلوم: أَفْواجاً يعني: جماعة جماعة.

قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: أي: جماعات، واحدها: فوج.

وقالابن أبي زمنين في تفسيره: أمة أمة.

قال النسفي في مدارك التنزيل: أي جماعات مختلفة أو أمما؛ كل أمة مع رسولها.

قلت ( عبدالرحيم ): قوله (أفواجا): أي جماعات. ومنه قوله تعالى ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ): أي من كل أمة(فوجا) جماعة فهم (يوزعون) يساقون إلى النار.

قال الطبري في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم، والواحدي في الوجيز:(فوجا): يعني جماعة.

زاد الطبري: منهم، وزمرة.

ومنه (هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ): فَوْجٌ: جماعة.
قاله السمرقندي في البحر، والبغوي في تفسيره، والواحدي في الوجيز، وغيرهم.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: الفوججماعةمن الناس، والمقتحم الداخل في زحام وشدة، وهذامن كلام خزنة النار خاطبوا به رؤساء الكفار الذين دخلوا النار أولا، ثم دخل بعدهم أتباعهم وهو الفوجالمشار إليه.

ومنه ( تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ): فَوْجٌ: أي جماعة من الكفار.
قاله القرطبي في تفسيره، وابن جزي الغرناطي في التسهيل، وغيرهم.

قال ابن الجوزي في زاد المسير، والواحدي في الوسيط، والجلال المحلي في الجلالين: جماعةمنهم.

وهو قول الطبري، والبغوي في تفسيره.

قالالبقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: أيجماعةهم في غاية الإسراع موجفين مضطربي الأجواف من شدة السوق.

قال الخطيب الشربيني في السراج المنير: والمراد هنا بالفوججماعةمنالكفار.

ومنه ( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ . وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ): أَفْوَاجًا: جماعات؛ وقد وقع ذلك، وأقر عين نبيه نصر، وانتشاره؛ ففي هذه الآيات نعي أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقبيل وفاته دخل الناس جماعات في دين الله؛ فالحمد الله الذي أعز دينه وأهله. وجزى الله نبينا عنا خيرا - صلوات الله وسلامه عليه -.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: (أفواجا): جماعات، وذلك أنه أسلم بعد فتح مكة بشر كثير.

قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه: ومعنى: (أفواجا) جماعاتكثيرة.
وبه قال النسفي.

زاد الزجاج: أي بعد أن كانوا
يدخلونواحدا واحدا. واثنين اثنين، صارت القبيلة تدخل بأسرهافيالإسلام.

قال القرطبي في تفسيره: (أفواجا)أيجماعات: فوجا بعد فوج. وذلك لما فتحت مكة قالت العرب: أما إذا ظفر محمد بأهل الحرم، وقد كاناللهأجارهم من أصحاب الفيل، فليس لكم به يدان. فكانوا يسلمونأفواجا: أمة أمة. قال الضحاك: والأمة: أربعون رجلا.

لطيفة:

قلت (عبدالرحيم): فكما أن الخلائق يأتون جماعات لفصل القضاء، فكذلك يدخلون مسترقهم جماعات؛ فأهل النار يدخلونها أمة أمة، جماعة جماعة؛ (جماعات)، كما قال تعالى ( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى ): زمرا: أي جماعات.

وقال تعالى ( قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا )، فهم يدخلون النار ، ويتساقطون فيها جماعات. - أعاذنا الله منها -.

وكذا أهل النعيم يدخلون الجنة جماعات ( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ): زُمَرًا: أي جماعات. وشتان (3) بين الفريقين.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
....................

(1): رواه الترمذي (3243) وغيره من حديث أبي سعيد الخدري، وصححه الألباني في الصحيحة (1079).

(2): والإصغاء: الإمالة، وصغت النجوم: مالت للغروب.
قاله الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين.

(3): شتَّانَما بينهما : أَي بعُد وعظُم الفرقُ بينهما.
كذا في المعجم الوسيط.
..................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
﴿وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَت أَبوابًا﴾ [النبأ: 19].

*قوله {وفُتِحَتِ}:* بتشديد التَّاء، وتخفيفها.
أفاده السمرقندي في بحر العلوم، والبغوي في تفسيره، والزمخشري في الكشاف، والجلال المحلي في الجلالين، وغيرهم جمع.

ومعنى {فُتِحَتِ}: شُقِّقت (تشققت)، وانفرجت، وانفطرت؛ والمعنى واحد.
وذكرها الله عز وجل بصيغة الماضي للدلالة على تحقق الوقوع، حتى وكأنه حدث بالفعل؛ لأن ما أخبر الله به حق كائن لا محالة، ( ومن أصدق من الله قيلا)،
ونظير ذلك في القرآن كثير؛ كما في قوله ( وألقت ما فيها وتخلت ): أي أخرجت الأرض ما فيها من الموتى، والكنوز، وتخلت منهم ليحشروا إلى ربهم؛ أي خلت مما كان في بطنها، وجوفها؛ ولم يأت بعد. وقوله (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ): ولم يأت بعد. وقوله (وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ)، وقد سبق ذكره مفصلا - بحمد الله- .

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي تشققت.

قال الواحدي في الوجيز: شُقِّقت.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: يعني وفرجت السماء، يعني وفتقت السماء فتقطعت فكانت أبوابا.

قال القشيري في لطائف الإشارات: أي: تشقّقت وانفطرت.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: وشققت السماء فصدّعت، فكانت طُرقا، وكانت من قبل شدادا لا فطور فيها ولا صدوع.

قال الزمخشري في الكشاف: وقرئ: وفتحت، بالتشديد والتخفيف. والمعنى: كثرة أبوابها المفتحة لنزول الملائكة، كأنها ليست إلا أبوابا مفتحة، كقوله وفجرنا الأرض عيونا كأن كلها عيون تتفجر. وقيل: الأبواب الطرق والمسالك، أى. تكشط فينفتح مكانها وتصير طرقا لا يسدها شيء فكانت سرابا كقوله فكانت هباء منبثا يعنى أنها تصير شيئا كلا شيء، لتفرق أجزائها وانبثات جواهرها.

قلت (عبدالرحيم) : وفيه مسألتان:

الأولى: قوله (وَفُتِحَتِ السَّماءُ): تقديره: واذكروا، واتقوا يوم تتشقق السماء؛ عطف على ما سبق في قوله (يَومَ يُنفَخُ فِي الصّورِ فَتَأتونَ أَفواجًا).
فيكون المعنى: واذكروا يوم ينفخ في الصور، ويوم تتشقق السماء.

الثانية: فإن قلت ما فائدة أن تشقق السماء، وقد أعيت من نظر إليها في الدنيا، ليرقب فيها خللا؛ فكانت لا فطور فيها ولاصدوع؟.

قلت: وذلك لأمور؛ منها: لنزول الملائكة؛ كما قال تعالى ( وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا ): أي عن الغمام لتنزل الملائكة؛ يقال: رميت عن القوس: أي رميت بالقوس.

ومنها: تتشقق لهول القيامة؛ كما قال (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ )، وقوله حاكيا عما يكون يوم القيامة (إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ . وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ . وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ . وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ): فلا منافاة بين كونها تنشق لنزول الملائكة، وبين انشقاقها لهول المطلع.

قال ابن كثير في تفسيره: وفتحت السماء فكانت أبوابا أي طرقا ومسالك لنزول الملائكة.
قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: (وفتحت السماء فكانت أبوابا) أي لنزول الملائكة، كما قال تعالى: ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا.

قال الواحدي في الوسيط: وفتحت السماء لنزول الملائكة، فكانت أبوابا أي: ذات أبواب.

قال البغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، والخطيب الشربيني في السراج المنير، وغيرهم: أي شقت لنزول الملائكة.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وفتح السماء: انشقاقها بنزول الملائكة من بعض السماوات التي هي مقرهم نزولا يحضرون به لتنفيذ أمر الجزاء كما قال تعالى: ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا الملك يومئذ الحق للرحمن [الفرقان: 25، 26] .

قال الألوسي في روح المعاني: وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج أنه قال ذلك قوله تعالى: وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً [النبأ: ١٩] ولا منافاة بينهما وكذا لا منافاة بين كون الانشقاق لنزول الملائكة وكونه لهول يوم القيامة لأن الأمر قد يكون له علل شتى مثل هذه العلل.

قلت: ( عبدالرحيم ): قوله تعالى (وَفُتِحَتِ السَّماءُ ): أي تشققت السماء، وقد جاء وصف تفتحها، وتفطرها باكثر من لفظ وإن كان المعنى واحد للتفخيم والتعظيم؛ كما جاء في أسماء القيامة، فهي الحاقة، والواقعة، والراجفة، والآزفة، والطامة، والصاخة،
فأخبر الله عن تشقشق السماء في غير ما لفظ؛ كما في قوله (إذا السماء انفطرت): انشقَّتْ، وتصدعت. يقال انفطر ناب البعير إذا شق اللحم وخرج، ويقال انفطرت الزجاجة إي: تصدعت.
ومنه قوله تعالى (وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ): أي: ذات الشق بالنبات.
قاله غلام ثعلب في ياقوتة الصراط.

فقوله تعالى (إذا السماء انفطرت): انفطرت: انشقت.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وأبو حيان في تحفة الأريب، وغيره جمع.

وقوله (إذا السماء انشقت): يقول تعالى ذكره: إذا السماء تصدّعت وتقطَّعت فكانت أبوابًا.
قاله الطبري في تفسيره.

وقوله (وإذا السماء فرجت): معناه شقت.
قاله الزجاج في معاني وإعراب القرآن.

وقال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: أي انشقت.

وقالابن قتيبة في غريب القرآن: أي فتحت.

قال الفراء في معاني القرآن: وقوله عزَّ وجلَّ: وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً.
مثل: «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ» «وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ» معناه واحد، والله أعلم. بذلك جاء التفسير.
انتهى كلامه.

*قوله { السَّماءُ}:* يعني أبوابها.
والمعنى وفتحت أبواب السماء.

قال الواحدي في البسيط: والآية من باب حذف المضاف؛ لأن التقدير: وكانت ذات أبواب.

قال ابن ابي زمنين في تفسيره: {وانشقت السماء فهي يومئذ واهية} كقوله: {وفتحت السماء فكانت أبوابا} يعني: تشققها، والواهية: الضعيفة ليست في الشدة كما كانت.

*قوله {فَكانَت}:* فصارت؛ يعني السماء.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: و{ كانت }بمعنى : صارت. ومعنى الصيرورة من معاني( كَان )وأخواتها الأربع وهي : ظَلَّ ، وبَاتَ ، وأَمسى وأَصبح ، وقرينة ذلك أنه مفرّع على{ فتحت }.

وقال الإيجي الشافعي في جامع البيان: فصارت.

*قوله { أَبوابًا}:* أي كثرت أبوابها المفتح لنزول الملائكة نزولا غير معتاد حتى صارت كأنها ليست إلا أبوابا مفتحة.
قاله أبو السعود في تفسيره.

قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: أي كثيرة جدا لكثرة الشقوق الكبيرة بحيث صارت كأنها لا حقيقة لها إلا الأبواب.

قال الجلال المحلي في الجلالين: ذات أبواب.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم النزيل: فصارت من كثرة الشقوق كأن الكل أبواب أو فصارت ذات أبواب.

قال أبو حيان في البحر المحيط: أي كثرت أبوابها لنزول الملائكة، كأنها ليست إلا أبوابا مفتحة، كقوله: وفجرنا الأرض عيونا ، كأن كلها عيون تنفجر.

قال البغوي في تفسيره: أي ذات أبواب. وقيل: تنحل، وتتناثر حتى تصير فيها أبواب وطرق.

انتهى، والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات.
.....................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
{وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا} النبأ: (20).

*قوله {وَسُيِّرَتِ}:* حركت عن أماكنها. والتسيير: التحريك، ونقل الشيء عن مكانه.

والفاعل هو الله - جل ذكره -؛ فالذي أثبتها في الدنيا، وجعلها رواسي وقارا للأرض؛ هو وحده الذي يسيرها، يحركها، ولقوله ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ): بَارِزَةً: أي ظاهرة؛ ليس عليها شيء.

و نظيرتها قوله ( وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ): صارت سرابا.
قاله الزجاج في معاني وإعراب القرآن.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: التسيير: جعل الشيء سائرا، أي ماشيا. وأطلق هنا على النقل من المكان أي نقلت الجبال وقلعت من مقارها بسرعة...

قال ابن كثير في تفسيره: أي زالت عن أماكنها ونسفت، فتركت الأرض قاعا صفصفا.

قال البغوي في تفسيره: على وجه الأرض فصارت هباء منبثا.

قال الطبري: سيرها الله فكانت سرابا، وهباء منبثا

وقوله (وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا): قال ابن قتيبة في غريب القرآن: عن وجه الأرض.

*قوله {الْجِبَالُ}:* عن أماكنها، عن وجه الأرض؛ يعني قلعت، واجتثت (استؤصلت) من الأرض.

فقوله {وسيرت الجبال}: يعني عن أماكنها. قاله الواحدي في البسيط، وابن الجوزي في زاد المسير، وغيرهم.
وبه قال السمرقندي في بحر العلوم.

إلا أن السمرقندي قال: يعني: قلعت من أماكنها.

قال الجلال المحلي في الجلالين: ذُهِبَ بها عن
أماكنها.

قال البغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل: عن وجه الأرض.

قال شهاب الدين الشافعيّ ثم الحنفي في غاية الأماني في تفسير الكلام الرباني: في الهواء تمرُّ مرَّ السحاب.

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: في الهواء كالهباء.

قال أبو السعود في تفسيره: أي في الجو على هيآتها بعد قلعها من مقارها كما يعرب عنه قوله تعالى (وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب) أي تراها رأي العين ساكنة في أماكنها والحال أنها تمر مر السحاب الذي يسيره الرياح سيرا حثيثا.

*قوله {فَكَانَتْ}:* فصارت.
أفاده السمرقندي في بحر العلوم، وأبو السعود في تفسيره، والألوسي في روح المعاني، وغيرهم.

قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى {فَكَانَتْ}: فصارت بذلك التسيير.

ومنه قوله تعالى ( فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ): (فَكَانَتْ) : قال الواحدي في البسيط: معناه:فصارت، وإذا كان بمعنى صار حسن دخول (كان) عليه، مثل قولك: كان زيد كان مريضا، بمعنى كان صار مريضا، فالأول للمضي ، أي: كان ذلك فيما مضى، والثاني للمصير إليه.

قال النسفي في مدارك التنزيل: فصارتكلون الورد الأحمر.

قالمقاتل بن سليمان في تفسيره: {فكانت}يعنيفصارتمن الخوفوردةكالدهان شبه لونها في التغير والتلون بدهان الورد الصافي.

*قوله {سَرَابًا}:* يعني في ذهابها، وعدمها كالسراب؛ وذلك يوم القيامة.

قال الجمل في مخطوطته: أيفصارتبعد تسييرها لا حقيقة لها.

قلت (عبدالرحيم): والمعنى: تصير الجبال التي كانت شيئا عظيما في الدنيا، ويضرب بها الأمثال، كما في قوله (ولن تبلغ الجبال طولا)، وقوله عن السفن (في البحر كالأعلام) : في البحر كالجبال، والعلم: الجبل؛ هي الآن (يوم القيامة) ليست بشيء.

وقد كانت من قبل مثبتة، راسية؛ كما في قوله (وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ): قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: (نصبت): مرساة مثبتة لا تزول.
انتهى كلامه.

والسراب ما يظهر من الشمس في الفلوات مما يشبه الماء وليس بماء، والسراب يعبر به عن العدم؛ الذي لا شيء؛ لأن الظمئان يخيل إليه السراب أنه ماء، فإذا جاءه لم يجده شيئا؛ فكذلك تصبح الجبال في هذا اليوم مثل السراب؛ لا شيء.

وليس معناه أن الجبال تشبه الماء وقتئذ، وقد نبه على هذا ابن عطية، وغيره؛ حيث قال في المحرر الوجيز: وقوله تعالى: (فَكانَتْ سَراباً) عبارة عن تلاشيها وفنائها بعد كونها هباء منبثا، ولم يرد أن الجبال تعود تشبه الماء على بعد من الناظر إليها.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: {وسيرت الجبال} أي حملت فكانت سرابا عبارة عن تلاشيها وفنائها والسراب في اللغة: ما يظهر على البعد أنه ماء، وليس ذلك المراد هنا وإنما هو تشبيه في أنه لا شيء.

انتهى كلامه.

ونظير ذلك أن الكفار يجدون أعمالهم في الآخرة عدما؛ قال تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا) كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ: أي كماء بقاع، والباء بمعنى في؛ والقيعة والقاع واحد؛ كما قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن الهائم في التبيان. انتهى.

قال الواحدي في البسيط: {فكانت سرابا}: أي هباء منبثا لعين الناظر، كالسراب بعد شدتها وصلابتها.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات: السّراب فيما لا حقيقة له.

قال القرطبي: أي لا شيء كما أن السراب كذلك: يظنه الرائي ماء وليس بماء.

قال السمرقندي في البحر: {فكانت سرابا} يعني: فصارت كالسراب، تسير في الهواء كالسراب في الدنيا.

قال ابن الجوزي في زاد المسير: فكانت سرابا أي: كالسراب، لأنها تصير هباء منثورا فيراها الناظر كالسراب بعد شدتها وصلابتها.

قال السمعاني في تفسيره: أي: هباء منبثا، وقيل: هو يصير كالسراب ترى أنه شيء وليس بشيء.

قال البغوي: أي هباء منبثا لعين الناظر كالسراب.

قال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: نسفت بعد ثبوتها.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {وسيرت الجبال فكانت سرابا} مثل هذا السراب تراه، ليس بشيء.

قلت ( عبدالرحيم ): فإن قلت: كيف تسير وقد قال تعالى ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا)؟.

قلت: للجبال أحوال؛ حال في الدنيا، وأحوال في الآخرة:

أما عن الدنيا:

فقد جعلها الله أوتادا، ورواسي ليثبت بها الأرض، إلى غير ذلك مما هو معلوم من منافعها؛ كما قال تعالى (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا): أَوْتَادًا: تثبتبهاالأرضكماتثبتالخيامبالأوتاد والاسفهام للتقرير.
قاله الجلال المحلي في الجلالين.

وقال تعالى (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ): رَوَاسِيَ: جبالا ثوابت.
قاله ابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب.

وقوله (أن تميد): قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز: أن لا تميل بكم.

وقال ابن الجوزي في تذكرة الأريب (تميد): تتحرك.
وقال أبو حيان في تحفته: تحرك وتميل.

وقال تعالى (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ).
والآيات كثيرة. فهذا حالها في الدنيا.

وأما عن الآخرة: فهي على هذا النحو:

- أول أحوالها: الدك: وهو أن تكسر، وتسوى بالأرض كما في قوله (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً): وَحُمِلَتِ: أي رفعت.
قاله الجلال المحلي في الجلالين.

وقوله (فدكتا): استوت بالأرض.
قال الراغب الأصفهاني في المفردات: وأرض دكاء: مسواة.

وقال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: (فدكتا): دقتا، وكسرتا.

- ثم تصبح كثيبا أهيل؛ وذلك قوله (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا): أي رملا سائلا.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن.

قال ابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب: (كثيبا) رملا والمهيل: الذي يتحرك أسفله فينهال أعلاه.

- ثم تصبح كالعهن: أي الصوف المنتشر.
كما في قوله (وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ): فالمنفوش: المنتشر. قال الراغب الأصفهاني في المفردات: النفش: نشر الصوف.
وقال أيضا: ونفش الغنم انتشارها. انتهى

- ثم تصير كالهباء المنبث؛ المنتشر في الهواء. كما في قوله (فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا): والهباء: الغبار الذي تراه شعاع الشمس.
والمنبث: المتفرق.

قال الراغب في المفردات: أصل البث: التفريق وإثارة الشيء، كبث الريح التراب. انتهى

- ثم تنسف نسفا، ينسفها الجبار - جل وعز -.
كما قال (وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ): نُسِفَتْ: تطايرت، وتناثرت. قاله الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن.

وقال (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا): يَنْسِفُهَا: يطيرها، فيستأصلها.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن.
قال الطبري: يذريها ربي تذرية، ويطيرها بقلعها، واستئصالها من أصولها...

- ثم ترفع عن الأرض؛ فتراها تسير سير السحاب؛أي تتحرك تحرك السحاب؛ كما في قوله ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ): قال ابن كثير في تفسيره: أي تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه ، وهي تمر مر السحاب: أي تزول عن أماكنها.
انتهى

- ثم تصبح بعد ذلك كله كالسراب؛ أي كالعدم لا شيء، لا حقيقة لها.
وهذا معنى قوله ( وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا) وراجع إن شئت التفسير الكبير للرازي، وفتح القدير للشوكاني - رحمهما الله -.

قال الطبري في تفسيره: وقوله ( وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا) يقول: ونُسفت الجبال فاجتثت من أصولها، فصيرت هباء منبثا، لعين الناظر، كالسراب الذي يظنّ من يراه من بُعد ماء، وهو في الحقيقة هباء.

قال أبو السعود في تفسيره: أي فصارت بعد تسييرها مثل السراب كقوله تعالى وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا أي غبارا منتشرا وهي وان اندكت وانصدعت عند النفخة الأولى لكن تسييرها وتسوية الأرض إنما يكونان بعد النفخة الثانية كما نطق به قوله تعالى ويسألونك عن الجبال فقل ينفسها ربى نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا يومئذ يتبعون الداعي وقوله تعالى يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا الله الواحد القهار فإن اتباع الداعي الذي هو إسرافيل عليه السلام وبروز الخلق لله تعالى لا يكون إلا بعد النفخة الثانية.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
..............

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
﴿لِلطّاغينَ مَآبًا﴾ [النبأ: 22].

*قوله (لِلطّاغينَ):* للكافرين.
والطغيان: تجاوز الحد.
فالمشركون قد تجاوزوا الحد بكفرهم بالله. لأن حد المخلوق أن يعبد من خلقه، ولا يشرك به شيئا؛ فإذا أشرك معه غيره فقد تجاوز ما حد الله له.

فقوله (لِلطّاغين): للكافرين.
قاله الواحدي في الوجيز، والبغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، وغيرهم.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: «الطاغون» : الكافرون.

وقال ابن أبي زمنين في تفسيره: للمشركين.

قال القرطبي في تفسيره: والمراد بالطاغين من طغى في دينه بالكفر، أو في دنياه بالظلم.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى): ما تجاوز بصره ما أمره الله أن ينظر؛ فقد نظر إلى ما أمر به، ولم يجاوزه. وهذا في معراج النبي صلى الله عليه وسلم.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {وماطغى}:مازاد ولا جاوز.

ومنه (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى): كلا: يعني حقا. أي إنه يطغى؛ يتجاوز الحد.

قالالطبري في تفسيره: أي يتجاوز حده.

وقال في موطن آخر من تفسيره: يقول: إن الإنسان ليتجاوز حده، ويستكبر على ربه، فيكفر به، لأن رأى نفسه استغنت.

ومنه (فَأَمَّا مَنْ طَغَى وآثر الحياة الدنيا): قال ابن عطية في المحرر: طغىمعناه:تجاوزالحدود التي ينبغي للإنسان أن يقف عندها بأن كفر وآثر الحياة الدنيا على الآخرة لتكذيبه بالآخرة.

ومنه (هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآَبٍ): لِلطَّاغِينَ: المتجاوزين للحد في الكفر والمعاصي.
قاله السعدي في تفسيره.

ومنه (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى): أشد طغيانا أي أشد تجاوزا للحد من غيرهم؛ لأنهم كفروا بعد أن دعاهم ألف سنة إلا خمسين، وهم وأول قوم كفروا برسول، وهو نوح عليه السلام، وليس لهم سلف في ذلك.

ومنه (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى): تجاوز الحد في ادعاء أنه إله.

قال ابن زمنين في تفسيره: (إِنَّهُ طَغَى): كفر.

ومنه (قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى): أي يتجاوز الحد فيما لا ينبغي له أن يفعله فينا.

قال الخطيب الشربيني في السراج المنير: أي: يتجاوز الحد في الإساءة علينا.

ومنه (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ): لما تجاوز الماء الحد فأغرق؛ حملنا آباءكم في السفينة.

قال الراغب الأصفهاني في تفسيره: أيتجاوزالحد الذي كان عليه من قبل.

أي:تجاوزحده حتى علا على كل شيء في زمن نوح.

ومنه (كذبت ثمود بطغواها): قال الطبري: يقول: كذبت ثمود بطغيانها، يعني: بعذابها الذي وعدهموه صالح عليه السلام، فكان ذلك العذاب طاغياطغىعليهم، كما قال جل ثناؤه: (فأماثمود فأهلكوا بالطاغية).

انتهى

*قوله (مَآبًا):* مرجعا.

قال السمرقندي في بحر العلوم، والبغوي في تفسيره: مرجعا، يرجعون إليها.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: إن جهنم للذين طغوا في الدنيا، فتجاوزوا حدود الله استكبارا على ربهم كانت منزلا ومرجعا يرجعون إليه، ومصيرا يصيرون إليه يسكنونه.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: ومعنى (مآبا) إليها يرجعون.

وقال السمعاني في تفسيره: أي: منقلبا، يقال: آب إلى مكان كذا أي: رجع وانقلب.

قال ابن عطية في المحرر، والقرطبي في تفسيره: و «المآب» : المرجع.

زاد القرطبي: أي مرجعا يرجعون إليها، يقال: آب يئوب أوبة: إذا رجع.

قال ابن كثير في تفسيره: أي مرجعا ومنقلبا ومصيرا ونزلا.

قلت (عبدالرحيم) ومنه قوله تعالى (ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآَبًا): مَآَبًا: قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي مرجعا إلى الله بالعمل الصالح؛ كأنه إذا عمل خيرا رده إلى الله، وإذا عمل شرا باعده منه.

ومنه (وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ): أَوِّبِي: رجعيبالتسبيح.
قاله نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن.

ومنه (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا): لِلْأَوَّابِينَ: الرجاعينإلى طاعته.
قاله الجلال السيوطي في الجلالين.

قال أبو السعود في تفسيره: أيالرجاعينإليه تعالى عما فرط منهم مما لا يكاد يخلو عنه البشر.
ومنه (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ): أواب: كثير الرجوع إلى ربه.

ومنه (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ): يقول:كلذلكلهمطيعرجاعإلى طاعته وأمره. ويعني بالكل:كلالطير.
قاله الطبري في تفسيره.

ومنه (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ): رجاعإلى الطاعة عن المعاصي.
قاله البغوي في تفسيره.
....................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
﴿جَزاءً وِفاقًا (26) إِنَّهُم كانوا لا يَرجونَ حِسابًا (27)﴾: [النبأ].

*قوله (جَزاءً):* ثوابا.

*قوله (وِفاقًا):* مطابقا، وموافقا لأعمالهم؛ وافق الجزاء العمل.

والمعنى إن ما حل بهم من أشكال العذاب جزاء وفاقا؛ يعني ثوابا موافقا لأعمالهم الخبيثة.

قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ: (وِفاقًا): الوفاق: المطابقة وعدم المنافرة. ومنه: وافقت الرجل: إذا لم تخالفه. والاتفاق افتعال منه، وهو موافقة فعل الإنسان القدر.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات: الوِفْقُ: المطابقة بين الشيئين.

قال الماوردي في النكت والعيون: وهو جمع وفق، قال أهل التأويل: وافق سوءُ الجزاءسوءَ العمل.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي جُوزُوا وِفْق أعمالهم.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: (وفاقا): أي جزاء موافقا لسوء أعمالهم.

قال الفراء في معاني القرآن (وِفاقًا): وفقا لأعمالهم.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أيوفاقالأعمالهم.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: أي ثوابا وفقا، هذا وفق هذا أي مثله.

قال السمرقندي في بحر العلوم: أي موافقا لشركهم.

قال التستري في تفسيره: وافق عذاب النار الشرك لأنهما عظيمان، فلا عذاب أعظم من الشرك.

قال أبو حيان في البحر المحيط: وفاقا: وصف الجزاءبالمصدر لوافق، أو على حذف مضاف، أي ذا وفاق. وقال الفراء: هو جمع وفق.

*قوله (إِنَّهُم):* يعني الكافرين الذين عذبوا بأصناف العذاب؛ الذي سلف ذكره.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: هذا العقاب الذي عُوقِب به هؤلاء الكفار في الآخرة فعلَه بهم ربهمجزاء، يعني: ثوابا لهم على أفعالهم وأقوالهم الرديئة التي كانوا يعملونها في الدنيا، وهو مصدر من قول القائل: وافق هذا العقاب هذا العلموِفاقا.

*قوله (كانوا):* في الدنيا.

*قوله (لا يَرجونَ):* لا يخافون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره، وغيرهم، كما سيأتي.

قلت (عبدالرحيم): والرجاء ها هنا بمعنى الخوف. ومنه قوله تعالى ومنه (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا): (يَرْجُوا): يخاف. بلغة هذيل.
قاله ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن.

ومنه (إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ):لَا يَرْجُون: لا يخافون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.

ومنه (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا):لاتخافون.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، ومكي في تفسير المشكل من غريب القرآن.

زاد أبو عبيدة: لله وقارا.

وزاد ابن قتيبة، ومكي: لله عظمة.

انتهى، وقد سبق ذكره مفصلا بحمد الله.

*قوله (حِسابًا):* محاسبة.
والمعنى كانوا لا يخافون بعثا وما فيه من حساب، ونظيرتها قوله تعالى (بل كانوا لا يرجون نشورا): أي لا يخافون بعثا.

قال الواحدي في الوجيز {إنهم كانوا لا يرجون حساباً} لا يخافون أن يحاسبهم الله.

قال السمرقندي في البحر: البعث بعد الموت.

قال البغوي في تفسيره: لا يخافون أن يحاسبوا، والمعنى: أنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: لَا يقرون بالْبَعث.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: يعني أنهم كانوا لا يخافون من العذاب أن يحاسبوا بأعمالهم الخبيثة إذا عملوها.

قال الطبري: يقول تعالى ذكره: إن هؤلاء الكفار كانوا في الدنيا لا يخافون محاسبة الله إياهم في الآخرة على نعمه عليهم، وإحسانه إليهم، وسوء شكرهم له على ذلك.

نكتة:

قوله تعالى (إنهم كانوا لا يرجون حسابا): قال الألوسي في روح المعاني: تعليللاستحقاق العذاب المذكور أيكانوالايخافونأن يحاسبوا بأعمالهم".

قلت (عبدالرحيم): وكأن الله يقول: ما نكلنا بهم من أنواع العذاب الذي تنوعت أوصافه، وأشكاله إلا بجريرتهم؛ من الطغيان، وعدم خوفهم حساب يوم البعث.

ففيه إشارة إلى نفي الظلم عن الله لتمام عدله؛
ونظيرتها قوله تعالى (إِنَّ المُجرِمينَ في عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدونَ. لا يُفَتَّرُ عَنهُم وَهُم فيهِ مُبلِسونَ. وَما ظَلَمناهُم وَلكِن كانوا هُمُ الظّالِمينَ): والشاهد قوله ( وَما ظَلَمناهُم وَلكِن كانوا هُمُ الظّالِمين)،

ومثله في التنزيل كثير؛ بعد أن يذكر الله كيفية عذابهم - العظيم الشديد الكبير -، يذكر سبب العذاب؛ من كفر وإجرام.
إذ قد يلقي الشيطان في قلب العبد شيئا (لما كل هذا العذاب العظيم).

وفيه: أنه ينبغي للعبد إذا فعل ما يستعظم فعله في النفوس، وكانت الحاجة تقتضيه فليذكر الحامل له عليه.

وتدبر هذه الآيات ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقّومِ . طَعامُ الأَثيمِ . كَالمُهلِ يَغلي فِي البُطونِ . كَغَليِ الحَميمِ . خُذوهُ فَاعتِلوهُ إِلى سَواءِ الجَحيمِ . ثُمَّ صُبّوا فَوقَ رَأسِهِ مِن عَذابِ الحَميمِ . ذُق إِنَّكَ أَنتَ العَزيزُ الكَريمُ . إِنَّ هذا ما كُنتُم بِهِ تَمتَرونَ﴾
والشاهد بعد أن ذكر أصنافا من العذاب ذكر سببه (إِنَّ هذا ما كُنتُم بِهِ تَمتَرون): أي إن هذا العذاب بسبب كفركم، وإجرامكم؛ الباعث عليه الامتراء؛ يعني الشك؛ ولو أنهم أيقنوا أن ثم بعث لما كفروا، وطغوا، وبغوا.
........................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
﴿جَزاءً وِفاقًا (26) إِنَّهُم كانوا لا يَرجونَ حِسابًا (27)﴾: [النبأ].

*قوله (جَزاءً):* ثوابا.

*قوله (وِفاقًا):* مطابقا، وموافقا لأعمالهم؛ وافق الجزاء العمل.

والمعنى إن ما حل بهم من أشكال العذاب جزاء وفاقا؛ يعني ثوابا موافقا لأعمالهم الخبيثة.

قال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ: (وِفاقًا): الوفاق: المطابقة وعدم المنافرة. ومنه: وافقت الرجل: إذا لم تخالفه. والاتفاق افتعال منه، وهو موافقة فعل الإنسان القدر.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات: الوِفْقُ: المطابقة بين الشيئين.

قال الماوردي في النكت والعيون: وهو جمع وفق، قال أهل التأويل: وافق سوءُ الجزاءسوءَ العمل.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي جُوزُوا وِفْق أعمالهم.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: (وفاقا): أي جزاء موافقا لسوء أعمالهم.

قال الفراء في معاني القرآن (وِفاقًا): وفقا لأعمالهم.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أيوفاقالأعمالهم.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: أي ثوابا وفقا، هذا وفق هذا أي مثله.

قال السمرقندي في بحر العلوم: أي موافقا لشركهم.

قال التستري في تفسيره: وافق عذاب النار الشرك لأنهما عظيمان، فلا عذاب أعظم من الشرك.

قال أبو حيان في البحر المحيط: وفاقا: وصف الجزاءبالمصدر لوافق، أو على حذف مضاف، أي ذا وفاق. وقال الفراء: هو جمع وفق.

*قوله (إِنَّهُم):* يعني الكافرين الذين عذبوا بأصناف العذاب؛ الذي سلف ذكره.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: هذا العقاب الذي عُوقِب به هؤلاء الكفار في الآخرة فعلَه بهم ربهمجزاء، يعني: ثوابا لهم على أفعالهم وأقوالهم الرديئة التي كانوا يعملونها في الدنيا، وهو مصدر من قول القائل: وافق هذا العقاب هذا العلموِفاقا.

*قوله (كانوا):* في الدنيا.

*قوله (لا يَرجونَ):* لا يخافون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره، وغيرهم، كما سيأتي.

قلت (عبدالرحيم): والرجاء ها هنا بمعنى الخوف. ومنه قوله تعالى ومنه (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا): (يَرْجُوا): يخاف. بلغة هذيل.
قاله ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن.

ومنه (إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ):لَا يَرْجُون: لا يخافون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.

ومنه (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا):لاتخافون.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، ومكي في تفسير المشكل من غريب القرآن.

زاد أبو عبيدة: لله وقارا.

وزاد ابن قتيبة، ومكي: لله عظمة.

انتهى، وقد سبق ذكره مفصلا بحمد الله.

*قوله (حِسابًا):* محاسبة.
والمعنى كانوا لا يخافون بعثا وما فيه من حساب، ونظيرتها قوله تعالى (بل كانوا لا يرجون نشورا): أي لا يخافون بعثا.

قال الواحدي في الوجيز {إنهم كانوا لا يرجون حساباً} لا يخافون أن يحاسبهم الله.

قال السمرقندي في البحر: البعث بعد الموت.

قال البغوي في تفسيره: لا يخافون أن يحاسبوا، والمعنى: أنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: لَا يقرون بالْبَعث.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: يعني أنهم كانوا لا يخافون من العذاب أن يحاسبوا بأعمالهم الخبيثة إذا عملوها.

قال الطبري: يقول تعالى ذكره: إن هؤلاء الكفار كانوا في الدنيا لا يخافون محاسبة الله إياهم في الآخرة على نعمه عليهم، وإحسانه إليهم، وسوء شكرهم له على ذلك.

نكتة:

قوله تعالى (إنهم كانوا لا يرجون حسابا): قال الألوسي في روح المعاني: تعليللاستحقاق العذاب المذكور أيكانوالايخافونأن يحاسبوا بأعمالهم".

قلت (عبدالرحيم): وكأن الله يقول: ما نكلنا بهم من أنواع العذاب الذي تنوعت أوصافه، وأشكاله إلا بجريرتهم؛ من الطغيان، وعدم خوفهم حساب يوم البعث.

ففيه إشارة إلى نفي الظلم عن الله لتمام عدله؛
ونظيرتها قوله تعالى (إِنَّ المُجرِمينَ في عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدونَ. لا يُفَتَّرُ عَنهُم وَهُم فيهِ مُبلِسونَ. وَما ظَلَمناهُم وَلكِن كانوا هُمُ الظّالِمينَ): والشاهد قوله ( وَما ظَلَمناهُم وَلكِن كانوا هُمُ الظّالِمين)،

ومثله في التنزيل كثير؛ بعد أن يذكر الله كيفية عذابهم - العظيم الشديد الكبير -، يذكر سبب العذاب؛ من كفر وإجرام.
إذ قد يلقي الشيطان في قلب العبد شيئا (لما كل هذا العذاب العظيم).

وفيه: أنه ينبغي للعبد إذا فعل ما يستعظم فعله في النفوس، وكانت الحاجة تقتضيه فليذكر الحامل له عليه.

وتدبر هذه الآيات ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقّومِ . طَعامُ الأَثيمِ . كَالمُهلِ يَغلي فِي البُطونِ . كَغَليِ الحَميمِ . خُذوهُ فَاعتِلوهُ إِلى سَواءِ الجَحيمِ . ثُمَّ صُبّوا فَوقَ رَأسِهِ مِن عَذابِ الحَميمِ . ذُق إِنَّكَ أَنتَ العَزيزُ الكَريمُ . إِنَّ هذا ما كُنتُم بِهِ تَمتَرونَ﴾
والشاهد بعد أن ذكر أصنافا من العذاب ذكر سببه (إِنَّ هذا ما كُنتُم بِهِ تَمتَرون): أي إن هذا العذاب بسبب كفركم، وإجرامكم؛ الباعث عليه الامتراء؛ يعني الشك؛ ولو أنهم أيقنوا أن ثم بعث لما كفروا، وطغوا، وبغوا.
........................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
أحسن الله إليكم هل من مصادر ومراجع في منهج الثعالبي في تفسيره المسمى بالجواهر الحسان والذهب الإبريز في غريب القرآن ، وأقصد منهجه في غريب القرآن.
 
قوله تعالى
{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا}: النبأ (31).

*قوله{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ}:* الذين جعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية؛ بامتثال الأمر، واجتناب النهي.

وأصل التقوى: من الوقاية؛ كمن يتخذ القُمص، والثياب ليتقي بها البرد، ومنه قوله (وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرََّ): سَرَابِيلَ: مفردها سربال؛ يعني القمص، والثياب.
والمعنى: وجعل لكم قمصا تقيكم الحر والبرد. فاكتفى بالحر دون البرد لدلالة السياق عليه.

وكمن ينتعل؛ ليتقي الأذى.

ومنه ما حكاه الله عن أهل النار؛ (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ): لما غلت أيدهم اتقوا النار بوجوههم؛ بخلاف الحال في الدنيا؛ فإن الإنسان يتقي النار بيده ليحفظ وجهه.
أما أهل النار، فقد غلت أيديهم إلى أعناقهم لِ(تلفح وجوههم النار). انتهى.

*قوله {مَفَازًا}:* نجاةً من النار، وظفرا بالجنة.
فإذا زحزح العبد عن النار ونجى منها، ودخل الجنة فقد فاز وظفر.

وأصل المَفَازَةُ: الصحراء، أو الأرض القفر؛ أي الخالية من العشب والماء والناس. يقال قطع مفازة: يعني قطع مكانا محلا للهلاك. (1).

فسميت الصحراء، والأرض القفر مفازة: تفاؤلا للفوز منها؛ أي النجاة. فإذا تجاوزها فقد فاز؛ أي ظفر بالنجاة من هلاكها.

ومنه قوله تعالى {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ}: قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي بمنجاة ومنه يقال: فاز فلان أي نجى. انتهى.

تنبيه:

أعظم ما يفوز به أهل الجنة؛ النظر إلى وجه الله الكريم، فهي زيادة على فوزهم بالجنة (للذين احسنوا الحسنى وزيادة).

ولقد آثرت التنبيه على هذا لأن من أهل البدع من ينكرها، ويُعَرِّضُ بأن الفوز المطلق هو مجرد النجاة من النار، ودخول الجنة؛ هاجرا ما تواترت به السنة الصحيحة في إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الجنة.

وهذه عقيدة أهل السنة - رحمهم الله - وقد ذكرتها بالأدلة فيما سلف بحمد الله.

انتهى.

قال الكفوي في الكليات: وأصل المفازة: الصحراء، وإنما هي مهلكة ولكن تفاءلوا لها بالفوز وأصلها مفوزة أخذت من الفوز فاستثقلوا الواو فحولوها ألفا.

قال ابن سيده في المحكم والمحيط الاعظم: الفوز: النجاء والظفر بالأمنية والخير: فاز به فوزا ومفازا ومفازة.

قال البَندنيجي في التقفية في اللغة: والمفاز: الظفر بما تحب.

قال النسفي في مدارك التنزيل: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً} مفعل من الفوز يصلح مصدراً أي نجاة من كل مكروه وظفراً بكل محبوب ويصلح للمكان وهو الجنة ثم أبدل مه بدل البعض من الكل.

قال الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا}: يقول: إن للمتقين مَنجَى من النار إلى الجنة، ومخلصا منها لهم إليها، وظفرا بما طلبوا. انتهى.

قال السمرقندي : يعني: نجاة من النار إلى الجنة.

قال ابن أبي زمنين: نجاة مما أعد للكافرين.

قال الواحدي في الوجيز: فوزاً بالجنَّة ونجاةً من النَّار.

قال السمعاني، والبغوي في تفسيره، والراغب الأصفهاني في المفردات: أي فوزا.

زاد البغوي: ونجاة من النار.

وزاد الراغب في المفردات: أي: مكان فوز.

قال الزمخشري في الكشاف: كأنه قال: جازى المتقين بمفاز.

قال أبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: من الفوز وهو الظفر.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: أي ظفرا بما يريدون. ويقال: فاز بالأمر، إذا ظفر به.

قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: أي بمنجاة، مفعلة من الفوز، يقال: فاز فلان: نجا والفوز: الظّفر.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن، وغيره: موضع الفوز.

وتعقب؛ قال ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم: انما أراد موجبات مفاز، ولا يجوز أن يكون المفاز هنا اسم الموضع.

وقال السمن الحلبي في عمدة: يجوز أن يكون مصدرًا وأن يكون مكانًا أي موضع فوزٍ.

قال الكفوي في الكليات، والسيوطي في الاتقان: متنزها.

قال مقاتل بن سليمان: ثم ذكر المؤمنين فقال: إن للمتقين مفازا يعني النجاة من ذلك العذاب الذي سماه للطاغين.

قال أبو السعود: شروع في بيان محاسن أحوال المؤمنين إثر بيان سوء أحوال الكفرة أي إن للذين يتقون الكفر وسائر قبائح أعمال الكفرة فوزا وظفرا بمباغيهم أو موضع فوز وقيل نجاة مما فيه أولئك أو موضع نجاة.

قال القاسمي: ولما ذكر وعيد الكفار، تأثره بوعد الأبرار، بقوله سبحانه إن للمتقين مفازا أي فوزا بالنعيم. ونجاة من النار، التي هي مآب الطاغين.

لطيفة:

المفاز: الفوز والظفر بالمرغوب، والنجاة من المرهوب.

وقد جمع الله بين هذين الوصفين بقوله ( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ).
فليس الشأن أن يدخل العبد الجنة فحسب؛ إنما الشأن أن ينجو من النار قبل دخولها؛ لأن منهم من سيدخلها بسابقة عذاب.

لذا كان من تمام المنة على بني إسرائيل لما نجاهم أهلك عدوهم؛ لتتم النعمة، فقد يلاحقهم في وقت آخر، فلا يحصل الأمن.

روى البخاري في صحيحه ( 3397 ) من حديث ابن عباس؛ وفيه: لما قدم المدينة، وجدهم يصومون يوما، يعني عاشوراء، فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون.

والشاهد قوله (نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون).

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
.................
(1): ومن ذلك ما أثر من مناقب خالد قطع المفازة من حد العراق إلى أول الشام في خمس ليال في عسكر معه. كما في سير أعلام النبلاء.
................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
أحسن الله إليكم هل من مصادر ومراجع في منهج الثعالبي في تفسيره المسمى بالجواهر الحسان والذهب الإبريز في غريب القرآن ، وأقصد منهجه في غريب القرآن.
لا أعلم.
 
قوله تعالى
{حَدائِقَ وَأَعنابًا (32) وَكَواعِبَ أَترابًا (33)} :[النبأ].

*قوله {حَدَائِقَ}:* مفردها: حديقة؛ وهي البستان ذات الشجر المثمر؛ فإن وجد الشجر خلا الثمر، ولم تسور بالحيطان لا تسمى حديقة.
وسميت بذلك: لأنها حدقت بالحيطان.

قال نافع ابن الأزرق في مسائله لابن عباس - رضي الله عنهما -: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: حَدائِقَ وَأَعْناباً.
قال: الحدائق: البساتين.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
بلاد سقاها الله أمّا سهولها ... فقضب ودر مغدق وحدائق.

قال الفراء في معاني القرآن: يقال: حديقة لكل بستان عليه حائط. فما لم يكن عليه حائط لم يقل له: حديقة.

قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين: والحديقة: أرض ذات شجر مثمر.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: حدائق يعني البساتين قد حدقت حواليها الحيطان.

قال الزمخشري في الكشاف: والحدائق: البساتين فيها أنواع الشجر المثمر.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: البساتين التي عليها حلق وجداران وحظائر.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: لهم حدائق في الجنة، والحدائق ما أحيط بالجدار، وفيه من النخيل والثمار.

وقال ابن أبي زمنين في تفسيره: {حدائق} جنات.

قال الطبري في تفسيره: وقوله: (حدائق) والحدائق: ترجمة وبيان عن المفاز، وجاز أن يترجم عنه، لأن المفاز مصدر من قول القائل: فاز فلان بهذا الشيء، إذا طلبه فظفر به، فكأنه قيل: إن للمتقين ظفرا بما طلبوا من حدائق وأعناب.
والحدائق: جمع حديقة، وهي البساتين من النخل والأعناب والأشجار المحوط عليها الحيطان المحدقة بها، لإحداق الحيطان بها تسمى الحديقة حديقة، فإن لم تكن الحيطان بها محدقة، لم يقل لها حديقة، وإحداقها بها: اشتمالها عليها.

قال القرطبي في تفسيره: {حدائق}، جمع حديقة، وهي البستان المحوط عليه، يقال أحدق به: أي أحاط.

قال ابن كثير في تفسيره: وهي البساتين من النخيل وغيرها.

قال الزبيدي في تاج العروس: الحديقة: البستان عليه الحائط، وخص بعضهم من النخل والشجر الملتف، وهو قول ابن دريد والزجاج، وخص بعضهم الشجر بالمثمر، وقال بعضهم: بل هي الجنة من نخل وعنب.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى {وَحَدَائِقَ غُلْبًا}: حدائق نخل.
قال أبو بكر السجستاني: بساتين نخل غلاظ الأعناق.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: حدائق واحدتها حديقة، وهي البساتين، والشجر الملتف.

وذكر عبدالله بن حسنون السامري في اللغات؛ في قوله تعالى {وَحَدَائِقَ غُلْبًا} حدائق يعني بساتين، والغلب المتلفة بلغة قريش وقيس عيلان.

ومنه {فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا}: «فأنبتنا به حدائق»: أي جنانا من جنان الدنيا واحدتها حديقة.
قاله أبو عبيدة في مجاز القرآن.

انتهى.

*قوله {وَأَعْنَابًا}:* تقديره وشجر أعناب.

قال الطبري في تفسيره {حَدائِقَ وَأَعنابًا}: يعني: وكروم أعناب، واستغنى بذكر الأعناب عن ذكر الكروم. (1).

قال السمرقندي في البحر: يعني: كروما.

قال مجير الدين العليمي في اللباب في علوم الكتاب: والتنكير في قوله تعالى: {وأعنابا} يدل على تعظيم تلك الأعناب.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: (حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا): أي فيها أعناب.

قال القرطبي في تفسيره: والأعناب: جمع عنب، أي كروم أعناب، فحذف.

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: (حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا): بساتين فيها أنواع الأشجار المثمرة، سيما العنب، بدل اشتمال، أو بعضٍ من مفازًا.

قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: أي بساتين فيها أنواع الأشجار ذوات الثمار والرياحين لتجمع مع لذة المطعم لذة البصر والشم، قد أحدقت بها الجدران وحوطت بها.

انتهى.

*قوله {وَكَوَاعِبَ}:* تقديره: وحوراً كواعب. مفردها: كاعب.

والكاعب: التي نتأ ثديها، أي بدأ في الظهور. وهو بيان، وتأكيد على صغر سنهن، وشبابهن. وليس وصفا لحجم الثدي كما يتوهم البعض.

وثم شبهة حول قوله (كواعب) لا يسع المقام لذكرها؛ وهي داحضة. لأن القرآن لم يتعرض لتحديد الحجم، أو كونه متدليا أم لا؛ سوى أنه أخبر عن صغرهن بمجرد خروج الثدي.
سيما ومن أهل العلم من قال( كواعب): عذارى. كما وصفهن بقوله ( فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا).

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: وكواعب يعني النساء الكاعبة يعنيعذارى.

وحكاه الماوردي في النكت والعيون عن الضحاك، وغيره.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: وكواعبجمع كاعب وهي الجارية التي خرج ثديها.

وقال الزجاج في معانيه: (وكواعبأترابا) أي أسنانهن واحدة، وهن في غاية الشباب.

وقال ابن أبي زمنين في تفسيره: {وكواعبأترابا} على سن واحدة بنات ثلاث وثلاثين سنة.

قال الزمخشري في أساس اللغة: وتكعبثديها:نتأكالكعب. وكعبت كبتها: جعلت لها حروفا كالكعوب. والجارية بكعبتها: بعذرتها.

قال ابن الجوزي في أخبار النساء: والمرأة طفلةٌ ما دامت صغيرةً؛ ثمّ وليدةٌ إذا تحرّكت؛ ثمّ كاعبٌ إذا كعب ثديها؛ ثمّ ناهدٌ إذا زاد؛ ثمّ معصرٌ إذا أدركت؛ ثمّ خودٌ إذا توسّطت الشّباب.

قال أبو موسى الأصبهاني المديني في المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث: أي نساء كعب ثديهن؛ يعنى نتأ.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: نساء قد كعبت ثديهن.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات: وامرأة كاعب: تكعب ثدياها، وقد كعبت كعابة، والجمع كواعب، قال: {وكواعب أترابا}، وقد يقال: كعب الثدي كعبا، وكعب تكعيبا.

وقال الطبري: نواهد.

قال السمعاني في تفسيره: الكواعب: هي النواهد، يقال: جارية كاعب أي خرج ثديها مثل الكعب وهي ناهد.

قال القرطبي: كواعب: جمع كاعب وهي الناهد، يقال: كعبت الجارية تكعب كعوبا، وكعبت تكعب تكعيبا، ونهدت تنهد نهودا.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والكواعب : جمع كاعِب ، وهي الجارية التي بلغت سن خمس عشرة سنة ونحوها . ووصفت بكاعب لأنها تكَعَّب ثديُها ، أي صار كالكعب ، أي استدار ونتأ ، يقال : كَعَبَتْ من باب قَعَد ، ويقال : كَعَّبت بتشديد العين ، ولما كان كاعب وصفاً خاصاً بالمرأة لم تلحقه هاء التأنيث وجمع على فواعل .

انتهى

*قوله {أَتْرَابًا}:* مفردها تِرْب بكسر التاء وسكون الراء.
ومعنى " أَتْرَابًا ": في سن واحدة، وفي حالة واحدة؛ من الصفاء والإخاء؛ كي لا يقع منهن ما يقع من نساء الدنيا.
حتى قيل لو كان منهن ولادة لكانت ولادتهن في آن واحد.

قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: أي على سن واحد من مس جلد واحد التراب قبل الأخرى، بل لو كن مولودات لكانت ولادتهن في آن واحد.

قال القرطبي: والأتراب: الأقران في السن.

قال الزجاج في معانيه: أي أسنانهن وَاحِدة، وهن في غاية الشباب والحُسْنِ.

قال الطبري في تفسيره، وابن عطية في المحرر: في سن واحدة.

إلا أن ابن عطية قال: " على سن واحدة ".
وهو قال ابن قتيبة في غريب القرآن.

قال السمرقندي في البحر: مستويات في الميلاد والسن.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: على سن واحدة بنات ثلاث وثلاثين سنة.

قال الواحدي في الوسيط، والبغوي في تفسيره: مستويات في السن.

قال البغوي في تفسيره: مستويات في السن.

قال ابن كثير في تفسيره: {كواعب} نواهد، يعنون أن ثديهن نواهد لم يتدلين لأنهن أبكار عرب أتراب، أي: في سن واحدة.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والأتراب : جمع تِرب بكسر فسكون : هو المساوي غيره في السِنّ ، وأكثر ما يطلق على الإناث . قيل : هو مشتق من التراب فقيل لأنه حينَ يولد يقع على التراب مِثل الآخر ، أو لأن التِرْب ينشأ مع لِدَته في سنّ الصِّبا يلعب بالتراب .
وقيل : مشتق من الترائب تشبيهاً في التساوي بالترائب وهي ضلوع الصدر فإنها متساوية.

لطيفة:

*قوله {حَدائِقَ وَأَعنابًا}:* ثم أمران:

الأول: الأعناب من جملة الحدائق؛ فخصت لما سيأتي ذكره.

الثاني: المراد بالأعناب شجرها؛ وإذا وجدت الشجرة وجدت الثمرة؛ وهذا من صفات الحديقة كما سلف.

وإنما نبه على وجود الشجر والثمرة لتكمل اللذة؛ فأهل الجنة يطعمون العنب من أصل شجرها؛ مع كونها سهلة المأخذ (قطوفها دانية): قريبة سهلة.
وليس كالحال في الدنيا؛ وأين الثرى من الثريا.

كما أنهم يطعمونه من غير جني؛ إن شاءوا.

وخص العنب مع كونه من جملة الحدائق لكونه مشتهىً للنفوس، ولحسن منظره؛ فهو بهيج يبهج الناظر. فجمع بين حسن المنظر ولذة الطعم.

وقد جاء ذكر العنب في آيات كثيرة؛ من ذلك قوله (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا)،

(أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ)،

(وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ)،

(وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ)،

(يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ)،

(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا)
(وَعِنَبًا وَقَضْبًا)،

(فَأَنْشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ)،

(وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ).

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
...............
(1): كروم: مفردها: كرم؛ بفتح الكاف بعدها سكون. ويطلق على شجر العنب ذاته، ويطلق على الثمرة نفسها، ويطلق على الخمر من العنب. وقد جاء النهي عن تسمية العنب كرما؛ كما عند مسلم (2247) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَقُولُوا كَرْمٌ فَإِنَّ الْكَرْمَ، قَلْبُ الْمُؤْمِنِ».

وفي لفظ لمسلم ( 2247 ) من حديث أبي هريرة مرفوعا ««لَا تُسَمُّوا الْعِنَبَ الْكَرْمَ، فَإِنَّ الْكَرْمَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ».

قال النووي في شرحه لمسلم: قال العلماء سبب كراهة ذلك أن لفظة الكرم كانت العرب تطلقها على شجر العنب وعلى العنب وعلى الخمر المتخذة من العنب سموها كرما لكونها متخذة منه ولأنها تحمل على الكرم والسخاء فكره الشرع اطلاق هذه اللفظة على العنب وشجره لأنهم إذا سمعوا اللفظة ربما تذكروا بها الخمر وهيجت نفوسهم إليها فوقعوا فيها أو قاربوا ذلك وقال إنما يستحق هذا الاسم الرجل المسلم أو قلب المؤمن لأن الكرم مشتق من الكرم بفتح الراء وقد قال الله تعالى إن أكرمكم عند الله أتقاكم فسمي قلب المؤمن كرما لما فيه من الإيمان والهدى والنور والتقوى والصفات المستحقة لهذا الاسم وكذلك الرجل المسلم قال أهل اللغة يقال رجل كرم بإسكان الراء وامرأة كرم ورجلان كرم ورجال كرم وامرأتان كرم ونسوة كرم كله بفتح الراء واسكانها بمعنى كريم وكريمان وكرام وكريمات وصف بالمصدر كضيف وعدل والله أعلم.
انتهى
................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك ( واتساب ) - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
قوله تعالى
{ وَكَأْسًا دِهَاقًا} النبأ: 34

*قوله ( وَكَأْسًا ):* من خمر.
وقد جاء وصفها في قوله(يُطافُ عَلَيهِم بِكَأسٍ مِن مَعينٍ . بَيضاءَ لَذَّةٍ لِلشّارِبينَ . لا فيها غَولٌ وَلا هُم عَنها يُنزَفونَ): معين: عيون من خمر تجري على وجه الأرض. بيضاء: أشد بياضا من اللبن. غول: لا تغتال عقولهم فتذهب بها. ينزفون: يسكرون، وأنزف الشارب: يعني: ذهب عقله من السكر.

ونعتها في قوله (لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ): لا يصدعون: لا يصابون بصداع الرأس؛ كما كان الحال في الدنيا من شرب المسكر. (1).

وكل كأس في القرآن فهو خمر.
حكاه الزمخشري في الكشاف، والفخر الرازي في التفسير الكبير، والنسفي في مدارك التنزيل عن الأخفش.ورواه الطبري عن الضحاك بن مزاحم.

وإذا خلا الإناء، والقدح من الشراب فلا يسمى كأسا.

قال العسكري في معرفة أسماء الأشياء: فأما قدح الشرابفهو قدح ما دام فارغا. فإذا كان فيهشرابفهوكأس، والجمع كؤوس.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: الكأس كل إناء فيه شراب فهو كأس، فإذا لم يكن فيه شراب. فليس بكأس.

قال ابن منظور في لسان العرب: والكأس: الزجاجة ما دام فيهاشراب.

قال السمرقندي في بحر العلوم: كل إناء فيه شراب فهو كأس، فإذا لم يكن فيه شراب فليس بكأس، كما يقال للمائدة إذا كان عليها طعام مائدة، وإذا لم يكن فيها طعام خوان.

قال القرطبي في تفسيره: والكأسعند أهل اللغة اسم شامل لكل إناء مع شرابه، فإن كان فارغا فليس بكأس. قال الضحاك والسدي:كلكأسفي القرآنفهيالخمر، والعرب تقول للإناء إذا كان فيهخمركأس، فإذا لم يكن فيهخمرقالوا إناء وقدح.

قال ابن فارس في مجمل اللغة: الكأس: الإناء بما فيه منشراب.

قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: والمراد بالكأس الخمر.

انتهى.

*قوله ( دِهَاقًا ):* يعني: ملأى؛ بلغة هذيل.
ذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات في القرآن، وابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن.

وقال الكفوي في الكليات: ملآن.

قال ابن السكيت في كتاب الألفاظ: ويقال: أدهقت الكأس، إذا ملأتها.

قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: وأدهقت الماء، أي أفرغته إفراغا شديدا.

قال الألوسي في روح المعاني: يقال: دهق فلان الحوض وأدهقه أي: ملأه.

قال ابن فارس في مجمل اللغة: (دهق)الدال والهاء والقاف يدل على امتلاء في مجيء وذهاب واضطراب. يقال أدهقت الكأس: ملأتها.

قال نافع بن الأزرق في مسائله لابن عباس: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عز وجل: وكأسادهاقا.
قال: الكأس: الخمر. والدهاق: الملآن.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
أتانا عامر يرجو قرانا...فأترعنا له كأسادهاقا.
انتهى

فقوله ( دِهَاقًا ): أي ملأى.
قاله ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل، وأبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، ومكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، والسمين الحلبي في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، وابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن.

وقال الجرجاني في درج الدرر في تفسير الآي والسور، والبقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، وابن أبي زمنين في تفسيره، والواحدي في الوجيز: ممتلئة.

وقال التستري في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل: أي مملوءة.

زاد التستري: متتابعة.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: «الدهاق» : المترعة(1) فيما قال الجمهور.

قال مكي: ملأى من الخمر مترعة.

قال الزجاج في معانيه: ومعنى دهاقا مليء، وجاء في التفسير أيضا أنها صافية.


قال الرازي في التفسير الكبير: التقدير. وخمرا ذات دهاق، أي عصرت وصفيت بالدهاق.

المعنى الإجمالي للآية:
يقول: وكأسا ملأى متتابعة على شاربيها بكثرة وامتلاء، وأصله من الدهق: وهو متابعة الضغط على الإنسان بشدة وعنف، وكذلك الكأس الدهاق: متابعتها على شاربيها بكثرة وامتلاء.
قاله أبو جعفر الطبري في تفسيره.
..............

(1):قال الطبري في تفسيره: فنزه الله خمر الآخرة عن الآفات التي في خمر الدنيا ، من صداع الرأس ووجع البطن - وهو الغول - وذهابها بالعقل جملة.

(2): قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: [ترع] حوضٌ تَرَعٌ بالتحريك، وكوزٌ ترع، أي ممتلئ.
وقد ترع الإناء بالكسر، يَتْرَعٌ تَرَعاً، أي امتلأ. وأَتْرَعْتُهُ أنا، وجَفْنَةٌ مُتْرَعَةٌ.

قال ابن فارس في مجمل اللغة: وأترعتُ الإناء: ملأته، وجفنة مترعة.

قال ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم: وأدهَق الكأس: ملأها.

وفي المعجم الوسيط: (الدهاق) يُقَال كأس دهاق مترعة ممتلئة ومتتابعة على شاربيها وصافية وَمَاء دهاق كثير.
...........................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
﴿جَزاءً مِن رَبِّكَ عَطاءً حِسابًا﴾
[النبأ: 36].

*قوله {جَزاءً}:* مفعول مطلق.
قاله الدعاس في إعراب القرآن.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: منصوب بمعنى: جزاهم جزاءا.

قال النسفي في مدارك التنزيل: مصدر أي جزاهم جزاء.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والجزاء: إعطاء شيء عوضاً على عمل . ويجوز أن يجعل الجزاء على أصل معناه المصدري وينتصب على المفعول المطلق الآتي بدلاً من فعللٍ مقدر . والتقدير : جزيْنا المتقين.

قلت (عبدالرحيم): قوله {جَزاءً}: يعني ثوابا على تقواهم؛ فما زال الحديث عن المتقين.
والجزاء: الثواب؛ والعكس. وهو في التنزيل كثير؛ وإن كان أحدهما أخص من الآخر.

فمما جاء في الثواب ومعناه الجزاء؛ قوله تعالى (هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ): ثُوِّبَ: جوزي.
قاله السمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره، والثعلبي في الكشف والبيان، ومكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، والسمعاني في تفسيره، والبغوي في تفسيره، وابن عطية في المحرر الوجيز، والقرطبي، وأبو حيان في البحر المحيط، والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ، وابن كثير في تفسيره، وابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل، وغيرهم.

زاد السمين الحلبي: وهو تهكم أيضا.

قالأبو بكر الأنباري في الزاهر في كلمات الناس: معناه: هل جزي الكفار في فعلهم وعملهم ما فعلوا. قال الشاعر :
(ألا أبلغ أبا حنش رسولا...فمالك لا تجيء إلى الثواب)معناه: إلىالجزاء.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أيهلجوزوابسخريتهم بالمؤمنين في الدنيا.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: قوله: {هلثوبالكفار}هلجوزيالكفار؟ {ما كانوا يفعلون} أي: قدجوزواشر الجزاء.

قال ابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب: هلجوزواوأثيبوا على استهزائهم بالمؤمنين.

ومنه {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُالثَّوابِ}: أي حسنالجزاءوهو الجنة.
قاله السمرقندي في البحر.

ومنه {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَالثَّوَابُوَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا}: نِعْمَالثَّوَاب: أي نعم الجزاء.
قاله البغوي في تفسيره.

وفي كتاب البسيط للواحدي:الثوابُفي الأصلمعناه: ما رجع إليك من عائدة، وحقيقته:الجزاءالعائد على صاحبه مُكَافأةً لما فعل، ومنه: التَثْويب في الأذان، إنما هو ترجيع الصَوْت، ولا يقال لصوتٍ مرةً واحدةً: تثويب، ويقال: ثوّب الداعي: إذا كرر دعاه كما قال:
إذا الداعي المُثَوّبُ قال: يالا.
والثوب مشتقّ من هذا، لأنه ثاب لباسًا بعد أن كان قُطنا أو غزلا.

ومما جاء في الجزاء، ومعناه الثواب؛
قوله تعالى {ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى}: ثميثاب بسعيه ذلك الثواب الأوفى.
قاله الطبري في تفسيره.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: يعطىثوابه كاملا.

ومنه {وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا}: {جزآء} أي: ثوابا على إيمانه.
قاله مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية.

قال الطبري في تفسيره: جزاء يعنيثواباعلى إيمانه، وطاعته ربه.

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان أي:فلهالمثوبةالحسنى.

وفي تفسير القرطبي: فلهالثوابجزاء الحسنى.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: فيسمى الجزاءثوابا تصورا أنه هو هو، ألا ترى كيف جعل الله تعالىالجزاءنفس العمل في قوله (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) ولم يقل جزاءه، والثوابيقال في الخير والشر، لكن الأكثر المتعارف في الخير، وعلى هذا قوله عز وجل: (ثوابا من عند الله والله عنده حسنالثواب).

ومنه {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا}: وأثابهم اللهبماصبروافي الدنيا على طاعته، والعملبمايرضيه عنهم جنة وحريرا.
قاله الطبري في تفسيره.

قال السمرقندي في البحر: أعطاهم الثواببماصبروافي الدنيا جنة وحريرا يعني: لباسهم فيها حرير.

ومنه {إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا}: أيالثوابالمضاعف بما عملوا.
قاله القاسمي في محاسن التأويل.

انتهى.

*قوله {مِن}:*ابتدائية ، أي صادراً من لدن الله ، وذلك تنويه بكرم هذا الجزاء وعظم شأنه.
قاله الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير.

*قوله {رَبِّكَ}:* قال الطبري: يعني بقوله جل ثناؤه: (جزاء من ربكعطاء) أعطى الله هؤلاء المتقين ما وصف في هذه الآيات ثوابا من ربك بأعمالهم، على طاعتهم إياه في الدنيا.

*قوله {عَطاءً}:*بدلمن «جزاء» وهو اسم مصدر.
قاله السمين الحلبي في الدر المصون.

قال الطبري في تفسيره: تفضلا من الله عليهم بذلك الجزاء، وذلك أنه جزاهم بالواحد عشرا في بعض وفي بعض بالواحد سبع مئة، فهذه الزيادة وإن كانت جزاء، فعطاءمن الله.

قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {جزاء من ربكعطاء} أي: جوزوا جزاء، وأعطواعطاء.

قال الطاهر بن عاشور: ووصفُ الجزاء بعطاء وهو اسم لم يُعطَى ، أي يتفضل به بدون عوض للإِشارة إلى أن ما جوزوا به أوفرُ مما عملوه ، فكان ما ذكر للمتقين من المفاز وما فيه جزاء شكراً لهم وعطاءً كرماً من الله تعالى وكرامة لهذه الأمة إذ جعل ثوابها أضعافاً.

*قوله {حِسابًا}:* كافيا.
قالهأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وأبو هلال العسكري في الوجوه والنظائر، والزجاج في معاني وإعراب القرآن، ومكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، وابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن، والألوسي في روح المعاني، والسمعاني في تفسيره، والبغوي في تفسيره، والزمخشري في الكشاف، ونجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن، والنسفي في مدارك التنزيل، وابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل، وأبو حيان الأندلسي في البحر المحيط في التفسير، والسمين الحلبي في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون، وابن كثير في تفسيره، وسراج الدين النعماني في اللباب في علوم الكتاب، وأبو السعود في تفسيره. وحكاه الواحدي في البسيط عن أبي عبيدة معمر بن المثنى.

إلا أن النسفي قال: صفة يعني كافيا أو على حسب أعمالهم.

زاد ابن كثير: وافرا شاملا كثيرا؛ تقول العرب: "أعطاني فأحسبني" أي: كفاني. ومنه "حسبي الله"، أي: الله كافي.

زاد البغوي: وافيا.

وزاد ابنجزي: من أحسب الشيء إذا كفاه.

وزاد السجستاني: ويقال: أعطاني ما أحسبني أي ما كفاني. وقال: أصل هذا أن يعطيه حتى يقول حسبي.

وزاد الزجاج: وإنما سمي الحساب في المعاملاتحسابالأنه يعلم ما فيه كفاية
ليس فيها زيادة على المقدار ولا نقصان.

زاد الألوسي: على أنه مصدر أقيم مقام الوصف أو بولغ فيه أو هو على تقدير مضاف وهو مأخوذ من قولهم أحسبه الشيء إذا كفاه حتى قال: حسبي، وقيل على حسب أعمالهم أي مقسطا على قدرها.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: والحسيب عند أهل اللغة الكافي. يقال حسبه إذا كفاه، ومنه {عطآءحسابا} أي: كافيا: ومنه {حسبك الله} أي: يكفيك الله.

قال الثعلبي في الكشف والبيان، والواحدي في الوجيز: أي كثيرا كافيا.

وزاد الثعلبي: وافيا.

وقال ابن قتيبة في غريب القرآن،والسمرقندي في بحر العلوم، والجلال المحلي في الجلالين: أي كثيرا.

زاد الجلال المحلي: من قولهم أعطاني فأحسبني أي أكثر علي حتى قلت حسبي.

وزاد ابن قتيبة: يقال: أعطيت فلاناعطاءحسابا؛ وأحسبت فلانا، أي أكثرت له. قال الشاعر:
ونقفي وليد الحي إن كان جائعا...ونحسبه إن كان ليس بجائع.
ونرى أصل هذا: أن يعطيه حتى يقول: حسبي.

وقال الطبري: وقوله: (حسابا) يقول: محاسبة لهم بأعمالهم لله في الدنيا.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: جمهور المفسرين واللغويين معناه: محسبا، كافيا في قولهم أحسبني هذا الأمر أي كفاني، ومنه حسبي الله.

قال الطاهر بن عاشور: وهذا الحساب مجمل هنا يبينه قوله تعالى :{ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها }، وقوله :{ مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللَّه كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة }.
وليس هذا الحساب للاحتراز عن تجاوز الحد المعيَّن ، فذلك استعمال آخر كما في قوله تعالى :{ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب }ولكل آية مقامها الذي يجري عليه استعمال كلماتها فَلا تعارض بين الآيتين .
ويجوز أن يكون{ حساباً }اسم مصدر أحْسَبَه ، إذا أعطاه ما كفاه ، فهو بمعنى إحساباً ، فإن الكفاية يطلق عليها حَسْب بسكون السين فإنه إذا أعطاه ما كفاه قال : حسبي .

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
..........................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب القرآن - عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
﴿يَومَ يَقومُ الرّوحُ وَالمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمونَ إِلّا مَن أَذِنَ لَهُ الرَّحمنُ وَقالَ صَوابًا﴾ [النبأ: 38].

*قوله {يَومَ}:* أي: في ذلك اليوم.
قاله الواحدي في الوسيط، والبغوي في تفسيره.

قال البيضاوي في أسرار التنزيل، والجلال المحلي في الجلالين: ظرف للايملكون.

*قوله {يَقومُ الرّوحُ}:* يعني جبريل عليه السلام؛ فقد سماه الله روحا في غير ما آية.

*قوله {وَالمَلائِكَةُ}:* أيضا؛ يقوم الجميع.
قاله السعدي في تفسيره.

*قوله {صَفًّا}:* يعني: صفوفا.

ونظيرتها قوله تعالى (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا): يعني صفوفا صفوفا.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: وإذا جاء ربك يا محمد وأملاكه صفوفا صفا بعد صفّ.

قالابن كثير في تفسيره: فيجيء الرب تعالى لفصل القضاء كما يشاء ، والملائكة يجيئون بين يديه صفوفا صفوفا.

انتهى كلامه.

فمعنى قوله تعالى {وَالمَلائِكَةُ صَفًّا}: صفوفا.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، السمرقندي في بحر العلوم، والواحدي في الوجيز، وابن أبي زمنين في تفسيره، والقرطبي في تفسيره.

إلا أن القرطبي قال: مصدر أي يقومونصفوفا. والمصدر ينبئ عن الواحد والجمع، كالعدل والصوم.

زاد السمرقندي: يعني:كصفوف الملائكة، وأهل الدنيا في الصلاة.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: وإذا جاء ربك يا محمد وأملاكهصفوفاصفابعد صف.

قالسراج الدين النعماني في اللباب في علوم الكتاب: {صفا} مصدر؛ أي: يقومون صفوفا، والمصدر يغني عن الواحد والجمع كالعدل، والصوم، ويقال ليوم العيد: يوم الصف.

قال الجلال المحلي في الجلالين، والخطيب الشربيني في السراج: {والملائكةصفا} حال أي مصطفين.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ): الكلام للملائكة تصف نفسها؛ لا كما يتوهمه البعض.

وفي الحديث المرفوع: «ألاتصفونكما تصف الملائكة عند ربها؟» فقلنا يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: «يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف» (1).

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل ملائكته:(وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ)لله لعبادته.

قال السمعاني في تفسيره: قوله تعالى: {وإنا لنحنالصافون} أي:المصطفونفي السماء للعبادة

قال ابن كثير في تفسيره: أي نقفصفوفافي الطاعة.

ومنه (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى): صَفًّا:صفوفا.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، والفخر الرازي في التفسير الكبير، وابن الهائم في التبيان في غريب القرآن.

زاد الرازي: كقوله: يخرجكم طفلا. أي أطفالا.

قال الطبري في تفسيره: والصف هاهنا مصدر، ولذلك وحد، ومعناه: ثم ائتواصفوفا.

قالابن الجوزي في زاد المسير: أي: مصطفين مجتمعين، ليكون أنظم لأموركم، وأشد لهيبتكم.

ومنه ( وَالصَّافَّاتِ صَفًّا): يعني الملائكة
صفوفافي السماء يسبحون الله جل ثناؤه كصفوف الناس في الأرض للصلاة.
قاله أبو بكر السجستاني في غريب القرآن.

قال الطبري في تفسيره: والصافات: الملائكةصفوفافي السماء.

قال الزبيدي في تاج العروس: (الصافات صفا): هي: الملائكةالمصطفونفي السماء يسبحون ومنه قوله تعالى: وإنا لنحن {الصافونوذلك أن لهم مراتب يقومون عليها صفوفا، كما} يصطف المصلون.

ومنه (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ): صَفًّا: مصطفينصفوفاكالصلاة، لأنهم إذا اصطفوا مثلا صفين كان أثبت لهم وأمنع من عدوهم.
قالهالماوردي في النكت والعيون.

ومنه ( وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا): صَفًّا: صفوفا.
قاله يحيى بن سلام في تفسيره، وابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل.

زاد ابن جزي: فهو إفراد تنزل منزلة الجمع.

قال حقي الخلوتي في روح البيان: مفرد منزل منزلة الجمع كقوله تعالى ثم يخرجكم طفلا اى أطفالا والمعنىصفوفايقف بعضهم وراء بعض غير متفرقين ولا مختلطين شبهت حالهم بحال الجند المعروضين على السلطان ليحكم فيهم بما أراد لا ليعرفهم.

ومنه ( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ):بمعنى مصطفة، واحدها: صافة، وقد صفت بين أيديها.
قال الطبري في تفسيره.

قال الزبيدي في تاج العروس: {صوافأي:} مصفوفة للنحر،! تصفف ثم تنحر، منصوبة على الحال، أي: قد صفت قوائمها.

قال القرطبي في تفسيره: من صف يصف . وواحد صواف صافة.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: أي مصطفة، وصففت كذا: جعلته علىصف.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وصوافّ : جمع صافّة . يقال : صف إذا كان مع غيره صفّا بأن اتّصل به . ولعلّهم كانوا يصفُّونها في المنحر يوم النّحر بمِنى ، لأنه كان بمِنى موضع أُعدّ للنحر وهو المنحَر .

قال محمود بن عبدالرحيم الصافي في الجدول في إعراب القرآن: صَوَافَّ: جمع صافة، اسم فاعل منصفالثلاثي، وزنه فاعل، أدغمت عينه ولامه لأنهما من ذات الحرف، ووزنصواففواعل.

انتهى.

*قوله {لا يَتَكَلَّمونَ}:* يعني الخلق.
قاله الواحدي في الوسيط، وابن الجوزي في زاد المسير، والجلال المحلي في الجلالين، وبه قال غير واحد.

زاد ابن الجوزي، والواحدي: كلهم.

قلت (عبدالرحيم): قوله {لا يَتَكَلَّمونَ}: يعني الخلق كلهم؛ فيدخل فيهم الملائكة؛ وهذا أجود من تخصيصه بالملائكة وحدهم.

ومن أهل العلم من خصه بالملائكة.
فيكون المعنى على هذا القول من باب قولهم " إياك أعنيواسمعيياجاره".

والمعنى إذا كان الملائكة مع شرفهم، وعلو منزلتهم لا يتكلمون؛ فمن دونهم أجدر ألا يتكلموا؛ اللهم إلا الرسل؛ ففي الصحيحين مرفوعا ( ولايتكلم يومئذ إلاالرسل). (2).

ونحوه قوله تعالى ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ): يريد قاتلها. يعني سئل قاتلها بأي ذنب قتلها.
وفيها تفسير قيم؛ يأتي لاحقا (إن شاء الله).

قال البيضاوي في أنوار التنزيل: (يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمنوقالصوابا)تقرير وتوكيد لقوله {لا يملكون} (3)، فإن هؤلاء الذين هم أفضل الخلائق وأقربهم من الله إذا لم يقدروا أن يتكلموا بما يكونصواباكالشفاعة لمن ارتضى إلا بإذنه، فكيف يملكه غيرهم

انتهى.

*قوله {إِلّا مَن أَذِنَ لَهُ الرَّحمنُ}:*في الكلام؛ الذي من جملته الشفاعة. وهذا أحسن من تخصيصه بالشفاعة.
ونظيرتها قوله تعالى (يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ).

قال ابن الجوزي في زاد المسير، والقرطبي في تفسيره: في الكلام.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: أي تمنعهم الهيبة من الكلام إلامن بعد أن يأذن الله لهم.

قال صديق حسن خان في فتح البيان في مقاصد القرآن: أي الخلائق ثم خوفا وإجلالالعظمة الله جل جلاله من هول ذلك اليوم ولايشفعون لأحد.

قال السمرقندي في البحر: يعني: لا يتكلمون بالشفاعة.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: لا يشفعون.

قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {لا يتكلمون} أي: لا يشفعون، أي: الملائكة وقيل: لا يتكلمون مطلقا. قوله: {إلا من أذن له الرحمن} أي: بالشفاعة والكلام.

انتهى.

*قوله {وَ}:* كان ذلك الشخص ممن.
قاله صديق حسن خان في فتح البيان.

*قوله {قالَ}:* قولا.
قاله الجلال المحلي في الجلالين.

*قوله {صَوابًا}:* أي حقا، وسدادا من القول؛ الذي من جملته التوحيد. وهذا أجود من تخصيصه بشيء دون آخر.

قال الشوكاني في فتح القدير: وأصل الصواب السداد من القول والفعل.

قال البغوي في تفسيره، وابن كثير في تفسيره، والسمعاني في تفسيره، وغيرهم: حقا.

إلا أن البغوي قال: في الدنيا، أي حقا.

زاد ابن كثير: ومن الحق :" لا إله إلا الله ".

قال السمرقندي في البحر: لا إله إلا الله يعني: من كان معه من التوحيد، وهو من أهل الشفاعة.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: {وقال صوابا} في الدنيا لا إله إلا الله.

قال ابن الجوزي في زاد المسير: (وقال صوابا): قال في الدنيا صوابا، وهو الشهادة بالتوحيد عند أكثر المفسرين. وقال مجاهد: قال حقا في الدنيا.

قال القرطبي: (وقال صوابا): يعني قول: لا إله إلا أنت.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وقال ابن عباس: الضمير فييتكلمونعائد على الناس خاصة و «الصواب» المشار إليهلاإله إلاالله، قال عكرمة أي قالها في الدنيا.

قال الواحدي في البسيط: والصواب هو السداد من الفعل والقول، يقال: فعل صوابا، وقال صوابا، وهو اسم من أصاب يصيب إصابة، كالجواب من أجاب يجيب إجابة.

قال الطبري في تفسيره: والصواب من القول في ذلك: أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن خلقه أنهم لا يتكلمون يوم يقوم الروح والملائكة صفا، إلا من أذن له منهم في الكلام الرحمن، وقال صوابا، فالواجب أن يقال كما أخبر إذ لم يخبرنا في كتابه، ولا على لسان رسوله، أنه عَنَى بذلك نوعا من أنواع الصواب، والظاهر محتمل جميعه.

فائدة، وتنبيه:

قوله {يَقومُ الرّوحُ وَالمَلائِكَةُ}:* الرّوحُ: جبريل عليه السلام.
وقد خص من بين الملائكة تشريفا، وتعظيما لشأنه.

ونظيرتها قوله تعالى (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)،

وقوله (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ).

فالروح في هذه الآيات جبريل - عليه السلام - كما في قوله ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ).

وقوله (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا): أي تمثل لها جبريل رجلا تام الخلقة.

وقوله (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ): رُوحِنَا: جبريل عليه السلام.

وقوله (ُوَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ): بِرُوحِ الْقُدُس: جبريل عليه السلام.

وقوله (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ).

وقد ورد في شأنه عدة نصوص؛ فهو كريم، قوي مطاع؛ تطيعه ملائكة السماء.

قال تعالى (إِنَّهُ لَقَولُ رَسولٍ كَريمٍ . ذي قُوَّةٍ عِندَ ذِي العَرشِ مَكينٍ . مُطاعٍ ثَمَّ أَمينٍ): مُطاعٍ ثَمَّ أَمين: تطيعه الملائكة هناك (في السماوات)، أمين: على وحي الله.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: (مطاعثم) يعني جبريل صلى الله عليه وسلم،مطاعفي السماء تطيعه الملائكة (أمين) يقول:أمينعند الله على وحيه ورسالته وغير ذلك مما ائتمنه عليه.

ونظيرتها (عَلَّمَهُ شَديدُ القُوى. ذو مِرَّةٍ فَاستَوى. وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعلى): أي علَّم محمدا - صلى الله عليه وسلم - جبريلُ؛ شديد القوى، وهو ذو مرة أي ذو قوة.

وهو ولي للمؤمنين؛ (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ).

ومن عاداه فقد عادى الله (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ).

وهذه جملة من النصوص التي وردت في شأنه عليه السلام؛ فهو ذو شأن عظيم؛ والنصوص من السنة كثيرة أيضا.

فمعنى قوله تعالى {يَقومُ الرّوحُ وَالمَلائِكَةُ}: الرّوحُ: جبريل عليه السلام.

قال السعدي في تفسيره: وهو جبريل عليه السلام، الذي هو أشرف الملائكة.

قال القصاب في النكت: هذا قول ابن عباس.

قال النحاس في معاني القرآن: وقال الشعبي والضحاك: الروح:جبرائيل صلّى الله عليه وسلّم.

تنبيه:

قلت (عبدالرحيم): وإنما آثرت القول بأن المعني بقوله تعالى (يَقومُ الرّوحُ وَالمَلائِكَة) هو جبريل - عليه السلام - لنسق القرآن كما سلف؛ يذكر الله ملائكته ثم يخص جبريل عليه السلام؛ كما فسره العلماء.

فمن عجب يفسر بعضهم الروح في هذه الآية خاصة تفسيرا غير تفسير هم المعهود؛ فمنهم من قال {الروح}: خلق أعظم من الملائكة وأشرف منهم وأقرب من رب العالمين، وقيل: هو ملك ما خلق الله عز وجل بعد العرش خلقا أعظم منه، وقيل: يعني أرواح بني آدم، وقيل: القرآن، وقيل: خلق من خلق الله في صورة بني آدم، وقيل: الروحخلق من خلق الله يضعفون على الملائكة أضعافا، لهم أيد وأرجل. وقيل: الروح: خلقٌ كالناس، وليسوا بالناس، وقيل: هم بنو آدم. ويقال:الروحلا يعلمه إلا الله، كما قال قلالروحمن أمر ربي.

وقيل غير ذلك؛ وكل ذلك لا دليل عليه (فيما أعلم).

قال الطبري - رحمه الله - بعد أن ذكر جملة من الاقوال، باسناده إلى قائليها:

والصواب من القول أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن خلقه لا يملكون منه خطابا،يوميقومالروح، والروحخلق من خلقه، وجائز أن يكون بعض هذه الأشياء التي ذكرت، والله أعلم أي ذلك هو، ولا خبر بشيء من ذلك أنه المعني به دون غيره يجب التسليم له، ولاحجة تدل عليه، وغير ضائر الجهل به.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
......................

(1): رواه مسلم(٤٣٠)؛ من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه.

(2): رواه البخاري ( ٨٠٦)، ومسلم(١٨٢)من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(3): يعني قوله تعالى {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا}: والشاهد: لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا.
...............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
﴿ذلِكَ اليَومُ الحَقُّ فَمَن شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآبًا﴾ [النبأ: 39].

*قوله {ذلِكَ}:* أي المشارإليه لبعد مكانته وعظم رتبته وعلو منزلته.
قاله البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور.

*قوله {اليَومُ}:* المذكور في قوله (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا).

قال أبو السعود في تفسيره: {اليَومُ} العظيم الذي يقوم فيه روح والملائكة مصطفين غير قادرين هم وغيرهم على التكلم من الهيبة والجلال.

*قوله {الحَقُّ}:* نعت لليوم أي ذو الحق.
قاله النحاس في إعراب القرآن.

قال الجلال المحلي في الجلالين: {الحَقُّ} الثابت وقوعه وهو يوم القيامة.

قال الطبري في تفسيره: إنه حق كائن لا شك فيه.

قال النسفي في مدارك التنزيل: الثابت وقوعه.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: أيالحق كونه ووجوده.

قال البغوي في تفسيره، والقرطبي في تفسيره، وابن الجوزي في زاد المسير: أي الكائن الواقع.

زاد البغوي: يعني يوم القيامة.

زاد ابن الجوزي: بلا شك.

قالأبو السعود في تفسيره: أي الثابت المتحقق لا محالة من غير صارف يلويه ولا عاطف يثنيه.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: لأن العرب قالوا إن القيامة باطل.

قال الماوردي في النكت والعيون: يعني يوم القيامة؛ وفي تسميته الحقوجهان: أحدهما: لأن مجئيه حق وقد كانوا على شك. الثاني: أن الله تعالىيحكم فيه بالحق بالثواب والعقاب.

*قوله {فَمَن شاءَ}:* فيه دليل على أن للعبد مشيئة، واختيار؛ مع كونها تابعة ومملوكة لله - جل وعز - إذ لا يقع في ملكه إلا ما أذن فيه؛ على ما يقتضيه علمه وحكمته؛ كما في قوله (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا).
وقد سبق بيان عقيدة أهل السنة في هذه الآيات (بحمد الله).

قال البقاعي في نظم الدر: فإن الله جعل لهم قوة واختيارا، ولكن لا يقدر أحد منهم على مشيئة شيء إلا بمشيئة الله.

*قوله {اتَّخَذَ}:* بقوة، وإقبال، وغاية جهده لذلك اليوم.

وفيه حث للنفوس على التزود لهذا اليوم العظيم؛ وخير الزاد التقوى؛ كما في قوله (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ): أي افعلوا ما تتقون به عذابي يا أصحاب العقول؛ من فعل الأمر، وترك النهي.

ونظيرتها قوله تعالى ( إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا): سبيلا: أي طريقا إلى ربه بطاعته.

قال البقاعي في نظم الدرر: {اتخذ}أي بغاية جهده.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والاتخاذ : مبالغة في الأخذ ، أي أخَذَ أخْذاً يشبه المطاوعة في التمكن ، فالتاء فيه ليست للمطاوعة الحقيقية بل هي مجاز وصَارت بمنزلة الأصلية .

*قوله {إِلى رَبِّهِ}:* يقول:فمن شاءمن عبادهاتخذبالتصديق بهذااليومالحق، والاستعداد له، والعمل بما فيه النجاة له من أهواله.
قاله الطبري في تفسيره.

*قوله {مَآبًا}:* مرجعا، ومنقلبا؛ يعني اتخذ أعمالا صالحة يرجع بها إلى الله؛ وأصل المآب المرجع، والمنقلب.

فقوله {مَآبًا}: يعني مرجعا.
قاله الطبري في تفسيره، والزجاج في معاني وإعراب القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، والقرطبي في تفسيره، وابن كثير في تفسيره، والجلال المحلي في الجلالين.

زاد ابن أبي زمنين، والنسفي: بعمل صالح.

إلا أن النسفي قال: بالعمل الصالح.

وزاد ابن كثير: وطريقا يهتديإليه ومنهجا يمر به عليه.

وزاد الجلال المحلي: أي رجعإلى الله بطاعته ليسلم من العذاب فيه.

وزاد ابن قتيبة: إلى الله بالعمل الصالح: كأنه إذا عمل خيرا ردهإلى الله، وإذا عمل شرا باعده منه.

وبه قال القرطبي في تفسيره؛ وزاد: وينظرإلىهذا المعنى قوله عليه السلام: والخير كله بيديك، والشر ليسإليك. (1).

وزاد الطبري: وهو مفعل من قولهم: آب فلان من سفره، كما قال عبيد:
وكل ذي غيبة يئوب...وغائب الموت لا يئوب.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية:فمنشاءفي الدنيااتخذبالعمل الصالح والإيمانإلىربهفيذلكاليوممرجعا ومنجى وسبيلا (وطريقاإلىرحمته. وفي الكلام معنى التهدد والوعيد، أي: من لم يفعلذلكفسيرى ما يحل به) غدا.

قال الواحدي في الوسيط، الثعلبي في الكشف والبيان، والبغوي في تفسيره، وابن الجوزي في زاد المسير: مرجعا.

زاد الواحدي: بالطاعة، أي:فمنشاءرجعإلىالله بطاعته.

وزاد ابن الجوزي: إليه بطاعته.

وزاد البغوي في تفسيره: وسبيلاإلىطاعته.أي فمنشاءرجعإلىالله بطاعته.

قال السمعاني في تفسيره: أي منقلبا حسنا بالطاعة والعبادة.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: و «المآب»: المرجع وموضع الأوبة.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى ( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ): إِيَابَهُمْ: يعني رجوعهم بعد مماتهم.

قالابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، والألوسي في روح المعاني، وغيرهم: {إيابهم}رجوعهم.

زاد الألوسي: بالموت والبعث لا إلى أحد سوانا لا استقلالا ولا اشتراكا.

ومنه (قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ): مَآَبِ: أي مرجعي.
قاله البغوي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، وابن كثير في تفسيره.

زاد النسفي: للجزاء لا إلى غيره.

وزاد ابن كثير: ومصيري.

ومنه (وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ): أَوِّبِي: رجعيبالتسبيح.
قاله نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن.

ومنه (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا): لِلْأَوَّابِينَ: الرجاعينإلى طاعته.
قاله الجلال السيوطي في الجلالين.

قال أبو السعود في تفسيره: أيالرجاعينإليه تعالى عما فرط منهم مما لا يكاد يخلو عنه البشر.
ومنه (وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ): أواب: أي كثير الرجوع إلى الله تعالى.
قاله النسفي في مدارك التنزيل.

ومنه (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ): يقول:كلذلكلهمطيعرجاعإلى طاعته وأمره. ويعني بالكل:كلالطير.
قاله الطبري في تفسيره.

ومنه (هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ): رجاعإلى الطاعة عن المعاصي.
قاله البغوي في تفسيره.

وأيضا " المآب ": المنقلب. ومنه (الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ): قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: أي منقلب.

قالالطبري في تفسيره، والسمعاني في تفسيره: قوله: (وحسنمآب) ، فإنه يقول:وحسن منقلب.

ونظيرتها قوله تعالى (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا): مُنْقَلَبًا: مرجعا.
قاله السمرقندي في بحر العلوم، والبغوي في تفسيره، والفخر الرازي في التفسير الكبير، والنسفي في المدارك، والجلال المحلي في الجلالين.

زاد الرازي، والنسفي: وعاقبة.

وقال الطبري في تفسيره: مرجعاومردا.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
....................
(1): شطر من حديث رواه مسلم (٧٧١) من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
.....................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
{إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا}: النبأ: (40).

*قوله {إِنَّا}:* يعني نفسه - تعالى ذكره -؛ ولفظ الجمع، والافراد لربنا للتعظيم.

ونظيرتها قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ): قال صديق حسن خان في فتح البيان: والنون في إنا للتعظيم.

قال الشنقيطي في أضواء البيان: والضمير المتصل في إنا، ونا في إنا أنزلناه مستعمل للجمع وللتعظيم، ومثلها نحن، وقد اجتمعا في قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر)، والمراد بهما هنا التعظيم قطعا لاستحالة التعدد أو إرادة معنى الجمع.

وقوله ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ): قال ابن الجوزي في زاد المسير: من عادة الملوك إذا فعلوا شيئا، قال أحدهم: نحن فعلنا، يريد نفسه وأتباعه، ثم صار هذا عادة للملك في خطابه، وإن انفرد بفعل الشيء، فخوطبت العرب بما تعقل من كلامها.
انتهى كلامه.

ونحوه {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ}: أي ردوني إلى الدنيا خاطب الله بلفظ الجمع للتعظيم كخطاب الملوك.
قاله النسفي في مدارك التنزيل.

قال في أضواء البيان: الضمائر بالنسبة إلى الله تعالى بصيغ الجمع للتعظيم وبصيغ الإفراد.

انتهى.

*قوله {أَنْذَرْنَاكُمْ}:* على ألسنة رسولنا، وما أوحينا إليهم؛ لتنقطع الحجة، وتظهر المحجة؛ قال جل ذكره (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ).

وأصل الإنذار: التخويف؛ إعلام معه تخويف.

قال ابن فارس في مقاييس اللغة: وتناذروا: خوف بعضهم بعضا. ومنه النذر، وهو أنه يخاف إذا أخلف.

قال الجرجاني في درج الدرر في تفسير الآي والسور: الإنذار: إعلام فيه تخويف، ويتعدى إلى مفعولين.

قال العسكري في الفروق اللغوية: الإنذار تخويف مع إعلام موضع المخافة من قولك نذرت بالشيء إذا علمته فاستعددت له فإذا خوف الإنسان غير وأعلمه حال ما يخوفه به فقد أنذره وإن لم يعلمه ذلك لم يقل
أنذره.

قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: الانذار: الابلاغ، ولا يكون إلا في التخويف. والاسم النذر، ومنه قوله تعالى (فكيف كان عذابي ونذر): أي إنذاري.

فقوله تعالى ( أَنْذَرْنَاكُمْ) :يعني: خوفناكم.
قاله السمرقندي في بحر العلوم، وقاله في البحر المديد في التفسير، وأبو بكر الجزائري في تفسيره.

زاد السمرقندي: بعذاب قريب، وهو يوم القيامة.

وزاد الجزائري: عذابا قريبا جدا يبتدئ بالموت ولا ينتهي أبدا.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ): أَنْذَرْتُكُمْ: أي خوفتكم.
قاله البغوي في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم، والثعلبي في الكشف والبيان، والواحدي في الوجيز، والقرطبي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، والشوكاني في فتح القدير، وغيرهم.

زاد القرطبي: هلاكا مثل هلاك عاد وثمود.

ومنه (فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا . عُذْرًا أَوْ نُذْرًا): فَالْمُلْقِيَاتِ: الملائكة. ذِكْرًا: الوحي.
عُذْرًا أَوْ نُذْرًا: أي عذرا ونذرا؛ لأن (أو) بمعنى " و ".
والمعنى: الملائكة تلقي الوحي إلى الأنبياء إعذارا وتخويفا.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: (نذرا) فمن الإنذار وهو التخويف.

قال الجمل في مخطوطته: أي إنذارا أي للأعذار أو الإنذار وهو التخويف.

ومنه {لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون}: قال القصاب في النكت: الإنذار: التخويف، و (اللام) في {لتنذر} لام كي.

ومنه (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ): الإنذار: التخويف من عقاب الله بالزجر عن المعاصي.
قاله الزمخشري في الكشاف.

ومنه (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ): قال السمعاني في تفسيره: الإنذار: هو الإعلام مع التخويف.

ومنه (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآَنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ): قال ابن الجوزي في زاد المسير فأما «الإنذار» ، فمعناه: التخويف.

ومنه (فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى): فَأَنْذَرْتُكُمْ: يعني خوفتكم.
قاله سراج الدين النعماني في اللباب، والجلال المحلي في الجلالين، وبه قال السمرقندي في البحر، والنسفي في المدارك، والواحدي في الوجيز.

زاد النعماني: وحذرتكم نارا تلظى.

انتهى.

*قوله {عَذَابًا}:* لا يعذِب مثلَه أحدٌ.

*قوله {قَرِيبًا}:* في الآخرة؛ فليس إلا أن تقوم القيامة؛ وهي قريبة الوقوع.

قال النسفي في مدارك التنزيل: في الآخرة لأن ما هو آتٍ قريب.

قال ابن كثير في تفسيره: يعني يوم القيامة لتأكد وقوعه صار قريبا لأن كل ما هو آت آت.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: يعني عذاب الآخرة ووصفه بالقرب لأن كل آت قريب، أو لأن الدنيا على آخرها.

قلت ( عبدالرحيم ): ولا منافاة بين قوله (قريبا) وبين وقوع العذاب في القبر على من يستحقه، قبل القيامة العظمى؛ فغاية ما هنالك أنه خوفهم ذلك العذاب؛ وإلا فقد قال تعالى عن فرعون و آله ( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم القيامة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب)؛ ولأن من مات فقد قامت قيامته. انتهى

وقد كثرت النصوص من الوحيين؛ في التأكيد على قرب وقوع القيامة؛ من ذلك قوله تعالى (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا): و " عسى" هنا للتحقيق. بمعنى: هو قريب.

معناه:هوقريب،لأنعسىمناللهواجب، ولذلك قال النبي صلىاللهعليه وسلم: "بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار بالسبابة والوسطى"،لأناللهتعالى كان قد أعلمه أنهقريبمجيب.

وقوله (إِنَّهُم يَرَونَهُ بَعيدًا . وَنَراهُ قَريبًا): قال التستري في تفسيره: يعني أنهم يرون المقضي عليهم من الموت والبعث والحساب بعيدا لبعد آمالهم، ونراه قريبا، فإن كل كائن قريب، والبعيد ما لا يكون.

ومنه (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا): أي: أنها قريب.
قاله يحيى بن سلام في تفسيره.

قال الطبري في تفسيره: يقول: وما أشعرك يا محمد لعل قيام الساعة يكون منك قريبا. قد قرب وقت قيامها، ودنا حين مجيئها.

وقال السمرقندي في البحر: يعني: سريعا.

وقال (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ): قال السمعاني في تفسيره: قوله: {اقترب} : افتعل، من القرب.

قال يحيى بن سلام في تفسيره، وابن أبي زمنين في تفسيره: {اقترب للناس حسابهم} أي: إن ذلك قريب.

إلا أن ابن زمنين قال: أي: أن ذلك قريب.

قال ابن قتيبة في الغريب، والسمرقندي في بحر العلوم: {اقترب للناس حسابهم} أي قربت القيامة.

وقال (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ): أي انشق القمر، وقربت الساعة؛ وهذا من المقدم والمؤخر.
قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي قربت.

قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: قال ثعلب: هذا مقدم ومؤخر، لأن القمر قد انشق، وكانت إحدى آيات النبوة، قال: وقال ابن مسعود وحذيفة: ولقد رأيناه، وقد صار نصفه على جبل، ونصفه على جبل آخر.

وقال (وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا): قال ابن قتيبة في غريب القرآن: يعني يوم القيامة.

وفي الصحيحين من حديث أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بعثت أنا والساعة كهاتين».
قال عياض اليحصبي السبتي في إكمال المُعْلِم بفوائد مسلم: يحتمل أنه تمثيل لمقاربتهما، وأنه ليس بينهما أصبع أخرى، وأن كل واحدة متصلةٌ بصاحبتها، كما أنه لا شيء بين محمد - عليه السلام - والساعة، وقد تكون لتقريب ما بينهما من المدة تقدَّر بقدر السبابة من الوسطى.

انتهى.

*قوله {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}:* أي يعرض عليه جميع أعماله خيرها وشرها.
قاله ابن كثير في تفسيره.

قلت ( عبدالرحيم): قوله تعالى {يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ): إنما خصت اليد بالذكر لأن غالب ما يقترف العبد بها من خير وشر بها؛ وإلا فجميع جوارح العبد مسئول عنها يوم القيامة؛ وينظر ما قدمت جميع جوارحه؛ من يد ولسان، ورجل إلى غير ذلك؛ بل تنبئه أعضاءه بأعماله؛
قال تعالى (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ)،

وقال (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

وفي صحيح مسلم (2657 )، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهَ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَزِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ».

وعند مسلم ( 2969)، من حديث أنس بن مالك مرفوعا؛ وفيه «فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، فَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، قَالَ: فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ، قَالَ: ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ، قَالَ فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ».

*(استطراد):*

والأركان: الجوارح. التي يجترح بها العبد؛ أي يكسب الأجر او الإثم؛ ومنه قوله تعالى (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتَ) اجْتَرَحُوا: اكتسبوا الآثام بجوارحهم.

و قال (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ): أي يعلم ما كسبتم بجوارحكم؛ أسماعكم، وأبصاركم، وأيديكم، وأرجلكم، وكل ما يكسب به العبد؛ مما له أو عليه.

قال الثعلبي في الكشف والبيان: {وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ} وأصله من [جارحة] اليد. ثم قيل لكل عليك جارح أي عضو من أعضائه عمل.

قال مكي في الهداية: وأصل الاجتراح: عمل الرجل بجارحة من جوارحه: يده أو رجليه، فكثر ذلك حتى قيل لكل مكتسب (شيئا بأي أعضاء جسمه كان: " (مجترح) "، ولكل مكتسب) عملا: " جارح ".

انتهى كلامه.

قلت (عبدالرحيم): فالكلام في قوله {مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ}:خرجت مخرج الغالب،
ونظير ذلك في التنزيل كثير؛ من ذلك قوله تعالى (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا): فإن لم ترد الفتاة تحصنا، وعفة لا يحل أيضا إكراههن على الزنا؛ لأن الزنا كله حرام.

قال ابن كثير: وقوله: {إن أردن تحصنا} هذا خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له.

وقوله {وَإِن كُنتُمْ على سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَانٌ}: قال ابن عرفة في تفسيره: مفهوم الآية ملغى بنصّ السّنة لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رهن درعه في الحضر. وأيضا فهو مفهوم خرج مخرج الغالب لأن السفر مظنة لعدم وجدان الكاتب أو هو شيء من الأدلة غالبا بخلاف الحضر.

ومنه ( لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ): خرجت مخرج الغالب؛ لأن أغلب من يأكل الربا يأكله أضعافا مضاعفة؛ فمن أكل النذر اليسير من الربا فقد أكل الربا، وارتكب كبيرة موبقة من الكبائر؛ ويدخل في النهي.

ومنه (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا): خرج مخرج الغالب؛ لأن من مات وامراته حاملا فوضعت للتو؛ لا يلزمها التربص (الانتظار عن التزويج). لقوله (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ): فعدة الحامل بالوضع.

ومنه {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}: فالمؤمنات والكتابيات في هذا الحكم سواء؛ اتفاقا.

قال ابن كثير: وقوله تعالى: المؤمنات خرج مخرج الغالب إذ لا فرق في الحكم بين المؤمنة والكتابية في ذلك بالاتفاق.

ومنه قوله تعالى في ذكر المحرمات من النساء (وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ): فإن كانت الربيبة في حجر غيره يندرج عليها الحكم؛ بلا منازع؛ لأن غالب الربيبة تكون مع أمها في بيت الزوج؛ فالآية خرجت مخرج الغالب.

قال ابن كثير: الأئمة على أن الربيبة حرام سواء كانت في حجر الرجل أو لم تكن في حجره، قالوا: وهذا الخطاب خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له.

قال الشنقيطي في الأضواء: وقد تقرر في الأصول، أن من الموانع لاعتبار مفهوم المخالفة خروج المنطوق مخرج الغالب، ولذا لم يعتبر الجمهور مفهوم المخالفة في قوله: {اللاتي في حجوركم}؛ لجريانه على الغالب.

ومنه (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ): من إملاق: أي من فقر. لأن غالبهم كانوا يقتلونهم من إملاق؛ والقتل كله لأي سبب حرام ولا شك؛ إلا بحق الإسلام.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل: وإنما نهى عن قتل الأولاد لأجل الفاقة، لأن العرب كانوا يفعلون ذلك، فخرج مخرج الغالب فلا يفهم منه إباحة قتلهم بغير ذلك الوجه.

ومنه (لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا): قال السمين الحلبي في الدر المصون: ولا مفهومَ لقوله «كرهاً» يعني فيجوز أن يرثوهن إذا لم يَكْرَهْن ذلك لخروجه مَخْرج الغالبِ.

ومنه ( إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا): قال الشنقيطي في أضواء البيان: لأنه خرج مخرج الغالب حال نزول هذه الآية، فإن في مبدأ الإسلام بعد الهجرة كان غالب أسفارهم مخوفة.

ومن ذلك ما في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو مرفوعا ( الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ): لأنها بهما يكون غالب الأذى؛ فلو آذاه برجله (مثلا) يشمله الحديث ولا ريب. وهو في السنة كثير جدا.

ومن أوضحها ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعا ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد... ): فلو سافر بدون شد الرحل فهو داخل في النهي؛ سيما مع سهولة الوصول في زماننا هذا.

انتهى.

*قوله {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا}: *قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: ويقول الكافر يومئذ تمنيا لما يلقى من عذاب الله الذي أعدّه لأصحابه الكافرين به، يا ليتني كنت ترابًا كالبهائم التي جُعِلت ترابًا.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي ليتني لم أبعث، كما قال: (يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ).

قال السمرقندي في البحر: يعني: لو كنت بهما منها فأكون ترابا، أستوي بالأرض. وذلك، إن الله تعالى يقول للسباع والبهائم، كوني ترابا فعند ذلك، يتمنى الكافر ليتني كنت ترابا.

قلت (عبدالرحيم)؛ ونظيرتها قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ): قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي يكونون ترابا، فيستوون معها حتى يصيروا وهي شيئا واحدا.

قال بيان الحق الغزنوي في باهر البرهان في معاني مشكلات القرآن: أي يودون لو جعلوا والأرض سواء، كقوله: (يا ليتني كنت ترابا).

قال الفراء في معاني القرآن: معناه: لو يسوون بالتراب. وإنما تمنوا ذلك لأن الوحوش وسائر الدواب يوم القيامة يقال لها: كوني ترابا.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: لو يدخلون فيها حتى تعلوهم.
...................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
*(معاني وغريب القرآن).*

قوله تعالى
{أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ }:البقرة 175.

*قوله {فَمَا أَصْبَرَهُمْ}:* أي ما أجرأهم.
يقال " ما أصبرك على الله ": أي ما أجرأك عليه.

وهو من ( الجُرأة )، وليس من الصبر الذي نقيضه الجزع.

ولأن من معاني الصبر: الجرأة.

قال ابن فارس في تهذيب اللغة:قال أبو العباس (المبرد):والصبر:الجرأة، ومنه قول الله جل وعز: {فما أصبرهم على النار}، أي: ما أجرأهم على عمل أهل النار.

قال القاضي عياض في مشارق الأنوارعلى صحاح الآثار: قال ابن الأنباري: الصبرالحبس والصبرالإكراه والصبرالجرأة.

قال الفراء في معاني القرآن، وحكاه غير واحد: قال الكسائي: سألني قاضياليمن وهو بمكة، فقال:اختصم إلي رجلان من العرب، فحلف أحدهما على حق صاحبه، فقال له: ما أصبرك على اللَّه! وفي هذه أن يراد بها: ما أصبرك على عذاب اللَّه.

انتهى كلامه.

فقوله تعالى {فَمَا أَصْبَرَهُمْ}: أي فما أجرأهم.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره، والسمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ.

زاد السمرقندي: على العمل الذي يقرب إلى النار.
وبنحوه ابن أبي زمنين.

وزاد السمين الحلبي:على تعاطي أسباب دخول النار من المعاصي.

وسُئل أبو بكر بن عياش:" فما أصبرهم على النار "قال، هذا استفهام, ولو كانت من الصبر قال:" فما أصبرُهم "، رفعًا. قال: يقال للرجل:" ما أصبرك ", ما الذي فعل بك هذا؟.
رواه الطبري في تفسيره.

وقيل: ما أبقاهم في النار، كما تقول: ما أصبر فلانا على الحبس. أي: ما أبقاه فيه.
حكاه ابن الجوزي في زاد المسير.

قال الماوردي في النكت والعيون: {فماأصبرهمعلى النار} فيه أربعة أقاويل: أحدها: معناهماأجرأهمعلى النار، وهذا قول أبي صالح. والثاني: فماأصبرهمعلى عمل يؤدي بهم إلى النار. والثالث: معناه فماأبقاهم على النار، من قولهم:ماأصبر فلانا على الحبس، أيماأبقاه فيه. والرابع: بمعنى أي شيء صبرهم على النار؟

قال الطبري في تفسيره: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: (ما أجرأهم على النار)، بمعنى: ما أجرأهم على عَذاب النار وأعملهم بأعمال أهلها. وذلك أنه مسموع من العرب:" ما أصبرَ فلانًا على الله "، بمعنى: ما أجرأ فلانًا على الله!.

انتهى كلامه.

قلت (عبدالرحيم) وفي الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود؛ مرفوعا «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».

قال ابن الجوزي في كشف المشكل في الصحيحين: وقوله: " على يمين صبر " في معناها قولان: أحدهما: أن يصبر نفسه: أي يحبسها على اليمين الكاذبة غير مبال بها. والثاني: أن يكون معنى الصبر الجرأة، من قوله تعالى: {فما أصبرهم على النار} [البقرة: 175] أي يجترئ بتلك اليمين على هتك دينه.

..........................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
*خدمة (معاني وغريب القرآن - للاشتراك 00966509006424).*

قوله تعالى
{وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}: الأعراف: 154.

*قوله {سَكَتَ}:* أي سكن.
قاله الكفوي في الكليات، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن.

قال الطبري في تفسيره: ولما كفّ عنه وسكن.

قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: وَسَكَتَالغضبُ مثلسكَن.

قالالصُحاري في الإبانة في اللغة العربية: وسكنبمعنىسكت،سكنت الريحُ وسكنالمطر وسكنالغضب، و {سَكَتَعَنْمُوسَىالْغَضَبُ} أي سكن.

قال الفراء في معاني القرآن: والغضب لا يسكتإنما يسكتصاحبه.

*قوله { يَرْهَبُونَ}:* يخافون.

قال الألوسي في روح المعاني: أييخافونأشد الخوف.

قال الطبري: للذينيخافونالله ويخشون عقابَه على معاصيه.
.....................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
قوله تعالى
{فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ}: الملك: 27.

*قوله {فَلَمَّا رَأَوْهُ}:* أي فلما رأى المشركون العذاب معاينة.

*قوله {زُلْفَةً}:* قريبا.
قاله الطبري في تفسيره، وابن قتيبة في غريب القرآن، والزجاج في معاني وإعراب القرآن، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن، والبغوي في تفسيره، وغيرهم جمع.

زاد ابنقتيبة: منهم. يقول: لما رأوا ما وعدهم اللهقريبامنهم.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والزُلفة بضم الزاي: اسم مصدر زَلف إذا قرب وهو من باب تعب . وهذا إخبار بالمصدر للمبالغة ، أي رأوه شديد القرب منهم ، أي أخذ ينالهم.

قلت (عبدالرحيم) : ومنه قوله تعالى (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى): قال النسفي في مدارك التنزيل: مصدرأي تقريبا.

قال سراج الدين النعماني في اللباب في علوم الكتاب: قوله: {زلفى}مصدرمؤكد على غير المصدرولكنه ملاق لعامله في المعنى، والتقدير (والمعنى) ليزلفونا وليقربوناقربى وجوز أبو البقاء أن يكون حالا مؤكدة.

*قوله {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}:* سِيئَتْ: تبين فيها السوء.
قاله الزجاج في معاني القرآن.

قالالطبري في تفسيره: ساء الله بذلك وجوه الكافرين.

قال السمعاني في تفسيره: أي: تبين السوء والكآبة في وجهوهم.

*قوله {وَقِيلَ}:* لهؤلاء الكفار.

*قوله {هَذَا}:* العذاب.

*قوله {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ}:* تَدَّعُونَ: أي تدعون أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم لا تخرجون.
قاله الزجاج في معانيه.

وقال الطبري في تفسيره: يقول: وقال الله لهم: هذا العذاب الذي كنتم به تذكرون ربكم أن يعجله لكم.

قلت (عبدالرحيم) : يشير - رحمه الله - إلى ما جاء في استعجال أهل الكفر عذاب الله؛ كما في قوله تعالى (وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ):
قال ابنكثير في تفسيره: هذا إنكار من الله على المشركين في دعائهم على أنفسهم بتعجيل العذاب ، فإن القط هو الكتاب وقيل : هو الحظ والنصيب.

قال نافع بن الأزرق في مسائله لعبدالله بن عباس - رضي عنهما - قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عز وجل: عجل لناقطنا .
قال: القط: الجزاء، وهو الحساب أيضا.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الأعشى وهو يقول:
ولا الملك النعمان يوم لقيته...بنعمته يعطي القطوط ويطلق.

وقوله (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ): لما أنذرهم بالعذاب قالوا لفرط الإنكار : عجل لنا هذا العذاب.
قاله القرطبي في تفسيره.

وقوله ( وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ): استفتحوا على أنفسهم ، واستعجلوا العذاب.
قال ابن كثير في تفسيره.
....................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
﴿وَما يَنطِقُ عَنِ الهَوى﴾ [النجم: 3].

*أي: وما ينطق بالهوى.*

قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، والثعلبي في الكشف والبيان.

إلا ابن قتيبة قال: بالهوى.

زاد السمرقندي: والعرب تجعلعنمكان الباء. تقول: رميتعنالقوس، أي: بالقوس.
وبنحوه قال ابن قتيبة.

وزاد الثعلبي: يعاقب بينعن وبين الباء، فيقيم أحدهما مكان الآخر.

قالالقصاب في النكت، والراغب في إعراب القرآن: (عن) في قوله: {وماينطق عنالهوى} بمنزلة (الباء) كأنه قال؛ وماينطق بالهوى، أي: برأية وهواء.

وقيل: " عن " على بابها.

انتهى.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: و (ما) نافية نفت أنينطقعنالهوى.
والهوى: ميل النفس إلى ما تحبه أو تحب أن تفعله دون أن يقتضيه العقل السليم الحكيم، ولذلك يختلف الناس فيالهوىولا يختلفون في الحق، وقد يحب المرء الحق والصواب. فالمراد بالهوىإذا أطلق أنهالهوىالمجردعنالدليل.
ونفي النطقعنهوى يقتضي نفي جنس ماينطقبهعنالاتصاف بالصدورعنهوى سواء كان القرآن أو غيره من الإرشاد النبوي بالتعليم والخطابة والموعظة والحكمة، ولكن القرآن هو المقصود لأنه سبب هذا الرد عليهم.
.............

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى

{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2)}: التكوير.

*قوله {كُوِّرَتْ}:* جمعت، ولفت بشدة؛ حتى أظلمت.

ونظيرتها قوله تعالى (وجمع الشمس والقمر): قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: أي جمع بينهما في ذهاب الضوء.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي جمعا في ذهاب نورهما.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: وجمع بين الشمس والقمر في ذهاب الضوء ، فلا ضوء لواحد منهما.

انتهى كلامه.

وأصل التكوير اللف، والجمع. يقال: كورت العمامة: يعني جمعتها، ولففتها.

قال القرطبي في تفسيره: وأصل التكوير : الجمع ، مأخوذ من كار العمامة على رأسه يكورها أي لاثها وجمعها فهي تكور ويمحى ضوءها.

فقوله ( كُوِّرَتْ): جمعت.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن، وغيرهم.

زاد ابن قتيبة: ولفت.

قال السعدي في تفسيره: وذلك إذا كان يوم القيامة تكور الشمس أي: تجمع وتلف، ويخسف القمر، ويلقيان في النار.

وقال الكفوي في الكليات: لفت إذا أظلمت.

وقال ابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب: أظلمت.

وقال الفراء في معاني القرآن، وأبو حيان في تحفة الأريب، وابن الهائم في التبيان، والصُحاري في الإبانة في اللغة: ذهب ضوءها.

إلا أن ابن حيان قال: أذهب ضوءها.

وقال معمر بن المثنى: مثل تكوير العمامة، تلف فتمحى.

قال الزجاج: ومعنى «كُوِّرت» جمع ضوؤها، ولُفَّتْ كما تلفّ العمامة.
حكاه ابن الجوزي في زاد المسير.

قال الطبري بعد أن سرد أقولا بأسانيده إلى أصحابها: والصواب من القول في ذلك عندنا: أن يقال: ( كُوِّرَتْ ) كما قال الله جل ثناؤه، والتكوير في كلام العرب: جمع بعض الشيء إلى بعض، وذلك كتكوير العمامة، وهو لفها على الرأس، وكتكوير الكارة، وهي جمع الثياب بعضها إلى بعض، ولفها، وكذلك قوله: ( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ) إنما معناه: جمع بعضها إلى بعض، ثم لفت فَرُمِي بها، وإذا فعل ذلك بها ذهب ضوءها فعلى التأويل الذي تأوّلناه وبيَّناه لكلا القولين اللَّذين ذكرت عن أهل التأويل وجه صحيح، وذلك أنها إذا كُوِّرت ورُمي بها، ذهب ضوءها.

*قوله {انْكَدَرَتْ}:* تناثرت، و تساقطت وذهبت من أماكنها.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وإذا زال ضوء الشمس انكدرت النجوم لأن معظمها يستنير من انعكاس نور الشمس عليها .

فقوله تعالى (انْكَدَرَتْ): انتثرت وانصبت.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وابن أبي زمنين في تفسيره، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط، وأبو حيان الاندلسي في تحفته، والسمعاني في تفسيره.

إلا أن غلاما لم يذكر " وانصبت ".

قال السمرقندي في بحر العلوم، وابن الجوزي في تذكرة الأريب: تناثرت.

زاد السمرقندي: وتساقطت.

قال الفراء في معانيه: أي: انتثرت وقعت على وجه الأرض.

قال الزجاج في معاني القرآن: انكدرت: تهافتت وتناثرت.

قال القاسمي في محاسن التأويل: إذا الشمسكورتأي أزيلت من مكانها، وألقيت عن فلكها، ومحي ضوؤها.

قال الطبري: وقوله (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) يقول: وإذا النجوم تناثرت من السماء فتساقطت، وأصل الانكدار: الانصباب، كما قال العجاج:
أبْصَرَ خِرْبانَ فَضَاءٍ فانْكَدَرْ.
يعني بقوله: انكدر: انصبّ.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
.......................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
{قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ}: يوسف: (14).

*قوله {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ}:* أي: جماعة.
قاله الحوفي في البرهان في علوم القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، والواحدي في الوجيز، وأبوحيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، وابن الهائم في التبيان، والسمعاني في تفسيره.

زاد السجستاني، وأبو حيان، وابن الهائم: من العشرة إلى الأربعين.

وزاد الواحدي: بحضرته.

وزاد البغوي: وكانوا عشرة.

وزاد السمعاني: يتقوى بعضنا ببعض.

قال الفراء: العصبة هي: العشرة فما زادت.
حكاه البغوي، والسمعاني، وغيرهم.

قال الأخفش الاوسط في معاني القرآن: و"العصبة" و"العصابة" جماعة. ليس لها واحد كـ"القوم" و"الرهط".

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: جمهور اللغويين: تطلق العصبة على الجماعة من عشرة إلى أربعين» .

قلت(عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى؛ حكاية عن قارون (وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ): لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ: أي العصبة لتنوء بمفاتحه؛ يعني الجماعة يثقلهم حملها؛ لثقلها. والفاء للتعدية، وقيل زائدة. والعصبة: الجماعة.
( وهذا من المقلوب، وسيأتي عند تعرضنا لتفسير السورة - إن شاء الله).

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: والعصبة من الرجال من العشرة إلى الأربعين.

قال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: ليثقل حملها على الجماعة الكثيرة.

قال النسفي في مدارك التنزيل: لتثقل العصبة فالباء للتعدية يقال ناء به الحمل إذا أثقله حتى أماله والعصبة الجماعة الكثيرة.

قال السمين الحلبي في الدر: العصبة: وهي الجماعة الذين يتعصبون لبعضهم، أي يتقوى بعضهم ببعضٍ؛ فهم جماعة متعصبة متعاضدة. ومنه قوله تعالى: {لتنوء بالعصبة}.

قال يحيى بن سلام في تفسيره: (لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ): لتثقل العصبة، الجماعة.

قال صديق حسن خان في فتح البيان في مقاصد القرآن: أي لتثقل بالجماعة الأقوياء.

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: (لَتَنُوءُ) تثقل (بِالْعُصْبَةِ) الجماعة الكثيرة.

قال السعدي في تفسيره: أي حتى أن مفاتح خزائن أمواله لتثقل الجماعة القوية عن حملها، هذه المفاتيح، فما ظنك بالخزائن؟

ومنه (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ): عُصْبَةٌ مِنْكُمْ : جماعة.
قاله مجير الدين العليمي في فتح الرحمن في تفسير القرآن، وابن أبي زمنين، والتسفي في مدارك التنزيل.

زاد النسفي: من العشرة إلى الأربعين.

قال الإيجي الشافعي في جامعه: (عُصْبَةٌ مِنْكُمْ): خبر إن، والعصبة جماعة من العشرة إلى الأربعين.

انتهى.

*قوله {إِنّا إِذاً لَخاسِرون}:* يعني لمضيّعون. بلغة قيس عيلان.
قاله أبو عبيد القاسم بن سلاّم لغات القبائل الواردة في القرآن الكريم ،وذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات، وابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن.

إلا أن أبا عبيد قال: بلغة عيلان.

وقال البغوي: عجزة ضعفاء.

وقال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: قال إخوة يوسف لوالدهم يعقوب: لئن أكل يوسف الذئبُ في الصحراء، ونحن أحد عشر رجلا معه نحفظه - وهم العصبة - (إنا إذًا لخاسرون) ، يقول: إنا إذًا لعجزة هالكون.

وقال الواحدي في الوجيز، والسمعاني، وابن كثير: {إنا إذاً لخاسرون}: لعاجزون.

إلا أن ابن كثير قال: لهالكون عاجزون.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

...............................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
﴿إِنَّ إِبراهيمَ كانَ أُمَّةً قانِتًا لِلَّهِ حَنيفًا وَلَم يَكُ مِنَ المُشرِكينَ﴾ [النحل: 120].

*قوله {إِنَّ إِبراهيمَ كانَ}:* للناس.

*قوله {أُمَّةً}:* يعني إماما يقتدون به.
بلغة قريش.
قاله أبو عبيد القاسم بن سلّام في لغات القبائل الواردة في القرآن، وذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: أي كان إماما مطيعا، ويقالأنتأمةفى هذا الأمر، أي يؤتم بك.

فقوله تعالى {أُمَّةً}: أي إماما يقتدي به الناس.
قالهنجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان عن معاني القرآن، وابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن.

زاد ابن قتيبة: لأنه ومن اتبعهأمة، فسميأمةلأنه سبب الاجتماع. وقد يجوزأنيكون سميأمة: لأنه اجتمع عنده من خلال الخير ما يكون مثله فيأمة. ومن هذا يقال: فلانأمةوحده، أي: هو يقوم مقامأمة.

قال السمرقندي في بحر العلوم: والأمة: السيد في الخير الذي يعلم الخير.

قال الإيجي الشافعي في جامع البيان: فعلة بمعنى مفعول كرحلة ونخبة، أي: ما يرتحل إليه وما ينتخب أي يختار.

قال ابن الأنباري: هذا مثل قول العرب: فلانرحمة، وفلانعلامة، ونسابة، ويقصدون بهذا التأنيث قصد التناهي في المعنى الذي يصفونه، والعرب قد توقع الأسماء المبهمة على الجماعة، وعلى الواحد، كقوله: فنادته الملائكة، وإنما ناداه جبريل وحده.
حكاه ابن الجوزي في زاد المسير في علم التفسير. .

*قوله {قانِتًا لِلَّهِ}:* قانتا: مطيعا. والقنوت: في هذا المقام الطاعة.
وقد سبق بيان الوجوه والنظائر في معنى القنوت - بحمد الله -.

فقوله {قانِتًا}: يعني مطيعا.
قاله السمرقندي في بحر العلوم، والواحدي في الوجيز، والسيوطي في تفسير الجلالين، وإلايجي في جامعه، وغيرهم جمع.

وقال نجم الدين النيسابوري في إيجاز البيان: دائما على العبادة.

*قوله {حَنيفًا}:* الحنيف: المستقيم المائل كل الميل إلى فطرة الإسلام. والدينالحنيف: الإسلام. والحنيفية، ملة الإسلام.ويقال: تحنف: إذا تحرى الدينالحنيف. (1).

ونظيرتها قوله (بل ملة إبراهيم حنيفا): قال ابن كثير في تفسيره: " أي : لا نريد ما دعوتم إليه من اليهودية والنصرانية ، بل نتبع (ملة إبراهيم حنيفا) أي : مستقيما.

انتهى كلامه.

قال الكفوي في الكليات: كل موضع في القرآن ذكرالحنيفمع المسلمفهو الحاج {ولكن كان حنيفا مسلما} وفي كل موضع ذكر وحده فهوالمسلمنحو: {لله حنيفا} وكل من أسلم لله ولم ينحرف عنه في شيء فهو حنيف و {ملة إبراهيم حنيفا} أي: مخالفا لليهود والنصارى منصرفا عنهما

قال الزبيدي في تاج العروس: والحنيف، كأمير: الصحيح الميل إلى الإسلام، الثابت عليه، وقال الراغب: هو المائل إلى الاستقامة.

قال الرازي في مختار الصحاح: (ح ن ف): (الحنيف) المسلم و (تحنف) الرجل أي عمل عملالحنيفية، ويقال: اختتن، ويقال: اعتزل الأصنام وتعبد.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: وحقيقته في اللغةأنالحنيف المائل إلى الشيء لا يزول عنه أبدا، فكانعليه السلام مائلا إلى الإسلام غير زائل عنه.

قال الطبري في تفسيره: مستقيما على دين الإسلام.

وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره، والسمعاني في تفسيره، والسمرقندي في البحر: (حَنيفًا): مخلصا.

*قوله {وَلَم يَكُ مِنَ المُشرِكين}:* يقول: ولم يك يشرك بالله شيئا، فيكون من أولياء أهل الشرك به، وهذا إعلام من الله تعالى أهل الشرك به من قريشأنإبراهيم منهم بريء وأنهم منه برآء.
قاله الطبري في تفسيره.
.....................
(1): أنظر: المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده، وشمس العلوم ودواء كلام العرب من المكلوم للحميري.

قال ابن منظور في لسان العرب:
وقال الأخفش:الحنيفالمسلم، وكان في الجاهلية يقال من اختتن وحج البيت حنيف لأن العرب لم تتمسك في الجاهلية بشيء من دين إبراهيم غير الختان وحج البيت، فكل من اختتن وحج قيل له حنيف، فلما جاء الإسلام تمادت الحنيفية، فالحنيفالمسلم؛ وقال الزجاج: نصب حنيفا في هذه الآية على الحال، المعنى بل نتبع ملة إبراهيم في حال حنيفيته، ومعنىالحنيفية في اللغة الميل، والمعنى أن إبراهيم حنف إلى دين الله ودين الإسلام، وإنما أخذ الحنف من قولهم رجل أحنف ورجل حنفاء، وهو الذي تميل قدماه كل واحدة إلى أختها بأصابعها. الفراء:الحنيفمن سنته الاختتان. وروى الأزهري عن الضحاك في قوله عز وجل: حنفاء لله غير مشركين به
، قال: حجاجا، وكذلك قال السدي. ويقال: تحنف فلان إلى الشيء تحنفا إذا مال إليه. وقال ابن عرفة في قوله عز وجل: بل ملة إبراهيم حنيفا
، قد قيل: إن الحنف الاستقامة وإنما قيل للمائل الرجل أحنف تفاؤلا بالاستقامة. قال أبو منصور: معنىالحنيفية في الإسلام الميل إليه والإقامة على عقده. والحنيف: الصحيح الميل إلى الإسلام والثابت عليه. الجوهري:الحنيفالمسلم وقد سمي المستقيم بذلك كما سمي الغراب أعور.
.......................
كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
{وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}: الشعراء: 129.

*قوله {مَصَانِعَ}:* أيمنازلوقصورا.
قاله القاسمي في محاسن التأويل.

قال الشوكاني في فتح القدير: المصانع: هي الأبنية التي يتخذها الناسمنازل.

*قوله {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}:* معناه: كيا تخلدوا.
قاله الفراء في معاني القرآن.
.......................

*(المجموعة السابعة لمعاني وغريب القرآن).*

أدناه شروط المجموعة، والرابط:

موافقتكم على الشروط أدناه عهد منك لنا:

{وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا}
:[ الإسراء: 34] .

إن وجدتم خطأ في التفسير فلكم التصحيح على الملأ؛ نصحا لله ولكتابه.

1 - يجب العلم بأن المجموعة للمتابعة فقط،
ولا يسمح لكم مطلقا بالإرسال إلى المجموعة، أو التعليق على مخالفات الغير؛
إلا إن وجدتم خطأ في التفسير كما سبق، وجميع الاستفسارات على الرقم أدناه.

2 - تحضير الرسائل يستغرق منا وقتا؛ ربما نتأخر في النشر؛ علما بأن عدد رسائل التفسير 2 رسالة في اليوم والليلة، ( إلا ما شاء الله ).

3 - عدم إرسال شكرا على الإضافة، أو إلقاء السلام بعد إضافتكم.
__________
مدير المجموعة: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي. 00966509006424

https://chat.whatsapp.com/8yT9nxqtwdE9rmyd3SK9aZ
 
قوله تعالى
﴿وَتَأكُلونَ التُّراثَ أَكلًا لَمًّا﴾
[الفجر: 19].

*قوله {وَتَأكُلونَ التُّراثَ أَكلًا}:* التُّراثَ: أي الميراث.
قاله الماوردي في النكت والعيون، والطبري في تفسيره، والبغوي في تفسيره، وابن قتيبة في غريب القرآن، ومكي في تفسير المشكل، والسمرقندي في بحر العلوم، والسمعاني في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، والألوسي في روح المعاني.

إلا أن السمعاني قال: التراثوالوارث بمعنى واحد، وهو الميراث.

قال ابن جزي الغرناطي: التراثهو ما يورث عن الميت من المال.

قال الواحدي في الوجيز: يعني: ميراث اليتامى.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: أصله وراث، فقلبت الواو ألفا وتاء.

*قوله {لَمًّا}:* يعني: شديدا.
قاله الطبري في تفسيره، والسمرقندي في البحر، والواحدي في الوجيز، والبغوي في تفسيره، وابن جزي الغرناطي في التسهيل.

زاد البغوي: وهو أن يأكل نصيبه ونصيب غيره، وذلك أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصبيان، ويأكلون نصيبهم.

وزاد السمرقندي: كقولك: لممت الشيء إذا جمعته ومعناه يأكلون مال اليتيم،أكلاشديدا سريعا.

وزاد الواحدي: تجمعون المال كله في الأكل فلا تعطون اليتيم نصبه.

وزاد الطبري: لا تتركون منه شيئا، وهو من قولهم: لممت ما على الخوان أجمع، فأنا ألمه لما: إذا أكلت ما عليه فأتيت على جميعه.

وقال السمين الحلبي في عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ: أي جامعا، من لممت الشيء ألمه: ضممته لما، فالتقدير: ذا لم.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات: تقول: لممت الشيء: جمعته وأصلحته، ومنه: لممت شعثه.

قال السمعاني في تفسيره: وقوله: {أكلالما} أي: بخلط الحلال بالحرام.
وقال مجاهد: {لما} أي: سفا، فيجمع البعض إلى البعض ويسف سفا.
..................

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
{فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً}: الحاقة (10).

*قوله {رَابِيَةً}:* زائدة، عالية، مرتفعة، نامية. كل ذلك من معاني الربا أي الزيادة.

ومنه قوله (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ): إِلَى رَبْوَةٍ: المكان المرتفع.
قاله السيوطي في الاتقان في علوم القرآن.

قال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: مكان مرتفع من الأرض.

قال أبو بكر السجتاني: الربوة والربوة والربوة: الِارْتفَاع من الأَرْض.

انتهى.

فقوله تعالى (فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَابِيَةً): نعت أي زائدة.
قاله النحاس في إعراب القرآن.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: نامية زائدة شديدة من الرباء.

قال الفراء في معاني القرآن: أخذة زائدة، كما تقول: أربيت إذا أخذ أكثر مما أعطاه من الذهب والفضة، فتقول : قد أربيت فربا رباك.

قال الطبري: يقول: فأخذهم ربهم بتكذيبهم رسله أخذة، يعني أخذة زائدة شديدة نامية، من قولهم: أربيت: إذا أخذ أكثر مما أعطى من الربا؛ يقال: أربيتَ فرَبا رِباك، والفضة والذهب قد رَبَوا.


وذكر عبدالله بن حسنون السامري في اللغات، وابن الهائم في التبيان في غريب القرآن (أَخذَةً رابيَة): يعني شدية بلغة حمير.
..................


كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
 
قوله تعالى
{إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}: النمل: (7).

*قوله {إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ}:* أثناء سيره؛ قبل أن يكلمه الله، وقبل أن يكون نبيا.

قال الطبري: وهو في مسيره من مدين إلى مصر، وقد آذاهم برد ليلهم لما أصلد زنده .

قلت ( عبدالرحيم ): قوله {إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ}: فيه أنه ينبغي للعبد إن كان ولابد متحدثا عن زوجه أن يقول " أهلي، أو زوجي " أو نحو ذلك من الألفاظ التي ورد ذكرها في الوحيين، ولا يقل ( مدام - ونحن نرجو أن يدوم، ونحوها من الألفاظ).

وقد ورد في السنة الكم الكثير؛ من ذلك ما في البخاري (2432) من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي، فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً، فَأُلْقِيهَا».

وفي البخاري (2637)، ومسلم (2770) من حديث عائشة؛ واللفظ للبخاري؛ وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ يَعْذِرُنَا فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا».

وقال تعالى (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ)؛فيقول: زوجي.

انتهى.

*قوله {إِنِّي آنَسْتُ نَارًا}:* آنَسْتُ: أبصرت.
قاله عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، وغلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب بما في القرآن من الغريب، وأبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب.

إلا أن أبا بكر قال: أبصرتها.

زاد أبو عبيدة: وأحسست بها.

قال الفراء في معاني القرآن: وقوله: إني آنست نارا: وجدت نارا.

انتهى.

*قوله {سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ}:* بنبأ لعلنا نهتدي الطريق.

قال الواحدي في الوجيز: عن الطَّريق أين هو.

*قوله {أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ}:* أي بشعلة نار.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن، والواحدي في الوجيز.

إلا أن ابن الهائم قال: بِقَبَسٍ: أي شعلة من النّار.

*قوله {لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}:* تَصْطَلُونَ: تستدفئون من البرد.
قاله الواحدي في الوجيز.

قال ابن الجوزي في تذكرة الأريب: تستدفئون.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وأبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب: تسخنون.

قال الطبري في تفسيره (عند تفسيره لسورة القصص): وقوله:( لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ )يقول: لعلكم تسخنون بها من البرد، وكان في شتاء.

قال الحربي في المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث: وهو تفتعلون من الصلي: أي تسخنون. يقال: اصطليت النار وبالنار، ومصطلى الرجل: وجهه ويداه ورجلاه، وما يلقى به النار إذا اصطلى بها، والطاء في هذه الكلمات أصلها التاء وصارت طاء لمجاورتها الصاد.

قال الجلال المحلي: {تصطلون} تستدفئون والطاء بدل من تاء الافتعال من صلي النار بكسر اللام وفتحها.
................

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
قوله تعالى
﴿قالوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفي ضَلالِكَ القَديمِ﴾: [يوسف: 95].

*قوله {قالوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفي ضَلالِكَ}:* ضَلالِكَ: خطئك؛ أي لست على الصواب أن زلت تذكر يوسف وقد هلك؛ وليس الضلال الذي هو ضد الحق.

قال سراج الدين النعماني في اللباب في علوم الكتاب: أي في ذهاب عن طريق الصواب.

قال السمعاني في تفسيره: تالله إنك
لفيخطئكالقديم، والخطأ: هو الذهاب عن طريق الصواب.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: أي في خطئك. قال له ذلك من بقي من ولده.

قال الطبري في تفسيره: تالله، أيها الرجل، إنك من حب يوسف وذكره لفي
خطئكوزللكالقديم لا تنساه، ولا تتسلى عنه.

قال القرطبي في تفسيره: قوله تعالى: (قالوا تالله إنكلفيضلالكالقديم) أي لفيذهاب عن طريق الصواب.

*قوله {القديم}:* من إفراطك في محبته ورجاء لقائه على بعد العهد.
قاله السيوطي في الجلالين.
...............

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
*(معاني وغريب القرآن - للاشتراك 00966509006424)*

قوله تعالى
{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)}: طه.

*قوله {إِنَّ السَّاعَةَ}:* يعني القيامة.
قاله ابن أبي زمنين في تفسيره، والواحدي في الوسيط.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: والسَّاعَةَ في هذه الآية القيامة بلا خلاف.

*قوله {آتِيَةٌ}:* لا ريب فيها؛ كما قال {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ}.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: كائنة.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره: إن الساعة التي يبعث الله فيها الخلائق من قبورهم لموقف القيامة جائية.

*قوله {أَكَادُ}:* قرب.

قال الدعاس في إعراب القرآن: «أكاد» فعل مضارع ناقص من أفعال المقاربة واسمها مستتر تقديره أنا...

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ): مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ: أي قرب أن تمل.
قاله البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور.

ومنه (وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا): كِدْتَ: معنى كاد أي: قرب. وكدت أي قربت من الفعل.
قاله السمعاني في تفسيره.

ومنه (إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا): أي قرب أن يصرفنا بدعوته عن عبادة الأصنام؛ لولا أن ثبتنا على عبادتها .

ومنه (يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ): أي يقرب. يقال: كاد يفعل اذا قرب ولم يفعل.
قاله البغوي في تفسيره.

ومنه (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ): يَكَادُ: يقرب. زيتها يضيء من صفائه.
قاله صديق حسن خان في فتح البيان في مقاصد القرآن.

ومنه (يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ): يقرب ضوء برق السحاب من أن يذهب بالبصر ويخطفه لشدة لمعانه.
قاله الواحدي في الوسيط.

قال الفخر الرازي في التفسير الكبير: فقوله: أكاد أخفيها معناه قرب الأمر فيه من الإخفاء.

انتهى.

*قوله {أُخْفِيهَا}:* أي من شدة كتماني لها قرب أن أخفيها من نفسي؛ فكيف أظهرها لغيري. وهذا مما استأثر الله به؛ فقد حجبت عن أهل السماء والأرض؛ ولولا لطفه بنا لما أخبر أن ثم ساعة؛ ولكن أخبرنا ليتأهب العبد للرحيل.

وقد أنكر الله على الكفار لما سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن موعد وقوع الساعة الساعة؛ وكأنه لقرابته منهم سيخبرهم بها، وأنه معني بطلب علمها، أو أنه عالم بها؛ فقال تعالى ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ): أَيَّانَ مُرْسَاهَا: متى ثبوتها. والشاهد قوله ( يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا): أي كأنك معني بطلب علمها، وأكثرت السؤال عنها فعلمتها؛ وليس لك، ولا لغيرك علمها.

قال الطبري في تفسيره: أكاد أخفيها من نفسي، لئلا يطلع عليها أحد، وبذلك جاء تأويل أكثر أهل العلم.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {أكادأخفيها} أي أسترها من نفسي.

قال السمرقندي في البحر: يعني: أسرها عن نفسي فكيف أعلنها لكم يا أهل مكة؟

وقال ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن: و (أبي) يقرأ: (إن الساعة آتيةأكادأخفيها) من نفسي فكيف أظهركم عليها.

قال الواحدي في الوجيز: {آتيةأكادأخفيها} أسترها للتهويل والتعظيم وأكادصلة.

وقال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن: {أكادأخفيها} : لا أظهر عليها أحدا غيري.

قال نافع بن الأزرق في مسائله لعبدالله بن عباس - رضي الله عنها -: قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عز وجل: إن الساعة آتيةأكادأخفيها.
قال: من كل أحد، وفيها كلمة عربية يا ابن الأزرق لعلك لا تحتملها.
قال: بلى يا ابن عباس، فأخبرني بها.
قال: نعم،أخفيهامن علمي.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت الشاعر وهو يقول:
فإن تدفنوا الداء لا نخفه...وإن تبعثوا الحرب لا نقعد.

قال البغوي في تفسيره: قيل معناه إن الساعة آتية أخفيها . و" أكاد ": صلة . وأكثر المفسرين قالوا : معناه : أكاد أخفيها من نفسي ، وكذلك في مصحف أبي بن كعب وعبد الله بن مسعود : أكاد أخفيها من نفسي فكيف يعلمها مخلوق .
وفي بعض القراءات : فكيف أظهرها لكم . وذكر ذلك على عادة العرب إذا بالغوا في كتمان الشيء يقولون : كتمت سرك من نفسي ، أي : أخفيته غاية الإخفاء ، والله عز اسمه لا يخفى عليه شيء .
وقال الأخفش : أكاد : أي : أريد ، ومعنى الآية : أن الساعة آتية أريد أخفيها .

قالالألوسي في روح المعاني: (أكادأخفيها)أقرب أن أخفي الساعة ولا أظهرها بأن أقول إنها آتية ولولا أن في الأخبار بذلك من اللطف وقطع الأعذار لما فعلت، وحاصلهأكادأبالغ في إخفائها فلا أجمل كما لم أفصل، والمقاربة هنا مجاز كما نص عليه أبو حيان أو أريد إخفاء وقتها المعين وعدم إظهاره وإلى ذلك ذهب الأخفش وابن الأنباري وأبو مسلم ومن مجيء كاد بمعنى أراد كما قال ابن جني في المحتسب قوله:
كادت وكدت وتلك خير إرادة...لو عاد من لهو الصبابة ما مضى.

وقيل (أخفيها): أي أظهرها.

أي قرب أن أظهر أمر الساعة بحلولها ووقوعها.

قال أبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: أسترها وأظهرها، من الأضداد.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: أخفيها: أسترها وأظهرها أيضا من (أخفيت) وهو من الأضداد. و (أخفيها) : أظهرها لا غير، من خفيت أي استخرجت.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: «أكادأخفيها» له موضعان موضع كتمان وموضع إظهار كسائر حروف الأضداد أنشدنى أبو الخطاب قول امرئ القيس بن عابس الكندي عن أهله فى بلده.
وإن تدفنوا الداء لا نخفيه...وإن تبعثوا الحرب لا نقعد.
أي لا نظهره. ومن يلغى الألف منها فى هذا المعنى أكثر، وقال علقمة ابن عبدة وقال بعضهم امرؤ القيس:
خفاهن من أنفاقهن كأنما...خفاهن ودق من عشى مجلب.
أي أظهرهن، ويقال: خفيت ملتى من النار، أي أخرجتها منها وكذلك خفايا الركايا، تقول خفيت ركية، أي استخرجتها.


قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: أكادأخفيهااضطرب الناس في معناه، فقيل:أخفيهابمعنى أظهرها، وأخفيت هذا من الأضداد.
وقال ابن عطية: هذا قول مختل، وذلك أن المعروف في اللغة أن يقال: أخفى بالألف من الإخفاء، وخفي بغير ألف بمعنى أظهر، فلو كان بمعنى الظهور لقال:أخفيهابفتح همزة المضارع، وقد قرئ بذلك في الشاذ، وقال الزمخشري: قد جاء في بعض اللغات أخفى بمعنى خفي: أي أظهر، فلا يكون هذا القول مختلا على هذه اللغة، وقيل:أكادبمعنى أريد، فالمعنى أريد إخفاءها وقيل: إن المعنى إن الساعة آتيةأكاد، وتم هنا الكلام بمعنىأكادأنفذهالقربها، ثم استأنف الإخبار فقالأخفيها، وقيل: المعنىأكادأخفيهاعن نفسي فكيف عنكم، وهذه الأقوال ضعيفة، وإنما الصحيح أن المعنى أن الله أبهم وقت الساعة فلم يطلع عليه أحدا، حتى أنه كاد أن يخفي وقوعها لإبهام وقتها، ولكنه لم يخفها إذا أخبر بوقوعها، فالأخفى على معناه المعروف في اللغة، وكاد على معناها من مقاربة الشيء دون وقوعه وهذا المعنى هو اختيار المحققين

انتهى.

*قوله {لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ}: لِتُجْزَى*: لتحاسب. والجزاء: الحساب.

قال الطبري: لتثاب كل نفس امتحنها ربها بالعبادة في الدنيا بما تسعى، يقول: بما تعمل من خير وشرّ، وطاعة ومعصية .

*قوله {بِمَا تَسْعَى}*: أي: بما تعمل من خير وشر.
قاله الواحدي في الوسيط.

قال السمرقندي في بحر العلوم: لتجزى كل نفس بما تسعى يعني: لتثاب كل نفس بما تعمل.

قلت ( عبدالرحيم ): قوله تعالى ( بِمَا تَسْعَى ): أي بما تعمل، وتكسب من الخير او الشر.
والسعي العمل، والكسب، والقصد، والمضي، والمبادرة؛ كله من معاني السعي؛ ولم يقل بما تعمل؛ وذلك لأهمية التأهب للقيامة.

فإذا تبين ذلك فلينظر العبد وجهته؛ وما يسعى إليه في دنياه، فإلى ماذا يقصد، ويمضي، ويبادر في حياته الدنيا؛ ففي الحديث (كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا). (1).

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وتَسْعى معناه تكسب وتجترح.

انتهى كلامه.

قلت: ومن هذه المعاني؛ قوله تعالى {إن سعيكم لشتى}: قال ابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو بكر السجستاني: أي إن عملكم لمختلف.

إلا أبن أبا بكر قال: عملكم لمختلف.

قال يحيى بن سلام في التصاريف: {إن سعيكم} يعني عملكم.

قال الأزهري في الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي: وأصل السعي العمل.

قال ابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم: والسعي: الكسب، وكل عمل من خير أو شر: سعي. والفعل كالفعل. وفي التنزيل (لتجزى كل نفس بما تسعى).

ومنه { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ }: أي أدرك معه العمل.
قاله الزجاج في معاني وإعراب القرآن.

قال الفراء في معاني القرآن: يقول: أطاق أن يعينه على عمله وسعيه.

قال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: وصل درجة العمل معه، وقضاء حوائجه.

ومنه {فاسعوا إلى ذكر الله}: قال ابن قتيبة في غريب القرآن: بادروا بالنية والجد. ولم يرد العدو، ولا الإسراع في المشي.

قال الزجاج في معانيه: معناه فاقصدوا إلى ذكر الله، وليس معناه العدو.

قال الفراء في معانيه: والمضي والسعي والذهاب في معنى واحد لأنك تقول للرجل: هو يسعى في الأرض يبتغي من فضل الله.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: يقول: إنما تجيء الساعة لتجزى كل نفس بما تعمل.

انتهى.

*قوله {فَلَا يَصُدَّنَّكَ}:* فلا يصدنك عنها يعني: لا يصرفنك عنها.
قاله السمرقندي في بحر العلوم.

قال القرطبي في تفسيره: أي لا يصرفنك عن الإيمان بها والتصديق لها.

قال الواحدي في الوسيط: لا يمنعنك ولا يصرفنك، عنها.

قال السمعاني في تفسيره: أي فلا يمنعنك عن التصديق بها.

قلت ( عبدالرحيم ): قوله تعالى {فَلَا يَصُدَّنَّكَ}:الصد الإعراض، والانصراف، والعدول عن الشيء. أي فلا يعرضنك، ولا يصرفنك، ولا يعدلنك، ولا يمنعنك؛ أي فلا يجعلك تعرض، وتنصرف، وتعدل عن الإيمان بها، والعمل لها؛ لا صديق حميم تحابيه، ولا عدو بعيد تخشاه؛ لأنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا في ذلك اليوم.

ومنه قوله تعالى {رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا}: قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط: أي: يعرضون عنك إعراضا، وصد، أي: أعرض.

قال الراغب في المفردات: الصدود والصد قد يكون انصرافا عن الشيء وامتناعا، نحو: يصدون عنك صدودا.، وقد يكون صرفا ومنعا نحو: وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل.

قال الكفوي في الكليات: والصد: هو العدول عن الشيء عن قلى يستعمل لازما بمعنى الانصراف والامتناع {يصدون عنك} {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله} ، ومتعديا بمعنى الصرف والمنع الذي يطاوعه الانصراف والامتناع {ولا يصدنك عن آيات الله} {هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام}.

انتهى.

*قوله {عَنْهَا}:* أي عن الساعة.

قال الفراء في معاني القرآن: وقوله: فلا يصدنك عنها يريد الإيمان ويقال عن الساعة: عن إتيانها. وجاز أن تقول: عنها وأنت تريد الإيمان كما قال (ثم إن ربك للذين هاجروا) ثم قال (إن ربك من بعدها لغفور رحيم) يذهب إلى الفعلة.

قال البغوي في تفسيره: والمعنى في إخفائها التهويل والتخويف ، لأنهم إذا لم يعلموا متى تقوم الساعة كانوا على حذر منها كل وقت.

قال الطبري: يقول تعالى ذكره: فلا يردّنك يا موسى عن التأهُّب للساعة.

انتهى.

*قوله {مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا}:* يعني: من لا يقرّ بقيام الساعة، ولا يصدّق بالبعث بعد الممات، ولا يرجو ثوابا، ولا يخاف عقابا.
قاله الطبري.

*قوله {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ}:* يقول: مراده خالف أمر الله.
قاله البغوي.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: أي لا داعي لهم للصدّ عن الإيمان بالساعة إلا اتّباع الهوى دون دليل ولا شبهة ، بل الدليل يقتضي الإيمان بالساعة كما أشار إليه قوله { لِتُجزى كلُّ نفسسٍ بما تَسعى .

*قوله {فَتَرْدَى}:* فتهلك؛ إن أنت أعرضت عن العمل للساعة.

والمعنى إن صدك أحد عن الساعة والعمل لها تهلك، ويفوتك نعيم الآخرة؛ وتلك هي الخسارة الحق.

قال الطبري: يقول: فتهلك إن أنت انصددت عن التأهب للساعة، وعن الإيمان بها، وبأن الله باعث الخلق لقيامها من قبورهم بعد فنائهم بصدّ من كفر بها.

وقال البغوي: فلا يصرفنك عن الإيمان بالساعة.

انتهى كلامه.

فمعنى قوله تعالى (فَتَرْدَى): أي فتهلك.
قاله ابن قتيبة في غريب القران، والسمرقندي في البحر، والبغوي، وابن كثير، والقرطبي، والسمعاني، وابن عطية في المحرر الوجيز،
زاد القرطبي: وهو في موضع نصب بجواب النهي .

زاد ابن قتيبة: والردى: الموت والهلاك.

وزاد ابن كثير: وتعطب.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى (قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ): أي قال الذي في الجنة لصاحبه الذي هلك فدخل النار: تالله إن كدت لَتُرْدِينِ أي لتهلكني بصحبتك، وإغوائك.

قال النحاس في معاني القرآن: أي تهلكني.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي لتهلكني. يقال: أرديت فلانا، أي أهلكته. و"الردى": الموت والهلاك.

ومنه (وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى): تَرَدَّى: تفعل من الردى، وهو الهلاك.
قاله أبو بكر السجستاني في غريب القرآن.

قال الراغب في المفردات: والردى: الهلاك، والتردي: التعرض للهلاك.

انتهى.

وهذا ما تيسر لي
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
..................

(1): رواه مسلم (223) من حديث أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه -.
..................

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
(معاني وغريب القرآن - للاشتراك 00966509006424).

قوله تعالى
﴿وَأَنّا لَمّا سَمِعنَا الهُدى آمَنّا بِهِ فَمَن يُؤمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخسًا وَلا رَهَقًا﴾
[الجن: 13].

*قوله {وَأَنّا لَمّا سَمِعنَا}:* يعني الجن.

*قوله {الهُدى}:* يعني القرآن. فهو هدى.

ومنه قوله تعالى (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ).

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وأريد بالهدى القرآن إذ هو المسموع لهم ووصفوه بالهدى للمبالغة في أنه هاد .

*قوله {آمَنّا بِه}:* يقول: صدّقنا به، وأقررنا أنه حق من عند الله.
قاله الطبري في تفسيره.

قال ابن كثير في تفسيره: {وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به} يفتخرون بذلك ، وهو مفخر لهم ، وشرف رفيع وصفة حسنة.

قلت ( عبدالرحيم ): برهان كلام الحافظ ابن كثير - رحمه الله - قوله تعالى (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ): ذِكْرُكُمْ: شرفكم.
قاله ابن أبي زمنين في تفسيره، ومكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، وابن قتيبة في غريب القرآن، والواحدي في الوجيز، والبغوي في تفسيره، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، وغيرهم.

قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن: قال ثعلب: معناه: فيه شرفكم.

وقوله {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}: أي شرف لكم وسوف تسالون عن القرآن.

قال الطبري في تفسيره: يعني به أنه شرفٌ له ولقومه.

قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ: أي شرف.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي شرف لكم؛ يعني القرآن.

انتهى.

*قوله {فَمَن يُؤمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ}:* يوم القيامة؛ لأنه يوم الحساب، والحساب فيه بمثاثيل الذر؛ {فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ . وَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.

*قوله {بَخسًا}:* أي نقصا. بلغة قريش.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام في لغات القبائل الواردة في القرآن، وذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات.

فقوله تعالى (فَلا يَخافُ بَخسًا): أي نقصا.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والفراء في معاني القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وأبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، وغيرهم.

إلا أن الفراء قال: لا ينقص من ثواب عمله ولا رهقا.

زاد ابن قتيبة: من الثواب.

قال الطبري في تفسيره: (فلا يخاف بخسا): يقول: لا يخاف أن ينقص من حسناته، فلا يجازى عليها.

قلت (عبدالرحيم): وأصل البخس: النقصان؛ كما نص عليه النحاس في معاني القرآن، والخطابي في غريب الحديث، وغيرهم.

قال ابن فارس في مجمل اللغة: بخس:البخس:النقصان، يقال: بخس المخ تبخيسا، إذا صار في السلامى والعين، وذلك حين نقصانه.

قال عياض اليحصبي في مشارق الأنوار على صحاح الآثار، وابن بطال الركبي في النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب: البخسالنقصان.

زاد ابن بطال: بخسه فى البيع: إذا نقصه.

انتهى كلامه.

قلت: ومنه قوله تعالى (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ): تَبْخَسُوا: تنقصوا.
قاله أبو بكر السجستاني في غريب القرآن.

قال يحيى بن سلام في تفسيره: أي ولاتنقصواالناسأشياءهم، يعني: الذي لهم، وكانوا أصحاب تطفيف ونقص في الميزان.

قال الطبري في تفسيره: يقول: ولاتنقصواالناسحقوقهم التي يجب عليكم أن توفوهم كيلاأو وزنا أو غير ذلك.

قال الألوسي في روح المعاني :أي لا تنقصوا الناس بسبب نقص المكيال والميزان وعدم اعتدالهما أشياءهم التي يشترونها بهما.

ومنه (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ): لَا يُبْخَسُونَ: أي لا ينقصون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.

قال الفراء في معاني القرآن: يقول: من أراد بعمله من أهل القبلة ثواب الدنيا عجل له ثوابه ولم يبخس أي لم ينقص في الدنيا.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات: البخس: نقص الشيء على سبيل الظلم، قال تعالى: (وهمفيهالايبخسون).

ومنه (فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا): قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: لا ينقص، قال: لا تبخسنى حقي، قال فى مثل: «تحسبها حمقاء وهى باخسة» أي ظالمة.

قال الطبري: فليحذر عقابه في بخس الذي له الحق من حقه شيئا، أنينقصهمنهظلما أو يذهب بهمنهتعديا، فيؤخذ به حيث لا يقدر على قضائه إلا من حسناته، أو أن يتحمل من سيئاته.

ومنه (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ): أي باعوه، والبخس النقص.
قاله غلام ثعلب في ياقوتة الصراط.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: بعته بخس: أي نقصان، منقوص، يقال: بخسني حقي أي نقصني. وهو مصدر بخست.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات: والبخس والباخس: الشيء الطفيف الناقص، وقوله تعالى: (وشروه بثمن بخس) قيل: معناه: باخس، أي: ناقص، وقيل: مبخوس أي: منقوص، ويقال: تباخسوا أي: تناقصوا وتغابنوا فبخس بعضهم بعضا.

انتهى.

*قوله {وَلا}:* يخاف.

*قوله {رَهَقًا}:* أي ظلما. بلغة قريش.
ذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات، وابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن.

قال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن: {فلا يخاف بخسا} : نقصا من حسناته.
{ولا رهقا} : زيادة في سيئاته.

قال البغوي في تفسيره: (ولا رهقا): ظلما. وقيل: مكروها يغشاه.

قال الثعلبي في الكشف والبيان: يقول: لا يخاف أن ينقص من حسناته، ولا أن يزداد في سيئاته، ولا أن يؤخذ بذنب غيره، ولا أن يعاقب بغير جرم، وقيل: رهقا: مكروها يغشاه، وقيل: ذهاب كله نظيره قوله سبحانه وتعالى: فلا يخاف ظلما ولا هضما.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: ورهقا: ما يرهقه أي ما يغشاه من المكروه.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: وأصل "الرهق": ما رهق الإنسان من عيب أو ظلم.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والرهَق : الإِهانة ، أي لا يخشى أن يبخس في الجزاء على إيمانه ولا أن يهان .

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ): قال النحاس في معاني القرآن: ومعنى يرهق: يغشى. والذلة: الهوان.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: يرهق: أي يغشى، والقتر جميع قترة، وفى القرآن: «ترهقها قترة»، وهو الغبار.

ومنه (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا): أي لا تغشني.
قاله ابو عبيدة، وابن قتيبة، وابو بكر، وابو حيان في تحفة.

قال الزمخشري في الكشاف: يقال: رهقه إذا غشيه، وأرهقه إياه. أى: ولا تغشني عسرا من أمرى، وهو اتباعه إياه، يعنى: ولا تعسر على متابعتك، ويسرها على بالإغضاء وترك المناقشة.

ومنه (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ): تَرْهَقُهُمْ: تغشاهم.
قاله الطبري في تفسيره ، ومقاتل بن سليمان في تفسيره، والزجاج في معاني وإعراب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وأبو عبيدة في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، وابن أبي زمنين في تفسيره، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وأبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب.

زاد الطبري: ذلة من عذاب الله.

زاد مقاتل بن سليمان، والسمرقندي: مذلة.

وزاد أبو بكر السجستاني: ومنه قولهم: غلام مراهق أي قد غشي الاحتلام.

انتهى كلامه.

قلت(عبدالرحيم): قوله تعالى ( فَمَن يُؤمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخسًا وَلا رَهَقًا)؛ نظيرتها قوله تعالى ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا): قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: أي ولا نقيصة.

قال يحيى بن سلام في تفسيره: لا ينقص من حسناته.

قال الطبري: لا يخاف أن يهضمه حسناته، فينقصه ثوابها.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: الهضم:النقص، يقال فلان يهضمني حقي أي ينقصني، كذلك هذا شيء يهضم الطعام، أي ينقص ثقلته.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: أيولايهضم فينقص من حسناته. يقال: هضمه واهتضمه إذا نقصه حقه.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
.................

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
(معاني وغريب القرآن - للاشتراك 00966509006424).

قوله تعالى
﴿وَأَنّا لَمّا سَمِعنَا الهُدى آمَنّا بِهِ فَمَن يُؤمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخسًا وَلا رَهَقًا﴾
[الجن: 13].

*قوله {وَأَنّا لَمّا سَمِعنَا}:* يعني الجن.

*قوله {الهُدى}:* يعني القرآن. فهو هدى.

ومنه قوله تعالى (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ).

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وأريد بالهدى القرآن إذ هو المسموع لهم ووصفوه بالهدى للمبالغة في أنه هاد .

*قوله {آمَنّا بِه}:* يقول: صدّقنا به، وأقررنا أنه حق من عند الله.
قاله الطبري في تفسيره.

قال ابن كثير في تفسيره: {وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به} يفتخرون بذلك ، وهو مفخر لهم ، وشرف رفيع وصفة حسنة.

قلت ( عبدالرحيم ): برهان كلام الحافظ ابن كثير - رحمه الله - قوله تعالى (لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ): ذِكْرُكُمْ: شرفكم.
قاله ابن أبي زمنين في تفسيره، ومكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، وابن قتيبة في غريب القرآن، والواحدي في الوجيز، والبغوي في تفسيره، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، وغيرهم.

قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن: قال ثعلب: معناه: فيه شرفكم.

وقوله {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}: أي شرف لكم وسوف تسالون عن القرآن.

قال الطبري في تفسيره: يعني به أنه شرفٌ له ولقومه.

قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ: أي شرف.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: أي شرف لكم؛ يعني القرآن.

انتهى.

*قوله {فَمَن يُؤمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ}:* يوم القيامة؛ لأنه يوم الحساب، والحساب فيه بمثاثيل الذر؛ {فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيرًا يَرَهُ . وَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.

*قوله {بَخسًا}:* أي نقصا. بلغة قريش.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام في لغات القبائل الواردة في القرآن، وذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات.

فقوله تعالى (فَلا يَخافُ بَخسًا): أي نقصا.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، والفراء في معاني القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وأبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، وغيرهم.

إلا أن الفراء قال: لا ينقص من ثواب عمله ولا رهقا.

زاد ابن قتيبة: من الثواب.

قال الطبري في تفسيره: (فلا يخاف بخسا): يقول: لا يخاف أن ينقص من حسناته، فلا يجازى عليها.

قلت (عبدالرحيم): وأصل البخس: النقصان؛ كما نص عليه النحاس في معاني القرآن، والخطابي في غريب الحديث، وغيرهم.

قال ابن فارس في مجمل اللغة: بخس:البخس:النقصان، يقال: بخس المخ تبخيسا، إذا صار في السلامى والعين، وذلك حين نقصانه.

قال عياض اليحصبي في مشارق الأنوار على صحاح الآثار، وابن بطال الركبي في النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب: البخسالنقصان.

زاد ابن بطال: بخسه فى البيع: إذا نقصه.

انتهى كلامه.

قلت: ومنه قوله تعالى (وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ): تَبْخَسُوا: تنقصوا.
قاله أبو بكر السجستاني في غريب القرآن.

قال يحيى بن سلام في تفسيره: أي ولاتنقصواالناسأشياءهم، يعني: الذي لهم، وكانوا أصحاب تطفيف ونقص في الميزان.

قال الطبري في تفسيره: يقول: ولاتنقصواالناسحقوقهم التي يجب عليكم أن توفوهم كيلاأو وزنا أو غير ذلك.

قال الألوسي في روح المعاني :أي لا تنقصوا الناس بسبب نقص المكيال والميزان وعدم اعتدالهما أشياءهم التي يشترونها بهما.

ومنه (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ): لَا يُبْخَسُونَ: أي لا ينقصون.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.

قال الفراء في معاني القرآن: يقول: من أراد بعمله من أهل القبلة ثواب الدنيا عجل له ثوابه ولم يبخس أي لم ينقص في الدنيا.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات: البخس: نقص الشيء على سبيل الظلم، قال تعالى: (وهمفيهالايبخسون).

ومنه (فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا): قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: لا ينقص، قال: لا تبخسنى حقي، قال فى مثل: «تحسبها حمقاء وهى باخسة» أي ظالمة.

قال الطبري: فليحذر عقابه في بخس الذي له الحق من حقه شيئا، أنينقصهمنهظلما أو يذهب بهمنهتعديا، فيؤخذ به حيث لا يقدر على قضائه إلا من حسناته، أو أن يتحمل من سيئاته.

ومنه (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ): أي باعوه، والبخس النقص.
قاله غلام ثعلب في ياقوتة الصراط.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: بعته بخس: أي نقصان، منقوص، يقال: بخسني حقي أي نقصني. وهو مصدر بخست.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات: والبخس والباخس: الشيء الطفيف الناقص، وقوله تعالى: (وشروه بثمن بخس) قيل: معناه: باخس، أي: ناقص، وقيل: مبخوس أي: منقوص، ويقال: تباخسوا أي: تناقصوا وتغابنوا فبخس بعضهم بعضا.

انتهى.

*قوله {وَلا}:* يخاف.

*قوله {رَهَقًا}:* أي ظلما. بلغة قريش.
ذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات، وابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن.

قال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن: {فلا يخاف بخسا} : نقصا من حسناته.
{ولا رهقا} : زيادة في سيئاته.

قال البغوي في تفسيره: (ولا رهقا): ظلما. وقيل: مكروها يغشاه.

قال الثعلبي في الكشف والبيان: يقول: لا يخاف أن ينقص من حسناته، ولا أن يزداد في سيئاته، ولا أن يؤخذ بذنب غيره، ولا أن يعاقب بغير جرم، وقيل: رهقا: مكروها يغشاه، وقيل: ذهاب كله نظيره قوله سبحانه وتعالى: فلا يخاف ظلما ولا هضما.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: ورهقا: ما يرهقه أي ما يغشاه من المكروه.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: وأصل "الرهق": ما رهق الإنسان من عيب أو ظلم.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والرهَق : الإِهانة ، أي لا يخشى أن يبخس في الجزاء على إيمانه ولا أن يهان .

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ): قال النحاس في معاني القرآن: ومعنى يرهق: يغشى. والذلة: الهوان.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: يرهق: أي يغشى، والقتر جميع قترة، وفى القرآن: «ترهقها قترة»، وهو الغبار.

ومنه (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا): أي لا تغشني.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن ، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وأبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب.

قال الزمخشري في الكشاف: يقال: رهقه إذا غشيه، وأرهقه إياه. أى: ولا تغشني عسرا من أمرى، وهو اتباعه إياه، يعنى: ولا تعسر على متابعتك، ويسرها على بالإغضاء وترك المناقشة.

ومنه (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ): تَرْهَقُهُمْ: تغشاهم.
قاله الطبري في تفسيره ، ومقاتل بن سليمان في تفسيره، والزجاج في معاني وإعراب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وأبو عبيدة في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، وابن أبي زمنين في تفسيره، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وأبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب.

زاد الطبري: ذلة من عذاب الله.

زاد مقاتل بن سليمان، والسمرقندي: مذلة.

وزاد أبو بكر السجستاني: ومنه قولهم: غلام مراهق أي قد غشي الاحتلام.

انتهى كلامه.

قلت(عبدالرحيم): قوله تعالى ( فَمَن يُؤمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخسًا وَلا رَهَقًا)؛ نظيرتها قوله تعالى ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا): قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: أي ولا نقيصة.

قال يحيى بن سلام في تفسيره: لا ينقص من حسناته.

قال الطبري: لا يخاف أن يهضمه حسناته، فينقصه ثوابها.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: الهضم:النقص، يقال فلان يهضمني حقي أي ينقصني، كذلك هذا شيء يهضم الطعام، أي ينقص ثقلته.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: أيولايهضم فينقص من حسناته. يقال: هضمه واهتضمه إذا نقصه حقه.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
.................

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
*(معاني وغريب القرآن - للاشتراك 00966509006424).*

قوله تعالى
{وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (10) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13)}: المعارج.

*قوله {وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا}:* قريب قريبا عن حاله؛ كما كانوا في الدنيا إذا وجدوه في مكروه؛ لتيقنهم أنهم لن يعطوا قريبا من حسناتهم شيئا، ولا يحملون عنه من وزره، ولا يغنون عنه من الله شيئا.

كما قال تعالى (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى).

فقوله تعالى {حَمِيمٌ حَمِيمًا}: قريب قريبا.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، ومقاتل بن سليمان في تفسيره، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: قت: أي لا يسأل ذو قرابة عن قرابته.

قال الواحدي في الوجيز: لايسألقريب عن قريب لاشتغاله بما هو فيه.

*قوله {يُبَصَّرُونَهُمْ}:* يرونهم، وينظرون إليهم؛ يعرفون أقاربهم؛ ولا يطلب من قريبه قدر مثقال ذرة ليدفع عنه بها العذاب. (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ): انشغل كل واحد بنفسه؛ فشغل عن غيره.
ونظير ذلك قوله (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون).

والمعنى: يبصر القريب قريبه ويراه رأي العيان؛ يعرفهم، وكأنهم لا يعرفونه؛ لفرارهم من بعض، وانشغالهم بحالهم.

قال البغوي في تفسيره: فيبصر الرجل أباه وأخاه وقرابته فلا يسأله ، ويبصر حميمه فلا يكلمه لاشتغاله بنفسه.

قال الألوسي في روح المعاني: يبصرونهمأي يبصر الأحماء الأحماء فلا يخفون عليهم وما يمنعهم من التساؤل إلا اشتغالهم بحال أنفسهم.

قالالطبري في تفسيره: ولايسألحميمحميما عن شأنه، ولكنهم يبصرونهم فيعرفونهم، ثم يفر بعضهم من بعض.

قال الواحدي في الوجيز: يعرف بعضهم بعضا أي: إن الحميم يرىحميمه ويعرفهولايسألعن شأنه.

*قوله {يَوَدُّ}:* يحب، أي يتمنى.
قاله الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير.

*قوله {بِبَنِيه}ِ:* بأولاده.

*قوله {وَصَاحِبَتِه}ِ:* وزوجته. والصاحبة الزوجة.
ومنه قوله تعالى ( وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا): أي تعالت عظمت ربنا أن يكون له زوجة. والجد العظمة.

*قوله {وَفَصِيلَتِهِ}:* عشيرته.
قاله مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، والقرطبي في تفسيره، وغيرهم.

قال ابن السكيت في كتاب الألفاظ، والحميري في شمس العلوم ودواء كلام العرب من المكلوم: والفصيلة: عشيرة الرجل.

زاد الحميري: الأدنون.

قال الكفوي في الكليات، والبغوي في تفسيره: {وفصيلته} : وعشيرته الذين فصل عنهم.

إلا أن البغوي قال: منهم.

قال الطبري في تفسيره: وهم عشيرته التي تؤويه، يعني التي تضمه إلى رحله، وتنـزل فيه امرأته، لقربة ما بينها وبينه

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: فالفصيلة دلت على الآباء باللفظ وتستفاد الأمهات بدلالة لحن الخطاب.

*قوله {الَّتِي تُؤْوِيهِ}:* أي التي كانت تحميه وتدافع عنه في الدنيا.

قال القرطبي في تفسيره: التي تؤويه تنصره.

قال البغوي في تفسيره: أي التي تضمه ويأوي إليها.

...............

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
*(معاني وغريب القرآن - للاشتراك 00966509006424).*

قوله تعالى ﴿وَإِذَا القُبورُ بُعثِرَت﴾
[الانفطار: 4].

*قوله {بُعثِرَت}:* انقلبَ باطنها ظاهِرَها؛ فأخرجت ما فيها من الأموات.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: قلبت وأخرج ما فيها. يقال: بعثرت المتاع وبحثرته؛ إذا جعلت أسفله أعلاه.

قال الألوسي في روح المعاني: قلب ترابها الذي حثي على موتاها وأزيل وأخرج من دفن فيها.

قالالطبري في تفسيره: يقول: وإذا القبور أثيرت فاستخرج من فيها من الموتى أحياء ، يقال : بعثر فلان حوض فلان : إذا جعل أسفله أعلاه ، يقال : بعثرة وبحثرة: لغتان.
.......................

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
*(معاني وغريب القرآن - للاشتراك 00966509006424)*

قوله تعالى
﴿في جيدِها حَبلٌ مِن مَسَدٍ﴾: [المسد: 5].

*قوله {في جيدها}:* أي في عنقها.
والعرب تسمي العنق جيدا. ومنه قولهم: " امرأة عاطلة الجيد" أي ليس في رقبتها حُلي.
فمعنى قوله تعالى {في جيدها}: أي في عنقها.
قاله الفراء في معاني القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، والبغوي في تفسيره.

*قوله {حبل من مسد}:* أي حبل فُتِل من أنواع شتى من الحديد، والليف، وغيره مما تعذب به في النار.
وأصل المسد الليف المفتول.

قال الخطابي في غريب الحديث: والمسد: أصلهالليف.

قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: المسد، بالتحريك:الليف. يقال حبل من مسد. والمسدأيضا: حبل من ليف أو خوص.

قال الزمخشري في الفائق في غريب الحديث: المسد:الليف الممسود أي المفتول.

قال التستري في تفسيره: سلسلة من حديد في النار.

قال الطبري في تفسيره:
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قول من قال: هو حبل جُمع من أنواع مختلفة، ولذلك اختلف أهل التأويل في تأويله على النحو الذي ذكرنا, ومما يدلّ على صحة ما قلنا في ذلك قول الراجز:
وَمَسَـــدٍ أُمِـــرَّ مِــنْ أيــانِقِ
صُهْــبٍ عِتــاقٍ ذاتِ مُـخ زَاهِـق.
فجعل إمراره من شتى، وكذلك المسد الذي في جيد امرأة أبي لهب، أمِرَّ من أشياء شتى، من ليف وحديد ولحاء، وجعل في عنقها طوقا كالقلادة من ودع؛ ومنه قول الأعشى:
تُمْسِـي فَيَصْـرِفُ بَابَهـا مِـنْ دُونِنَـا
غَلْقًــا صَــرِيفَ مَحَالَـةَ الأمْسَـادِ.
يعني بالأمساد: جمع مَسَد، وهي الحبال.
.....................

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
*(معاني وغريب القرآن - للاشتراك 00966509006424)*

قوله تعالى

{أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا(27)رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا(28)وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29)وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا(30)}: النازعات.
*قوله {أَأَنتُمْ أَشَدُّ}:* أَشَدُّ: معناه أصعب.
قاله الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير.

*قوله {خَلْقًا أَمِ السَّمَاء}:*يعني أخلقكم بعد الموت أشد عندكم وفي تقديركم أم السماء ؟ وهما في قدرة الله واحد.
قاله البغوي في تفسيره.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير: الاستفهام تقريري، والمقصود من التقرير إلجاؤهم إلى الإِقرار بأنّ خلق السماء أعظم من خلقهم.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: هذاتقريروتوبيخ للمكذبين للبعث.

*قوله {بَنَاهَا}:* بغير عمد.
قاله ابن أبي زمنين في تفسيره.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير. بناء السماء : خلقها ، استعير له فعل البناء لمشابهتها البيوت في الارتفاع .

*قوله {رَفَعَ سَمْكَهَا}*: سقفها.
قاله البغوي في تفسيره، والواحدي في الوجيز، والسمرقندي في بحر العلوم، والقرطبي في تفسيره.

إلا أن القرطبي قال: رفع سمكهاأي أعلىسقفهافي الهواء.

زاد السمرقندي: بغير عمد.

قال صديق حسن خان في فتح البيان في مقاصد القرآن: (رفعسمكها) أي أعلاه في الهواء.

*قوله {فَسَوَّاها}:* جعلها مستوية؛ بلا شطور ولا شقوق ولا فطور، ولا اعوجاج.

قال الطبري في تفسيره: فسوّى السماء، فلا شيء أرفع من شيء، ولا شيء أخفض من شيء، ولكن جميعها مستوي الارتفاع والامتداد.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: التسوية : التعديل وعدم التفاوت ، وهي جعل الأشياء سواء ، أي متماثلة وأصلها أن تتعلق بأشياء وقد تتعلق باسم شيء واحد على معنى تعديل جهاته ونواحيه ومنه قوله هنا :{ فسواها }، أي عَدَّل أجزاءها وذلك بأن أتقن صنعها فلا ترى فيها تفاوتاً .

*قوله {وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا}:* أظلم ليلها.
قاله البغوي في تفسيره، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، والنسفي في مدارك التنزيل.

إلا أن النسفي قال: أظلمه.

زاد البغوي: والغطش والغبش الظلمة.

وقال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن: أي جعله مظلماً.

قالالطبري في تفسيره: أظلم ليل السماء، فأضاف الليل إلى السماء، لأن الليل غروب الشمس، وغروبها وطلوعها فيها، فأضيف إليها لمَّا كان فيها.

*قوله {وَأَخْرَجَ ضُحاها}:* شمسها ونورها.
قاله ابن أبي زمنين في تفسيره.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: ضوءها بالنهار. .

*قوله {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ}:* بعد خلق السماء.
قاله البغوي في تفسيره.

*قوله {دَحاها}:* بسطها.
قاله القصاب في النكت، والنحاس في معاني القرآن، وابن قتيبة في كتابيه؛ تأويل مشكل القرآن، وغريب القرآن، وأبو عبيدة معمر بن المثنى في المجاز، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن، والبغوي في تفسيره.

زاد ابنقتيبة :ومدها.

وزاد البغوي: والدحو البسط.

قال الطاهر بن عاشور:

والمعنى:والدَّحْو والدَّحْيُ يقال : دحَوْت ودحيت . واقتصر الجوهري على الواوي وهو الجاري في كلام المفسرين هو : البسط والمدّ بتسوية.
والمعنى: خلقها مدحوَّة ، أي مبسوطة مسوّاة.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
...............

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
*(معاني وغريب القرآن - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424).*

قوله تعالى
{إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22)}: المعارج.

*قوله {إِنَّ الإِنسانَ}:* الإنسان هنا اسم جنس بدليل الاستثناء منه.
قاله ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل.

*قوله {خُلِق هَلوعًا}:* هَلوعًا: ضجورا بلغة خثعم.
قاله أبو عبيد القاسم بن سلام في لغات القبائل الواردة في القرآن، وذكره عبد الله بن حسنون السامري في اللغات في القرآن.

قال الفراء في معاني القرآن، وأبو بكر السجستاني في غريب القرآن: والهلوع: الضجور (1).

زاد أبو بكر: الجزوع.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: والهلاع مصدره، وهو أسوأ الجزع.

قال أبو حيان الأندلسي في تحفة الاريب بما في القران من الغريب: {هلوعا}: ضجورا. والهلاع إسراع الجزع.

قال السمرقندي في بحر العلوم: هلوعا يعني: حريصا ضجورا بخيلا ممسكا فخورا.

قال الكفوي في الكليات: {هلوعا} : شديد الحرص قليل الصبر.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: الهلوع على ما في الآية من التفسير يفزع ويجزع من الشر.

قال برهان الدين الكرماني (تاج القراء) في غرائب التفسير وعجائب التأويل: قوله: (هلوعا): أصل الكلمة من السرعة، تقول: نعامة هالعة، أي مسرعة، وناقة هلواع كذلك. والجمهور على أن معنى الهلوع ما فسره الله بقوله: (إذا مسه الشر جزوعا . وإذا مسه الخير منوعا).

قال الألوسي في روح المعاني: الهلع سرعة الجزع عند مس المكروه وسرعة المنع عند مس الخير من قولهم ناقة هلوع سريعة السير.

قال القرطبي في تفسيره: وقد هلع (بالكسر) يهلع فهو هليع وهلوع؛ على التكثير . والمعنى أنه لا يصبر على خير ولا شر حتى يفعل فيهما ما لا ينبغي.

قال النحاس في إعراب القرآن: والهلوع فيما حكاه أهل اللغة الذي يستعمل في حال الفقر ما لا ينبغي أن يستعمله من الجزع وقلة التأسّي وفي الغنى ما لا ينبغي أن يستعمله من منع الحقّ الواجب وقلة الشكر.

قال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: {هلوعا}: يجزع عند المصيبة، ويمنع إذا أصابه الخير، وتفسير الهلوع جاء في الآيتين بعدها.

قال البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: قوله: {خلق هلوعا} أي جبل جبلة هو فيها بليغ الهلع وهو أفحش الجزع مع شدة الحرص وقلة الصبر والشح على المال والرغبة فيما لا ينبغي.

وقال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القران: {هلوعا} أي: جبانا.

سئل أحمد بن يحيى مؤلف الفصيح عن الهلوع فقال: قد فسره الله فلا تفسيرا أبين من تفسيره وهو قوله: إذا مسه الشر جزوعا، وإذا مسه الخير منوعا وذكره الله على وجه الذم لهذه الخلائق، ولذلك استثنى منه المصلين، لأن صلاتهم تحملهم على قلة الاكتراث بالدنيا، فلا يجزعون من شرها ولا يبخلون بخيرها الذين هم على صلاتهم دائمون الدوام عليها هو المواظبة بطول العمر، والمحافظة عليها المذكورة بعد ذلك هي أداؤها في أوقاتها وتوفية الطهارة لها.

حكاه ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل.

انتهى.

*قوله {إِذا مَسَّهُ}:* يعني الإنسان.

*قوله {الشَّرُّ}:* أراد جنس الشر؛ أي الشرور.

قال الألوسي في روح المعاني: وأل للجنس أي إذا مسه جنس الشر جزوعا أي مبالغا في الجزع مكثرا منه. والجزع قال الراغب أبلغ من الحزن فإن الحزن عام والجزع حزن يصرف الإنسان عما هو بصدده ويقطعه عنه.

*قوله {جَزوعًا}:* الجزع: نقيض الصبر؛ وهو الذي لا يصبر ويقطع المعروف.

قال الخليل بن احمد الفراهيدي في العين.

قال ابن دريد الأزدي في جمهرة اللغة: جزع الرجل يجزع جزعا من مصيبة أو ألم.

قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: يقال: جَزَعَ له جِزْعَةً من المال، أي قطع له منه قطعةً.

قال القرطبي في تفسيره: وهو الذي إذا ناله الشر أظهر شدة الجزع.

قال الطبري في تفسيره: وقوله: (إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ) يقول: إذا قلّ ماله وناله الفقر والعدم فهو جزوع من ذلك، لا صبر له عليه.

*قوله {وَإِذا مَسَّهُ الخَيرُ}: الخير: المال والغنى أو الصحة منوعا مبالغا في المنع والإمساك.
قاله الألوسي في روح المعاني.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: الخير: ما يرغب فيه الكل، كالعقل مثلا، والعدل، والفضل، والشيء النافع، وضده: الشر.

قلت (عبدالرحيم): وقد جاء التعبير عن المال وسعة العيش ب/ " الخير" في غير ما آية؛
كما في قوله (كُتِبَ عَلَيكُم إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوتُ إِن تَرَكَ خَيرًا الوَصِيَّةُ لِلوالِدَينِ وَالأَقرَبينَ بِالمَعروفِ حَقًّا عَلَى المُتَّقينَ): إِن تَرَكَ خَيرًا: أي مالا.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وابن الجوزي في تذكرة الأريب بما في القرآن من الغريب.

قال ابن الهائم في التبيان في غريب القرآن: الخير: المال بلغة جرهم.

وقوله (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ): أي وإنه لحب المال لبخيل.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.

وقوله على لسان شعيب - عليه السلام - (وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ): يعني إني أراكم أصحاب مال؛ فاستغنوا بفضل الله عن الحرام؛ ولا تخسروا الميزان.

قال الفراء في معاني القرآن: يقول: كثيرة أموالكم فلا تنقصوا المكيال وأموالكم كثيرة.

انتهى.

*قوله {مَنوعًا}:* يمنع ما ينبغي عليه بذله.
وهذه عادة اللئام؛ إن أصابه الغنى جحد ومنع وشحّ بما عنده؛ وكان حقا عليه أن ينفق، ويبذل؛ لوعد الله بالخلف، ولأنه جرب الشر. (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).

قال البغوي في تفسيره: أي إذا أصابه الفقر لم يصبر، وإذا أصاب المال لم ينفق.

قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن: أي يمنع غيره، ومنيعا: يمنع نفسه.

قال الطبري في تفسيره: يقول: وإذا كثر ماله، ونال الغنى فهو منوع لما في يده، بخيل به، لا ينفقه في طاعة الله، ولا يؤدّي حق الله منه.

قال القرطبي في تفسيره: والمنوع: هو الذي إذا أصاب المال منع منه حق الله تعالى. وقال ابن كيسان: خلق الله الإنسان يحب ما يسره ويرضيه ، ويهرب مما يكرهه ويسخطه ، ثم تعبده الله بإنفاق ما يحب والصبر على ما يكره.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: والذي استخلصته من تتبع استعمالات كلمة الهلع أن الهلع قلة إمساك النفس عند اعتراء ما يُحزنها أو ما يسرها أو عند توقع ذلك والإشفاق منه . وأما الجزع فمن آثار الهلع ، وقد فسر بعض أهل اللغة الهلع بالشره ، وبعضهم بالضجر ، وبعضهم بالشح ، وبعضهم بالجوع ، وبعضهم بالجبن عند اللقاء .
وما ذكرناه في ضبطه يَجمع هذه المعاني ويريك أنها آثار لصفة الهلع.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
.........................
(1): قال أبو بكر الأنباري في الزاهر في معاني كلمات الناس: وقولهم: فلان ضجر: معناه: ضيق النفس. من قول العرب: مكان ضجر: إذا كان ضيقا. قال دريد بن الصمة: (فإما تمس في جدث مقيما ... بمسهكة من الأرواح ضجر).

قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين: الضجر: اغتمام فيه كلام (وتضجر). ورجل ضجر. وناقة ضجور: كثيرة الرغاء.

قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: الضَجَرُ: القلق من الغمّ. وقد ضَجِرَ فهو ضَجِرٌ، ورجلٌ ضَجورٌ. وأضْجَرني فلان فهو مُضْجِرٌ. وقوم مضاجر ومضاجير.

وفي معجم اللغة العربية المعاصرة: ضجور [مفرد]: ج ضجر، مؤ ضجور، ج مؤ ضجر: صيغة مبالغة من ضجر بـ/ ضجر من: قلق، متضايق، كثير التبرم.
..........................

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
*(معاني وغريب القرآن - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424).*

قوله تعالى
﴿فَأَثَرنَ بِهِ نَقعًا۝فَوَسَطنَ بِهِ جَمعًا۝إِنَّ الإِنسانَ لِرَبِّهِ لَكَنودٌ﴾ [العاديات: 4-6].

*قوله {فَأَثَرن}َ:* هيجن، وحركن، وأخرجن؛ وذلك من سرعة جريهن وغارتهن.

والاثارة: التهييج، واستراج الشيء، وتقليبه، والتحريك لساكن. يقال: أثرت الأسد إذا هيجته، وحركته.

قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين: أثاره: أي هيجه.

قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: والإثارة: تحريك الشيء حتى يرتفع ترابه.

وقال أيضا (ابن الهائم): والإثارة: الاستخراج والقلقلة من مكان إلى مكان.

فمعنى قوله تعالى {فَأَثَرن}َ: هيجن.
قال البغوي في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم، والواحدي في الوسيط، والنسفي في مدارك التنزيل، والجلال المحلي في الجلالين، وإلايجي الشافعي في جامع البيان.

قال ابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل: ومعنى أثرن حركن.

قال القاسمي في محاسن التأويل: {فأثرنبهنقعا}أي فأهجن، بذلك الوقت، غبارا من الإثارة. وهي التهييج وتحريك الغبار ونحوه ليرتفع.

قال الشهاب في حاشيته على البيضاوي: التهييجالإثارةيقال هيجه وهاجه.

قال الألوسي في روح المعاني: (فأثرن به) منالإثارةوهيالتهييجوتحريك الغبار ونحوه.

قال أبو حيان في البحر المحيط في التفسير: الإثارة: الاستخراج والقلقلة من مكان إلى مكان، وقال امرؤ القيس:
يهيل ويذري تربها ويثيره...إثارة نباش الهواجر مخمس.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا): وَأَثَارُوا الْأَرْض: أي حركوها، وقلبوها للزراعة، فتهيجت لذلك التربة فصلحت للزراعة.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن، وأبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: قلبوها للزراعة.

ومنه قوله ( اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ): فَتُثِيرُ: أي تستخرج.
قاله أبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: " تثير" أي تجمع وتجيء به وتخرجه.

قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: (أَثارُوا الْأَرْضَ) : قلبوها للزراعة وقيل: قلبوا وجه الأرض لاستنباط المياه واستخراج المعادن وإلقاء البذور فيها للزّراعة.
والإثارة: تحريك الشيء حتى يرتفع ترابه.

انتهى كلامه.

ومنه ( قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ): تُثِيرُ الْأَرْض: أي تقلبها للزراعة.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن.

قال ابن الهائم في التبيان: والإثارة: الاستخراج والقلقلة من مكان إلى مكان.

قالت كاملة الكواري في تفسير غريب القرآن: (تثير الأرض) تقلبها بالمحراث فيثور غبارها.

انتهى.

*قوله {بِهِ}:*أي بفعل الإغارة ومكانها وزمانها من شدة العدو.
قاله الخطيب الشربيني في السراج المنير.

قلت (عبدالرحيم): قوله {بِهِ}:يعني بالمكان أو الوقت الذي عدت فيه؛ وهي الخيل السابق ذكرها في قوله (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا): وهي الخيل تعدو في سبيل الله فتضبح؛ والضبح صوت حلوقها إذا جرت.

فقوله تعالى(به): يعني المكان وإن لم يذكر في الآية لظهور معناه، وهذا من جمال صنيع اللغة العربية. ونظيرتها قوله تعالى (حتى توارت بالحجاب): يعني الشمس؛ ولم تذكر لظهور معناها.
وقوله (إنا أنزلناه في ليلة القدر)، يعنى: القرآن.
وقوله: (والنهار إذا جلاها): قال ابن قتيبة في غريب القرآن: يعني: الدنيا أو الأرض.

قال القرطبي في تفسيره: والكناية في(به) ترجع إلى المكان أو إلى الموضع الذي تقع فيه الإغارة. وإذا علم المعنى جاز أن يكنى عما لم يجر له ذكر بالتصريح، كما قال (حتى توارت بالحجاب).

قال البغوي في تفسيره: أيهيجن بمكان سيرهن كناية عن غير مذكور، لأن المعنى مفهوم.

قال السمين الحلبي في الدر المصون في علوم الكتاب المكنون: {فأثرنبهنقعا}: أي بالمكان.

قال الواحدي في الوجيز: {به} بمكان عدوها.

قال القصاب في النكت: يعود على المكان الذي أغيرت فيه أو الوادي.

قال الطبري في تفسيره: والهاء في قوله "به" كناية اسم الموضع، وكنى عنه، ولم يجر له ذكر، لأنه معلوم أن الغبار لا يثار إلا من موضع، فاستغنى بفهم السامعين بمعناه من ذكره.

قال الفراء: وقوله عز وجل:بهنقعا يريد: بالوادي، ولم يذكره قبل ذلك، وهو جائز لأن الغبار لا يثار إلا من موضع وإن لم يذكر، وإذا عرف اسم الشيء كني عنه وإن لم يجر له ذكر.
قال الله تبارك وتعالى: (إنا أنزلناه في ليلة القدر)، يعنى: القرآن.

*قوله {نَقعًا}:* غبارا.
قاله الجرجاني في درج الدرر، والزجاج في معاني وإعراب القرآن، والبغوي في تفسيره، والقرطبي في تفسيره، والجلال المحلي في الجلالين، وغيرهم.

زاد الجلال: بشدة حركتهن.

قلت ( عبدالرحيم ): والمعنى عدت الخيل أي أسرعت فهيجت، وحركت، وأثارت بسنابكها (حوافرها) التراب؛ وقت عدوها في مكان الغزو؛ وذكر الخيل وعنى من على ظهرها من المجاهدين.

قال القاسمي في محاسن التأويل: قال الشهاب: وذكر إثارة الغبار، للإشارة إلى شدة العدو وكثرة الكر والفر.

قال ابن الجوزي في زاد المسير:(فأثرنبه نقعا)أثارت بحوافرها التراب.

قال القرطبي في تفسيره: يعني الخيل تثير الغبار بشدة العدو في المكان الذي أغارتبه.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: المعنىفأثرنبمكان عدوهانقعاأي غبارا.

قال الطبري في تفسيره: فرفعن بالوادي غبارا.

قال الفراء في معاني القرآن، وأبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، والزجاج في معاني وإعراب القرآن، والقصاب في النكت، والطبري في تفسيره،والواحدي في الوسيط: " النقع ": الغبار.

زاد الفراء: ويقال: التراب.

قال مقاتل بن سليمان في تفسيره: يقولفأثرنبجريهن يعني بحوافرهن «نقعا» في التراب.

قال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط في التفسير: (فأثرنبهنقعا) أي بالمكان لأن والعاديات معلوم أنها لا تعدو إلا في مكان، وكذلك الإثارة والنقع.

وقال نافع بن الأزرق في مسائله لعبدالله بن عباس قال: يا ابن عباس: أخبرني عن قول الله عز وجل:فأثرنبهنقعا.
قال: النقع: ما يسطع من حوافر الخيل.
قال: وهل تعرف العرب ذلك؟
قال: نعم، أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول:
عدمنا خيلنا إن لم تردها...تثير النقع موعدها كداء.

*قوله {فَوَسَطن}َ:* فتوسطن الخيل بركبانهن؛ وهم المجاهدون في سبيل الله.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره، والواحدي في الوجيز، وابن جزي الغرناطي في التسهيل لعلوم التنزيل، وإلايجي الشافعي في جامعه: {فَوَسَطن}َ: فتوسطن.

قال الجلال المحلي في الجلالين: أي صرن وسطه.

*قوله {بِهِ}:* بالمكان.
قاله الجرجاني في درج الدرر.

وقال الإيجي الشافعي في الجامع: بذلك الوقت.

*قوله {جَمعًا}:* جموع الأعداء؛ تغير عليهم.
والمعنى: دخلن فتوسطن؛ يعني توسطت الخيل جموع الأعداء ففرقت صفوفهم، وشتت شملهم.

قال القاسمي في محاسن التأويل: وقوله تعالى: (فوسطنبهجمعا) أي فتوسطن ودخلن في وسط جمع من الأعداء، ففرقنه وشتتنه.

قال الواحدي في الوسيط: أي: صرت في وسطه، يعني: صرن بعدوهن وسط جمع العدو.

قال الطبري: وقوله: (فوسطنبهجمعا)
يقول تعالى ذكره: فوسطن بركبانهن جمع القوم، يقال: وسطت القوم بالتخفيف، ووسطته بالتشديد، وتوسطته: بمعنى واحد.

وقال الزجاج في معانيه: أي فتوسطن المكان.

قال الزركشي في علوم القرآن: وقوله تعالى: {فأثرنبهنقعا. فوسطنبهجمعا} فالهاء الأولى كناية عن الحوافر وهي موريات أي أثرن بالحوافرنقعاوالثانية كناية عن الإغارة أي المغيرات صبحا {فوسطنبهجمعا} جمع المشركين فأغاروا بجمعهم.

لطيفة:

فإن قلت ما فائدة التنبيه على توسط الخيل جموع الأعداء؟

لما كان المغير يتوسط الجمع عند اختلال حالهم فيفرق شملهم لأنهم متى افترقوا حصل فيهم الخلل، ومتى اختلفوا تخللهم العدو ففرق شملهم قال: {فوسطنبه}.
قاله البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور.

*قوله {لكنود}:* لكفور؛ مع كونه يتقلب في نعم الله ظهرا لبطن.

فمعنى قوله تعالى (لكنود): لكفور.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن،والطبري في تفسيره، والزجاج في معاني القرآن،والجرجاني في درج الدرر.

إلا أن الجرجاني قال: كفور.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: وهو الكفور في تفسير العامة.

زاد أبو عبيدة: وكذلك الأرض الكنود التي لا تنبت شيئا قال الأعشى:
أحدث لها تحدث لوصلك إنها...كند لوصل الزائر المعتاد.

وكذا ذكره الطبري بتمامه.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
...................

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
*(معاني وغريب القرآن - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ:00966509006424).*

قوله تعالى
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ}: محمد (2).

*قوله {َأَصْلَحَ بَالَهُمْ}:* بَالَهُمْ: يعني حالهم بلغة هذيل.
ذكره ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن، وذكره عبدالله بن حسنون السامري في اللغات في القرآن.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: البال: الحال التي يكترث بها، ولذلك يقال:
ما باليت بكذا بالة، أي: ما اكترثت به.

انتهى كلامه.

فمعنى قوله تعالى ( أصلح بالهم ): أي حالهم.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، والطبري في تفسيره، ومكي في تفسير المشكل من غريب القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، والحربي في المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، وإلايجي الشافعي في جامع البيان، وغيرهم.

إلا أن الطبري قال: وأصلح شأنهم وحالهم.

زاد الحربي: وما بال فلان: أي حاله.

وزاد الإيجي: وأمرهم.

قلت ( عبدالرحيم ): ومنه قوله تعالى {قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ}: (مَا بَالُ النِّسْوَةِ): أي ما حال النسوة.
قاله السمعاني في تفسيره، والقرطبي في تفسيره، والنسفي في مدارك التنزيل، وغيرهم.

ومنه {قال فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى}: أي فما حال القرون الأولى.
قاله السمعاني في تفسيره، وابن قتيبة في غريب القرآن.

إلا أن ابن قتيبة قال: أي فما حالها؟.

قال البغوي في تفسيره: ومعنى " البال " : الحال، أي: ما حال القرون الماضية والأمم الخالية، مثل قوم نوح وعاد وثمود فيما تدعونني إليه فإنها كانت تعبد الأوثان وتنكر البعث؟.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: ما شأنهم وما الخبر عنهم؟ وهو سؤال تعجيز وتشغيب.

قال الشوكاني في فتح القدير: والبال: الحال والشأن.

قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن: بال: حال.

انتهى كلامه.

قلت: وفي الحديث (1)" إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ ". (وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ): أي حالكم.

انتهى.
...................
(1): رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي مرفوعا (6224).
......... .........

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
*(آيات قد تفهم خطأ - 00966509006424)*.

*قوله تعالى*
*{... فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا... }: البقرة (233).*

*قوله {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا}:* أي فطاما للولد.

والفصال: الفطام؛ وهو التفريق بين الصبي والرضاع؛ وليس معناه الطلاق؛ كما يتوهم البعض.

وكما في قوله تعالى {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}: أي وحمله ستة أشهر، و انقضاء فصاله؛ أي فطامه في عامين؛ فهذا تام الثلاثين شهرا.

ونظيرتها قوله تعالى {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}: أي فطامه؛ يعني انقضاء فطامه في سنتين لمن أراد أن يتم الرضاعة.

فإذا تبين ذلك فمعنى قوله تعالى (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا): يعني إن أراد الأب والأم فطاما للولد قبل السنتين؛ عن اتفاق، ومشورة أهل الخبرة؛ ليخبروا بأن الفطام لا يضر في ذلك الوقت بالولد؛ فحينها لا إثم عليهما في الفطام.

فالحاصل أن قوله تعالى (وَفِصَالُهُ): أي فطامه.
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في غريب القرآن، وأبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، ومكي في تفسير المشكل من غريب القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، وابن أبي زمنين في تفسيره، والثعلبي في الكشف والبيان، والقشيري في اللطائف، والواحدي في كتابيه (الوسيط، والوجيز)، والراغب الأصفهاني في تفسيره، والبغوي في تفسيره، وابن عطية في المحرر الوجيز، والنسفي في المدارك، والبقاعي في نظم الدرر في، والقرطبي في تفسيره، وغيرهم جمع.
(وأحسبه إجماعا، ولعلي أتتبعه بعد - إن شاء الله)

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: والفصال: التفريق بين الصبي والرضاع.

قال الطبري في تفسيره: يعني تعالى ذكره بقوله: "فإن أرادا"، إن أراد والد المولود ووالدته "فصالا"، يعني: فصال ولدهما من اللبن. ويعني ب "الفصال": الفطام.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي فطاما وتراضيا بذلك بعد أن تشاورا وعلما أن ذلك غير مدخل علىالولد ضررا.

قال ابن بطال في النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب: قوله تعالى: {وحمله وفصاله}: الفصال:الفطام، وقطع الرضاع. فصلته: إذا فطمته، وفصلت الرضيع عن أمه فصالا، وكذلك افتصلته.

قال ابن منظور في لسان العرب: والفصال:الفطام؛ قال الله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)؛ المعنى ومدى حمل المرأة إلى منتهى الوقت الذي يفصل فيه الولد عن رضاعها ثلاثون شهرا؛ وفصلت المرأة ولدها أي فطمته. وفصل المولود عن الرضاع يفصله فصلا وفصالا وافتصله: فطمه، والاسم الفصال.

قال القرطبي في تفسيره: و"فصالا" معناهفطاماعن الرضاع، أي عن الاغتذاء بلبن أمه إلى غيره من الأقوات. والفصال والفصل: الفطام، وأصله التفريق، فهو تفريق بين الصبي والثدي، ومنه سمي الفصيل، لأنه مفصول عن أمه.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
...............

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

- للمتابعة قناة التليجرام:
https://t.me/abdelrehim19401940

- فيسبوك: https://m.facebook.com/1733151126926511/?ref=bookmarks
 
[3/31 2:46 م] عبدالرحيم آل حمودة.: قوله تعالى
﴿وَما يَنطِقُ عَنِ الهَوى﴾ [النجم: 3].

*أي: وما ينطق بالهوى.*

قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن، وابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن، والسمرقندي في بحر العلوم، والثعلبي في الكشف والبيان.

إلا ابن قتيبة قال: بالهوى.

زاد السمرقندي: والعرب تجعلعنمكان الباء. تقول: رميتعنالقوس، أي: بالقوس.
وبنحوه قال ابن قتيبة.

وزاد الثعلبي: يعاقب بينعن وبين الباء، فيقيم أحدهما مكان الآخر.

قالالقصاب في النكت، والراغب في إعراب القرآن: (عن) في قوله: {وماينطق عنالهوى} بمنزلة (الباء) كأنه قال؛ وماينطق بالهوى، أي: برأية وهواء.

وقيل: " عن " على بابها.

انتهى.

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: و (ما) نافية نفت أنينطقعنالهوى.
والهوى: ميل النفس إلى ما تحبه أو تحب أن تفعله دون أن يقتضيه العقل السليم الحكيم، ولذلك يختلف الناس فيالهوىولا يختلفون في الحق، وقد يحب المرء الحق والصواب. فالمراد بالهوىإذا أطلق أنهالهوىالمجردعنالدليل.
ونفي النطقعنهوى يقتضي نفي جنس ماينطقبهعنالاتصاف بالصدورعنهوى سواء كان القرآن أو غيره من الإرشاد النبوي بالتعليم والخطابة والموعظة والحكمة، ولكن القرآن هو المقصود لأنه سبب هذا الرد عليهم.
.............

كتبه: أبو المنذر عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

كما يمكنكم الوصول إلى كافة الحسابات الاجتماعية الرسمية للتفسير بالبحث في الإنترنت عن " معاني وغريب قرآن - حديث. عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة ".
[4/17 1:16 م] عبدالرحيم آل حمودة.: *(معاني وغريب القرآن - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424)*.

قوله تعالى
{وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)}: المدثر.

*قوله {وَكُنَّا}:* يعني المجرمين؛ الذين سبق ذكرهم في قوله (ما سَلَكَكُم في سَقَرَ * قالوا لَم نَكُ مِنَ المُصَلّينَ * وَلَم نَكُ نُطعِمُ المِسكينَ * وَكُنّا نَخوضُ مَعَ الخائِضينَ): سلككم: أدخلكم. يعني: ما أدخلكم النار؟ وهذا سؤال توبيخ.
قالوا كنا في الدنيا:{نُكَذِّب}: نقول إنه غير حق، وليس بكائن.

*قوله {بِيَوْمِ الدِّينِ}:* الدِّينِ: الحساب والجزاء. يقال في المثل «كما تدين تدان».
قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: ومنه يقال: دِنْتُه بما صنع. أي جازيتُه.

قال ابن الجوزي في زاد المسير: {بِيَوْمِ الدِّين}: بيوم الجزاء والحساب.

*قوله {حَتَّى أَتَانَا}:* جاءنا.
قاله أبو حيان الأندلسي في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، والقرطبي في تفسيره.

قلت (عبدالرحيم): وأصل الإتيان: المجيء. نص عليه الجوهري في الصحاح تاج اللغة، وعياض السبتي في مشارق الأنوار، والصُحاري في الإبانة في اللغة العربية، وابن منظور في لسان العرب، وغيرهم.

قال ابن منظور في اللسان: أتى:الإتيان:المجيء. أتيته أتيا وأتيا وإتيا وإتيانا وإتيانة ومأتاة: جئته.

انتهى كلامه.

قلت: ومنه قوله تعالى (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آَيَاتِ رَبِّكَ): فقوله (يَأْتِيَ رَبُّكَ): يعني يجيء مجيئا يليق بجلاله؛ وهو على ظاهره من غير كيف؛ وحق وصدق نؤمن به؛ على ما جاء في قوله تعالى (ليس كمثله شيء)؛ فنقول في صفاته ما نقول في ذاته؛ فكما أن ذاته لايشبهها شيء فكذا صفاته، وأفعاله - جل شأنه وتعالى جده -.

يجيء كما أخبر هو - جل ذكره - عن نفسه في قوله (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا): ولو اتسع المقام لبسط الأدلة وعقيدة السلف في هذه المسألة - ولعلي أفعل لاحقا إن شاء -.

قال القاسمي في محاسن التأويل: فلو سأل سائل: كيف يجيء سبحانهأوكيفيأتي..؟ فليقل له: كيف هو في نفسه؟ فإذا قال: لا أعلم كيفية ذاته! فليقل له: وكذلك لا تعلم كيفية صفاته..! فإنالعلم بكيفية الصفة يتبع العلم بكيفية الموصوف.

انتهى.

ومنه (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى): أَتَى: يعني جاء.
قال يحيى بن سلام في تفسيره: {ثمأتى}:ثمجاء.

قالالشنقيطي في أضواء البيان: (ثمأتى) أي:جاءفرعون بسحرته للميعاد ليغلب نبي الله موسى بسحره في زعمه.

ومنه (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ): أَتَى: يعني جاء.

قال صديق حسن خان في فتح البيان في مقاصد القرآن: أيجاءودناوقربعقابه للمشركين بالقتل بالسيف، والتعبير بالماضي لتحقق وقوعه.

قال الصُحاري في الإبانة في اللغة: مقصور - منالإتيان، وهوالمجيء. قال الله-تعالى-: {أتى أمر الله فلا تستعجلوه}.

ومنه (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ): قال السمرقندي في بحر العلوم: يعنيمنجاءبقلبسليميوم القيامة ينفعه المال والبنون.

ومنه (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ): أَتَى: جاء.

*قوله { الْيَقِينُ}:* الموت.
قاله الطبري في تفسيره، وابن كثير في تفسيره، والسمرقندي في بحر العلوم، ومقاتل بن سليمان في تفسيره، والواحدي في الوجيز، ومكي في الهداية الى بلوغ النهاية، والثعلبي في الكشف والبيان، والسمعاني في تفسيره، والبغوي في تفسيره، وابن الجوزي في زاد المسير، والبيضاوي في تفسيره، والفخر الرازي في التفسير الكبير، والنسفي في مدارك التنزيل، وابن كثير في تفسيره، والبغوي في تفسيره، وغيرهم.

زاد السمرقندي: والقيامة.

وزاد البيضاوي: ومقدماته.

قال الطبري: قالوا: حتى أتانا الموت الموقن به.

قال الواحدي في البسيط: والمعنى: كنا نقول إن يوم القيامة غير كائن، وبقينا على ذلك حتى الموت ومتنا عليه.

قال ابن القيم في مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: واليقين هاهنا هو الموت بإجماع أهل التفسير.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله تعالى (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ): الْيَقِينُ: يعني الموت.
قاله الجرجاني في درج الدرر في تفسير الآي والسور، وابن أبي زمنين في تفسيره، ومكي في الهداية، والسمعاني في تفسيره، وغيرهم.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي:حتىيأتيكالموت.

قالالسمرقندي في البحر: أي واستقم على التوحيدحتىيأتيكاليقينأي:الموت.

قال الطبري في تفسيره: يقول تعالى ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم: واعبد ربكحتىيأتيكالموت، الذي هو موقن به.

انتهى كلامه.

فإن قال قائل: أما كان يكفي قوله: {واعبد ربك} فما فائدة قوله: {حتىيأتيكاليقين} ؟.

قلنا: لو اقتصر على قوله: {واعبد ربك} لكان إذا عبد مرة خرج عن موجب الأمر، فقال: {حتىيأتيك اليقين} ليدوم عليها إلى أن يموت، وهذه الآية في معنى الآية التي ذكرها من بعد، وهي في مريم، وهي قوله تعالى: {وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا}.

قاله السمعاني في تفسيره.

قال ابن عطية في المحرر الوجيز: وليساليقينمن أسماءالموت، وإنما العلم به يقين لا يمتري فيه عاقل، فسماه هنا يقينا تجوزا، أييأتيكالأمراليقينعلمه ووقوعه وهذه الغاية معناها مدة حياتك، ويحتمل أن يكون المعنىحتىيأتيكاليقينفي النصر الذي وعدته.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
...........................

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

- لمتابعة القناة: (معاني وغريب القرآن، والحديث).

https://t.me/abdelrehim19401940
 
*(معاني وغريب القرآن - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424).*

قوله تعالى
﴿قالَ إِنّي أُريدُ أَن أُنكِحَكَ إِحدَى ابنَتَيَّ هاتَينِ عَلى أَن تَأجُرَني ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِن أَتمَمتَ عَشرًا فَمِن عِندِكَ وَما أُريدُ أَن أَشُقَّ عَلَيكَ سَتَجِدُني إِن شاءَ اللَّهُ مِنَ الصّالِحينَ﴾ [القصص: 27].

*قوله {قالَ}:* أبو المرأتين اللتين سقى لهما موسى.
قاله الطبري في تفسيره.

*قوله {إِنّي أُريدُ أَن أُنكِحَكَ}:* أُنكِحَكَ: أزوجك.
والنحكاح: الزواج.

ومنه قوله (وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ): أي لا تعقدوا عقد التزويج؛ حتى تنقضي العدة.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن، وابن الجوزي في زاد المسير، ومكي في الهداية إلى بلوغ النهاية، والنسفي في مدارك التنزيل، وغيرهم:أنكحك: أزوجك.

انتهى.

*قوله {إِحدَى ابنَتَيَّ هاتَينِ}:* فيه أن الأب، أو الولي إذا وجد رجلا صالحا أهلا للتزويج أن يبادر ويعرض ابنته عليه ليتزوجها، ولا أدنى حرج، ولا يقل أنتظر حتى يأتيني.

فقد روى البخاري (٤٠٠٥) من حديث ابن عمر؛ وفيه: «قال عمر: فلقيت عثمان بن عفان، فعرضت عليه حفصة، فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، قال: سأنظر في أمري، فلبثت ليالي، فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا، قال عمر: فلقيت أبا بكر، فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبثت ليالي ثم «خطبهارسولاللهصلىاللهعليه وسلم فأنكحتها إياه...».

وأحمد الله الذي لا إله غيره؛ أن ألهمني هذا قبل أن أطلع على كلام القرطبي في تفسيره؛ حيث قال - رحمه الله -:
قال إني أريد أن أنكحك الآية . فيه عرض الولي بنته على الرجل؛ وهذه سنة قائمة؛ عرض صالح مدين ابنته على صالح بني إسرائيل ، وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان ، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فمن الحسن عرض الرجل وليته ، والمرأة نفسها على الرجل الصالح ، اقتداء بالسلف الصالح . قال ابن عمر: لما تأيمت حفصة قال عمر لعثمان: إن شئت أنكحك حفصة بنت عمر؛ الحديث انفرد بإخراجه البخاري .

انتهى كلامه؛ فلربنا ومعبودنا الحمد الحسن والثناء الجميل.

*قوله {عَلى أَن تَأجُرَني}:* نفسك يا موسى؛ فالكلام للأب؛ يعني مهر ابنتي أن تعمل عندي في الرعي مدة من الزمن.

ومعنى (تَأجُرَني):أي تكون لي أجيرا.
قاله النحاس في معاني القرآن، والواحدي في الوجيز.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: من الإجارة وهى أجر العمل يقال: أجرت أجيرى أي أعطيته أجره.

قال السعدي في تفسيره: أي تصير أجيرا عندي.

قالالطبري في تفسيره: يعني بقوله:( عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ): على أن تثيبني من تزويجها رعي ماشيتي ثماني حِجَج، من قول الناس: آجرك الله فهو يَأْجُرُك، بمعنى: أثابك الله؛ والعرب تقول: أَجَرْت الأجير آجره، بمعنى: أعطيته ذلك، كما يقال: أخذته فأنا آخذه.

قال الألوسي في روح المعاني: أي تثيبني رعية ثمانيحججأي تجعلها ثوابي وأجري على الإنكاح ويعني بذلك المهر.

*قوله {ثَمانِيَ حِجَجٍ}:* حِجَجٍ: سنين.
قاله الواحدي في الوجيز، والسمعاني في تفسيره، والجلال المحلي في الجلالين، وغيرهم.

قال الثعلبي في الكشف والبيان: سنين واحدتها حجة. جعل صداقها ذلك.

قال النسفي في مدارك التنزيل: والحجة السنة وجمعهاحجج.

قال الزجاج في معاني القرآن: أي تكون أجيرا لي ثمانيسنين.

قالالبغوي في تفسيره: يعني: أن تكون أجيرا لي ثمان سنين.

قال القاسمي في محاسن التأويل: أيعلىأنتكون أجيري لرعي المواشي بأجرةعلىابنتي، هي مهرهاعليك، ثمانيسنين.

قال أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن: قوله: {ثمانيحجج}: فنص على عقد الإجارة بينه وبين موسى مدة منثمانية أعوام على رعيه الغنم والحيوان.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: أزوجكإحدىابنتيعلىأنترعى غنمي ثمانسنين، وهذا الحكم في هذه الأمة جائز أيضا، لو تزوج الرجل المرأةعلىأنيرعى غنمها كذا وكذا سنة، أو يرعى غنم أبيها، يجوز النكاح، ويكون ذلك مهرا لها.

قال الخطيب الشربيني في السراج المنير: ودلت الآيةعلىأنالعمل قد يكون مهرا كالمال.

قلت (عبدالرحيم): ويكون المهر أيضا بحفظ القرآن، أو شيئا منه؛ لما رواه البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد الساعدي (في قصة الرجل الذي أمره النبي أن يلتمس ولو خاتما من حديد ولم يجد حتى هذا الخاتم)؛ وفيه: «قَالَ:مَاذَامَعَكَمِنَالْقُرْآنِقَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسُورَة كَذَا؛ عَدَّهَا، قَالَ: أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَامَعَكَمِنَالْقُرْآنِ».

ولو أن الناس تمسكوا بهدي نبيه وأصحابه؛ لسهل عليهم معاشهم، وفازوا بسعادة الدارين؛ وانظر إلى المحاكم من أثر غلاء المهور؛ يبذل في زواجه كل ما لديه؛ ثم يصبح مبغضا لامرأته.
- وفي النفس حاجات وفيك فطانةٌ -.

انتهى.

*قوله {فَإِن أَتمَمتَ عَشرًا}:* يعني إن عملت، وخدمت عندي عشر سنين.

قال النسفي في المدارك: أي عمل عشرحجج.

قال أبو السعود في تفسيره: {فإنأتممت عشرا} في الخدمة والعمل.

*قوله {فَمِن عِندِكَ}:* فتبرع وفضل، وإحسان منك ياموسى؛ لا ألزمك.

قال الزجاج في معانيه: أي فذلك بفضل - منك ليس بواجبعليك.

قال الطبري في تفسيره: فإحسان من عندك، وليس مما اشترطته عليك بسبب تزويجك ابنتي.

قالالبغوي في تفسيره: أي إن أتممت عشر سنين فذلك تفضل منك وتبرع ، ليس بواجب عليك.

*قوله {وَما أُريدُ أَن أَشُقَّ عَلَيكَ}:* ولا ينبغي أن أشق عليك؛ في مهر زائد، أو عمل شاق.

قال الطبري في تفسيره: ( وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ )باشتراط الثماني الحِجَج عَشْرا عليك.

قال البغوي في تفسيره: أي ألزمك تمام العشر إلا أن تتبرع.

قالابن كثير في تفسيره: أي لا أشاقك، ولا أؤاذيك، ولا أماريك.

*قوله {سَتَجِدُني}:* يا موسى.

*قوله {إِن شاءَ اللَّهُ}:* وهذه عادة أهل الصلاح؛ يستثنون، ويقدمون مشيئة الله (يقولون إن شاء الله)؛ فهي عون للعبد على قضاء حوائجه، وإلا جاء الخذلان. والنصوص كثيرة؛ وقد سبق وذكر أهمية الاستثناء في حياة العبد - بحمد الله -.

قال النسفي في المدارك: والمراد باشتراطه مشيئة الله فيما وعد من الصلاح الاتكالعلى توفيقه فيه ومعونته لأنهإنشاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ذلك.

قال أبو السعود في تفسيره: ومرادهعليه الصلاة والسلام بالاستثناء التبرك به وتفويض أمره إلى توفيقه تعالى لا تعليق صلاحه بمشيئته تعالى.

انتهى كلامه.

*قوله {مِنَ الصّالِحينَ}:* في صحبتنا، وعشرتنا، من الرفق الحسن بك، الذين لا يشقون عليك، ومن الوافين بالعهود.

وذلك أن أهل الصلاح لايشقون على زوج أو أجير.
وهذا الخلق ينبغي أن يكون من الولي عند التزويج، ومن صاحب العمل عند الإجارة، أو التوظيف، وفيه من الأثر على النفوس مالا يخفى (إن شاء الله).

قال يحيى بن سلام في تفسيره، وابن أبي زمنين في تفسيره: أي في الرفق بك.
وهو قول مقاتل بن سليمان في تفسيره.

قال مكي في الهداية إلى بلوغ النهاية: أي ستجدني في إتمام ما قلت لك والوفاء به، وفي حسن الصحبة من الصالحين.

فائدة:

قال الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير: وليس هذا من تزكية النفس المنهي عنه لأن المنهي عنه ما قصد به قائله الفخر والتمدح ، فأما ما كان لغرض في الدين أو المعاملة فذلك حاصل لداع حسن كما قال يوسف{ اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم }[ يوسف : 55 ].

انتهى كلامه.

قلت (عبدالرحيم): قوله تعالى (عَلى أَن تَأجُرَني ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِن أَتمَمتَ عَشرًا فَمِن عِندِكَ وَما أُريدُ أَن أَشُقَّ عَلَيك): فيه أنه ينبغي علي ولي الزوجة ألا يشق على الزوج، وإن رغب الولي في أمر ما أن يقول (مثلا) إن استطعت أن تأتي بكذا فافعل، وما أريد أن أشق عليك.

وفيه: أن الزوج إن خشي ألا يوفي بوعده أن ينبه على ذلك؛ كأن يقول: وإن لم أستطع الوفاء فلا شيء علي؛ لما جاء بعد هذه الآيات؛ أعني قوله ( قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيّ): يعني إن قضيت الثمان أو العشر فلي الخيار المطلق.

وهذا أدعى للتآلف بين الطرفين، وعدم وجد الرجل على زوجته لاحقا؛ أن زواجه منها كان عبئا عليه، وسببا في مشقته وعناءه.

وإن وجد الكريم (الزوج) وقتها سعة فليتم؛ فقد أتم موسى - عليه السلام - العشر سنين؛ مع أن الرجل الصالح لم يلزمه بها.

فقد روى البخاري في صحيحه (٢٦٨٤)عن سعيد بن جبير، قال: سألني يهودي من أهل الحيرة أي الأجلين قضى موسى، قلت: لا أدري، حتى أقدم على حبر العرب فأسأله، فقدمت، فسألت ابن عباس، فقال: «قضى أكثرهما، وأطيبهما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال فعل».

انتهى.
..........................

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

- للمتابعة قناة التليجرام:
https://t.me/abdelrehim19401940

- فيسبوك: https://m.facebook.com/1733151126926511/?ref=bookmarks
 
*(معاني وغريب القرآن - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424).*

قوله تعالى
{وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}: هود (44).

*قوله {وَقِيلَ يَاأَرْضُ}:* بعدما تناهي أمر الطوفان، وأهلك الله من كفر من قوم نوح بالغرق.

*قوله {ابْلَعِي مَاءَكِ}:* اشربي ماءك.
قاله الواحدي في الوجيز.

قال الطبري في تفسيره، والبغوي في تفسيره: أي: تشرَّبي.

وقال الإيجي الشافعي في جامع البيان: انشفي.

قال القرطبي في تفسيره: والبالوعة الموضع الذي يشرب الماء .

*قوله {وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي}:* أمسكي الماء، ولا تمطري؛ فأطاعت.

قال البغوي في تفسيره: أمسكي.

قال الطبري في تفسيره: أقلعي عن المطر، أمسكي.

*قوله {وَغِيضَ الْمَاءُ}:* نقص.
قاله ابن قتيبة في غريب القرآن، وغلامثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن، والبغوي في تفسيره، والقرطبي في تفسيره، وغيرهم.

زاد البغوي: ونضب.

قال الراغب الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن: غاض الشيء، وغاضه غيره. نحو: نقص ونقصه غيره.

قلت (عبدالرحيم): ومنه قوله (اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ): قال الكفوي في الكليات: تَغِيضُ: تنقص.

قال الفراء في معاني القرآن: (تغيض) يقول: فما تنقص من التسعة الأشهر التي هي وقت الحمل (وما تزداد) أي تزيد على التسعة أو لا ترى أن العرب تقول: غاضت المياه أي نقصت.

قال قتيبة في غريب القرآن: أي ما تنقص في الحمل عن تسعة أشهر من السقط وغيره.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: (وما تغيض الأرحام وما تزداد).
معنى غاض في اللغة نقص.

قال غلام ثعلب في الياقوتة: أي تنقص من دم الحيض.

*قوله {وَقُضِيَ الْأَمْرُ}:* هلك من هلك، ونُجِّيَ من شاء الله أن ينجو.

قال الطبري في تفسيره: يقول: قُضِي أمر الله، فمضى بهلاك قوم نوح.

وقال يحيى بن سلام في التصاريف: يعني وجب العذاب، وهو الغرق.

قال ابن قتيبة في الغريب: أي فُرِغ منه، فغرِق مَن غرق، ونجا مَن نجا.

قال القرطبي في تفسيره: وقضي الأمر أي أحكم وفرغ منه؛ يعني أهلك قوم نوح على تمام وإحكا.

*قوله {وَاسْتَوَتْ}:* استقرت؛ يعني السفينة.

قال الكفوي في الكليات: أي استقرت.

*قوله {عَلَى الْجُودِيِّ}:* جبل.

*قوله {وَقِيلَ}:* بعد أن قضى الله أمره فيهم.

*قوله {بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}:* بُعْدًا: أي هلاكا. يعني بعدا من رحمة الله؛ وإذا بعد من رحمته حل به الهلاك.

ومنه قوله تعالى {أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ}: قال ابن قتيبة: يقال: بعد يبعد: إذا كان بعد، هلكة. وبعد يبعد: إذا نأى.

قال الزجاج في معاني القرآن: ومعنى (بعدا لمدين) أنهم قد بعدوا من رحمة الله.

قال أبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب: {بعِدت}: هلكت. و {بُعدا لمدين}: أي هلاكا. والبُعْد ضد القرب، والبُعْد والبَعَد: الهلاك.
........................

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

- للمتابعة قناة التليجرام:
https://t.me/abdelrehim19401940

- فيسبوك: https://m.facebook.com/1733151126926511/?ref=bookmarks
 
*(معاني وغريب القرآن - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424).*

قوله تعالى
﴿وَلا تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنّاسِ وَلا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختالٍ فَخورٍ﴾ [لقمان: 18].

*قوله {وَلا تُصَعِّر خدك لِلنّاسِ}:* أي لا تمل بعنقك، وتعرض بوجهك تكبرا وتعاظما، وتجبرا، وتعط خدك الناس إذا خاطبتهم؛ فتحقرهم.

لكن تواضع وأقبل عليهم بجميع وجهك؛ لأن المتكبر يميل بخده تكبرا.
كما وصفه الله بقوله (ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ): ثَانِيَ عِطْفِه: أي لاويا رقبته؛ كبرا وإعراضا عن الحق. والعِطف بالكسر: الرقبة.

والصعر: الميل. يقال: أصعرُ إليه يعني: أميل.
أفاده عياض اليحصبي في مشارق الأنوار على صحاح الآثار، وغير واحد.

قال الجوهري في الصحاح تاج اللغة: شالصعر:الميلفي الخد خاصة. وقد صعر خده وصاعره، أي أماله من الكبر.

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: (ولا تصعر خدك): أي لا تُعْرِضْ بوجهك وتتكبرْ.

قال ابن منظور في لسان العرب: والتصعير: إمالة الخد عن النظر إلى الناس تهاونا من كبر كأنه معرض.

قال الزبيدي في تاج العروس: قال ابن الأثير:الأصعرالمعرضبوجهه كبرا.

قالالعوفي السرقسطي في الدلائل في غريب الحديث: والصعر: ميل في العنق، وانقلاب في الوجه إلى أحد الشقين، يقال:صعررأسه إذا مال في شق.

قال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن: لا تتكبر فتحقر عباد الله وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك.

قال غلام ثعلب في ياقوتة الصراط في تفسير غريب القرآن: أَي لَا تكبر على النَّاس.

قالالسعدي في تفسيره: أي لا تُمِلْهُ وتعبس بوجهك الناس، تكبُّرًا عليهم، وتعاظما.

انتهى.

*قوله {وَلا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحًا}:* مَرَحًا: يعني مختالا.
ولكن امش على الأرض هونا؛ كما قال تعالى (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا): أي برفق وسكينة وتواضع ووقار؛ أي مشيا رويدا. والهون: الرفق.
لذا قال بعدها (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ).

والمرح: شدة الفرح حتى يجاوز قدره؛ فيجره إلى الخيلاء، والكبر، والتبختر.

ونظيرتها قوله تعالى (وَلا تَمشِ فِي الأَرضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخرِقَ الأَرضَ وَلَن تَبلُغَ الجِبالَ طولًا)

قال ابن قتيبة في غريب القرآن: {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِمَرَحًا} أي: بالكبر والفخر. {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ} أي: لا تقدر أن تقطعها حتى تبلغ آخرها.

قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: مرحا: أي ذا اختيال وتكبر.

انتهى كلامه.

قال الجصاص في أحكام القرآن: المرح البطر وإعجاب المرء بنفسه وازدراء الناس والاستهانة بهم فنهى الله عنه إذ لا يفعل ذلك إلا جاهل بنفسه وأحواله وابتداء أمره ومنتهاه.

قال النحاس في إعراب القرآن: والمرح في اللغة الأشر والبطر ويكون منه التختر والتكبّر.

قال الزجاج في معاني وإعراب القرآن: أي لا تمش متبخترا مختالا.

قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن: أي لا تمرح فى مشيك من الكبر.

قال الواحدي في الوسيط: يقال:صعرخده وصاعر إذا أمال وجهه وأعرض تكبرا. يقول: لا تعرض عن الناس تكبرا عليهم.

قال السمرقندي في بحر العلوم: يعني: لا تمشي بالخيلاء، والمرح والبطر والأشر كله واحد، وهو أن يعظم نفسه في النعم.

قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في العين، وابن سيده في المحكم والمحيط الأعظم: المرح: شدة الفرح حتى يجاوز قدره.

*قوله {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِب}:* فيه إثبات صفة المحبة لله - جل ذكره -.

*قوله {كُلَّ مُختالٍ}:* مُختالٍ: متكبر بفعله.
قاله الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن.

قالفي المنتخب من كلام العرب: مختال:معجب بنفسه.

*قوله {فَخور}:* الفخور: المتكبر بأقواله؛ الذي يكثر التباهي بما أوتي؛ على وجه الفخر والرياء.

قال الخضيري في السراج في بيان غريب القرآن: متكبر بقوله.

انتهى، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
.........................

كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك - للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424

- للمتابعة قناة التليجرام:
https://t.me/abdelrehim19401940

- فيسبوك: https://m.facebook.com/1733151126926511/?ref=bookmarks
 
*(آيات قد تفهم خطأ - للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424)*

قوله تعالى {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ}: البقرة (49).

*قوله {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ}:* أي يتركونهن على قيد الحياة.

وهو من الحياة التي ضد الموت، وليس معناه: من الحياء، أو فعل الفاحشة بهن كما يتوهمه البعض.

فقوله تعالى {وَيَسْتَحْيُونَ}: يعني يبقوهن؛ يتركونهن أحياءً؛ فلا يقتلونهن.

قال الطبري في تفسيره: يستبقونهن فلا يقتلونهن.

قال البغوي في تفسيره: يتركونهن أحياء.

قال النسفي في مدارك التنزيل، والإيجي الشافعي في جامع البيان: يتركون أحياء للخدمة.

إلا أن النسفي قال: يتركون بناتكم أحياء للخدمة.

قال ابن أبي زمنين في تفسيره: فلا يقتلونهن.

قال الواحدي في الوسيط: (يستحيون) يستفعلون من الحياة، ومعناه: يستبقونهن، ولا يقتلونهن.

قال النحاس في معاني القرآن: أي لا يقتلونهن من الحياة أي يدعونهن يحيين.

قال السمعاني في تفسيره: أي يتركون ويستبقون، وهو استفعال من الحياة.

قال الجرجاني: يستبقون حياة إناثكم رجاء لخدمتهن، وهو أشد العذاب لمكان ضياعهن وبقائهن أيامى بلا أكفاء.

قال ابن الهائم في التبيان في تفسير غريب القرآن: يستفعلون، من الحياة، أي يستبقوهن والاستحياء: الإبقاء حيّا، واستفعل فيه بمعنى أفعل، استحيا وأحيا.

قال السمرقندي في بحر العلوم: أي ويستخدمون نساءكم. وأصله في اللغة. من الحياة، يقال: استحيا، يستحيي إذا تركه حيا. وكانوا يذبحون الأولاد، ويتركون النساء أحياء للخدمة.

قال أبو حيان في تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب، وابن الجوزي في تذكرة الأريب في تفسير الغريب، والسيوطي في الجلالين: {وَيَسْتَحْيُونَ}: يستبقون.
.............................
كتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري المكي.
للاشتراك، للإبلاغ عن خطأ: 00966509006424
 
عودة
أعلى